السلام عليكم ورحمة الله بركاته

في هذا اليوم المبارك يوم الجمعة الثامن من رجب 1429 هـ

أدرج المدونة الأولى لي
وسأخصص مدوناتي في كل مايشدني من المقالات وما أقرأ


بعنوان : الكتاب الحقير والمعجم العقيم لـ الدكتور ميشيل حنّا

علّمنا مدرس اللغة العربية في الصف الثاني الثانوي أننا عندما نتحدث عن كتاب الوزارة نقول: الكتاب الحقير.. فكان من المشاهد المألوفة في الفصل أن يقف طالب ويستفسر عن معلومة فيقول: لو سمحت يا أستاذ.. في الكتاب الحقير بتاع الوزارة مكتوب كذا وكذا
أما عندما نتحدث عن عن المعجم الوجيز الذي يوزع على الطلاب في بداية المرحلة الثانوية فعلينا أن نقول: المعجم العقيم.. وهو معجم عقيم فعلا لأنه غير كامل.. والدليل على ذلك هو العبارة السحرية المطبوعة على غلافه.. العبارة تقول: طبعة خاصة بوزارة التربية والتعليم.. لذلك فقد حذفوا منه كل ما يمكن أن يفسد التربية ويكدّر التعليم
*******
المعاجم الحقيقية أعظم حجما وقيمة بكثير، ويمكن أن تجد بها شروحا لألفاظ تخجل من التفكير فيها فضلا عن التفوه بها.. على العكس من ذلك القاموس الإنجليزي لونجمان الذي يوزع أيضا على مستجدي المرحلة الثانوية، وهو قاموس جامع وشامل فعلا ويستحق الإحتفاظ به ووضعه في مكان لائق بالمكتبة أو فوق التليفزيون. ففيه يمكنك أن تجد معان لكثير من الشتائم التي نسمعها في الأفلام الأمريكية دون أن يتطوع أحد بشرح معناها، كما أن كل الطلبة يحفظون ماذا يوجد في الصفحة رقم 299 من القاموس. ولكي لا تتعب نفسك.. إن كنت لا تعرف.. وتبحث في صناديقك القديمة وفي السندرة، أقول لك أنها رسم لرجل وامرأة عاريين مع أسهم توضح أسماء الأجزاء المختلفة من الجسم، وهي الصورة التي أقامت عليها الدنيا إحدى الصحف صفراء اللون والعقيدة، متهمة وزارة التربية والتعليم بالإباحية وإفساد أخلاق التلاميذ، الأمر الذي يدل على قصور فكري وأخلاقي معا لدي بعض القائمين على الصحافة في مصر
*******
يقول خبراء تعليم اللغات أن أفضل الطرق لتعلم لغة هي الأغاني والشتائم (!). على أية حال فهذة الأشياء المثيرة.. هي فقط.. التي تشجع التلاميذ على البحث العلمي والتنقيب في الكتب. وانظر إلى التعبيرات السيريالية التي ترتسم على وجه أي طالب عندما تطلب منه عمل بحث.. مثلاً.. عن صناعة الأواني الفخارية في شبه جزيرة الهند قبل الميلاد، وقارن هذا بالحماس البالغ الذي يظهر عند القيام ببحث حر لأغراض لا علاقة بها بالدراسة، مثل البحث الذي قمنا به عندما أوفدنا بعض الزملاء إلى المكتبة العامة للبحث عن قصة عنتر بن شداد
قصة عنتر بن شداد كانت مقررة علينا في المدرسة في وقت ما، لكنها كانت تحمل أيضا العبارة السحرية: طبعة خاصة بوزارة التربية والتعليم.. لذلك لم نصدق أن اللقاء بين عنتر وعبلة في القصة كان باردا إلى هذا الحد. أبعد كل هذه الحرب والكر والفر والطعان والبعد والهجر واللوعة لا يكلف الكاتب نفسه فيصف حرارة اللقاء ببعض الضمير؟! وهكذا قضينا الساعات الطوال في عقد عمليات مقارنة مضنية لنكتشف أن الكاتب فعلا لم يكن ذا ضمير
*******
ما أريد أن أقول هو أن التعليم يجب أن يكون شيّقاً ليحث التلاميذ على الإقبال عليه.. فليس التعليم هو دراسة كل ما هو صعب وممل ويبعث على الغثيان ويثير الشعور بالعجز
هل هي صدفة أن تكون كل القصص التي قررت علينا في مناهج اللغة العربية ليس فيها ما يثير الشهية للقراءة؟
ألا توجد في هذا العالم قصة واحدة مشوقة تصلح للتدريس في المدارس؟
لهذا يجب ألاّ يتعجب المسئولون عن التعليم في بلادنا عندما يرون أجيالا متعاقبة لا تطيق القراءة وتكره البحث في الكتب، لأن كل مرة يمسك فيها أحدهم كتاباً ينتابه نفس الصداع الذي كان ينتابه عندما كان يحاول فك طلاسم الكتاب الحقير بتاع الوزارة.. تعرفون الآن ما هو الكتاب الحقير طبعاً