If this is your first visit, be sure to
check out the FAQ by clicking the
link above. You may have to register
before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages,
select the forum that you want to visit from the selection below.
تحليل المقامة البغداديّة
--------------------------------------------------------------
التعريف بالكاتب : هو أبو الفضل أحمد بن الحسين ، أديب عباس بهمذان سنة 358 هـ و نشأ بها ، كان خارق الذكاء متوقد الذهن ، ملما بعلوم العصر ، ترك مجموعة من المقامات تبلغ 400 و لم يصلنا منها سوى 52 مقامة قام بشرحها الشيخ محمد عبده و توفي بديع الزمان سنة 398 هـ في هراة بفارس .
--------------------------------------------------------------
المعاني :
الأزاد : أجود أنواع التمور ، و لعله يقصد به مطلق الطعام .
النقد : المسكوك من الذهب و الفضة و كنى بالجملة عن إفلاسه .
محاله : جمع محل أي أمكنة بيع الأزاد ، و يقصد بقوله : انتهز محاله : التمس الوقوف غير أنه جعل هذه المحال بمنزلة الفرص التي يغتنمها الحاذق لشدة ولعه بالأزاد .
الكرخ : الجانب الغربي من بغداد .
السوادي : الرجل المنسوب الى السواد و هي منطقة خصبة في جنوب العراق تظل مكتسية بالخضرة و يبدو لون خضرتها للناظر إليها من بعيد سوادا أو ما يقرب منه .
يطرف بالعقد إزاره : يرد طرفي الإزار على الأخر بما يعقد بينهما ، كناية عن توافر النقود في صرر ثوبه .
فقلت : أي قلت في نفسي .
أي ظفرنا بالغنيمة : أو بشخص يسهل الاحتيال عيله .
هلم : تعال .
أنسانيك : أنساني اياك .
الدمنة : الأثر القديم و يقصد به القبر .
نبت الربيع على دمنته : كناية عن قدم موته أي انه توفي منذ زمن و نبتت الأعشاب فوق قبره .
البدار : المسارعة .
الصدار : القميص .
بجمعه : جمع الكف : قبضته .
نشدتك الله لا مزقته : أستحلفك بالله ألا تمزقه .
القرم : الشهوة الى أكل اللحم خاصة ، وحمة القرم اشتداد الشهوة الى أكل اللحم .
اللقم : الأكل السريع .
العرق :ما يفرزه من دهن الشواء و دسمه بتأثير النار ، و هذا كناية عن أن اللحم سمين دسم .
الجوذابات : جمع جوذابة و هي خبز يخبز في التنور .
السماق : شجر يستخدم بذوره تابلا .
الطحن : الدقيق المطحون ، و أراد بزبدة تنوره : خير ما يشوي من اللحم في موقد ناره .
نبس : تكلم .
اللوزنيخ : نوع من الحلوى يحشى بالجوز و اللوز و ما شابههما .
أجرى في الحلوق : أمضى سيرا فيها لسهولته .
أمضى في العروق : أشد سريانا فيها من غيره من أنواع لسرعة هضمه .
ليلي العمر : صنع بالليل .
يومي النشر : مصنوع ليومه .
قال : المقصود به عيسى بن هشام .
جرد : شمر عن ساعده .
يشعشع : يمزج .
الصارة : العطش . و يقمع الصارة : يقهرها و يدفعها .
يفثأ : يسكنها ، و يكسر حدة حرارتها .
اهتلق الشواء بازاره : تعلق بثيابه .
هاك : خذ من اللكم و اللطم .
القحة : الوقاحة ، وزن عشرين أي أعط زنة عشرين درهما .
عقده : عقد كيس نقوده .
القريد : تصغير قرد ، و المقصود به عيسى بن هشام .
أله : حيلة ،وسيلة .
أعمل لرزقك كل أله لا تقعدن بذل حاله
و انهض بكل عزيمة فالمرء يعجز لا محاله
معنى البيت : انهض الى السعي في سبيل الرزق بكل ما تملكه من عزيمة قبل أن يدركك العجز و يحوطك الحرمان .
-------------------------------------------------------------
الفكرة العامّة: احتيال عيسى بن هشام على السواديّ وطرائق إيقاعه به.
خصائص المجتمع العربي في القرن الرابع الهجري :
- سوء الحالة الاقتصادية و انتشار الكساد التجاري .
- انتشار الفقر أدى الى ظهور الكدية و الحيلة .
- فقد الأدباء المكانة التي كانت ممنوحة لهم من قبل الأمراء و الخلفاء .
- وجود نخبة من المتمكنين في اللغة .
وحدات النصّ:
أوّلا- من حيث السرد
1- من بداية النصّ إلى " بالعقد إزاره " ( التقاء عيسى بن هشام بالسواديّ ).
2- من " فقلتُ: ظفرنا " إلى " بشربة ما " ( ألوان التحيّل المعتمدة للإيقاع بالسواديّ ).
3- من " ثمّ خرجتُ " إلى نهاية النصّ . ( الإيقاع بالسواديّ ).
ثانيا – تقسيم النص من حيث المشاهد
1- المشهد الأوّل: من البداية إلى وطعامه أطيب ( تعرّف بان هشام على السواديّ ).(الرواية)
2- المشهد الثانيّ: من " استفزّته " إلى " شربة ما " ( ابن هشام و السوادي يأكلان الأزاد ). ( تعمل على كسب ثقة السوداي و الثاني الإيقاع بالسوادي) (استفزته ، عطفته ،طمع)
3- المشهد الثالث: من " ثمّ خرجتُ " لآخر النصّ ( الشوّاء متعلّق بإزار السواديّ ).
التحليل:
1- الرواية:
• راوٍ مجهول: يُسند إليه الحديث في بداية المقامة " نون الجماعة " في قوله " حدّثنا " وهو علامة على كون المقامة رواية تروى في مجلس.
• راوٍ معلوم: ( عيسى بن هشام ) وهو مَنْ قام بسرد الرواية " فخرجتُ أنتهز محالّه " و " فإذا أنا بسواديّ يسوق.
2- الشخصيّات: ( ابن هشام (تقمص دورين) – السواديّ (موضوع حديث الراوي فإذا أنا بسوادي– الشوّاء ).
- عيسى بن هشام:
• دور الراوي: يالانخراط في سرد الأحداث التي تحدّد سمات شخصيّات المقامة.(يسوق)
• دور البطل: المشارك في الأحداث، الذي يستعين به الكاتب لطرح أفكاره و قضاياه و بيان ماجد في بيئة القرن الرابع الهجري من تحول القيم .
• ترمز شخصيّة بان هشام إلى انقلاب القيم وتدهورها في مجتمع القرن الرابع الهجري؛ إذا أصبحت الكدية والاحتيال وسيلة للاسترزاق.
- السودايّ: ترمز شخصيّته إلى القيم الأصيلة ( طيبة النفس وسلامة القلب .. ).
الأفعال و الأقوال : الأفعال : مساعدة على تحقيق الرغبة في الأكل (اشتهيت الأزاد خرجت انتهز ، دافعان قويان في الحصول على الأكل ، أما الأحوال : معرقلة لتحقيق الرغبة المكان ، و هو من مستلزمات الحكاية ، اختيار المكان الواقعي يجل على رغبة الكاتب في معالجة قضايا مجتمعه .
3- المكان:
يتّسم اختيار مكان الحكاية بالواقعيّة " وأنا ببغداد " و " حتّى أحلّني الكرخ " الأمر الذي يعكس رغبة الكاتب في معالجة قضايا مجتمعه، وفي تصوير تناقضاته في تلك الفترة.
4- الحوار:
• الحوار الباطني: " فقلتُ: ظفرنا و الله بصيد ".
• الحوار الثنائيّ: بين ابن هشام و السواديّ، فقلتُ... فقال.. .
وظائف الحوار:
شخصيّة ابن هشام من خلال أقوالها:
• تقديم الشخصيات .
• شخصية عيسى بن هشام من خلال أقوالها (ظفرنا و الله بصيد)الخبرة بأصناف الناس ونفسيّاتهم – إضمار التحايل والابتزاز .
• إظهار التودّد للسودايّ كسبا لثقته: " حيّاك الله أبا زيد " و " هلمّ إلى البيت ".
• البديهة وسرعة التكيّف مع الموقف : " لعن الله الشيطان، وأبعدَ النسيان ".
• الإدّعاء والتظاهر : " مددتُ يدي البدار إلى الصدار أريد تمزيقه ".
• الفطنة والذكاء في استخدام الحجج لإقناع السواديّ و تكيف مع الموقف : " هلمّ إلى البيت... والسوق أقرب، وطعامه أطيب ".
شخصيّة السواديّ من خلال أقوالها:
• السذاجة والتلقائيّة: " لستُ بأبي زيد ولكنّي أبو عبيد ".
• الطيبة وحسن الخلق: " أرجو أن يصيّره الله إلى جنّته " و " نشدتُكَ الله لا مزّقته ".
علاقة عيسى ن هشام بالسوادي : ترمز شخصيتا عيسى بن هشام بالسوادي الى نموذجية :
النموذج الأول : عيسى بن هشام رمز لانقلاب القيم و تدهورها في مجتمع القرن الرابع الهجري اذا أصبحت الكدية وسيلة التحليل و الارتزاق .
نموذج السوادي : رمز القيم الأصلية (طيبة النفس و سلامة القلب).
5- الوصف:
وسائل الوصف المعتمدة:
- الجمل الفعليّة : " يتقاطر شواؤه عرقا " ، " يذوب كالصمغ قبل المضغ ".
- الجمل الاسميّة : " فهو أجرى في الحلوق ".
- الصفات : " رقيق القشر، كثيف الحشو ".
- التشابيه: " كالكحل سحقا، وكالطحن دقّا ".
مشهد الثاني :
يركز الكاتب في هذا المشهد على السرد الذي يتميز بالخصائص التالية :
- سرد خطي يسهم في دفع الأحداث نحو نهايتها (الشواء).
- سرد يتخلله وصف مكثف ، دقيق (الأكل).
العناصر الموصوفة : الشواء ، زبدة ، اللوزينخ ، الماء .
وظيفة الوصف:
1- إثارة شهيّة السواديّ. 2- وصف المأكولات يعكس مظاهر التمدّن التي شهدتها الحضارة العربيّة الإسلاميّة، كما يعكس مظاهر الترف والبذخ في مجتمع الهمذاني.
الوحدة الثالثة : انطلاء الحيلة على السوادي .
بداية التأزم : انعدام التواصل ( و لا نسب و لا بنت).
(قمة)ذروة التأزم : خرجت و جلست بحيث لا أراه و لا يراني .
(نهاية)حل الأزمة : قام السوادي الى حماره ، فاعتلق الشواء بإزاره ، فلكمه لكمة ، فجعل السوادي يبكي ، و يحل عقده بأسنانه.
تنظيم الحوار : خصائصه : حوار ثنائي بين الشواء و السوادي ، و ساهم الحوار في كشف شخصية السوادي على حقيقتها و هي السذاجة و البساطة .
الوسائل المستخدمة في المشهد المضحك : الصور الكاريكاتورية :
صورة اعتلاق الشواء بإزار السوادي، صورة الشواء يلكم السوادي ، صورة السوادي و هو يبكي ، و يحل عقده بأسنانه.
أبعاد المقامة المضمونيّة: ( السخرية وسيلة الكاتب لنقد حقيقة ما يجري في المجتمع العربي في القرن الرابع عشر).
- البعدُ الاجتماعي: تدهور القيم وانقلابها في مجتمع القرن الرابع الهجري.
- البعدُ الحضاريّ: التحوّلات الحضاريّة التي عرفها المجتمع العربيّ في القرن الرابع الهجريّ: أصناف المأكولات .. الترف والبذخ.
- البعدُ الثقافيّ: وضعيّة المثقّف في القرن الرابع الهجري ( وعيه بالأزمة الجتمعيّة ).
البعد الفنّي للمقامة:
تتضمّن المقامة فوائد في اللّغة والبيان، ووسائل التعبير الفنّـيّة وطرائقه.
أعطيتك الكثير .. لأنك تسكن روحي ، وتسافر معها .. فماذا أعطيتني !!؟
فقط هو الشقـاء
.. الــروح .. سفر آخر !!
حدثنا عيسى بن هشام قال : اشتهيت الأزاد وأنا ببغداد , وليس معي عقد على نقد فخرجت أنتهز محاله , حتى أحلني الكرخ . فإذا انا بسوادي يسوق بالجهد حماره ويطرف بالعقد إزاره .
فقلت : ( ظفرنا - والله بصيد وحياك الله أبا زيد . من أين أقبلت؟ وأين نزلت؟ ومتى وافيت؟ وهلم إلى البيت ).
فقال السوادي : ( لست بأبي زيد لكني أبو عبيد ).
فقلت : ( نعم لعن الله الشيطان , وأبعد النسيان , أنسانيك طول العهد , واتصال البعد , فكيف حال أبيك؟ أشاب كعهدي , أم شاب بعدي؟ ).
فقال : ( قد نبت الربيع على دمنته , وأرجو ان يصيره الله إلى جنته ).
فقلت : ( إنا لله وإنا إليه راجعون , ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم ) . ومددت يد البدار إلى الصدار أريد تمزيقه , فقبض السوادي على خصري يجمعه وقال : ( نشدتك الله لا مزقته ) .
فقلت : ( هلم إلى البيت نصيب غداء أو إلى السوق نشتر شواء . والسوق أقرب . وطعامه أطيب ) .
فاستفزته حمة القرم , وعطفته عاطفة اللقم , وطمع ولم يعلم أنه وقع .
ثم أتينا شواء يتقاطر شواؤه عرقًا وتتسايل جوذاباته مرقا , فقلت : افرز لأبي زيد من هذا الشواء , ثم زن له من تلك الأطباق وانضد عليها أوراق الرقاق , ورش عليه شيئًا من ماء السماق , ليأكله أبو زيد هنيئًا , فانحنى الشواء بساطوره , على زبدة تنوره , فجعلها كالكحل سحقًا وكالطحن دقًا , ثم جلس وجلست , ولا نبس ولا نبست , حتى استوفيناه . وقلت لصاحب الحلوى : ( زن لأبي زيد من اللوزينج رطلين , فهو أجرى في الجلوق , وأمضى في العروق . وليكن ليلى العمر , يومي النشر رقيق القشر , كثيف الحشو , لؤلؤي الدهن , كوكبي اللون , يذوب كالصمغ قبل المضغ , ليأكله أبو زيد هنيئًا ) .
قال : فوزنه , ثم قعد وقعدت , وجرد وجردت حتى استوفيناه , ثم قلت : ( يا أبا زيد ما أحوجنا إلى ماء يشعشع بالثلج , ليقمع هذه الصاره ويفثأ هذه اللقم الحاره . اجلس يا ابا زيد حتى نأتيك بسقاء , يأتيك بشربة ماء) .
ثم خرجت وجلستبحيث أراه ولا يراني , أنظر مايصنع , فلما أبطأت عليه قام السوادي إلى حماره , فاعتلق الشواء بإزاره وقال : ( أين ثمن ما أكلت؟ ) فقال: ( أكلته ضيفًا ).
فلكمه لكمة , وثنى عليه بلطمه , ثم قال الشواء : هاك ومتى دعوناك؟ زن يا أخى القحة عشرين فجعل السوادي يبكي ويحل عقده بأسنانه , ويقول: ( كم قلت لذاك القريد أنا أبو عبيد , وهو يقول انت ابو زيد ). فأنشدت :-
أعمل لرزقك كل آله ----- لا تقعدن بذل حالــه
وانهض بكل عزيمــة ----- فالمرء يعجر لامحاله
أعطيتك الكثير .. لأنك تسكن روحي ، وتسافر معها .. فماذا أعطيتني !!؟
فقط هو الشقـاء
.. الــروح .. سفر آخر !!
تعليق