لا أدين بالاعتذار لأحد, لن أحتج بانشغالي بدور الأم, فأنا أعرف أن مسئوليتي نحو الآخرين لا تعفيني من مسئوليتي نحو نفسي, لن أحتج بكآبة الشيخوخة فأنا أعرف أن العمل هو الكفيل بالخلاص. أعرف هذا عقليّا, وأتساءل هل استقرت هذه المعرفة في وجداني وشكلت سلوكي?!
يعزيني أني حاولت, لم أكف عن المحاولة, أوراقي مفرودة على مكتبي, لطيفة الزيات على سريري, يومًا بعد يوم وليلة بعد ليلة, وأنا لا أكف عن العمل, أعدل وأبدل, أشطب وأغير, لا أرضي عن شيء ولا أرتضي شيئًا, أسعي إلى كمال لا طاقة لي به, أو كمال لا وجود له في هذه الدنيا. أترك عملاً وأسعي لآخر, على أمل أن يكون أفضل. والبدايات تتكاثر, بدايات بعد بدايات لا يكتب لأي منها الاكتمال, وأنا أعمل ضد نفسي لا من أجل نفسي, أعمل وأنا شبه موقنة أن شيئًا ما لن يكتمل لي, أعمل منوطة بهزيمة نفسي وكأن لطيفة الزيات شيطانًا يركبني.
ما لم أتمكن من مواجهة أسباب ودوافع هذا اليقين بالفشل الذي يلازمني لن يكتمل لي شيء أبدًا.
***
- التصاق جنيني بالأم يترتب عليه انعدام في النضج العاطفي.
قال الطبيب وهو يشخص سبب اختلال علاقة ابنتي حنان بهشام, بعد سنة ونصف السنة من زواجها. وصرخت مفجوعة رافضة تشخيص الطبيب. كان تشخيص الطبيب بمثابة إشهار إفلاس لي كأم, وبمثابة هزيمة لكل الأهداف التي استهدفتها في أسلوب تنشئة ابنتي, واعية ومتعمدة. جاهدت عمري وما زلت أجاهد ليكون لابنتي كيانها المستقل عني وعن الآخر, كيانها الذي يقف موقف الندية مني ومن الآخر.