تناسى النجم الويلزي جاريث بيل كل شيء يجمع بلاده بإنجلترا، سواءً سياسيًا في وجودهما معًا تحت التاج البريطاني، أو حتى رياضيًا بسماح إنجلترا لبعض الأندية الويلزية بالمشاركة في انجلترا وويلز الدوري الإنجليزي الممتاز، أو عندما اشتركت ويلز وإنجلترا بمنتخب موحد حمل اسم المنتخب البريطاني في أولمبياد لندن 2012.



جاريث بيل ارتدى ثوب الأسطورة الإسكتلندية سير ويليام والاس الذي قاوم الإنجليز وحاول تخليص إسكتلندا من القبضة الإنجليزية، لكن هذه المرة رياضيًا، وقرر أن يخرج ويلز من مباراة انجلترا وويلز التبعية لإنجلترا، حين أطلق سهامه وسخر من المنتخب الإنجليزي بقوله أن بلاده تتمع بكبرياء وشغف أكبر من إنجلترا، وأن المنتخب الإنجليزي يبالغ في تقدير قوته!

ربما واقعيًا حديث بيل صحيح، فإنجلترا دون لقب كبير في كرة القدم منذ كأس العالم 1966، لكن تصريحات نجم توتنهام هوتسبير السابق جاءت لتصب الزيت على النار وتشعل حرب كلامية كبيرة، جعلت روي هودسون يشعر بالإهانة ويرد برفقة لاعبه جاك ويلشير على بيل بكل قوة.

هذه التصريحات جعلت المباراة تأخذ أبعادًا أكبر من كونها مباراة، إنجلترا كانت دائمًا صاحبة اليد العليا فيما يخص التنافس البريطاني، لذلك أي نتيجة بخلاف الفوز اليوم على الجار الويلزي الصغير، سيعقد من مهمة منتخب بلاد مهد كرة القدم في المجموعة، وهنا الإهانة لن تقتصر على مجرد تصريحات من لاعب تعملق في الملاعب الإنجليزية، بل سيقال أن منتخب ويلز الذي يشارك لأول مرة في اليورو، ولأول مرة في بطولة كبيرة من 1958 كان سببًا في جرح كبرياء جيل إنجليزي يعج بالمواهب ولديه مستقبل كبير.


نظرة فنية

الأمر الذي يجب أن يثير قلق الإنجليز هو رؤية جاريث بيل بهذه المعنويات، وبعد أن نجح في قيادة فريقه لفوز في المباراة الأولى أمام سلوفاكيا، فاللاعب هو مركز الثقل مع ويلز، لكن ربما إن كانت هذه نقطة قوة، لكنها قد تصبح نقطة ضعف، فكل شيء في ويلز يتوقف صراحة على مستوى بيل، وما يبرهن على ذلك هو خسارة ويلز أمام السويد 3/0 في المباراة الاستعدادية الوحيدة لها قبل خوض اليورو في غياب بيل.

المدرب كريس كولمان كان شغله الشاغل هو أن يطور من جماعية الفريق وأن لا يجعله يرتكن بيل، وبالفعل خلق أسلوب تكتيكي فوق العادة أعطى ثماره في المباراة السابقة بالرسم التكتيكي 3/4/3.

كولمان لم يعتمد على مهاجم صريح أمام سلوفاكيا، وضع الثلاثي جوناتان وليامز وجاريث بيل وآرون رامسي في خط المقدمة، وقد تناوبوا على شغل دور المهاجم.

العمل التكتيكي لمنتخب الويلزي أمام سلوفاكيا ارتكز على الثنائي ديفيد إدواردز وجو ألين، بعد أن خاضا ملحمة للحد من فاعلية النجم ماريك هامسيك، وسيكون عليهم نفس العبء أمام ديلي آلي.

الأمور ليست وردية في المنتخب الويلزي، لكنه يعاني بقوة من المساحات التي ظهرت بقوة خلف الظهيرين نيل تايلور وكريس جوتنر، لذلك إنجلترا ستأمل أن يكون رحيم ستيرليج وآدم لالانا في أفضل حالاتهما لمحاولة الوصول لمرمى الفريق الويلزي.

الأمر الثاني فيما يخص المنتخب الإنجليزي، فنسبة كبيرة قد يقوم المدرب روي هودسون بتغيير طريقة لعبه من 4/3/3 إلى 4/4/2 بالاعتماد على جيمي فاردي من البداية بجانب هاري كين، فوجود الأول يعطي وتيرة أسرع للهجوم الإنجليزي، الأمر الذي كان مفقودًا عندما كان على مقاعد البدلاء أمام روسيا.



مخاطر اللعب بـ4/4/2 إن أقدم عليها هودسون، ستكون في وجود زيادة عددية للاعبي ويلز في منطقة وسط الميدان، وهنا الدور سيقع على هاري كين وجيمي فاردي لممارسة الضغط والعودة حتى للوسط، لأن روني لا يجيد الدفاع.

العبء الأكبر على الدفاع الإنجليزي في مواجهة هجوم "وهمي" كما ذكرنا، المنتخب الإنجليزي خسر تقدمه أمام روسيا في الوقت القاتل، وهذه آفة المنتخب الإنجليزي الذي دائمًا ما يستقبل منذ يورو 2000 أهداف قاتلة تقلب عليه النتيجة، ومن منا ينسى ما فعله زيدان في يورو 2004، لذلك الدفاع الإنجليزي الذي يعد في الأصل هو أضعف خطوطه بسبب إيجاده صعوبة في تأمين منطقته، بحاجة لتركيز أكبر أمام بيل.



نظرة تاريخية



كما ذكرت في البداية، لا صوت يعلو على صوت إنجلترا على مستوى التنافس البريطاني، إذ تتفوق إنجلترا بشكل ساحق على ويلز في المواجهات التي جمعت بينهما، حيث حقق المنتخب الإنجليزي للفوز في 66 مباراة، ولم يسخر سوى في 14 مباراة.

آخر هزيمة لإنجلترا أمام ويلز تعود إلى 2 مايو 1984 بهدف دون رد سجله أسطورة مانشستر يونايتد مارك هيوز في أول مباراة دولية له.

والتقى الفريقان 4 مرات رسميًا في تصفيات كأس العالم 2006، وتصفيات يورو 2012، وفازت إنجلترا كل هذه المواجهات مرتين بنتيجة (2/0) ومرتين بنتيجة (1/0).

مواجهة قوية ومرتقبة بين أبناء المملكة المتحدة، إنجلترا وويلز، وكلاهما يمني النفس بالفوز لاستكمال حلم ورغبة الوصول بعيدًا في بطولة يورو 2016 .

ويلز، متصدرة المجموعة، تدخل هذا اللقاء وهي في غاية الأريحية بعد تحقيقها الفوز في الجولة الأولى على حساب المنتخب السلوفاكي، بينما يأتي المنتخب الإنجليزي لهذه المواجهة وهو يعاني من مرارة التعادل في اللحظات الأخيرة أمام روسيا في الجولة الماضية، وإهدار الفريق لنقطتين كانتا في المتناول.

كريس كولمان، مدرب المنتخب الويلزي، سيدخل هذا اللقاء بأسلوب لعب معتاد، وهو 3-6-1 بوجود جاريث بيل في المقدمة ومساندته بشكل كبير من وسط الملعب الذي سيشكل بنظام المربع في وجود 4 لاعبين وسط، 2 بمهام دفاعية و2 بمهام هجومية مع وجود جناحين دفاعيين على الأطراف.

روي هودجسون حير الجميع عندما خاض مباريات إنجلترا الودية بطريقة لعب 4-1-2-1-2، لكنه عاد في المباراة الأولى من البطولة ولعب بشكل أقرب لـ 4-3-3 بوجود جناحين صريحين على الأطراف ولاعبي وسط بميول هجومية، الأمر الذي جعل المنتخب يظهر هجوميًا بشكل أفضل، لكنه فشل في ترجمة الفرص إلى أهداف، أبعد من نجاح إريك داير من التسجيل من ضربة حرة مباشرة.

ما بين التنوع التكتيكي ومعركة أبناء البرميرليج الخالصة، نستعرض معكم أبرز أسلحة المواجهة لمباراة اليوم.

جاريث بيل × كاهيل وسمولينج

أمل ويلز في إنهاء 32 عامًا من الفشل في الفوز على الإنجليزي في مواجهة قلبي دفاع إنجلترا.

على الرغم من بدايته كظهير أيسر ثم تطوره إلى جناح أيمن / أيسر، يعتمد المنتخب الويلزي على جاريث بيل في مركز المهاجم، ومع ذلك لم يجد بيل صعوبة في التأقلم مع هذا الوضع وتألق فيه بشكل لافت للأنظار، لدرجة أن اللاعب ساهم في تسجيل أكثر من 80% من أهداف المنتخب الويلزي في التصفيات المؤهلة للبطولة، وكذلك كان صاحب أولى أهداف ويلز في مباراتها الأولى في تاريخ اليورو أمام سلوفاكيا في الجولة الماضية، ليدون اللاعب اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ منتخب بلاده، ويوسع سقف طموحات وأماني الجماهير الويلزية منه في هذه البطولة.

أمام بيل سيكون قلبا دفاع المنتخب الإنجليزي، الثنائي كاهيل وسمولينج اللذان قدما مباراة جيدة امام المنتخب الروسي، لكن عليهما التعامل بشكل مختلف مع بايل الذي لن يخوض المعارك البدنية والالتحامات في الكرات العالية فقط، بل إن اللاعب سيميل للتحرك في المساحات الخالية مستغلًا السرعة الرهيبة التي يمتلكها بالإضافة لتميزه في التسديد من مسافات بعيدة، كل ذلك سيشكل خطرا كبيرا على دفاع ومرمى المنتخب الإنجليزي.

روني وألي × رامسي وألين :


مانشستر يونايتد وتوتنهام ضد أرسنال وليفربول. معركة وسط الملعب في مباراة الغد ستكون بين أبناء أندية البريميرليج الذين سيملأون أركان الملعب لأن الـ 22 لاعبا في ملعب مباراة الغد من المحتمل أن يكونوا جميعًا لاعبين في أندية الدوري الإنجليزي الممتاز.

معركة وسط الملعب ستكون مهمة للطرفين، إنجلتر تميل للاستحواذ وامتلاك مناطق الوسط عن طريق روني وألي، بالإضافة لزيادتهما الهجومية المنتظرة، بينما تعتمد ويلز بشكل كبير على دعم الوسط للخط الأمامي وبالأخص زيادات أرون رامسي مع وجود جو ألين للتغطية الدفاعية وبناء الهجمات عن طريق إجادته للتمرير سواء القصير أو الطويل، وستكون معركة كبيرة في منطقة الوسط اليوم، الفائز بها سيؤثر بشكل كبير على نتيجة المباراة بالنهاية.

أشلي ويليامز × هاري كين

قائد دفاع المنتخب الويلزي سيكون أمامه مهمة شاقة للتعامل مع هداف البريميرليج، الذي بدوره يريد إثبات مدى كفاءته على الصعيد الدولي، وبالأخص في المباريات الرسمية بعد بداية مخيبة له في البطولة.

هاري كين تعرض لاانتقادات واسعة أمام أداء باهت في مباراة روسيا، ويريد بشدة الرد على منتقديه عن طريق تقديم مستوياته المعهودة التي قدمها في مسابقة الدوري مع فريقه توتنهام، وسيكون على قائد سوانزي سيتي والمنتخب الويلز، اشلي ويليامز، التعامل بشكل قوي وحاسم من أجل الحفاظ على مرماه من خطورة المهاجم الشاب الهداف.