سأفتتح الموضوع بهذا الخبر الذي يوافق [ اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة ]
"كفى عنفاً" مطلب السعوديات في يوم حماية المرأة
"كفى عنفا ضد المرأة".. كان هذا المطلب هو العنوان الذي حملته الندوة التي نظمها القسم النسوي بهيئة حقوق الإنسان بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، والذي يوافق 25 نوفمبر من كل عام، والتي جاءت ضمن مجموعة من فعاليات عديدة شهدتها المملكة لإحياء هذا اليوم.
دعا النشطاء الاجتماعيون والحقوقيون المشاركون في هذه الفعاليات إلى اتخاذ هذه المناسبة فرصة للبحث عن حل لمشاكل العنف ضد المرأة، وطالبوا بإصدار تشريعات وقوانين تجرم هذا السلوك، واعتباره جريمة واضحة لها حكم شرعي أو قانوني.
العنف الخفي
"شريفة الشملان"، مشرفة الفرع النسوي لهيئة حقوق الإنسان بالمنطقة الشرقية، تطرقت للعنف المستتر، لتفيد -حسب جريدة الشرق الأوسط- بأن أكثر أنواع العنف شيوعا لدى المرأة السعودية هو عنف منع الأطفال من رؤية أمهم، وتقول: أنا أعتبر هذا النوع هو أشد أنواع العنف، لا لكونه ضد المرأة ذاتها لكنه ضد الأطفال أنفسهم، وضد مستقبل حياتهم، وضد نموهم النفسي والاجتماعي.
وتتفق الدكتورة "نوير العريفي" استشارية نفسية، مع "الشملان" في الرأي، لكنها توضح أن عدد السيدات اللاتي يتعرضن للعنف الجسدي كبير جدا، مؤكدة أنهن لا يفصحن بذلك لأسباب نفسية واجتماعية، وتهاجم بعض الأقاويل الخاطئة التي تشير إلى تلذذ النساء اللواتي يتعرضن للضرب بالعنف ورغبتهن فيه، وهو ما تؤكد أنه أمر غير صحيح على الإطلاق.
وتبين "العريفي" أن اهتمام المجتمع بظاهرة العنف الذي تلاقيه النساء أصبح يثير الوعي لدى المرأة ويشعرها بالرحمة تجاه نفسها وتجاه الآخرين، مشيرة إلى أثر الإعلام لكونه المصدر الرئيسي لفهم أوضاع العالم، الذي ترى أنه صار يساهم بفاعلية في توسيع مدارك السعوديات وتحفيزهن على المطالبة بحقوقهن.
من جانبها، تسخر "فوزية العيوني"، ناشطة حقوقية، من بعض الدوائر الحكومية التي كتبت أمام بواباتها «خاص بالمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة»، مؤكدة أن ذلك نوع من أنواع العنف الخفي، وتعتبر عدم السماح للمرأة بدراسة بعض التخصصات، وحرمانها من إصدار جواز سفر لنفسها، وعدم تمكنها من السفر دون موافقة ولي الأمر، من أبرز المعوقات التي تواجه المرأة السعودية، بحسب الشرق الوسط.
تعديل المناهج
وعن الحلول والاقتراحات لمواجهة المشكلة، أوصى المشاركون بالندوة بإيجاد أنظمة تشريعية وقانونية لتجريم العنف الأسري، خاصة العنف ضد المرأة، واعتباره جريمة واضحة ولها حكم شرعي أو قانوني حتى إن كانت داخل أركان الأسرة، بعد أن ثبت أن 75% من حالات العنف ضد المرأة لا يصرح بها لدواع اجتماعية مثل مكانة المرأة الرفيعة، سواء كانت علمية أو اجتماعية.
وتلفت المستشارة القانونية "أسمى الغانم" –إحدى المشاركات بالندوة- إلى أن غياب تلك التشريعات جاء تحت تبرير التأديب كممارسة حق اجتماعي وشرعي لولي الأمر داخل الأسرة، مشيرة إلى وجوب استحداث نظام خاص لملاحقة المعنفين ومتابعة ضحايا العنف، ووجود تدابير احترازية تحول دون التنازل عن حقوق الضحايا وتنفيذ عقوبة محددة للعنف.
ولم تكتف "الغانم" بذلك، بل طالبت بتوعية القضاة في المحاكم الشرعية بالأنظمة التشريعية للعنف قبل السماح لهم بالحكم في القضايا، مشيرة إلى أن الجانب القضائي في حالات وقضايا العنف ضد المرأة بجميع أنواعها الجسدية والنفسية يعتمد على الاجتهاد الخاص بكل قاض، فيحكم بعض القضاة على سبيل "الاسترشاد" مما يضيع حقوق الضحايا في إجراءات وأحكام وصفتها بغير المنصفة.
وإضافة إلى المطالبة بإصدار قوانين، طالبت الندوة، التي حضرتها مسئولات في القطاعات الاجتماعية والقانونية والنفسية والثقافية والشرعية بالمملكة، بتخصيص جهة في التربية والتعليم لمتابعة حالات العنف وتعديل المناهج التي تكرس مفهوم العنف ضد المرأة، وإضافة مناهج تربوية وتعليمية تبين ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة وتوعية شريحة الرجال بهذه الحقوق، وذلك بعد أن كشفت دراسة حديثة أعدها مركز رؤية للدراسات الاجتماعية بالقصيم أن أكثر الأفراد ممارسة للعنف هم الأزواج الذين يمارسون العنف ضد زوجاتهم، والتي بينت أن أكثر أنواع العنف شيوعا في المجتمع السعودي هو العنف اللفظي ثم العنف الاقتصادي، يليه العنف النفسي ثم العنف الاجتماعي، ثم عنف الإهمال والحرمان، ويتبعه العنف البدني، وأخيرا العنف الصحي.
ملتقى الطلاق
"هيفاء خالد" الناشطة الاجتماعية وصاحبة مبادرة الطلاق السعودي ، أكدت على أهمية تفعيل الأيام العالمية محليا بشكل إيجابي للقضاء على المشاكل الاجتماعية، وقالت في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" أن تفعيل مثل هذه الأيام محليا من قبل الأفراد سيسهم بلا شك بتحرك الجهات المختصة للقيام بواجبها على أفضل وجه.
وفي إطار جهودها لتفعيل هذا اليوم، نظمت مبادرة الطلاق السعودي بالتعاون مع مركز سيدات الأعمال بالغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية يوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2008 "ملتقى مبادرة الطلاق السعودي للحد من العنف ضد المرأة في الطلاق وما بعده".
وأوضحت "هيفاء" أن جلسات الملتقى تتضمن عدة محاور وأوراق عمل مهمة ومتنوعة وشاملة، تشارك في تقديمها كوكبة من الأسماء النسائية البارزة من مختلف المجالات.
وبينت أن هذا الملتقى يحمل الكثير من المعلومات القيمة في شتى المجالات، خاصة ما يتعلق بقضايا العنف النفسي والمعنوي والمادي الذي تتعرض له المرأة بعد الطلاق، لافتة إلى أهمية هذه النوعية من القضايا كونها تتعلق بالمرأة شخصيا وبأسرتها وبحياتها الاجتماعية، باعتبار أن الجانب الاجتماعي هو الأساس في حياة جميع النساء من جميع الفئات والأعمار، في إشارة إلى أن المرأة لو استقرت اجتماعيا فستبدأ بنفسها تلقائيا في تطوير، وتحسين بقية جوانب حياتها.
فتوى وتوجيه
ويرى مراقبون أن إحياء المملكة لليوم العالمي لمناهضة العنف جاء في وقت مبكر، معتبرين أن البداية الفعلية هي الفتوى التي أصدرها الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار بوزارة العدل السعودية قبل نحو شهر، وأجاز فيها للزوجة ضرب زوجها دفاعا عن النفس إن اعتدى عليها دون وجه حق، والتي جاءت بعد سلسلة من حوادث العنف ضد الزوجات كان مآل المرأة فيها الموت أو الإصابة الشديدة.
وقد نجحت الفتوى في إلقاء الضوء بشكل كبير على العنف الذي تتعرض له الزوجات في المجتمع السعودي، تمهيدا لإحياء فعاليات اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.
وبعد نحو أسبوعين من فتوى العبيكان، أكد مجلس الوزراء برئاسة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في جلسته الأسبوعية بالرياض في 3 نوفمبر 2008 على حفظ حقوق المرأة وتعزيز دورها، ومنع أي عنف قد تتعرض له، والعمل على زيادة وعيها بحقوقها.
تعليق