مولاتي..
أتذكرين؟
قبل اليوم بكثير..
أغمضي عينيك قليلا وسافري معي..
أتركي هذه الدنيا ولو للحظة.. وأسكني ذاكرتي.. اسكنيني..
وابحثي في كل أزقتي وأحيائي ومقابري...
ابحثي في كل المسام وكل الشرايين..
وإن وجدتي خلية واحدة ليس لك فيها حضور..
أحرقي المدينة وأحرقي تاريخها وأحرقيني..
مولاتي..
مولاتي الدنيا..
أتذكرين؟
كان رمضان.. وكان قبل اليوم بكثير..
كان المؤذن يجمعنا قبل صلاة المغرب...
ولا يكاد ينطق (الله أكبر) حتى نطوف على قريتنا الصغيرة..
أنا .. أخوك .. أخي .. وأولاد كانوا.. وكنا جدا بسطاء..
(أذن .. أذن .. فطروا .. فطروا) وتفطر الروضة..
ونحن نطوف البيوت بيتا .. بيتا.. (أذن أذن .. فطروا فطروا)
مولاتي..
أتذكرين؟
قبل الآذان كنت أسرق الطعام من (واعيين) أمي..
أسرق أي شي ..
عيش .. قيمات .. كستر .. أي شي..
أغلفه أجمل تغليف.. ولكِ مولاتي أطير..
أضرب بابكم الحديد بقوة وأصرخ باسمك بدون خوف..
أصرخ وكل العالم يرى ويسمع..
أصرخ في وجه العالم..
تعالي لتسكنيني مولاتي..
تعالي..
ومن خلف باب الحديد أسمع صوت تقبيل الأرض لممشاك..
والغيرة تقتلني..
"يا الله لم لم تخلقني أرضا كي تمشي عليّ"
لن أنتظر وصولك..
سأدخل لك متلعثما .. وأقول لك كعادتي "اليوم سبقناكم.. احنا جبنا الفطور قبل"
تنظرين لي بابتسامتك التي استوطنت كل قطرة دم فيني..
"يا الله .. كم تجعلني أشعر بأني حي تلك الإبتسامة"
وتهمسين لي "صح سبقتونا.. بس فطورنا أحلى"
"نعم .. نعم مولاتي.. وكيف لا يكون أحلى.. وكل المقادير أنتي.. وكل العالم أنتي"
سيدتي..
مولاتي..
مملكة مملكتي..
يا من تسكنيني .. تحييني .. تقتليني .. أعبدك ومن مملكتك تطرديني..
يا كل شي في هذا العالم..
كل شي..
كل شي..
انتظري رسائلي..
نزفي الأخير..
فهي كل ما أملك..
ولك هي!