بين إنتظار وإنتظار يموت الإنسان .. يموت ألف مرة .. يفقد الثقة .. وتتلاشى إرادته فيسقط ..
ثم ينهض ويترنح ويصرخ دون صوت .. فينظر في وجوه الآخرين ليرى
وجهه فيتذكر ،، يقاوم ، ينهار ، يسقط ، يموت مرة أخرى ..
فينهض من الموت يتأمل الأمتار القليلة التي
يمكن أن تُرى عبر الشبابيك ..
يلامس حبات الرمل
المترسبة في كل مكان
يملأ حلقه بجرعة ماء ويستبقيها
لأطول فترة علها تمده بمزيد من القوة على
المقاومة ... على الصمود .. فيفقد القدرة على الصمود ويفقد
القدرة على إبتلاع الماء .. فقد تحول الماء إلى ملح .. يريد أن يصرخ ..
أن يموت .. يريد أن تنشق الأرض فجأة وتبتلعه ، ، يريد ظلاً .. يريد أماناً ،،،، فينتظر

حتى الزمن في الصحراء يكتسب
معنى آخر .. إنه يبدأ بالتفتت إلى مالانهاية
كالصحراء بلا نهاية .. ويطبق كالخيط المبلول القاسي
يشد دون توقف على الرقبة يحزها دون أن يقطعها .. أو أن يبقيها
ويظل هكذا منتظراً موتا مؤكدا ، فيشعر الإنسان بالإختناق وتتصاعد ضربات
القلب وترتفع درجات الحرارة ، ويتحول لون الوجوه إلى الزرقة .. ولا يستطيع أن ينظر
الواحد إلى الآخر خوف الإنفجار أو العويل ..

وبعد إنتظار طويل طويل .. لعل الريح تهدأ
وتستريح .. وتصبح الرؤية ممكنة .. بدأت الشمس تميل نحو الغروب ، لم يرها أحد تفعل
ذلك .. لم يرها أحد تنزلق مثلما تفعل في البحر وفي وقت ماء .. ولا أحد يعرف
أو يمكن له أن يحدد متى كان ذلك الوقت .. وكم من الزمن قد مر
فبدأت الريح تتراجع وبدأ عصف الرمال يخف شيئاً فشيئاً
وإن ما زالت السماء مكتنزة بذلك
السواد الثقيل القاهر

إنه الموت
ولا شيء غيره ..
وهذا هو الإنسان في
لحظات اليأس المطلقة يوافق
على كل شيء حتى على الموت


بقلم / قانوني وعنيد