بالقرب من نافذتي الصغيرة ..المطله على بحر جميل ....وشاطئ أروع .... جلست على كرسي المفضل ....جلست ذات مساء...وبأحدى يدي رواية ... وفي الاخرى فنجان قهوة... جلست وانا ما زلت أرتشف من قهوتي ...وعبقها يملأ المكان..... كانت وكالعادة.....حلوه المذاق.... كان الجو صافيا...كصفاء غدير الماء ..... لا غيوم ولا رياح ... كان مليئا بنسائم الحياة والفرح.......ورائحة المحيط .....هبت نسمةخفيفة ...داعبت شعري المسدول ... وحركته بمختلف الأتجاهات....نسمة خفيفة جعلتني أنسى .... تعب النهار .... وحر الصيف .... كان كل شئ هادي .... وصافي .... ولكن وفجأة... تحولت تلك النسمة الخفيفة .... الى ريح ليست بالقوية ......ولكنها استطاعت ان تسقط الراوية من يدي ...سقطت الرواية على ارض الغرفة .... أنزلت يدي لألتقطها...واليد الأخرى ما زالت ممسكة بالفنجان..التقطها ...ولكن وعندما كان نظري يتجهة ...نحو الأسفل ...لفت أنتباهي تغير لون شعري ...وقد أصبح ذو لون بني ...بعد أن كان اسودا ....وقف وانا ما زلت مندهشة وممسكه بالصحيفة ...وعلى الأرض ...لم أدري ما السبب في البداية ...الا بعد ان رأيت من النافذة ...رايت ولم ارى ..اجمل منه في حياتي لم ولن أستطيع وصف ما رايت ... أختلطت مشاعري ...وتأججت كالبركان....رايت شمساً عاشقة ... متلهفه لمعانقة حبيبها...رايت شمسا تغرق في احضان حبيبها ... حبيبها الذي فارقته مدة ليست بالقصيرة...عشيقها الذي يستقبلها بشوق ...بعد ان غابت عنه ...وهو ينظر اليها ..وهون يرتطم بشواطئ المدينة ...حبيبها الأسطوري الذي نجده في كل مكان وزمان ...انه البحر..نعم رايت الشمس وهي تحتضن البحر ... وهو يمد ذراعيه لها..نعم انه الغروب ... غروباً لم ارى مثله في عمري ..كان منظر الغروب...يخطف القلوب قبل الأبصار ...ينسيك كل ما تلاقيه..من الآلام ...تنسى معه هموم النهار وتنسى ...اقسى الاحزان ..التي توغلت قلبك الصغير.......ولكن تبقى تلك الذكريات ... وتتضح صورتها ...عندما تغوص شمس النهار في حضن البحر الواسع ....تغوص في أعماقه ...تندمج مع جسده ..ليصبحا جسد واحداً ...قلباً واحداً...تذكرنا ..بأحبابنا ...كل عاشق في هذه الدنيا ...تتجلى صورة حبيبة في هذا المنظر ...تظهر حاجة كل أنسان منا ....كلنا يحتاج لحنان شخصا ما ...كلنا كالأطفال ...نتمنى شخصاً او حبيباً لنا يحتضننا ...نعم عندما ترى مثل هذا الغروب ....تختلج كل احاسيس الحب في قلبك ....تشعر بانك تحلق في عالم الأحلام ....وترد من نهر الحب والحياة...وتتتنفس عبير السعاده ....لم أدري ما الذي حدث لي وانا ارى .....غروب شمس النهار...هي فقط كانت لحظات ...اما بالنسبة لي كانت ساعات ...نسيت فيها انني في عالمنا ...او انني أقف لساعات دون حراك .....فقد كان نظري مشدود خارج النافذه ...كنت في عالم ثاني ...ولم انتبة الى شئ...لم يلفت انتباهي سوى صوت حاني ....رقيق ...ملئ باعذب الاحاسيس ....صوتاً اعتادت ....اذني على سماعه ..لحن جميل .... لم تعزف به قيثارة او كمان ...كان صوت امي تناديني ...وعندما انتبهت لصوتها ..كانت الشمس في اخر لحظاتها……..تودعنا ....لتنعم بالهدوء والسلام في حضن امواج البحر....وتنام في ليلها ...لكي تبدا رحلتها وفراقها عن حبيبها البحر ...كان لابد من اجابة نداء امي ...تركت الرواية على كرسي ...بعد ان وقفت ..كانت قهوتي ما زالت ساخنه ...وعبقها عالق بهواء غرفتي ....أغلقت النافذة ولكن لم ولن انسى طوال حياتي منظر ذلك الغروب ...تركت النافذه ...وتركت معها اجمل الذكريات واحلاها ...تركتها لاعود لها في الغد ....مع غروب اخر ..وذكرى حبٌ اخرى ...مع شمس النهار ...وحبيبها الأسطوري .....