هكذا كانت حياتي..
تمر بي أوقات أحب أن أختلي بنفسي قليلا،بعيدا عن صخب العالم من حولي،
أحاول أن أستعيد بعضا من ذكريات الماضي البعيد،
وأجوِّل في بالي صور الحاضر، وأفكر في المستقبل الذي ينتظرني
متخيلا إياه مستقبلا مشرقا كشمس النهار في يوم صافي بالرغم من الغموض
الذي يكتنفه..!!
هذه الجلسات تكون دائما بالليل، أذهب عادة إلى شاطئ البحر
المظلم في منطقة لا تبعد كثيرا عن ميناء الصيد البحري الموجود في
ولايتي، ولكم أن تتخيلوا روعة المنظر، فأنا أفترش الرمال الناعمة
حيث أنني أحب أن أتحسس الرمل بين أصابعي، وتكون السماء
مزينة بالنجوم التي يزيد من لمعانها ظلمة المكان وبعده عن الأضواء
والمناطق السكنية، وعلى يساري بمسافة ليست ببعيدة أتمتع بمنظر
أضواء الميناء الصفراء منعكسة على صفحات المياه الهادئة.
وفي منتصف الشهر يزين البدر السماء الصافيه ويعكس صورته
البهية على صفحات الماء، مما يزيد المكان جمالا فوق جماله، والجلسة
روعة على روعتها..
وأحيانا أخرى أكتفي بالوقوف بسيارتي أمام
الطريق السريع، وأرجع مقعد السائق للخلف وأنزله قليلا وأجلس
متفكرا وأنا أتأمل السيارات تمر مسرعة، وأستمع إلى صوت الريح
أثناء مرورها.
رغم أن طفولتي كانت سعيدة حسب ظني، إلا أنني لا أستطيع أن
أتذكر إلا ومضات بسيطة منها، لا أدري لماذا، لعل تفكيري الكثير في
المستقبل، وما أعانيه من أحلام اليقظة قد طغى على ذكرياتي،
فجعلها تتلاشى رويدا رويدا، وأكثر ما أتذكره هو جلوسنا مجتمعين
حول والدي رحمه الله في ذكرى إحدى المناسبات الدينية، لا أذكر
أي مناسبة بالضبط لكنها قد تكون المولد النبوي أو الإسراء
والمعراج أو السنة الهجرية الجديدة، أو ربما في الثلاث المناسبات
مجتمعه، لنردد هذه الأنشودة الصغيرة التي أذكر منها بيتا واحدا فقط،
ولعله هو البيت الوحيد أساسا، والتي لن أنساها ماحييت، لأنها
تحمل في طياتها ذكريات عن ماضي جميل..
صلوا على أحمد يالحاضرينا.. نورٌ تشعشع فوق المدينة
نعيد تكرار هذا البيت كثيرا، وبلحن جميل جدا، ينشدها والدي
ونحن نعيدها من بعده مرارا وتكرارا وكانت والدتي تعد وجبة
(الهريس) ونقوم بتوزيعها على الجيران، وبعد ترديد الأنشودة يقوم
والدي بإعطاءنا النقود.
ولكم أن تتصورا فرحتنا الطفولية البريئة، في هذا الجو العائلي
الروحاني الممتع، ولن أنسى القصص القرآنيه التي كان والدي يقصها
علينا بعد هذه الإحتفاليه البسيطة، فقد كان والدي رحمه الله بحرا في
العلم، وكانت مكتبته تزخر بالكثير والكثير من أمهات الكتب،
والآلاف من الكتب المتنوعة في مختلف المواضيع، العلمية والأدبية والدينية،
وحتى الطبية .. وقد اقتسمها أخوتي بعد وفاته، وعفى عليها الزمن قابعة في مكتبات
مجالسهم، مهترءة ومملوءة بالغبار والأتربة..
|انتظروا صفحة أخرى من صفحات ارشيف ذاكرتي|
ودي واحترامي
The Majestic
تمر بي أوقات أحب أن أختلي بنفسي قليلا،بعيدا عن صخب العالم من حولي،
أحاول أن أستعيد بعضا من ذكريات الماضي البعيد،
وأجوِّل في بالي صور الحاضر، وأفكر في المستقبل الذي ينتظرني
متخيلا إياه مستقبلا مشرقا كشمس النهار في يوم صافي بالرغم من الغموض
الذي يكتنفه..!!
هذه الجلسات تكون دائما بالليل، أذهب عادة إلى شاطئ البحر
المظلم في منطقة لا تبعد كثيرا عن ميناء الصيد البحري الموجود في
ولايتي، ولكم أن تتخيلوا روعة المنظر، فأنا أفترش الرمال الناعمة
حيث أنني أحب أن أتحسس الرمل بين أصابعي، وتكون السماء
مزينة بالنجوم التي يزيد من لمعانها ظلمة المكان وبعده عن الأضواء
والمناطق السكنية، وعلى يساري بمسافة ليست ببعيدة أتمتع بمنظر
أضواء الميناء الصفراء منعكسة على صفحات المياه الهادئة.
وفي منتصف الشهر يزين البدر السماء الصافيه ويعكس صورته
البهية على صفحات الماء، مما يزيد المكان جمالا فوق جماله، والجلسة
روعة على روعتها..
وأحيانا أخرى أكتفي بالوقوف بسيارتي أمام
الطريق السريع، وأرجع مقعد السائق للخلف وأنزله قليلا وأجلس
متفكرا وأنا أتأمل السيارات تمر مسرعة، وأستمع إلى صوت الريح
أثناء مرورها.
رغم أن طفولتي كانت سعيدة حسب ظني، إلا أنني لا أستطيع أن
أتذكر إلا ومضات بسيطة منها، لا أدري لماذا، لعل تفكيري الكثير في
المستقبل، وما أعانيه من أحلام اليقظة قد طغى على ذكرياتي،
فجعلها تتلاشى رويدا رويدا، وأكثر ما أتذكره هو جلوسنا مجتمعين
حول والدي رحمه الله في ذكرى إحدى المناسبات الدينية، لا أذكر
أي مناسبة بالضبط لكنها قد تكون المولد النبوي أو الإسراء
والمعراج أو السنة الهجرية الجديدة، أو ربما في الثلاث المناسبات
مجتمعه، لنردد هذه الأنشودة الصغيرة التي أذكر منها بيتا واحدا فقط،
ولعله هو البيت الوحيد أساسا، والتي لن أنساها ماحييت، لأنها
تحمل في طياتها ذكريات عن ماضي جميل..
صلوا على أحمد يالحاضرينا.. نورٌ تشعشع فوق المدينة
نعيد تكرار هذا البيت كثيرا، وبلحن جميل جدا، ينشدها والدي
ونحن نعيدها من بعده مرارا وتكرارا وكانت والدتي تعد وجبة
(الهريس) ونقوم بتوزيعها على الجيران، وبعد ترديد الأنشودة يقوم
والدي بإعطاءنا النقود.
ولكم أن تتصورا فرحتنا الطفولية البريئة، في هذا الجو العائلي
الروحاني الممتع، ولن أنسى القصص القرآنيه التي كان والدي يقصها
علينا بعد هذه الإحتفاليه البسيطة، فقد كان والدي رحمه الله بحرا في
العلم، وكانت مكتبته تزخر بالكثير والكثير من أمهات الكتب،
والآلاف من الكتب المتنوعة في مختلف المواضيع، العلمية والأدبية والدينية،
وحتى الطبية .. وقد اقتسمها أخوتي بعد وفاته، وعفى عليها الزمن قابعة في مكتبات
مجالسهم، مهترءة ومملوءة بالغبار والأتربة..
|انتظروا صفحة أخرى من صفحات ارشيف ذاكرتي|
ودي واحترامي
The Majestic