مشروع دخول :
حالات الاستفزاز تأتي دون استئذان ، كما أنها أقوى من أن يواجهها وعد ٌ أو حتى قرارات ْ !
رغم انشغالي الجميل هذه الفترة بالمرحلة الملائكية التي أمر بها ، ورغم أني ممتلئة من أقصى الروح لأقصاها بطقوس تستهويني أكثر من البقاء في عزلة ِ الشبكة ِ هذه إلا أن ّ لي هنا أصدقاء وأحبة أشتاقهم ، وأحن ّ لمشاكستهم كذلك ْ ..!
ولأنني صباح اليوم دون سابق انذار صرخت ُ أمام البشر الحمقى [ أطفئوا هذا المسجّل .. ! ] لأواجه بعد صرختي نظرات ترسم بالضوء علامة استفهام كبيرة للغاية ْ ، لأرد ّ عليها / كفى متاجرة ً بالاعصار !
.
.
الدخول الفعلي /
الفترة التي مرّت بها السلطنة في الفترة الماضية فترة طبيعية للغاية ، ولم يكن الإعصار حَدَثا ً غريبا ً أو حتى آتيا ً من عالم ٍ آخر ، كما أن ّ ما حدث للقرى والمناطق لم يكن أكثر من شيء طبيعي للغاية رغم عدم اعتيادنا عليه .!
رغم أنني لم أشأ الخوض َ في شأن الاعصار لأنني أرى أن ّ الحديث عنه ضرب ٌ من تضييع الوقت ْ ، والبكاء على اللبن المسكوب ، في الوقت الذي أؤمن فيه أن وقت الحديث انتهى ، وبدأ وقت العمل لتحدي الدمار بسواعد البناء ْ ، إلا أنّ الكثير أرغمني على هذه الصرخة ، لأبدأ من جديد مشوار الاخفاق في تنفيذ قراراتي .!
الاستغلال الأول لـ الإعصار كان بيد الخونة ْ / خونة الأرض والوطن والإنسانية ، الذين إستغلوا الحاجات الملحّة للمتضررين برفع الأسعار لـ ثلاث أضعاف أو أكثر في أغلب الأحيان ، ولأنني كنتُ ممن واجه موجات الإعصار ، وشهدتُ الكثير منه ، فأنا على دراية كافية بما جرى حقيقة ً لا سماعاً أو توقّعـا ً \
شهدتُ الكثير يهلع للماء كأن لم يشرب لـ أشهر ، وشهدتُ بكاءات الأمهات خوفا ً على أرواحهن وأرواح أطفالهن ، كما شهدتُ المنازل التي وقعت ْ أنصافها رغم أن ّ مدّة استخدامها لم تكمل السنة !
كما رأيت الشوارع تنشطر لأشطار متساوية في كثير من الأحيان ْ !
ورغم ذلك كان الكثير يدا واحدة ، على يقين مني بأن اليد الواحدة هذه لم تكن بذات الوجهة والإيمان ، وتم التغلب على جشع هذه البطون بطريقة غير جذرية لكنها أفادت نوعا ما في التقليل من هذا الوجه الشيطاني للانسان !
والآن بعد مرور أكثر من شهر على مرور تلك المحنة ، أرى أن ّ الحياة بدأت تعود لشرايين المدن ، رغم أنّ قريات لا تزال تتألم ، والعامرات تنزف ، وبعض القرى تبكي ما أضاعته ، ومَن فقدته !
الإستغلال الآخر للاعصار بدأ هذه المرة موجة جديدة ، والمؤسف في الأمر أنه يحدث بيد [ رجالات الدين ] الذين يروّجون لفكرة أنّ الاعصار إنما هو عذاب من الله ، وأنه ايذان ٌ بالفسوق والفجور الذي يحدث في السلطنـة ، وأنّه تهديد من السماء بالعقاب الأكبر إن لم نتّعظ !
لاحظوا معي هذا المشهد الذي حدث في مكان الانقاذ:
إحداهن تقول : هذا الاعصار عقاب من رب العالمين ، بسبب الفسوق اللي يصير من زنى وسرقات وربى وغيره
الثانية ترد عليها : بس هذا الشيء ما يصير ف بلادنا بس .؟ ف كل مكان يصير هذا الفسق !
ثالثة : لان الله يحبنا نبّهنا ، ولازم نتّعظ ..!!!! [ لازم ] !
ويستمر الحوار إلى ما لانهاية حيث ينتهي من فم هذه لينتقل لفي الأخرى وهكذا إلى أن يصل لـ منابر المساجد ، بل و أشرطة أناشيد الأطفال ، والأناشيد الدينية كما يسّمونها !!!
اليوم تحديدا ً سمعت ُ شريطا ً يتحدّث عن الأمر وأنه ابتلاء من الله وأن ّ هذا الاعصار ليس حدثا ً طبيعيا إنما هو عقاب من رب السماء !!
رغم أنّ الأرصاد تنبّأت بالأمر .. فهل يمكن التنبّؤ بالعقاب وهو من الأمور الغيبية ..؟!!!
و أتساءل .. بل أسأل هؤلاء المنادين بأن الاعصار عقاب وعذاب ،
هل يحاسبنا الله على موجة الانحطاط الانساني الذي تمر به البشرية هذه الفترة ..؟!
هل يعقل أن يأتي العقاب لـ البشر الأقل ارتكابا للآثام على الأقل حسب الاحصائيات التي تمر أمام أعيننا كل فترة ..,!
ما الذي يحدث في دبي .؟ وهي المسماة بـ باريس العرب ..؟! أو ربما لندنهم ..؟
ما الذي يحدث في شواطئها / فنادقها / شوارعها / باراتها / مراقصها / وحنى مطاعمها ..؟!
ما الذي يحدث في السعودية رغم الكبت الذي يعانيه البشر هناك ..؟
ما الذي يحدث في البحرين خصوصا في أيام الاجازات ..؟!!
ما الذي يحدث في مصر من ارتفاع أولاد الزنى ، واللقطاء ..؟
قطر و الشذوذ الجنسي ، الأردن كذلك ..؟!
لبنان .. رغم ما تمر بها من ويلات ..؟! فهل سنعتبر أن ّ الحرب في نهر البارد أيضا عقاب من السماء..؟!
أ يكون موت صدّام واحتلال الامريكان عراقنا عقابا ً من رب السماء ..؟!
لستُ هنا أبحث عن مقارنة أو حتى اساءة لـ المدن العربية إلا أنني هنا أتساءل تساؤلات مشروعة للغاية عن سبب اسنادهم لهذا الحدث الطبيعي للغاية لـ غضب الرحمن ..؟!
لا أنكر أنني أؤمن أن ّ الله يحذّر عباده ، ويبتليهم .. لكن في المقابل لا يمكننا أن نؤكد أن الأحداث الطبيعية من أعاصير وزلازل وبراكين وفيضانات إنما هي عقابات من رب السموات !!
فهل تسونامي كان عقابا ً ايضا ً ..؟ وكاترينا قبله..؟!
هل الزلازل على ايران وباكستان والصين هي عقاب أيضا ً ..؟!
لماذا لا نفسّر الأمور على أنها حوادث أو فلنقل كوارث حقيقية يمكن أن تدخل فيها العظة والعبرة ..؟!
لا أعارض مسألة التنبيه للتجاوزات الدينية ، والأمر بالمعروف على اعتبار الأمر يدعو للعبرة ، لكنني أكره أن يتم المتاجرة بالإعصار لأجل أغراض أخرى غير مشروعة .. بل وصبغ الأمور بهذه الطريقة الشاذة !
أرفض أن ألغي عقليّتي لأكون كـ إمّعة .. كما أترفّع عن عدم اعتبار الأمر مدعاة للتفكير !!
.
.
في النهاية /
الإعصار حدث كارثي طبيعي للغاية ، حدث في بلادنا كما حدث في أمكنة ٍ أخرى ، وقد يحدث في المساحات الأخرى ، وفي نهاية المطاف التفكّر في الأمر ، مشروع جميل ، والأجمل أن نعمل لأجل اعادة الاعمار بدل الانصراف لترهيب الناس وتركهم عاكفين عن العمل دون عبادة !!
ولكل رجالات الدين تحيتي .. وصرختي كذلك !!
15-07-2007