بعض الفتاوي عن كلمة موقوذة حل االمسألة التي بالعنوان انحكم المستورد من اللحوم والدجاج والطيور وما يشتق من بعضها، فما كان ذابحه مسلماً فلا شك في إباحته لأن الأصل فيما يذبح المسلم الحل.
وما كان ذابحه كتابياً وقد ذبحه بالطريقة الشرعية فهو حلال كذلك بنص القرآن.
وأما إذا جُهل الأمر بحيث لا يدري هل الذي ذبحه ممن تباح ذبيحته أو لا - كما هو الغالب في الأسواق من المستورد - فلعلماء هذا العصر قولان :

الأول: أنه يباح عملاً بقوله - تعالى -(وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) وطعامهم: ذبائحهم.

الثاني: أنه محرم لأن الأصل في الحيوانات التحريم فلا يحل شيء منها إلا بذكاة شرعية متيقنة، فتنقلها من التحريم إلى الإباحة، وكذا الذكاة مشكوك فيها بالنسبة لهذه اللحوم، بل يغلب على الظن عدم وجودها، فتبقى على الأصل قال - تعالى -(حرمت عليكم الميتة والدم........ إلا ما ذكيتم) فدلت الآية على أنه إذا لم يتحقق في هذه اللحوم الذكاة الشرعية فهي محرمة بناءً على الأصل، سواء كانت ذبيحة مسلم أو كتابي.

وهذا القول قوي، ويؤيده ما يلي:

1- أن القاعدة الشرعية في باب الأطعمة: أنه إذا اجتمع حاظر ومبيح غلب جانب الحظر، وهذه القاعدة دل عليها حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه - وغيره من الأحاديث الصحيحة، وهذه اللحوم ترددت بين كونها مذكاة ذكاة شرعية مبيحة فتحل، وكونها غير مذكاة فلا تحل، تغليباً لجانب التحريم.

2- أن طرق الذبح قد تنوعت، وأصبح معظمها لا يوافق الطريقة الشرعية، لا سيما مع هذه الكميات الهائلة التي تمتلئ بها الأسواق العالمية، وقد ذكر بعض الباحثين أن المسالخ الصغيرة تذبح ألفي دجاجة في الساعة.

و هذا يستبعد معه حصول الذكاة الشرعية بأوصافها المعلومة، ومنها التسمية وإنهار الدم، وهذا مما يطيب المذكاة، وتركه يكسبه خبثاً، يوجب التحريم.

3- أنه لم يبق الأمر محل شك وتردد، لأن كثيراً من الباحثين المهتمين اطلعوا على كيفية الذبح في المجازر الموجودة خارج البلاد الإسلامية إما بالمشاهدة وإما بإخبار هذه المجازر أنفسهم، مما يفيد عدم الثقة ببقية مصدري هذه اللحوم، لما يغلب على الظن من أن طريقتهم واحدة.

4- أن الإلحاد والتحلل من العُهد الدينية والأحكام الشرعية قد غلب على الناس في هذا الزمان، حتى إن النصارى خرجوا على مبادئ أهل الكتب فصاروا إلى الشيوعيين والوثنين منهم أقرب إلى النصارى، وقد ضعفت الأمانة، وقل الصدق، بحيث لا يعتمد على أقوال المصدرين لهذه اللحوم ولا على كتاباتهم على ظهر أغلفتها بأنها ذبحت على الطريقة الإسلامية، لا سيما وقد وجد بعض الدجاج برأسه لم يقطع شيء من رقبته، كما وجدت هذه العبارة مكتوبة على أغلفة ما لا يحتاج إلى ذكاة كالسمك، وحتى لو كانت تأتي من بلاد كتابية فإنها لا تذبح على الطريقة الشرعية

5- أن المطلوب من المسلم أن يسلك سبيل الاحتياط، ويجتنب ما يشك في حله، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " وكما قال - صلى الله عليه وسلم - " من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " وقال - صلى الله عليه وسلم - " إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله، فإن وجدت مع كلبك كلباً غيره فلا تأكل فإنك لا تدري أيهما قتله " ولا ريب أن المطاعم الخبيثة لها تأثير كبير على الأبدان والعقول والأخلاق، ولهذا حرمها الله - تعالى -على عباده، ثم إن في الموجود من اللحوم والدجاج ما يغني عن المستورد وما فيه من الشبهة،

وأما تمسك من أحل هذه اللحوم بقوله - تعالى -(وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) فيه نظر، لأن هذا العموم قد خُصَّ بنصوص كثيرة كقوله - تعالى -(حرمت عليكم الميتة..... إلى قوله إلا ما ذكيتم) وطعام الذين أوتوا الكتاب وهي ذبائحهم يشترط له الذكاة المبيحة، والمسلم لو ذكى ذكاة غير شرعية ما أبيحت ذبيحته، فكذلك الكتابي.

يسأل هذا -أحسن الله إليك- عن اللحوم المستوردة باختصار، يعني: هل يؤكل منها أو لا؟

الأصل في اللحوم المستوردة، إذا كانت من بلاد كتابية، الأصل فيها الحل، قال -تعالى-: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ بلاد اليهود والنصارى أما إذا كانت من بلاد غير كتابية: بلاد شيوعية، فلا تؤكل، لكن لما كثر الكلام الآن حول المجازر والمذابح في الخارج، وأنها تذبح بطريق الصعق الكهربائي أو بالخنق، ينبغي للإنسان أن يحتاط، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك والحمد لله، الآن في بلادنا الآن اللحوم تذبح، الدجاج وغيرها، فينبغي الإنسان أن يحتاط لدينه، ولا يأخذ ما دام كثر الكلام، إلا ما عرف أنه يذبح على الطريقة الإسلامية، والطريقة الإسلامية: قطع الحلقوم والمريء بآلة حادة، ويكون الذابح مسلما أو كتابيا.

=================================================

فتوى الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
------------------------------------


(2014)
ســـؤال: نريد أن نسأل عن أكل الدجاج المستورد من فرنسا ومن البرازيل وهو مكتوب عليه ذبح على الطريقة الإسلامية. فهل أكله جائز ؟

الجواب: أرى أنه لا يجوز أكله حيث إن ذبحه غير شرعي، فإنه أولاً: يضغط بعضه على بعض وقد يموت من الضغط، وثانيًا: أنه يعلق بأرجله في أسياخ من حديد دقيقة فهي تدور به عند تحريكها وذلك قد يسبب موته مع كثرة الحركة، ثالثًا: أنه يغمس وهو حي في ماء حار شديد الحرارة وهو حي والقصد من غمسه أن ينسلخ جلده فلا يخرج من ذلك الماء إلا وقد مات، رابعًا: أنهم يحرصون على بقاء دمه فيه ليزيد في وزنه. وخامسًا: أن الذين يتولون تعليقه وربطه وتغليفه ممن لا دين لهم فليسوا من الكتابيين حقًا ولا من المسلمين المتمسكين بالإسلام، وسادسًا: عدم ذكر اسم الله عليه قبل ذبحه أو قبل موته، وهذه المعلومات متواترة مشهورة عن المجازر الفرنسية والبرازيلية وغيرهم.
فأما كونه مكتوبًا عليه: (ذبح على الطريقة الإسلامية) فهو غير صحيح، وإنما ماذا تسمي البهيمه الميته بالضرب أرادوا ترويجه وكثرة من يشتريه ليربحوا فيه، وقد وجد الكثير منه برأسه لم يقطع الرأس بل أخطأه الموسى الذي يقطع الرأس بعد الموت، لكن إن أرسل أحد التجار من يشرف عليه من المسلمين الموثوقين ويتأكد من ذبحه وهو حي وذكر اسم الله عليه وأهلية الذابح وتحديد السكين وتصفية الدم، فلا بأس بأكله وإلا فلا. والله أعلم .