بيت شعر شاع بين الناس، تناقلوه وحفظوه عن ظهر قلب، بعضهم ينسبه الى من استخدمه في خطاب أو
مناسبة، وكثيرون ينسبونه إلى شاعر غير قائله، البعض يعرف اسم قائله وقلة قليلة تحفظ
أبياتا من القصيدة التي ورد فيها، وأبيات أخرى جرت على ألسنة الناس أمثالا وحكما من
دون ان نتذكر القصيدة التي وردت فيها، وفي الشعر العربي هناك ما يسمى عيون الأبيات
ودررها التي تناولها أكثر من شاعر في قصائدهم وشاعت بين الناس باسم اشهرهم، وسيكون
لنا في كل مرة وقفة مع بيت شعر شائع ومجد شاعر ضائع ومنها البيت التالي:
وفي الليله الظلماء يفتقد
البدر!
الشطر من بيت الشعر اعلاه شاع بين الناس ان قائله
الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد العبسي، المتوفى عام 601م، يقول في مطلع قصيدته:
دهتني صروف الدهر وانتشب الغدر
ومن ذا الذي في الناس يصفو له الدهر
وكم طرقتني نكبة بعد نكبة
ففجرتها عني وما مسني ضر

ويمضي الشاعر حتى يصل الى بيت الشعر المذكور فيقول:
سيذكرني قومي اذا الخيل اقبلت
وفي
الليلة الظلماء يفتقد البدر
يعيبون لوني بالسواد جهالة
ولولا سواد الليل ما طلع الفجر
ويختم شاعرنا قصيدته قائلا:
وان كان لوني اسودا فخصائليب
ياض ومن كفي يستنزل القطر
محوت بذكري في الورى ذكر من مضى
وسدت فلا زيد يقال ولا عمرو
اما الشاعر الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي أبوفراس الحمداني، الذي عاش في
الفترة بين 932 ـ 967م، يقول في مطلع قصيدته:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى نهي عليك ولا أمر
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة
ولكن مثلي لا يذاع له سر
حتى يصل شاعرنا الى القول:
سيذكرني قومي اذا جد جدهم
وفي
الليلة الظلماء يفتقد البدر
فإن عشت فالطعن الذي يعرفونه
وتلك القنا والبيض والضمر الشقر
ويختم شاعرنا قصيدته قائلا:
تهون علينا في المعالي نفوسنا
ومن خطب الحسناء لم يغلها المهر
أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلا
وأكرم من فوق التراب ولا فخر
والشاعر عمارة اليمني، المتوفى عام 1174م يقول:
فقدناك فقدان النفوس حياتها
ولم يك فقد الأرض اعوزها القطر
وأظلم جو الفضل اذ غاب بدره
وفي
الليلة الظلماء يفتقد البدر
اما الشاعر محمد جواد البغدادي، المتوفى عام 1747م فيقول:
وقد كنت لما ان اطالع نظمها
تطالعني من لفظه أنجم زهر
فما جن عندي الليل الا فقدتها
وفي
الليلة الظلماء يفتقد البدر
والشاعر حسين بن علي العشاري، الذي عاش بين 1738 ـ 1780م يقول:
اذا نشرت ليل الذوائب في الضحى
تألق من أقصى غدائرها فجر
فلا تنكروا ان غاب في الشعر وجهها
وفي
الليلة الظلماء يفتقد البدر
اما الشاعر عبدالحسين آل شكر، المتوفى عام 1868م فيقول:
وتصبح في ذل وأنت معزها
وتهتكها الأعدا وأنت لها ستر
فقدتك فقدان الكواكب بدرها
وفي
الليلة الظلماء يفتقد البدر