سبورة الفصل هي الوسيلة التعليمية الوحيدة التي يحق لنا ان نطلق عليها
(عميدة الوسائل التعليمية), إذ إنها احتلت موقعها في الفصل منذ أن وجد
الفصل الدراسي بشكله الحالي , ولم يعقها في وظيفة عرض ما يكتب سوى
النقوش والكتابات الأثرية على الصخور ووسائل الكتابة التي استخدمها القدماء
في بداياتهم الأولى.
إن ما تتعرض له السبورة اليوم من إهمال وسوء استعمال من قبلنا نحن المعلمين
يدخلنا في منافسة غير متكافئة مع وسائل العرض الأخرى مثل التلفاز والكمبيوتر
مما يحرم طلابنا من اكتساب خبرات ومعلومات ومهارات وقيم تعجز وسائل العرض
الأخرى عن نقلها وتوصيلها.
إن أسئلة مثل :
1-كم من معلمينا يحسن توظيف هذه المساحة التي تعتبر مسرحاً له طوال 45 دقيقة التي
هي زمن الحصة؟
2-ثم هل نستطيع أن نجزم أن الطالب لا يقارن أسلوب عرض معلمه على السبورة وما يراه
معروضاً شاشة تلفازه أو حاسبه من حيث النظام والوضوح واستغلال المساحات استغلالاً
وظيفياً؟
3-هل يتأثر الطالب سلباً أو إيجاباً بأسلوب وطريقة عرض معلمه لدرسه على السبورة من حيث
الخط وصحة الكتابة الإملائية والنحوية وطريقة تشكيل الحروف عربية أم إنجليزية؟
4-ثم هل يقبل المعلم بأن تكون صفحة دفتر تلميذه (صورة طبق الأصل ) لسبورته, بل وماذا
يكون رأي الطلاب إذا استطلعنا هم في معلم لا يتعامل مع السبورة حتى ولو بكتابة البسملة والتأريخ؟
لقد اكتشف التلاميذ عذرا (ماكرا) حين تضبط بعض الأخطاء في ملخصاتهم المنقولة, وذاك
بقولهم ((نقلناها هكذا من على السبورة )) وكأن السبورة هي التي تكتب على نفسها!
لو نظرنا إلى قائمة العلوم والمعارف والمهارات التي نود نقلها لتلاميذنا في بواكير صفوفنا
الدراسية , نلاحظ أن عشر مهارات من جملة عشرين مهارة تستلزم تعامل المعلم المباشر مع
السبورة لا بصورة عشوائية , بل بأسلوب مخطط له ومرصود بدقة تصل إلى حد الإتقان
وإلا فإن دائرة التواصل المعرفي المهاري ستتعثر إن لم تنقطع , وهذه المهارات هي:
-التمييز بين الحروف بأشكالها وأوضاعها المختلفة.
- التمييز بين الحروف قراءة وكتابة.
- تحليل الكلمة إلى حروف
-التمييز بين أشكال التنوين قراءة وكتابة.
- التمييز بين المد بالألف والياء والواو.
- التمييز بين(ا ل) القمرية والشمسية.
-معرفة الشدة بأنواعها.
-إكمال الحرف الناقص في الكلمة.
- التمييز نطقا وكتابة بين الحروف المتقاربة الأشكال والأصوات .
-كتابة التاء المختومة المفتوحة.
إن إيصال هذه المهارات إلى التلاميذ في الصفوف الأولى بمستوى يمكنهم من تملك المعلومة وإتقان المهارة
وتمثل القيمة هو المحك الحقيقي لأمانة المعلم العلمية والتزامه الخلقي تجاه تلميذ يضع أولى خطولته على سلم المعرفة.
التدريس عملية اجتماعية تتكون من مجموعة من الأنشطة والإجراءات التي يتم خلالها نقل مادة التعليم
(الرسالة) التي يقوم بها المدرس(المرسل) وتبدأ أثارها ونتائجها على التلميذ من خلال أسلوب ووسيلة نقلها
وهي السبورة , فالتلميذ الذي يجلس الساعات الطوال أمام أفلام الرسوم المتحركة و((أفتح يا سمسم))
تشده بألوانها ورسوماتها وحركتها لابد أ، يمل في أقصر وقت أمام سبورة لا حراك فيها ولا لون.
وإذا كان التدريس علما مكتسبا إلى حد بعيد , وأن اكتساب مهاراته يحتاج إلى استعدادات فطرية لدى
الذي يختار هذه المهنة , فالواجب أن تتضمن برامج الإعداد له الكثير من الفعاليات التي تجعل مما يقدمه
لتلاميذه (وبأقل) الوسائل ونعني السبورة عملا ذا قيمة عالية فيه الكثير مما نود ترسيخه في عقول الناشئة.
إننا وفي ختام هذا العرض الموجز عن (سبورة الفصل) عميدة الوسائل التعليمية نوجز ما يمكن أن تنقله
للتلاميذ من قيم ومهارات ومعارف إذا ما أحسن المعلم إدارتها وأمتلك مسبقا ما يمكن أن ينقله عبرها:
-جمال الخط:
إن المعلم الذي يمتلك هذه الموهبة ويعمل على تطويرها ونموها وتوظيفها في خدمة درسه وطلابه لا شك أن أول ما ينقله إليهم هو الإحساس بالجمال , مما يدفعهم إلى الارتياح النفسي والتأمل والتفكير والمتابعة والتقليد . ومن شابه معلمه فما ظلم.
-النظام والتنظيم :
يعتبر النظام والتنظيم مهارة وقيمة تكتسب وتنقل من شخص إلى آخر , فالمعلم الذي ينظم سبورته أمام طلابه يدفعهم بالتقليد والمحاكاة إلى تنظيم المعلومات في دفاترهم
وأن أولى خطوات التنظيم أن يحدد المعلم مسبقا المساحة التي يود شغلها في أثناء حصته حسب خطة
درسه بدلا من أن يشغل كل السبورة ببضع جمل كان يمكن أن تكتب في مساحة اقل .
-الكتابة الإملائية الصحيحة:
إن تعلم الكتابة الصحيحة لا يتم فقط بحفظ قواعد الإملاء , فالعين كحاسة تنقل الشكل الصحيح للأشياء يستقر في العقل , ولذلك يصبح لزاما على المعلم وهو يكتب على السبورة أن يلفت نظر طلابه إلى الكلمات ذات الهجاء الصعب وأن يشركهم في ذلك.
-توزيع الألوان حسب أهمية المعلومة :
على المعلم حين يريد من طلابه أن يركزوا على معلومة أساسية , أو قانون علمي أو فاعل في نص نحوي أن يكتب ذلك بلون مغاير حتى يفعل الطلاب ذات الشيء فتصبح لغة الألوان لغة أخرى مفهومة بين المعلم وطلابه .
-المتابعة وشد الانتباه :
يفتخر الطلاب حين يسجل المعلم جملهم التي يملونها عليه وهو يأخذ منهم ملخصا على السبورة
إن هذه العملية إلى جانب ما تفرزه من متابعة وشد للانتباه عند الطلاب بإحساس معنوي بأنهم
ينتجون ويتطورون لا مجرد متلقين مشاهدين.
-ضبط زمن الحصة :
قليل من المعلمين هم أولئك الذين يحولون خطوات تحضيرهم إلى حصص زمنية , بحيث ينتهي الطلاب
من نقل ما يكتبه المعلم على السبورة في دفاترهم قبل أن يدق جرس نهاية الحصة بدقيقة أو بدقيقتين, إننا لو حاولنا أن نحصي ما نفقده من زمن بين نهاية حصة وبداية حصة أخرى , ويستغرقه الطلاب في نقل ما على السبورة وإعادة دفاترهم إلى حقائبهم وإخراج دفاتر الحصة الجديدة وتحرك العريف لنظافة السبورة , لوجدناه لا يقل عن سبع أو ثماني دقائق وهو دون شك مخصوم من حصة المعلم الآخر, إننا كثيرا ما نسمع من الطلاب كلمات مثل (لا تمسح إننا لم ننقل بعد)
ختاما نقول إن حسن إدارة السبورة من حسن إدارة الحصة , وان سبورة المعلم خير عنوان له وهو يقف أمام طلابه .
تعليق