الإنسان هذا المخلوق العجيب ، باكورة الخلق واشرف مخلوقات الكون من حيث كونه مكلفا ويستطيع المفاضلة والإختيار بين الخطاء والصواب .
وحياه هذا المخلوق البشرى مزدحمه اشد زحام بزخم افكاره وافعاله وصراعاته التى لا تنتهى إلا بموته وقد تبقى أثارها بعد موته لعقود طويله .
صراع دائم بينه وبين نفسه واقرانه ومعتقداتة وما بعد موته واحلامه واهدافه من الحياة .
وحول هذا الصراع الدائم ومن خلال احداثة تتوالد الافكار وتستمر وبعضها يندثر ، تتوالد العقائد القائمه على التجربه بعيدا عن الوحى السماوى ، تتوالد القناعات الشخصية والتى تمثل ميراثا ثقافيا ممتد الجذور يتحدد من خلاله نظره الشخص وفلسفته التى من خلالها يمارس حياته .
....................
أى كلمة فى اللغة العربية تحمل معنى حرفى وتحمل أيضا موروثا ثقافيا يختلف من فرد لأخر وقد يكون مغايرا لمعنى الكلمه الحقيقى .
والموروث الثقافى هوما يتبادر للعقل ويختزل بوعى القلب حال ذكر الكلمه أو الإسم . فلفظ الجلاله " الله " سبحانه وتعالى وهو علم على الذات الإلهيه .
عندما يذكر امام مسلم فما يتوارد لعقل المسلم - كونه سبحانه ليس كمثله شىء واحداً احد صمد لم يتخذ صاحبه ولا ولد ، قادر على كل شىء لا يعجزه شىء متصف بالكمال المطلق منزه عن كل نقص سبحانه وتعالى .
وإن ذكر امام نصرانى فما يتبادر لعقله مغايرا تماما وعكس ما يفهم المسلم ، هذا رغم ان لفظ الجلاله لم يتغير . لذلك فكثير من الحقائق تختفى تحت موروثا من الثقافه والذى قد يكون متطرفا أو خارج نطاق العقل ومع ذلك يستسيغه العقل ويهضمه كانه من المسلمات البديهيه .
..............
الرمز فى حياة الإنسان هو احدى اثرى طرق التعبير عما يريد او ما يشعر او ما يفهم . فعندم يشير المحتضر بسبابته فهذا يعنى انه ينطق الشهاده وأنه ثابت على الحق عند موته .
عندما نشير بعلامة " رابعه " فنحن نقول أننا صامدون ولن ننسى شهدائنا ونحن على طريقهم واننا متمسكون بشريعتنا واننا لا نهاب الموت ..
وغيرها الكثير من المعانى .
فالرموز بحياتنا ضرورة فلسفيه جامعه ومهمه لتوصيل الكثير من المعانى . وحقيقة الرمز قد تتطور وقد يتغير مضمونها عما صنع من أجله ، ومن تلك الرموز تتوالد الكثير من الافكار والمعتقدات وتتمحور حول الرمز.
وبمرور الوقت قد يتكون حول الرمز نوع من القدسيه احيانا تتجاوز العقل والمنطق مثل الرموز الدينية ومثيلاتها .
فإبتكار الرمز حاجه بشرية شديده الخصوصية إن دلت بعيدا عن الحكم الشرعى لها ، فإنما تدل على عبقرية هذا المخلوق البشرى المسمى بإلانسان . وما يهمنا من تلك الرموز فى هذا المقام .. الطلاسم .
................
من المعلوم بالضرورة لكل مؤمن بكتاب الله ولكل مهتم بالعلوم الغريبة أننا فى تلك الارض لا نحيا بمفردنا " كمخلوقات مكلفه " لكن يشاركنا " الجن " المعيشه والحياه وهم كمخلوقات مكلفه سابقة بسكن الكوكب الأرضى عن الإنسان ، وهم ايضا مختلفين عنا تماما فى اصل الخلقه وقدرات كل منا ، أيضا منهم العدو اللدود للنوع الإنسانى متمثلا بأدم الكريم وذريته - إبليس اللعين - وتلك العداوه الغير مبررة بالنسبه لادم هى فى الحقيقة محور وجودنا على الارض وهى اهم قضيه قد ينشغل بها العقلاء . فعدواتهم لنا مركبه من إختلاف النوع أصلا ثم العداوة الحادثه ببدايه خلق ادم ثم لمشاركتنا لهم الارض والحياه . ثم لتطرف مزاجهم وأصلهم النارى الذى يجعل الأذى بالنسبه لهم نوع من المتعه والنشوه . لذلك لا تجد نشاط إنسانى إلا وتدخل الشياطين فيه إما لإفساده أو لتبديل النيات اثناء وبعد العمل . وعلى طول المده التى تعايش فيها الانس والجن رغم عداوتهم ـ على كثرة ما وجد من أثار لتلك المعايشه وهذا الاتصال الدائم المتقطع . ومن تلك الأثار ما وجد من طرق الإتصال بين العالمين وما خط من طرق استخدام افراد من عالم الجن لمساعده الإنس لقضاء بعض الحوائج أو الإتيان ببعض الخوارق الكونية . ومن هذا الزخم الموروث وجدنا فى الكتب ما اطلق عليه العلماء " طلاسم "
...................
معنى كلمة طلسم
كلمة " طلسم " هى كلمة عربية صميمة ، لكنها وعلى عاده اهل العلوم الغريبه " معكوسه " لتخفى على من لا يعلم ، ونطقها الصحيح إن عكست "مسلط " بضم الميم وتشديد اللام - من تسليط - وتعنى فى العلوم الغريبة - متجدد دائم التأثير . والطلسم بموروثه الثقافى يحمل كل غامض مبهم مخيف مؤذى مخالف لشرع الله . وكل هذا فيه نظر ويقدر بقدره حسب ما سنرى .
..............
ماهية الطلاسم .
والطلسم عباره عن خطوط وكلمات وارقام ورموز غير مفهومة لأغلب الناس والطلسم يعرف ويفهم حسب الحاجه المعمول من أجلها لذلك يمكن تقسيم الطلاسم لعده انواع .
طلاسم العلماء .
وتلك الطلاسم هى فى الحقيقة ليست كذلك ولا تأثير لها غير الإبهام على العامه غير المتخصصين وقد لجاء لها القدماء من اجل حفظ علومهم ونتائج تجاربهم وهذا منتشر فى الكتب القديمه التى تتكلم عن علم " الصنعه الإلهيه " تصنيع الذهب ، وعن بعض التفاعلات الكميائيه كالنار الإغرقيه مثلا أو نتائج المعادلات الغريبه كتوليد الأفعى طاليس المجنحه . ومثل تلك الأشياء اخذت من علمائها الكثير من السنوات وتوارث اهل تلك العلوم علومهم من حضارات سابقه , بغض النظر عن حقيقه تلك المعادلات أو عن صحتها ، لكن اهل تلك العلوم وضعوا معادلاتهم بخطوط غير متعارف عليها . ومنها فى العصر الحديث مثلا فى النصف الاول من القرن العشرون بمصرنا المحروسه كان هناك علم جديد بداء فى النهوض وهو علم " الإختصار " وكتب الإختصار تلك إن اطلعت عليها ظننتها كتابات سحريه غير انها كانت طريقه لإختصار كتابه محاضر مجلس الأمه او غيرها . ومنها رموز المعادلات الكميائيه المنتشرة بالمناهج التعلميه .وهذا نهج العلماء قديما . لذلك ليس كل ما هو غير مفهوم ضار وقبل الحكم على الطلسم لابعد من معرفه ما هيته وجوهره ..
طلاسم الخدمة .
فى الهند حتى تلك اللحظة يمارس كهنه الهندوس والسيخ الرياضات الروحانية الشاقه والتى قد تستمر لعشرات السنين ، تحت الجوع والصيام والعطش والعزله والنوم عن غلبة والترانيم والتسابيح وقد تطول الرياضة لثلاثون او اربعون عاما متواصله . وفى النهاية يحصل الكاهن على سر " مخاطبة الأسلاف " يستطيع من خلالها عمل الخوارق وشفاء المرضى وفتح الكنوز "طبعا كل هذا تلبيس من الشياطين " ثم بعد أن يموت الكاهن يبداء كاهن اخر لبداء رياضته .
الفراعنه واليهود كان اكثر مكرا من الهندوس .فقد كانوا مع خدمتهم الطويلة للدعوه وخلواتهم كانوا يكتبون " توجه " الدعوه أو اسم الروح المخدوم أو رمز مقدس ويربطوا الخدمة على هذا الطلسم ، وعندما يموت الكاهن يورث طلسمه لمن بعده فبدلا من ان يخدم اربعون عاما يكفيه يوم او ثلاث ويحصل على نفس تصريفات الخدمه الرئيسية . وهذا النوع من الطلاسم منتشر لطلب الشياطين والارواح الجنية الخطيرة كأمثال " ميططرون ، خادم الشمعة ، أو شياطين الخطف والتبديل والجلب وما إلى ذلك .
الطلسم الشخصى .
وهو طلسم لا يخرج عن إسم شيطان او روح حسب معتقد الممارس وهذا الطلسم من شروط صحه عمله تعظيمة وتطيبه ، وهو مما ينقش على الخواتم أو يحمل مثل أسماء " الطهاطيل " واحيانا تكون معكوسه للشر مثل أسماء القمر السبعه ومنها " لياخيم ، ليافور، لياروث ، لياشلش " وصحيحها بدون عكس حسب علماء هذا المجال " لياخيم - ميخائيل " " ليافور - روفائيل " وهكذا .
طلسم الإضمار .
وهو طلسم معقد جدا إذ يجمع بين الخدمة وأسم الروح ونوع التصريف والملك الحاكم ويوم العمل . ومثل هذا الطلسم نادر العمل به لانه لا يستطيعه غير العلماء ومنه ما اصطلح علية بإضمارات الحروف والاسماء والأيات وهو من باب العهود الصعبه القوية ذات الشروط الصعبه الملزمة ومنها ما عرف بكتاب البونى بباب الهيكل واستخراج الإضمارات .
طلسم العلوم .
هذا الطلسم يكتب بالأرقام أو الحروف أو الأقلام الروحانية " أقلام الطلاسم " أو يدمج معا ، يكتب منفردا أو بغطاء "وفق " - المصفوفات الرقميه المعقدة ـ المربعات التى تحوى أرقام ـ ومثل هذا الطلسم يقوم على فكرة فلسفيه معقدة " ليس هنا مجال شرحها " لكنها بإختصار تتكلم عن عقل وروح لكل شىء فى الكون حتى الجماد , وكل ما هو فى الكون خاضع ومسخر للإنسان ، فما يفعله الممارس للعمل ان يأخذ ميزانا للماده او الفعل " الميزان يعنى مصدر الكلمه فى اللغه وهو على وزن فعل " يأخذ منه جسده أو قلبه او عقله او روحه او نفسه أو قوته الطبيعيه او قوته الكليه . ثم يحولها لأرقام ثم يحبسه داخل جسم " وفق " ثم يلبسه ردائه الروحانى ليتم التصريف . ومثل هذا الطلسم منتشر بالكتب على اعتبار انه فوائد روحانيه لكنه فى الحقيقة غير عامل وغير فعال .
طلسم الفوائد
وهو فى الغالب لا يخرج عن كلمات شركية ممهوره بألفاظ مقدسه لإمتهانها . وهذا النوع من الطلاسم تقريبا هو ما يدور حوله اغلب المشتغلين فى هذا المجال .
..................
حقيقة الطلاسم .
الطلسم مهما كان نوعه كرمز يمتلك نوع من القوه فهو خاضع للمزاج البشرى والفهم الإنسانى لمعنى الحياه والذى لن يخرج إما عن دفع ضر أو جلب منفعة . والإعتقاد المصاحب للعمل والمقيم عليه حامله يقدح بعقيده المسلم إذ ان دفع الضر وجلب المنفعه من متعلقات الربوبيه ولا يملك ناصيتها غير الله تعالى . فبإستثناء الطلاسم العلمية فكل ما يحمل او يعتقد بنفعه وضرة فهو باطل حتى لو كانت نتيجته صحيحة .. ففى هذا المجال النتيجه لا تعتبر دليل على صحه أمر . بل الدليل دائما هو شرع الله سبحانه وتعالى . لذلك فالطلسم والإعتقاد به احدى اهم حيل ومكر الشياطين ليقع الإنسان فى آفه الشرك بالله . حفظنا الله تعالى وإياكم من الشرك . هذا والله تعالى هو ما يتعذر فهمه وفك رموزه من وراء القصد وهو وحده المستعان