بكل الفخر والتقدير نراها فنعجب من ثقة خطاها وقوة يقينها في مسعاها , الأجواء من حولها ملبدة غائمة وعاصفة وهادرة ، والدنيا من حولها تتلون وتتفنن وتتزين ، القنوات من فوق تصب جام غضبها على عفتها وطهرها والصحافة تبتز كل مايؤدي إلى طريقها ، والشذاذ من المفكرين والمفكرات يتميز بهم الغيظ كلما رأوا جلبابها الأسود الذي يخفي جبين العزة الأسعد فيالها من واثقة وما أعظمها من كيان.
إنها التي تفلق وجوه الغدر بنور الحشمة والستر ، قطعت نياط القلوب المريضة ، وأزهقت الأرواح الساقطة اللقيطة التي كلما اقتربت من ذلك الكيان كلما احترقت بشواظ من نار ونور يتخفى تحت جلباب من حفظت الله فحفظها ورعت دينه فرعاها.
حين عصفت ببعض النساء العواصف بقيت هذه الشامخة سيدة الموقف التي لا تعرف التضعضع أو التراجع فمع ماتراه من عبايات فرنسية أو غربية ومع ماتراه من تفسخ وانحلال وتميع وانسلاخ إلا أنها بقيت ترى كل ذلك بعين واحدة لاتتغير ولا تتلون لديها المعايير ولا القيم فلقد ظل الانحراف بالنسبة لها انحرافا مهما لونه الملونون وحسنه المحسنون وبقيت الفضيلة بالنسبة لها وبقي الحسن بالنسبة لها هو كل مايمت إلى تعاليم الدين بصلة فالحجاب بالنسبة لها شرف لاتساوم عليه ولاتناور أو تداور حوله والاختلاط شر ومقت وإن قالوا عنه تقدم ومدنية والخروج من البيت بالنسبة لها لغير حاجة مجلبة لغضب الرب ومقت الخلق .
قالوا لها : انت امرأة رجعية جاهلية من العصور الحجرية فردت بلغة الواثق : مرحبا إن كان ديني جاهلية ، فقالوا لها : ولكننا في الألفية الثانية والأمم تتطور والأحوال تتغير فردت بكل صرامة : ولكن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ودينه ودعوته باقية إلى قيام الساعة وصلاحية تعاليم الدين ليست محددة بزمن معين بل هي خالدة " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " , قالوا لها : لكن مازلت صغيرة وانت شابة ألا تنظرين إلى أتراب سنك من الفتيات كيف يستمتعن وإذا كبرن تحجبن فلا تضيعي سنوات الصبا ، فألقمتهم حجرا بقولها : إنني بفعلي هذا وباستقامتي هذه أكبر وأكبر وأكبر قدرا ومكانة وقيمة وإن كنت صغيرة السن فإنني كبيرة الهمة والعزم.
وحين فت عزمهم ورأوا همة هذه المحتشمة صوبوا نحوها سهام الاستهزاء فهي ذات الكفن وذات الخيام المسلطة على الرأس وهي المكبوتة والمقهورة وهي المعقدة التي تريد بتدينها أن تنفس عن عقد نفسية دفينة وهي المخدوعة بوهم الحشمة وهي ضحية تسلط الرجل وهي وهي وهي في كم هائل من عبارات الذم والاحتقار ومع ذلك تلتفت إليهم بلسان حالها : إن الناس لايرمون إلا الشجر المثمر والقافلة تسير و..........
إنها فتاة الإسلام وحامية عرين العفة والطهر ومحضن الأسود ، المرأة المحتشمة التي اجتمع كل أهل الكيد يتآمرون عليها فماذا فعلوا بها ؟ لقد زادوها تمسكا وعزة فخرجت تباهي الدنيا بما هي عليه وتقول لهم في عزة المؤمنة : إنني فوق مطامعكم ياتجار الرقيق وعباد الشهوة ، إنني أعوذ بالله أن أنزع لباسا ألبسنيه ربي وأعوذ بالله أن أنقلب على عقبي كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران ، هل تريدون يا أرباب الفجور أن أعود إلى المستنقع الذي أخرج الإسلام المرأة منه ؟ هل تريدوني كنادلا ت الليل وبنات الهوى ؟
نعم يا اخوان هذه هي المحتشمة.
تعليق