ندوة التحكيم التجاري تدعو إلى توحيد القواعد والمبادئ القانونية المنظمة بدول المجلس والإسراع في إصدار القانون المدني
الثلثاء, 16 مارس 2010
#attachments { display: none; } أكدت على أهمية إنشاء مركز للتحكيم في السلطنة لضمان جلب الاستثمارات الأجنبية
تغطية : أحمد بن علي الذهلي
افتتح معالي محمد بن علي بن ناصر العلوي وزير الشؤون القانونية صباح امس ندوة (التحكيم التجاري في سلطنة عمان) وذلك بغرفة تجارة وصناعة عمان وبمشاركة عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة وعدد من المحامين والخبراء والمحكمين من داخل وخارج السلطنة.
واكد سعادة خليل بن عبدالله الخنجي رئيس مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة عمان ان التحكيم يعد احد ابرز الانظمة الرائجة والشائعة وذات الفاعلية المتزايدة لتسوية المنازعات لا سيما التجارية والاستثمارية التي تمثل النسبة الأكبر من القضايا المعروضة على مراكز التحكيم نتيجة لتزايد الأنشطة الاستثمارية وتشابك المصالح التجارية والاقتصادية بين دول العالم ومؤسسات وشركات القطاع الخاص مشيرا الى ان التحكيم بدأ كنظام فعال لتسوية المنازعات يحظى باهتمام كبير في السلطنة خلال الفترة القريبة الماضية سواء من جانب الجهات ذات العلاقة في الحكومة او من الأفراد كمستثمرين في المؤسسات والشركات باعتبار ان التحكيم يشكل ضمانة لتدفق الاستثمار.
دعم مركز التحكيم التجاري
وقال سعادته: اننا في غرفة تجارة وصناعة عمان ابدينا اهتمامنا بجانب التحكيم التجاري عبر دعم مركز التحكيم التجاري الخليجي وتبني مبادرة انشاء مركز للتحكيم في السلطنة استنادا الى الفقرة ( هـ ) من المادة ( 5 ) من المرسوم السلطاني الصادر بقانون الغرفة رقم ( 22 / 2007 ) والمعدل بالمرسوم السلطاني رقم ( 69 / 2007 ) التي تشير ضمن اختصاصات الغرفة الى تسوية المنازعات عن طريق المصالحة والتحكيم وموافقة مجلس ادارة الغرفة على تأسيس المركز ليقوم بدور فاعل في نشر قواعد ومبادئ التحكيم وتوجيه القطاع الخاص للاستفادة مما يوفره من مزايا كالسرية والحيادية والاستقلالية والتخصص.
تشجيع الاستثمار والتجارة
واشار رئيس مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة عمان في كلمته الى أن الندوة التي يشارك فيها الخبراء والمتخصصون والمهتمون تطرح كيفية تطوير التحكيم في السلطنة وتشجيع الاستثمار والتجارة.
6 محاضرات
بعد ذلك بدأت فعاليات الندوة التي اشتملت على 6 محاضرات ففي الجلسة الافتتاحية ألقى د. عبدالحميد الأحدب محاضرة بعنوان «أهمية التحكيم التجاري في حل المنازعات» والذي تناول الموضوع من زاويتين ،الأولى تحدث خلالها عن التحكيم والاستثمارات من خلال اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى (الإكسيد) ICSID اما الزاوية الثانية فكانت حول التحكيم التجاري الدولي والمشاكل العملية ووسائل حلها.
وأشار المحاضر خلال حديثة الى الإطار القانوني لاتفاقية حل النزاعات المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية ومميزاتها مؤكدا ان ازمة الثقة بالتحكيم الأجنبي نشأت من: التعارض الحاصل بين البلدان التي هي على طريق النمو والمحتاجة الى العون الخارجي، ولاسيما الى الاستثمارات الخاصة والهادفة الى تحقيق مشاريعها التنموية، التعارض ما بين هذه الدول النامية وما بين المستثمرين الأجانب القلقين على استثماراتهم والحريصين على ألا يعرضوا انفسهم الى مخاطر غير تجارية ناتجة عن تدابير تشريعية سياسية وادارية قد تعمد تلك البلدان الى اتخاذها.
الأمر الثاني ان البلاد التي هي في طريق النمو تعتبر ان العدالة تقتضي ان تكون من اعمال الدولة وانه يقتضي الا تعامل هذه البلاد على انها عاجزة عن القيام بأمثال هذه المهام، وهي لا تقبل ان تعطي للمستثمرين حق اتخاذ اجراءات ضدها لدى المراجع القضائية التابعة لبلدان اخرى، ولاسيما لدى قضاء المستثمرين الأجانب او لدى مراجع قضائية دولية.
الاطار القانوني
ثم انتقل للحديث عن الاطار القانوني لحل النزاعات المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية: المركز الدولي لحل النزاعات المتعلقة بالاستثمار (ICSID) موضحا ان حذر العالم الثالث من الاستثمار الأجنبي واشكاله قد اخذ بالتراجع بسبب حاجاته الكبيرة للاستثمارات الأجنبية بأشكالها كافة، سواء ما كان منها اقتصادياً او تقنياً وبسبب الوعي الذي لدى الشعوب المختلفة لحاجاتها المتبادلة في ما بينها، خاصة على الصعيد الاقتصادي والتي اقتضت حلولاً قانونية.
واضاف : ان تشريعات جديدة قد ابصرت النور مشجعة هذه الاستثمارات الأجنبية، وداعية اياها الى المجالات التي تحتاجها بلدانها. فأخذ يوجد في كل دولة "قانون لحركة الاستثمار الأجنبي" بحيث اصبح هذا الاستثمار مسموحا به في القطاعات التي يحتاجها اقتصاد البلاد. ولا يكون الاستثمار المطلوب مؤلفاً من رأسمالية فقط، بل ايضاً من خبرات تقنية ومن اصول المعرفة الاستثمارية.
تطور التحكيم في السلطنة
وفي الجلسة الثانية ألقى د. عبدالله بن محمد السعيدي محاضرة حول تطور التحكيم في السلطنة متطرقا الى المراحل التي مر بها التحكيم موضحا انه بدأ تقنين التحكيم في سلطنة عمان سنة 1984 وذلك بصدور المرسوم السلطاني رقم 32/84 الخاص بنظام نظر الدعاوى وطلبات التحكيم أمام هيئة حسم المنازعات التجارية. حيث افرد هذا المرسوم فصلاً كاملاً للتحكيم وتحديداً "الفصل الثاني" المواد من 59 ولغاية 68.
واضاف: المشرع العماني خطا بالتحكيم خطوة متقدمة للأمام رغم أنه غلب على هذه الفترة ما يمكن تسميته بالطابع القضائي للتحكيم، حيث كانت هيئة حسم المنازعات التجارية خلال تلك الفترة هي المهيمنة على التحكيم. وقد جاء بصريح النص على اختصاص الهيئة بالتحكيم بين أطراف الخصومة الذين يختارون التحكيم كوسيلة لفض نزاعهم، أضف إلى ذلك أنه كان وجوباً وفقاً لهذا النظام أن يرأس أي تحكيم أحد قضاة الهيئة.
ورغم الطابع القضائي للتحكيم خلال تلك الفترة، إلا أنه يمكن القول أن هذا النظام وضع حجر الأساس لمسيرة التحكيم بشكله الحديث في السلطنة، حيث شهدت تلك الفترة صدورعدد لا بأس به من قرارات التحكيم، كما قامت هيئة حسم المنازعات بالدور المنوط بها في هذا المجال خلال تلك الفترة.
واضاف : ثم اكتمل عقد نظام التحكيم في السلطنة بصدور قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية بموجب المرسوم السلطاني رقم 47/97 الذي صدر بتاريخ 28 يونيو سنة 1997 وقد نص في المادة الثالثة من مرسوم إصدار هذا القانون على إلغاء ما يخالف أحكام هذا القانون. وبذلك يكون هذا القانون هو الواجب التطبيق بعد ذلك.
وهذا القانون مأخوذ عن القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي وضعته لجنة القانون التجاري الدولي في الأمم المتحدة (الأونسترال).
وقال: رغم صدور قانون التحكيم في سلطنة عمان منذ مدة، إلا أنه يمكن القول أنه من حيث الواقع العملي لا يزال التحكيم في السلطنة لم يشهد ذلك التطور والانتشار المطلوب، وربما يعود ذلك إلى أسباب عدة، من أهمها:-عدم وجود وعي عام لدى المجتمع بأهمية التحكيم ومزاياه كونه وسيلة ناجعة لفض المنازعات بما يتميز به من مزايا عديدة مثل، سرعة الفصل في النزاع، والتخصص، والسرية، وحرية الأطراف في اختيار المحكمين والقوانين المتعلقة بموضوع النزاع.
واضاف: هناك اعتقاد لدى الكثير أن مهمة المحكم المعين من قبل أحد أطراف النزاع هو الدفاع عن مصلحة الطرف الذي عينه، وليس الفصل في موضوع النزاع بما يراه عدلاً مثله مثل القاضي وعدم إدراك أو تناسي بعض المحكمين المعينين لمهمتهم الأساسية.
وفي الجلسة الثالثة تحدث فضيلة القاضي موسى بن سالم العزري رئيس المحكمة الابتدائية بولاية بدبد عن دور القضاء العماني في دعم التحكيم عقب ذلك قدم ديفيد بال محاضرة عن تنفيذ احكام التحكيم من واقع التجربة العمانية .
اما الجلسة الرابعة والأخيرة اشتملت على ورقتي عمل الأولى حو التحكيم التجاري وتجربة مركز التحكيم لدول مجلس التعاون الخليجي قدمها د. ناصر غنيم الزيد امين عام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون والذي قال : لقد أصبح التحكيم التجاري واقعاً حقيقياً ومرادفاً لكل نشاط اقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي. فمع تنامي العلاقات التجارية في المجتمعات الخليجية جراء التطور المطرد للبنية الاقتصادية والمالية، أصبحت الحاجة ماسة إلى وسائل أخرى غير تقليدية لفض المنازعات التجارية تتماشى مع حجم هذا التطور من جهة ومن جهة أخرى تتفاعل مع المستجدات الكثيرة على صعيد التجارة الدولية التي تشكل المنطقة جزء منها.
واضاف :بدأت شبكة العلاقات التجارية والمالية بدول المجلس بالتوسع والتشابك إقليميا ودوليا ، حيث كان لتنامي أحجام التجارة الخارجية مع دول العالم وتنامي التجارة البينية بين دول المجلس وزيادة الاستثمارات فيها اثر كبير في بروز دور التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التجارية. وقد ساعدت التوجهات المستقبلية للخصخصة بدول المجلس من خلال إعطاء القطاع الخاص دورا اكبر في التنمية الاقتصادية، ساعدت ذلك في إعطاء زخم اكبر لدور التحكيم المنظم. لذلك كان لابد من إيجاد صيغة عملية مناسبة لفض المنازعات التجارية على المستوى الإقليمي تتناسب مع حجم هذا التطور وتتماشى مع تطلعات دول المجلس نحو مزيد من التقارب والتكامل لذا انشىء مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية . وقال: إن تعدد هذه المراكز يعكس من جانب اهتماما متزايداً بالتحكيم المؤسسي في دول المجلس ورغبة بعض الغرف التجارية تقديم خدمات التحكيم لأعضائها وهذا في حد ذاته ظاهرة إيجابية خاصة من زاوية إعطاء مستخدمي التحكيم والجهات المهتمة بخدمات التحكيم ميزة حرية الاختيار بين كل هذه المؤسسات.
ولكن من المؤسف من ناحية ثانية أن وجود هذا الكم الكبير لمراكز التحكيم في منطقة جغرافية محدودة يخلق الكثير من الازدواجية في العمل ويحمل الغرف ميزانيات إضافية يمكن توفيرها و توفير الجهد أيضاً لو تم التركيز على مركز تحكيم إقليمي واحد يخدم دول المنطقة مثل مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي الذي وجد لهذا الغرض. كما أن حجم القضايا المتواضع نسبيا لا يبرر وجود هذا العدد الهائل من المراكز التي تعرض عليها سنوياً بعض القضايا وجلها قضايا محلية. بينما تستأثر مراكز التحكيم الدولية مثل المحكمة الدولية لغرفة التجارة الدولية الـــ ICC ومحكمة لندن ومركز القاهرة الإقليمي وغيرها بالنصيب الأكبر من التحكيمات الدولية التي أطرافها من دول المجلس.
10 توصيات
ثمنت ندوة التحكيم التجاري في السلطنة التي نظمتها غرفة تجارة وصناعة عمان قرار الغرفة الذي يقضي بانشاء مركز للتحكيم في السلطنة داعية جميع الجهات الى تكاتف جهودها لدعم وانجاح هذا المشروع لما يمثله من أهمية في ترسيخ مبادئ التحكيم.
جاء ذلك في التوصيات التي خرجت بها الندوة التي اختتمت أعمالها في وقت سابق.
وأكدت الندوة في ختام اعمالها إنشاء مركز للتحكيم في السلطنة من شأنه أن يشكل دعامة أساسية لضمان وحماية وجلب الاستثمارات الأجنبية الى السلطنة مؤكدة على أهمية تضمين شرط التحكيم في كافة العقود التجارية سواء في القطاع العام أو الخاص.
كما أكدت كذلك على أهمية توحيد القواعد والمبادئ القانونية المنظمة للتحكيم على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بما يتوافق مع القواعد الدولية في مجال التحكيم قائلة ان هناك ضرورة لتكثيف نشر ثقافة وفكر التحكيم بين أصحاب وصاحبات الأعمال والتبصير بأهميته في حل المنازعات من خلال عقد المؤتمرات والندوات وحلقات العمل المتخصصة.
وأكدت الندوة أيضا على أهمية الاستفادة من إمكانيات وقدرات مؤسسات التحكيم الاقليمية والدولية في تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية وأوصت بضرورة تفعيل تبادل المعلومات والنشرات الدورية بين مختلف مراكز التحكيم الخليجية والعربية مشددة على أهمية تجميع قواعد ومبادئ أحكام التحكيم ونشرها بشكل سنوي وتوفيرها للباحثين والمهتمين بالتحكيم بصفة عامة.
كما أوصت الندوة بضرورة قيام الجهات المختصة بالإسراع في إصدار القانون المدني باعتباره يوفر بيئة مواتية للتحكيم وتدريس مادة التحكيم في كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس
المصدر: جريدة الوطن
الثلثاء, 16 مارس 2010
#attachments { display: none; } أكدت على أهمية إنشاء مركز للتحكيم في السلطنة لضمان جلب الاستثمارات الأجنبية
تغطية : أحمد بن علي الذهلي
افتتح معالي محمد بن علي بن ناصر العلوي وزير الشؤون القانونية صباح امس ندوة (التحكيم التجاري في سلطنة عمان) وذلك بغرفة تجارة وصناعة عمان وبمشاركة عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة وعدد من المحامين والخبراء والمحكمين من داخل وخارج السلطنة.
واكد سعادة خليل بن عبدالله الخنجي رئيس مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة عمان ان التحكيم يعد احد ابرز الانظمة الرائجة والشائعة وذات الفاعلية المتزايدة لتسوية المنازعات لا سيما التجارية والاستثمارية التي تمثل النسبة الأكبر من القضايا المعروضة على مراكز التحكيم نتيجة لتزايد الأنشطة الاستثمارية وتشابك المصالح التجارية والاقتصادية بين دول العالم ومؤسسات وشركات القطاع الخاص مشيرا الى ان التحكيم بدأ كنظام فعال لتسوية المنازعات يحظى باهتمام كبير في السلطنة خلال الفترة القريبة الماضية سواء من جانب الجهات ذات العلاقة في الحكومة او من الأفراد كمستثمرين في المؤسسات والشركات باعتبار ان التحكيم يشكل ضمانة لتدفق الاستثمار.
دعم مركز التحكيم التجاري
وقال سعادته: اننا في غرفة تجارة وصناعة عمان ابدينا اهتمامنا بجانب التحكيم التجاري عبر دعم مركز التحكيم التجاري الخليجي وتبني مبادرة انشاء مركز للتحكيم في السلطنة استنادا الى الفقرة ( هـ ) من المادة ( 5 ) من المرسوم السلطاني الصادر بقانون الغرفة رقم ( 22 / 2007 ) والمعدل بالمرسوم السلطاني رقم ( 69 / 2007 ) التي تشير ضمن اختصاصات الغرفة الى تسوية المنازعات عن طريق المصالحة والتحكيم وموافقة مجلس ادارة الغرفة على تأسيس المركز ليقوم بدور فاعل في نشر قواعد ومبادئ التحكيم وتوجيه القطاع الخاص للاستفادة مما يوفره من مزايا كالسرية والحيادية والاستقلالية والتخصص.
تشجيع الاستثمار والتجارة
واشار رئيس مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة عمان في كلمته الى أن الندوة التي يشارك فيها الخبراء والمتخصصون والمهتمون تطرح كيفية تطوير التحكيم في السلطنة وتشجيع الاستثمار والتجارة.
6 محاضرات
بعد ذلك بدأت فعاليات الندوة التي اشتملت على 6 محاضرات ففي الجلسة الافتتاحية ألقى د. عبدالحميد الأحدب محاضرة بعنوان «أهمية التحكيم التجاري في حل المنازعات» والذي تناول الموضوع من زاويتين ،الأولى تحدث خلالها عن التحكيم والاستثمارات من خلال اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى (الإكسيد) ICSID اما الزاوية الثانية فكانت حول التحكيم التجاري الدولي والمشاكل العملية ووسائل حلها.
وأشار المحاضر خلال حديثة الى الإطار القانوني لاتفاقية حل النزاعات المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية ومميزاتها مؤكدا ان ازمة الثقة بالتحكيم الأجنبي نشأت من: التعارض الحاصل بين البلدان التي هي على طريق النمو والمحتاجة الى العون الخارجي، ولاسيما الى الاستثمارات الخاصة والهادفة الى تحقيق مشاريعها التنموية، التعارض ما بين هذه الدول النامية وما بين المستثمرين الأجانب القلقين على استثماراتهم والحريصين على ألا يعرضوا انفسهم الى مخاطر غير تجارية ناتجة عن تدابير تشريعية سياسية وادارية قد تعمد تلك البلدان الى اتخاذها.
الأمر الثاني ان البلاد التي هي في طريق النمو تعتبر ان العدالة تقتضي ان تكون من اعمال الدولة وانه يقتضي الا تعامل هذه البلاد على انها عاجزة عن القيام بأمثال هذه المهام، وهي لا تقبل ان تعطي للمستثمرين حق اتخاذ اجراءات ضدها لدى المراجع القضائية التابعة لبلدان اخرى، ولاسيما لدى قضاء المستثمرين الأجانب او لدى مراجع قضائية دولية.
الاطار القانوني
ثم انتقل للحديث عن الاطار القانوني لحل النزاعات المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية: المركز الدولي لحل النزاعات المتعلقة بالاستثمار (ICSID) موضحا ان حذر العالم الثالث من الاستثمار الأجنبي واشكاله قد اخذ بالتراجع بسبب حاجاته الكبيرة للاستثمارات الأجنبية بأشكالها كافة، سواء ما كان منها اقتصادياً او تقنياً وبسبب الوعي الذي لدى الشعوب المختلفة لحاجاتها المتبادلة في ما بينها، خاصة على الصعيد الاقتصادي والتي اقتضت حلولاً قانونية.
واضاف : ان تشريعات جديدة قد ابصرت النور مشجعة هذه الاستثمارات الأجنبية، وداعية اياها الى المجالات التي تحتاجها بلدانها. فأخذ يوجد في كل دولة "قانون لحركة الاستثمار الأجنبي" بحيث اصبح هذا الاستثمار مسموحا به في القطاعات التي يحتاجها اقتصاد البلاد. ولا يكون الاستثمار المطلوب مؤلفاً من رأسمالية فقط، بل ايضاً من خبرات تقنية ومن اصول المعرفة الاستثمارية.
تطور التحكيم في السلطنة
وفي الجلسة الثانية ألقى د. عبدالله بن محمد السعيدي محاضرة حول تطور التحكيم في السلطنة متطرقا الى المراحل التي مر بها التحكيم موضحا انه بدأ تقنين التحكيم في سلطنة عمان سنة 1984 وذلك بصدور المرسوم السلطاني رقم 32/84 الخاص بنظام نظر الدعاوى وطلبات التحكيم أمام هيئة حسم المنازعات التجارية. حيث افرد هذا المرسوم فصلاً كاملاً للتحكيم وتحديداً "الفصل الثاني" المواد من 59 ولغاية 68.
واضاف: المشرع العماني خطا بالتحكيم خطوة متقدمة للأمام رغم أنه غلب على هذه الفترة ما يمكن تسميته بالطابع القضائي للتحكيم، حيث كانت هيئة حسم المنازعات التجارية خلال تلك الفترة هي المهيمنة على التحكيم. وقد جاء بصريح النص على اختصاص الهيئة بالتحكيم بين أطراف الخصومة الذين يختارون التحكيم كوسيلة لفض نزاعهم، أضف إلى ذلك أنه كان وجوباً وفقاً لهذا النظام أن يرأس أي تحكيم أحد قضاة الهيئة.
ورغم الطابع القضائي للتحكيم خلال تلك الفترة، إلا أنه يمكن القول أن هذا النظام وضع حجر الأساس لمسيرة التحكيم بشكله الحديث في السلطنة، حيث شهدت تلك الفترة صدورعدد لا بأس به من قرارات التحكيم، كما قامت هيئة حسم المنازعات بالدور المنوط بها في هذا المجال خلال تلك الفترة.
واضاف : ثم اكتمل عقد نظام التحكيم في السلطنة بصدور قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية بموجب المرسوم السلطاني رقم 47/97 الذي صدر بتاريخ 28 يونيو سنة 1997 وقد نص في المادة الثالثة من مرسوم إصدار هذا القانون على إلغاء ما يخالف أحكام هذا القانون. وبذلك يكون هذا القانون هو الواجب التطبيق بعد ذلك.
وهذا القانون مأخوذ عن القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي وضعته لجنة القانون التجاري الدولي في الأمم المتحدة (الأونسترال).
وقال: رغم صدور قانون التحكيم في سلطنة عمان منذ مدة، إلا أنه يمكن القول أنه من حيث الواقع العملي لا يزال التحكيم في السلطنة لم يشهد ذلك التطور والانتشار المطلوب، وربما يعود ذلك إلى أسباب عدة، من أهمها:-عدم وجود وعي عام لدى المجتمع بأهمية التحكيم ومزاياه كونه وسيلة ناجعة لفض المنازعات بما يتميز به من مزايا عديدة مثل، سرعة الفصل في النزاع، والتخصص، والسرية، وحرية الأطراف في اختيار المحكمين والقوانين المتعلقة بموضوع النزاع.
واضاف: هناك اعتقاد لدى الكثير أن مهمة المحكم المعين من قبل أحد أطراف النزاع هو الدفاع عن مصلحة الطرف الذي عينه، وليس الفصل في موضوع النزاع بما يراه عدلاً مثله مثل القاضي وعدم إدراك أو تناسي بعض المحكمين المعينين لمهمتهم الأساسية.
وفي الجلسة الثالثة تحدث فضيلة القاضي موسى بن سالم العزري رئيس المحكمة الابتدائية بولاية بدبد عن دور القضاء العماني في دعم التحكيم عقب ذلك قدم ديفيد بال محاضرة عن تنفيذ احكام التحكيم من واقع التجربة العمانية .
اما الجلسة الرابعة والأخيرة اشتملت على ورقتي عمل الأولى حو التحكيم التجاري وتجربة مركز التحكيم لدول مجلس التعاون الخليجي قدمها د. ناصر غنيم الزيد امين عام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون والذي قال : لقد أصبح التحكيم التجاري واقعاً حقيقياً ومرادفاً لكل نشاط اقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي. فمع تنامي العلاقات التجارية في المجتمعات الخليجية جراء التطور المطرد للبنية الاقتصادية والمالية، أصبحت الحاجة ماسة إلى وسائل أخرى غير تقليدية لفض المنازعات التجارية تتماشى مع حجم هذا التطور من جهة ومن جهة أخرى تتفاعل مع المستجدات الكثيرة على صعيد التجارة الدولية التي تشكل المنطقة جزء منها.
واضاف :بدأت شبكة العلاقات التجارية والمالية بدول المجلس بالتوسع والتشابك إقليميا ودوليا ، حيث كان لتنامي أحجام التجارة الخارجية مع دول العالم وتنامي التجارة البينية بين دول المجلس وزيادة الاستثمارات فيها اثر كبير في بروز دور التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التجارية. وقد ساعدت التوجهات المستقبلية للخصخصة بدول المجلس من خلال إعطاء القطاع الخاص دورا اكبر في التنمية الاقتصادية، ساعدت ذلك في إعطاء زخم اكبر لدور التحكيم المنظم. لذلك كان لابد من إيجاد صيغة عملية مناسبة لفض المنازعات التجارية على المستوى الإقليمي تتناسب مع حجم هذا التطور وتتماشى مع تطلعات دول المجلس نحو مزيد من التقارب والتكامل لذا انشىء مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية . وقال: إن تعدد هذه المراكز يعكس من جانب اهتماما متزايداً بالتحكيم المؤسسي في دول المجلس ورغبة بعض الغرف التجارية تقديم خدمات التحكيم لأعضائها وهذا في حد ذاته ظاهرة إيجابية خاصة من زاوية إعطاء مستخدمي التحكيم والجهات المهتمة بخدمات التحكيم ميزة حرية الاختيار بين كل هذه المؤسسات.
ولكن من المؤسف من ناحية ثانية أن وجود هذا الكم الكبير لمراكز التحكيم في منطقة جغرافية محدودة يخلق الكثير من الازدواجية في العمل ويحمل الغرف ميزانيات إضافية يمكن توفيرها و توفير الجهد أيضاً لو تم التركيز على مركز تحكيم إقليمي واحد يخدم دول المنطقة مثل مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي الذي وجد لهذا الغرض. كما أن حجم القضايا المتواضع نسبيا لا يبرر وجود هذا العدد الهائل من المراكز التي تعرض عليها سنوياً بعض القضايا وجلها قضايا محلية. بينما تستأثر مراكز التحكيم الدولية مثل المحكمة الدولية لغرفة التجارة الدولية الـــ ICC ومحكمة لندن ومركز القاهرة الإقليمي وغيرها بالنصيب الأكبر من التحكيمات الدولية التي أطرافها من دول المجلس.
10 توصيات
ثمنت ندوة التحكيم التجاري في السلطنة التي نظمتها غرفة تجارة وصناعة عمان قرار الغرفة الذي يقضي بانشاء مركز للتحكيم في السلطنة داعية جميع الجهات الى تكاتف جهودها لدعم وانجاح هذا المشروع لما يمثله من أهمية في ترسيخ مبادئ التحكيم.
جاء ذلك في التوصيات التي خرجت بها الندوة التي اختتمت أعمالها في وقت سابق.
وأكدت الندوة في ختام اعمالها إنشاء مركز للتحكيم في السلطنة من شأنه أن يشكل دعامة أساسية لضمان وحماية وجلب الاستثمارات الأجنبية الى السلطنة مؤكدة على أهمية تضمين شرط التحكيم في كافة العقود التجارية سواء في القطاع العام أو الخاص.
كما أكدت كذلك على أهمية توحيد القواعد والمبادئ القانونية المنظمة للتحكيم على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بما يتوافق مع القواعد الدولية في مجال التحكيم قائلة ان هناك ضرورة لتكثيف نشر ثقافة وفكر التحكيم بين أصحاب وصاحبات الأعمال والتبصير بأهميته في حل المنازعات من خلال عقد المؤتمرات والندوات وحلقات العمل المتخصصة.
وأكدت الندوة أيضا على أهمية الاستفادة من إمكانيات وقدرات مؤسسات التحكيم الاقليمية والدولية في تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية وأوصت بضرورة تفعيل تبادل المعلومات والنشرات الدورية بين مختلف مراكز التحكيم الخليجية والعربية مشددة على أهمية تجميع قواعد ومبادئ أحكام التحكيم ونشرها بشكل سنوي وتوفيرها للباحثين والمهتمين بالتحكيم بصفة عامة.
كما أوصت الندوة بضرورة قيام الجهات المختصة بالإسراع في إصدار القانون المدني باعتباره يوفر بيئة مواتية للتحكيم وتدريس مادة التحكيم في كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس
المصدر: جريدة الوطن
تعليق