تحذير:
معلمتي الغالية، بعض الكلمات الواردة أدناه ملغمة وقد تنفجر في أي وقت لمجرد محاولة تفكيكها أو إبطال مفعولها!

إذن هل أنتِ مستعدة للمجازفة بشواطئ عينيك المتلألئة لتخوضي معي عباب هذه المغامرة الكتابية إلى آخرها؟ أني لأخاف أن تنطلي عليك الحيلة فتحسبي كلماتي المتنكرة لجة فتكشفي لي عن خيزران ساقيك الجميلتين كما فعلت من قبل ملكة سبأ.

عفوا سيدتي القارئة...أترك لك متعة القراءة والاستمتاع بشظى هذه الكلمات الزجاجية إلى آخر قطرة مكتوبة.

سيدتي أو بالأحرى معلمتي الغالية،،، تيقنت الآن بأنك مهما شربتِ من خمر كلماتي فأنتِ عطشى للمزيد منها حتى حد الثمالة، فأنت كما الساحرة التي فقدت عصاها السحرية فغدت من بعدها تطرق باب العرافين بحثا عنها، ومن يومها صرت تبحثين عني كل يوم كمن يبحث عن حبة ذهب بين ألوف من حبات الرمان الحمر، وأنا الذي كنت من قبلك نسياً منسياً فأصبحت بوجودك إنسيا، أليس جميلا أن تجدي حبا ليس كأي حب، أن تجديه في المكان المقابل للحب المفترض والزمان المعاكس له، أن تجديه خطأ وسط كومة الحب المرمية منذ زمن بعيد على قارعة الطريق، أن تلتقطه عينيك خطأً قبل أن ينحني بصرك ليلتقط حبا آخر لا يزال يحتفظ بدفء أنامل من رماه أمام عينيك وهو يهم بالانطلاق بسيارته، تخبئينه بخفة لص داخل عباءتك وبالتحديد في الجهة اليسرى ليكون قريبا من قلبك الذي أفرغته السنين، وتهربين به وبي، وتحلقين بين الفصول وأعين الطالبات تطاردك كمن يطارد الخطيئة، فالحب ها هنا محرم عليك، فأنت معلمة الأجيال وأنت القدوة، بل أنت لست بمنزلة زلة الوقوع في حب الشوارع، حب ورقة علكة ممزقة لا تحمل حتى رقمين متشابهين!!

ولكنك وقعتِ كما النحلة التي وقعت في الشهد الذي كانت تجمعه طوال عمرها وتدخره لشخص ليس أنا ولكنه أصبح بقدرة قادر أنا، وقعت في غرامي بالخطأ وما أجمله من خطأ ذاك الذي أوقعك وأنت تفردين ذراعيك لتحملك خطيئة الحب المزعومة إلى أبعد الحدود، حينها وصلني صدى صوتك من البعيد ليشُدَّ أوتار الحب بداخلي قبل أن أراك تتوهجين توهج الحقيقة أمامي مع أشراقة الصباح التالي، لعلمك يا سيدتي لا علم لي بمن رمى أوراقي الرقمية في كومة الحب تلك ولكنني حاولت أن أخلط عليك أوراق الحب رغما عني ورغم جهلي بهذه اللعبة الخطيرة، وكعادتي سلمت الأمر للقدر إيمانا مني بأن أفضل اللحظات هي تلك التي لا نتدخل فيها لتغيير مسار أقدارنا، فتركت الأمور على ما هي عليه، على أنني ذلك الشخص الذي شاهدتِه يومها بصورة خاطفة فصرت تشاهدينني من بعدها وبعده لساعات طوال، تركتك يا معلمتي الفاضلة تتبعين أثرا بعد آخر ولكن بوجودي لم تجدي له على أثر، فذاب في حرارة الوقت كفصوص الملح المذابة في الماء، فسهَّرْتُ لأجلك الليالي وأنا أنقش لك بحبري أعذب الكلمات المطرزة بتدرجات ألوان أقواس السماوات السبع، أحيك لك في كل ليلة بأنفاسي الساهرة وشاح الكلمات وفستان الحروف المفصل بدقة على مقاس هضاب قوامك وسهوله الممتدة، وقبل أن تمد الشمس بصرها لتبدد ليل العاشقين أكون قد ألبستك فستانك الصباحي المفعم بأريج الكلمات، تسع وتسعون ليلة وأنا أحيك لك فساتين الكلمات ولم يساورك أدنى شك فيمن أكون وكيف أكون، وها أنا ذا الآن أعترف لك في رسالتي المئوية هذه بأنني فقير ومعدم ولا أملك من رفاهية الدنيا -أن كانت هنالك رفاهية- إلا قلما وأوراقا....وكلمات.... وأنت، فثروتي قلمي الذي يعشق الكتابة إليك وأوراقي التي يثلجها دفء راحتيك الناعمتين، وأنت، أنت كل ثروتي في هذا العشق الأبدي، فكلانا سكن عالم الآخر رغم البعد الطبقي الذي كان يحفرُ هوةً شاسعة بيننا، فكانت رسائلنا الجسر الذي امتد ليربط نبضا شريدا بنبض، أما الآن فقد آن الأوان لأطلق سراح الحقيقة التي أخفيتها عنك لتقف ككذبة عارية أمام انعكاسات المرايا، وبإمكانك الآن وأنت تقرئين هذه الأسطر أن تتمعني في كل زواياها من يومها الأول إلى يومنا هذا.

بعد أن تنتهي أتساءل أنك كنت ستفجرين الآن ألغام الكلمات على رأسي وعلى رؤوس الخلائق بعد أن أفشيت لك سرا كان بالأمس مخفيا أم سأراك صباح الغد كعادتك قبالة السور العتيق تنتظرين فستان الكلمات الواحد بعد المائة ؟