القائلون بأن منتخب الاوروجواي الشهير بالسيليستي او الأزرق السماوي حسب الترجمة من الاسبانية، فاز على سبيل المفاجأة بكأس امم امريكا الجنوبية (كوبا أمريكا)هم مخطئون تماماً، لإنه الاستثناء الوحيد من بطولة المفاجأت المجنونة التي أطاحت بالعملاقين الارجنتيني والبرازيلي، وأسقطت كولومبيا وتشيلي الصاعدتين بقوة بعد أداء متألق وصدارة لمجموعتيهما في الدور الاول .

** الأزرق السماوي هو الفريق الافضل في كوبا أمريكا، سواء على مستوي الاداء الفني والبدني والذهني والنفسي .. فقد تمتعوا باللياقة البدنية ولم تخنهم قوتهم أوأقدامهم عن اللعب بقوة حتي صافرة الحكم ، وتنوعت أساليب لعبهم الخططية وتكتيكات مدربهم حسب مجريات اللعب وقدرات المنافس ، ووزانوا بشكل رائع بين منظومة اللعب الجماعي والفردي وحققوا تعاونا مثاليا بين خطوطهم بلا تهاون أو روتينية .. وركزوا في كل المباريات .. ولم تخرجهم خشونة المنافسين او أجواء الجماهير أو توتر بعض المواقف عن الخروج عن أعصابهم وتركيزهم ، فاستحقوا كأس الروح الرياضية ، وكانوا نموذجا في الروح القتالية والمعنويات العالية والحماس والاخلاص والكفاح طوال مبارياتهم .. ولهذا كانوا الفريق الاكثر واقعية وتوازنا وتكاملا .
** تعامل منتخب "السيليستي" مع البطولة بحذر وتحفظ واحترام لكل المنافسين .. ولم يستنكف او يخجل وهو رابع مونديال كأس العالم الاخيرة بجنوب افريقيا ،أن يكتفي في أولى مبارياته بإنتزاع تعادل من بيرو بعد أن كان مهزوما ليقنع بنقطة التعادل بعد مباراة متحفظة انتهت 1/1 .، وتحقق نفس السيناريو وتعادل 1/1 أيضا في مباراته الثانية مع تشيلي المتحمسة بعد أن كان متقدما ولم يندفع واكتفى أيضا بالنقطة ، وفي مباراته الثالثة لم يتخل عن التحفظ وفاز بهدف وحيد على شباب المكسيك تحت 20 سنة بلا انفلات او طمع في مهرجان أهداف ، لان الهدف كان يساوي ثلاثة نقاط وضمان التأهل .

**ولم يخجل أن يلعب مباراة تكتيكية متحفظة جدا، وقام مدربه الخبيرالملقب بالاستاذ بتغيير تكتيكه ليلعب بطريقة 3-5-2 وتخلى مؤقتا عن طريقته المعروفة 4-4-2 وهو يواجه منتخب التانجو صاحب الارض والجمهوروالمهرجان .. بل وتقدم عليه بهدف وبعد التعادل الارجنتيني وثورة التانجو وطرد أحد لاعبيه ، استطاع ان يلم شمله ويدافع بقوة بجميع لاعبيه وأن يحرج ميسي وزملاءه بهجماتهم المرتدة ، ليحتكم إلى ركلات الترجيح ويفوز بالمباراة وبالتأهل إلى الدور قبل النهائي ، ليقوم بتقليم أظافر منتخب البيرو في لقائهما الثاني بالبطولة ويتجاوزه بهدفين وعرض فني مميز، ثم يصل إلى المباراة النهائية ليواجه منتخب الباراجواي ثقيل الظل والمتخصص في الاداء الدفاعي الصارم والذي أطاح بعملاق السامبا البرازيلي ، ومبكرا وبفضل تكتيكي هجومي مباغت ومكثف للخبير تاباريز ، أخرج الفريق الباراجواياني عن تركيزه الدفاعي وحاصره وباغته بهدف في الدقيقة 12 ، ليتحول الباراجوايانيون عن استراتيجيهم الدفاعية التي أجادوها ويضطروا للتقدم للهجوم ، فيتعرضون لهدفين آخرين ليختم فورلان وسواريزالنهائي بثلاثة أهداف نظيفة تؤكد جدارتهم بالفوز والكأس والرقم القياسي التاريخي باللقب رقم 15 ،كأكثر منتخب أحرز اللقب في تاريخ البطولة القارية الاعرق في العالم .
** بهذا الفوز وباللقب ،أكد الاوروجوانيون أنهم استعادوا تاريخهم الذهبي المجيد ، فقد كانوا أول فائز بلقب كوبا أمريكا عام 1916 ، كما كانوا أول فائز بكأس العالم عام 1930 .. وهم الافضل من البرازيل والارجنتين والاكثر ألقابا طوال تاريخ البطولة، وكانوا أيضا أفضل إنجازا من السامبا والتانجو في مونديال جنوب افريقيا .. ولهذا لم يكن غريبا ان يقهروا التانجو في عقر داره وأن يكتسحوا الباراجواي قاهر السامبا ، ليستحق فورلان وسواريز ولوجانو وموسليرا لقب أسياد امريكا الجنوبية .. ولا عزاء للسامبا والتانجو!!