دمـاء .. وصريخ
دقت الساعة ليحين موسم استقبال المصائب والمفاجأت المفجعة ، موسم الصفعات المتتالية والمؤلمة .. ليس بيدها ان توقف تلك الساعة ، حاولت كرارا ومرارا ففشلت .. فقد كتب لها ان تعيش هذه التعاسة وان تتعود على ذلك ولكن لازالت تصاب بالصدمة وتنصعق كلما جاءها خبر .. لم تتعود رغم ان هذا الامر يتكرر في كل مرة ..وفي كل مرة تصاب بصدمة تليها صدمة الى ان جاء اليوم الذي اصيبت به بجلطة شلت قدميها ورجليها وكل ماكان يتحرك فيها ليعليها علامات السكون ..
ولأول مرة في حياتها عاشت لمدة 3 اشهر دون ان تستقبل اي مؤثرات .. فلم تكن حية بقدر مانحن احياء .. وانما غرقت في منام قيل عنه "غيبوبة مؤقتة " ..
شفاها الزمان .. وعادت من جديد الى الحياة ، ورافقها الخوف في كل لحظة من لحظاتها ..
لم تعد الى ذلك المنزل عله هو من كان سبب التعاسة هكذا كان تفكيرها وتفكير اهلها فانتقلوا معا الى منزل اخر .. هو منزل فخم ، لفته الغبار في كل زاوية من زواياه ، كل المظاهر في تلك اللحظة تصرخ لتقول انه منزل مهجور .. نعم هو كذلك ، لم يعرفوا سبب الهجر ولكن اسندوا السبب الى قيمته .. لم يعرفوا ان الهجر لم يكن بسبب القيمة وانما بما فيه ، فقد كان يحمل اكثر مما حمله ذاك المنزل القديم والمتواضع ..
مر اسبوع عليهم بسلام .. لا شيء جديد ، وكل مظاهر الحياة اظهرت لهم انهم على مشارف توديع المخاوف .. لم يعرفوا بعد انها لم تكن سوى لحظات راحة من الانتقال الى حياة الخوف والرعب الدائم ..
بعد اسبوع فقط.. بدأت احداث الرعب تظهر شيئا فشيئا .. ففي ذاك السبت مساء اصوات اشخاص يتجولون في الممرات ، استرقت النظر فلم تجد احد .. وكانت متأكدة ان لا احد سيتجرأ ليتجول في هذا الوقت بالمرر فكلهم نيام .. اصابها الشك في نفسها فتوقعت ان تلك الاصوات لم تكن سوى اوهام ، فأرغمت نفسها على النوم وتجاهل تلك الاصوات .. حاولت ولم تستطع فقد كانت تزداد ، مالبثت الى ان اصبح هناك اصوات جماعة يتحدثون بلغة لم تفهمها .. حاولت ان تفهم وان تركز على ماتسمعه ولكن لم تفهم ولا حرف من الحديث الذي دار ..
هم .. نائمون نوم الاموات ، لا يسمعون حرفا ولا همسا ولا دقات الطبل ان دقت ، فقد صابهم الارهاق والتعب من اللعب طوال النهار في ذاك الفناء الواسع ..
هو سمع تلك الاصوات .. حاول ان يعرف مصدرها ، كان خائفا ولكن حاول ان يخفي خوفه وان يظهر شجاعته فبدأ بالتجول للمنزل باحثا عن المصدر ، مرة يسمعها تأتي من يمينه حينما يتجه هناك يتحول الاتجاه لليسار .. كل مرة في جهة حتى انه شارف على الجنون فاستسلم و عاد لغرفته .. باب الغرفة لا يفتح ؟!!! لم يترك احدا بالغرفة وهو لم يغلق الباب .. اذا مالذي حدث ؟ بدأت مظاهر الخوف تظهر على وجهه .. حاول ان يفتح الباب بكل قواه .. لم يستطع .. اراد ان يكسر الباب ولكن اصابه الخوف .. خائفا من الذي سيراه في الغرفة ..
ركض متجها الى غرفتها .. اصوات خطواتهم علت وهي باتجاهه .. حديثهم كذلك ولكن لم يفهم ماذا يقولون .. احمر وجهه واكمل ركضه ..
هي تبكي من الخوف ، وجسمها يرتجف كرجفة المصاب بالحمى والبرد في آن .. فجأة تسمع دقات الباب ، كاد قلبها ان يخرج من مكانه ، وعينيها ان تخرجا من مقلتيهما، وهو يبكي ويصرخ ، افتحي الباب انه انا ..
ارتاحت قليلا ولكن لازال الخوف مستمر مالذي يضمن لها انه هو ، يصرخ افتحي الباب بسرعه بسرعه وهي مترددة .. لا تستطيع التحكم بيديها فهما يرتجفان لا تعرف كيف تدير المفتاح لا تعرف كيف تفتح الباب .. كل هذا من الخوف لا غيره.. وهو لا يزال يصرخ .. صرخة انسان خائف ومتؤلم ..
فجأة يفتح الباب .. لم تكن هي من فتحته .. لتجد من كان يستغيث بها غارقا في الدماء ، امسكت به وسحبته وهي تبكي ، اقفلت الباب مجددا بكل قواها وسحبت المفتاح ..
اتجهت اليه وهو يلتقط انفاسه ، لم تستطع ان تفهم مايقول .. والدم لا زال يسيل، ويتسلل الى يديها ومخدتها وشراشف سريرها ، لتحول اللون الاصفر الى احمر قاتم ..
فجأة يتوقف عن الحديث .. وتجهش هي بالبكاء ، تناديه لا يستجيب ..
وتلك الاصوات اختفت ، لا خطوات اناس قادمين ، ولا حديث بللغة المشفرة ..
صرخت وعلا صريخها الى ان وصلهم .. نهضوا ركضوا مسرعين متجهين اليها وعلى الباب دمـاء.. نهر من الدماء خافوا .. صابهم الخوف والرعب ادركوا ان موسم الخوف قد حان ..
هي لا زالت تصرخ وهو لا زال الدماء تسيل من على انفه ، وفمه وجبينه ، هم لا زالوا امام الباب يرون ذاك المشهد المرعب الممزوج بالصريخ .. دماء وصريخ وباب موصد لم يفتح بعد .. فتحوا الباب .. الباب مغلق.. وصرخوا معها .. هي تصرخ وهم يصرخون .. وهو من الالم قد غرق في موت مؤقت..
" افتحي الباب نحن هنا .. ماذا حدث ...وكيف .. ماهذه الدماء .. افتحي الباب .. " وغيرها من العبارات رددوها.. وهي تحاول ان تجد المفتاح ..

>> التكملة تابعوها لاحقا .. في منزل الاشباح -2-

تحياتي : هبولة الدلوعة