تحدثنا عن فن الحياة وتسألونني عن الحب... كل الكلمات مصدرها الصمت، ولكنها مرادفات وصور لبعضها البعض، ولكن التكرار يعلم الكبار والصغار و الشطّار... هذا هو دور الذِكر كالتنفس تماماً... كل نفس يختلف عن الآخر ويتغيّر في كل لحظة، وهذه هي مسيرة اليقظة والعودة بنا الى البيت... بيت النور وبيت السلام وبيت الحق وبيت الجنّة والسماوات، وكل هذه الكلمات هي آيات تذكّرنا بأنفسنا... بسبب وجودنا... والحب هو دور من ادوار القلب... نقع في الحب او نسمو في الحب... الحب باب الى المحبّة ومنها الى العشق والى الرحمة... الحياة كلّها ابواب مفتوحة للأحباب... فأهلاً بنا جميعاً من اي باب دخلتم، فأنتم في صحن البيت المعمور بالنور يا اهل النور...
نعم... الحب ساكن القلوب وسكينة العيوب...من منّا لا يحب... الآن أحب القلم و الكلمة وقراءتها ورسالتها وأراكم بقلبي تقرأونها وأتقبّل كل كلماتكم بقبلة، وهذا هو الحب اللامشروط واللامحدود... الحب هو فرح العطاء فرح المشاركة دون أيّ مقابل... إنه الكرم الإلهي ... إن الحب لا يفصلك عن الآخرين ولا يفضّلك عن جميع المخلوخات...
الحب هو شعاع عطر ينتشر من خلالاك إذا عرفت نفسك... ومن عرف نفسه عرف ربّه... من عرف نفسه احبّ العالم... الحب هو الإنسياب من الفرح... كالنهر... فيض من النور يتوقف على الجميع كالغيمة الحالمة مطراً على الأرض من دون أن تفرق بين الشجر او الحجر او البشر... الحب هو فرح العطاء... فرح المشاركة دون ايّ مقابل... إنّه الكرم الإلهي.. إنّ الحب لا يفصلك عن الأخرين ولا يفضّلك عن جميع المخلوقات... الحبّ يوحّد قبل الموت وبعده... الحب لايموت والمحبين أحياء عند ربّهم يرزقون... ولكن حب اليوم خاطىء بمفهومه البشري الفكري... أحبك لأنني بحاجة إليك ولكن حب القلب يشعر بأنني بحاجة إليك لأنني أحبك... وللأسف، حب الجيب مسيطر على حب القلب، ولكن الحقيقة لاتموت... تستنير برحمة الله ولكنها هي الحيّة للأبد... المحبة هي الله والله محبّة... المحبة ليست علاقة بل حال من الوجود... أنت حب ولست بالحب مع الأخرين... إنها صفة المخلوق ونعمة من الخالق... هذه النعمة هي النبع النابع منك انت وليست منحة من المال او من الأهل ولا تستطيع أن تحب إلاّ إذا تعرفت على نفسك... الخوف يحجب الحب... دع الخوف يطوف وتعرّف إلى الحب الساكن فيك والخوف الساكن في أفكارك... أنت سيد الفكر... تذكر الذكر... وانتصر على الخوف... الخوف هو عكس الحب وليس البغض او الحقد... بل الخوف هو الحاجب والحاجز والحائط الذي يمنعنا من الحبّ... واجه الخوف وتصالح معه ودعه يسير كالغيوم في بحر السماء... في حالة الحب تسمو وتنمو، وفي حالة الخوف تنكمش وتتهمّش... الحب يفتح الأبواب على مصراعيها، والخوف يغلق الأبواب ويقفلها... الحب يعطيك الثقة والأمان، والخوف يعطيك الشّك والإدمان... مع الخوف تعيش بوحدة، ومع الحب تحيا بالحب ومع الأحباب... وتذوب القطرة في المحيط ويصبح حبك أكبر من السماء وأوسع من البحر... بالحب تعرف نفسك وتتعرف عل الثروة الداخليّة وتسبح في فناء الفضاء الداخلي وعشق الدنيا بما فيها من اسرار واسرار... أنظر إلى عيون الأطفال.. يحبون العالم ويلعبون به... لا خوف عندهم ولا هم ولا غم، ولكن من منّا يعرف كيف يتصرّف ويتعرّف إلى هذه الطفولة البريئة؟... حتى الأطفال أصبحوا سياسين وهمهم المنافسة والتجارة... أتمنى من علماء التربية ان يهتموا بتربية الأطفال على الطريقة الطبيعيّة... حسب حاجة الولد... نلبي لهم رغباتهم ودورهم في البحث عن حقيقة وجودهم... الطفل هو بذرة المستقبل... والتربية المُحبة هي التي تتناغم مع هذه الحبّة... إن الأطفال والأولاد يحبون التأمل والرقص مع نغمات الطبيعة والنظر إلى الشجر وإلى العطر وإلى الطير... إنّها مشاركة البراءة مع الأسرار... وهكذا نتعلّم نحن من الصغار و من الكبار... مهما كان عمر جسدك، فأنت طفل وتحب الألعاب... تعلّم الموسيقى او الرسم... إجتمع مع الناس وعلى كل المستويات والأجناس... لا تخف لا من الطبيعة ولا من البشر... كن على ثقة بأن الله هو الحافظ مهما كنا في ضياع... أينما كنت فأنت في بيته... بيت البركة والنعمة... بيت النور والسلام... في بيت الله نشعر بالسكينة وبالنعيم... لاتسألني كيف استطيع ان احب بشكل افضل؟ الحب وحده كافٍ وشافٍ ومعافٍ.. لا تستطيع أن تحسّن نور الشمس فتتمتّع به... إن رغبتك في ان تحب بشكل أفضل أو تكون أنت أفضل... الحب ليس دائرة مفرغة، بل هو نوعيّة لا كميّة... إن حب اليوم هو شهوة جسديّة مؤقتة... كالحب الحيواني له مواسم وله غريزة... ولكن حب الإنسان هو الحب الإلهي الموجود في الإنسان و في كل عمر وكل زمان... الحب يسمو بنا إلى الأبعاد الخفيّة... أبعد من حدود أي محدود في هذا الوجود... الحب يتجاوز الفكر والجسد والأبعاد... الحب هو رحلة الحج... من القلب إلى ابعد من أي بعد والى أقرب من أي قرب... وكأنك ترحل من كون إلى كون و من الأكوان الى المكوّن... إن اللغة العربيّة غنيّة في طبقات العلم والفكر والشعور... إنّ الحب هو المحبّة... هو العشق والهيام واختراق المقام... إنّه طبقات في الشعور بالحياة... نعم.. أشعر بالإحباط لأنّه لا يحبني... او لأنها لا تفهمني... أو لأسباب عديدة لا عدّة فيها ولا عهد... هذه هي العاطفة الرخيصة والشفقة المطلوبة والمرغوبة ونعتقد بأنها الحب... الحب من حرفين... والحرب كسرت الحب بالنار ولكن النور اقوى وابقى... نحن من النور... النور هو الذي يحب كل شيىء بدون أيّ شرط او ايّ قيد.
وإذا أحببت نفسك أحببت العالم، لأنك انت العالم ... انتَ خليفة الله... انت مسيح آخر... كيف نطلب الحب ونحن من روح هذا الحب... اساسنا هو الحب وهذه هي جذورنا وبذورنا... البذرة هي الشجرة والعكس صحيح...
فيا إخوتي... دعونا لا نطلب ان نكون أفضل في الحب... الحب ليس مادة مدرسيّة ... إنها في حياتنا اليوميّة... سامحوني سلفاً... كل فرد منّا يسأل عن تحسين الحب لأنه لايعرف الحب... لم يختبر الحب بعد الذي يحيا في قلب الضمير والمصير... تعرّف الى نفسك وستحيا الحب... نحن لم نتعلّم من نحن...لم نعرف انفسنا...
مريم نور شكراً