عُمان وأربعينية المجد
للكاتب حمد بن سالم المعولي



أن ترقى عُمان قمة المجد في أربعين عاماً، فذاك رقياً قديم العهد يشهد به التأريخ وعظيم البلدان، فلم يكن محض صدفة أو بدعاً من الزمان، وإنما هو تأسيس صلب على صخر صلد .. وليس على تلال رمل عرضة للزوال، فأربعون عاماً سماناً لبناءٍ قوي الأركان، غشا القلوب والعقول والنفوس فيض المجد فأرتوى منه كل ظمآن، لله دره من مبدع عظيم شهم تزهو به عُمان، هذا هو جلالة السلطان المفدى سليل المجد من دوحٍ ينضح تأريخه بالأفعال على قمة الأمجاد، فإن كان للعزم رجال فالسلطان قابوس سيِّدهم، فأن يبعث الله بالأفذاذ لرسم المعجزات على الأرض بصناديد الرجال، ذلك تكريم من الله لبلاد الخير بدعاء (المصطفى خير من وطأ الثراء) أن يحفظ عُمان حتى يوم القيام، فيا عُمان قد حق لك أن تنعمي بفخر على هذا الرخاء على مدى الزمان.

فأنت يا عُمان ليس تاريخك أربعين عاماً، وإنما هذه حقبة في تاريخ مجدك، وهذه الأربعين عقد يقلد بها عنقك العملاق من اللؤلؤ والمرجان، أعجب من ليس له خبرة بالتأريخ كيف كان صمودك في السني العجاف ما قد كان، أفلا يهوله اليوم أمر نهضتك الكبير الذي أصبح حديث الزمان، فإن كانت عُمان تمد يد العون للمحتاج في زمن الكفاف، أليس هذا ديدن الكبار والحال أصبح غير ذاك الحال، فلا يلام من جهل بكنه التأريخ في معرفة شأن الدول الكبار، فقد تغطي تلال الرمل الإبصار عن الأبصار، ولكن لا تغطي البصيرة العالم بالأنداد عن البلاد، فكل ندٍ في هذا الكون يعرف نده، فلا عتب إن حجب الغبار عن القصار رؤية حقيقة الأمصار، لأن التأريخ يظل تاريخاً .. وهيهات تغيره في هذا العهد هيهات، فالتأريخ العملاق يظل حامٍ لنفسه من أفك أي أفـَّاك.

لقد صدق الحكيم بقوله: إن أنت أكرمت الكريم ملكته .. بلا قيد من حديد أو أن تربط الأفعال بالحبال، فنحن العُمانيون كنا وسنظل نأسر الألباب بالطيبة والحكمة وكريم الخصال، ذلك دأبنا ما حيينا وليس على دأب الكرام من خوف في تبدل الأحوال، وسلطان عمان الشهم العزيز قدوتنا، وتاج بالفضائل شامخ على الرؤوس وبه تزدان، لا يبخَسُ سيِّد القوم (أحداً) حقه أبداً، ولا يقبل البُّخس من قاص أو دان، ولا تباح أرض الأحرار عنده للبيع بالأموال، بأنفة الصقر لا يرتضى الورود من الغبيب الراجنات، وعنده زلال الماء في الأنهار، وإن كان الناس كالتبر فيه عالي الجودة .. وينقى داني التبر بالنار، فأنتبه يا أيها الغافل من غفلتك فلا يغط الشمس غربال، وأحرص على تتبع سيرة الشهم النبيل الضرغام من نسل مالك، وخذ لك من نهجه العبرة والموعظة عن عُمان وسيِّدها الهمام، وأكفر بمشورة الغريب الواطي المحتال، وإن شابك شائب فأنظر إلى الثريا لترى في العُلا شمس عُمان .. عاشت عُمان .. وعاش سيِّد عُمان .. وعاش الشعب العُماني الأبيِّ .. والله أكبر يا عُمان لك العز والنصر من الله على الدوام.