لا أريدُ أن أجزمَ بأنَّ المخرجَ السوريَّ بسام الملا وكاتبَ سيناريو المسلسلِ متعددِ الأجزاءِ مروان قاووق يعلمون أن بابَ حارتِهم سيمتدُّ إلي ثمانيةِ أجزاءٍ وربما أكثر ، شأنُ ذلك البابِ شأنُ المصالحةِ الفلسطينيةِ فكلاهما شقّا طريقَهُما إلي العالميةِ مع باب الحارة 8 الحلقة 26 بعضِهما ، مع اختلافِ درجاتِ الحرارةِ ما بين الغوطةِ وغزةَ ومعَ مراعاةِ ثلاثِ حروبٍ على غزةَ وأحداثٍ داميةٍ في سوريا ، إلا أنني أجدُّ أن هناك قواسمَ مشتركةً ما بين مسلسلِ بابِ الحارةِ ومسلسلِ المصالحةِ الفلسطينيةِ التي لو كانتْ طفلا ولدَ قبلَ تسعِ سنواتٍ مسلسل باب الحارة لأصبحَ اليوم في الصفِ الرابعِ الابتدائي أي أنه على أبوابِ مرحلةِ المراهقةِ المبكرةِ ، وهذا يعني أن النضوجِ بات أقربَ إلي فكرةِ ووعيِه السياسي .
مَشاهدٌ اعتاد عليها المشاهدُ الفلسطينيُ تبدأُ بالقبلاتِ الحارةِ والمصافحات ِوتنتهي بالمشاجراتِ والمناكفاتِ عبر شاشاتِ الفضائيات . في بابِ الحارةِ نستمتعُ بالجمالِ السوريِ وتنوعِه ، وفي المصالحةِ الفلسطينية ِلم تتغيرْ الوجوه ، لقد فشلوا باب الحارة 8 الحلقة 26 حتى في إدارةِ الانقسامِ ، فتصلبُ المواقفِ والتشبث بالأفكارِ والآراءِ الحزبيةِ الضيقةِ هو من جعلَ من الانقسامِ شيخا كبيرا طاعنا لا يموتُ ولا يفنى لأنة تعمقَ في نفوسِ المواطنين أكثرَ من المسئولين عنه ، وأصبحنا نبحثُ عن جيلٍ وطنيٍّ جديدٍ يصنعُ الوحدةَ الوطنيةَ بعيدا عن أفكارِ المنقسمين .
بعد تسعِ سنواتٍ من دفعِ ثمنِ الانقسامِ ؟ العديدُ من الأسرِ الفقيرةِ دفعتْ ثمنَ الانقسامِ من خلالِ عدمِ السماحِ لأطفالِها من السفرِ عبر معبرِ رفح المغلقِ بشكلٍ شبهِ دائم ، لطالبٍ توقفتْ مسيرةُ أحلامِه على بوابةِ المعبرِ ولم يستطعْ الخروجَ لإكمالِ تعليمِه باب الحارة ، لأطفالٍ عاشوا حروباً طاحنةً وهم في عمرِ الزهور ، لعائلاتٍ مُسحتْ من السجلِ المدني في حربِ غزة الأخيرة ، لمستقبلِ آلافِ الحلقة 26 الخريجين والباحثين عن فرصِ عملِ ، أهؤلاءِ فقط هم مَنْ دفع ثمنَ الانقسامِ ؟ أعتقدُ أن الوطنَ هو من دفعَ الثمنَ الأكبرَ مشروعٌ في غزةَ وآخرُ في الضفةِ وثالثٌ في القدس