[align=center]كيف يمكن تجنبها : [/align]
[align=justify] لتجنب هذه العادة والتخلص منها يجدر بنا أن نبين بعض الحلول التي على المريد أن يأخذ بها وهي من الأسباب المعينة على ترك وتجنب هذه العادة وهي كالتالي :
[align=center]•الإرادة الصادقة في البعد والتخلص عن ممارستها : [/align]
فالرجل مهما قيل له عن حرمة العادة .. ومهما صرح له من الأسباب التي تعينه على تركها .. فهذا لن يغير من أمره شئ ما دام أن إرادته وعزيمته تركن إليها ولا تلتفت إلى علو الهمة في تركها وتجنبها ..
فعلى المسلم أن يكون من أصحاب الهمم وأن لا يستصغر شأن همته ، فليس للشهوة أن تتحكم بقوة وقدرة وإيمان المسلم ، مادام أنه عزم على ترك وتجنب هذه العادة .
فكلما كانت همة المسلم عالية كلما كان الباعث على ترك هذه العادة أمر سهل .. وكلما ضعفت وانهزمت كلما خارت قوى الهمة أمام هذه الشهوة ..
فكن يا عبد الله كحال وصف ابن القيم ـ رحمه الله ـ للهمة العالية فقال : " علو الهمة ألا تقف ـ أي النفس ـ دون الله ولا تتعوض عنه بشيء سواه ، ولا ترضى بغيره بدلاً منه ، ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من حظوظ الخسيسة الفانية ، فالهمة العالية أعلى الهمم كالطائر العالي على الطيور لا يرضى بمساقطهم ولا تصل إليه الآفات التي تصل إليهم ، فإن الهمة كلما علت بعدت عن وصول الآفات إليها ، وكلما نزلت قصدتها الآفات من كل مكان . " ا.هـ
[align=center]•مراقبة الله تعالى :[/align]
كلما استشعر المسلم أن الله يراقبه ويراه ..كلما حس بخطأه وقوية عزيمته ، فإن لم تكن ترى الله ... فإن الله يرى عبده ومطلع عليه وعلى أحواله .. فتأمل !!
قال الله : { وهو معكم أين ما كنتم } الحديد 4 . وقال الله { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } غافر 19 .
فكلما قوي جانب الإخلاص والإرادة القوية والعزيمة على ترك هذه العادة امتثالاً لأمر الله واجتناب سخطه والشعور بمراقبة الله تعالى له .. كلما قوية عنده الشحنات الإيمانية التي تساعده ـ بفضل الله ـ على ترك مثل هذه الأمور وتجنبها بالكلية والله غالب على أمر ولكن أكثر الناس لا يعلمون .!!
قال ابن القيّم ـ رحمه الله ـ في منْزلة المراقبة : " وهي ثمرة علمه بأنّ الله سبحانه رقيبٌ عليه، ناظرٌ إليه، سامع لقوله، وهو مطّلعٌ على عمله في كلّ وقت وفي كلّ لحظة، وكلّ نَفَس وكلّ طرفة عين " .
وقال : " وأرباب الطريق مجمعون على أنّ مراقبة الله تعالى في الخواطر سبب لحفظها في حركات الظواهر. فمن راقب الله في سرّه حفظه الله في حركاته في سرّه وعلانيته . "
[align=center]•الصبر : [/align]
لابد للمسلم أن يصبر على هموم الدنيا .. فإن الصبر ضياء ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خير وأوسع من الصبر ..
قال الله { يا أيها الذين ءامنوا استعينوا بالصبر والصلاة . إن الله مع الصابرين } البقرة 153 .
على المسلم أن لا ييأس من تجنب هذه العادة ، فإن الله مع المتقين والمحسنين والصابرين فهل بعد هذا يكون يعجز ويضعف المسلم الموحد ..!!
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ : " يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء ؛ لأنه حرام لقول الله تعالى { والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون }
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم . "
ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه أيسر على المكلف ، ولأن الإنسان يجد فيه متعة ، بخلاف الصوم ففيه مشقة ، فلما عدل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم : دل هذا على أن الاستمناء ليس بجائز . "
[align=center]•مجاهدة النفس : [/align]
فالنفس البشرية بطبيعتها تحب الراحة والكسل والدعة وتنفر من البذل والاجتهاد والعطاء فهي تأمر بكل سوء وتنهي عن كل خير وهذه الحقيقة ـ إلا من رحم ربي ـ قررها لنا رب العزة والجلال بقوله : { إن النفس لأمارة بالسوء } يوسف : 53 .
وما دام الأمر كذلك فاعلم ـ يا طالب التخلص من العادة ـ أنك متى تركت لنفسك الزمام وأرخيت لها العنان وأعطيتها ما تشتهي وكل ما تريد فإنها تقودك إلي كل شر وبلاء وتؤدي بك إلى التهلكة ومن هنا يتعين على المرء أن يجاهد نفسه على طاعة الله وإتباع الحق ويكرها عليها ويلزمها بزمام الإيمان والتقوى . وأعلم أنك لو جاهدت نفسك بحق فإن الله سيهديك إلى ما يحبه الله ويرضاه ..
قال عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ :" أحب الأعمال إلى الله ما أكرهت عليه النفوس " ا.هـ
وقال عبد لله بن المبارك ـ رحمه الله ـ :" إن الصالحين قبلنا كانت تواتيهم أنفسهم على فعل الخير ونحن لا تواتينا أنفسنا إلا أن نكرها "
فلا تستسلم ـ يا أخي ـ لشياطين الإنس والجن .. ولا للنفس الأمارة بالسوء ، كن أقوى منهم جميعاً .. فلا تستسلم لهم فتخسر ، بل كن على يقين أن الله معك ـ ما دام أنك تريد إتباع الحق والالتزام به ونصره ـ وسينصرك الله تعالى .. فجاهد نفسك وجنبها الوقوع في هذه العادة واصبر ، فإن فعلت جاءك نصر الله وتنزل عليك تأييده وزالت عنك كل مشقة وضيق وهم ..
فعلى المسلم أن لا يستسلم لما يصيبه من الآفات مهما كان .. وعليه أن يعالج العيوب وأن يصبر ويجاهد أموره كلها ..
[align=center]•غض البصر :[/align]
فالنظر إلى المحرمات ـ النساء ـ بريد الزنا .. ولقد أحسن من قال :
[align=center] كل الحوادث مبدؤها من النظر ..
ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في قلب صاحبها
فعل السهام بلا قوس ولا وتر[/align]
وقال آخر :
[align=center]قل للمليحة في الخمار الأسود ..
ماذا فعلت بناسك متعبد ..
قد كان شمر للصلاة ثيابه ..
حتى عرضت له بباب المسجد ..
ردي عليه صلاته وصيامه ..
لا تفتنيه بحق رب محمد ..[/align]
فالنظر إلى الأشخاص والصور الفاتنة ـ والنظر إلى كل ما يثير الشهوة ـ سواء حية أو رسماً وإطلاق البصر يجرّ إلى الحرام ولذلك قال الله : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } وقال النبي : " لا تُتْبع النظرة النظرة "
فإذا كانت النّظرة الأولى ـ وهي نظرة الفجأة ـ لا إثم فيها فالنظرة الثانية محرّمة ... فكيف بمن يستديم النظر ليستجلب شهوته ويفرغ منيه ..!!
وليعلم المسلم أن نظر الله إليه أسرع من نظره إلى المحرّم . قال الله : { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } غافر 19 .
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم، وفيهم المرأة الحسناء، أو تمرّ به وبهم المرأة الحسناء، فإذا غفلوا عنها لحظ إليها، فإذا فطنوا غضّ، فإذا غفلوا لحظ، فإذا فطنوا غضّ، وقد اطَّلع الله من قلبه أنّه ودَّ لو اطَّلع على فرجها . "
قلت : فكيف يلق بالمسلم أن يشخص بصره على النساء ـ والله متطلع عليه ـ لكي يستجمع القدر الكافي من الصور والمناظر ليحلوا له بعد ذلك فعل الاستمناء وتخيل حاله وكأنه معهم وهم في موضع لا يحبه الله ولا يرضاه !!
أترضى هذا لأمك .. لأختك .. لزوجتك .. لبنتك ..
فإن قيل : لا ..
فأقول : فكيف إذا تفعل هذا مع بنات المسلمين وأنت مطلوب منك أصلاً أن تصونهم وتحفظهم من كل سوء وخطر .. تأمل !!
إن غض البصر أمر مطلوب للسالك .. فعن عبادة بن الصامت أنّه قال : قال رسول الله : " اضمنوا لي ستًا من أنفسكم أضمن لكم الجنّة : اصدقوا إذا حدّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضّوا أبصاركم، وكفُّوا أيديكم "
قال القرطبي ـ رحمه الله ـ : " البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهة، ووجب التحذير منه، وغضّه واجب عن جميع المحرمات، وكلّ ما يخشى الفتنة من أجله" .
وقال ابن مسعود : " حفظ البصر أشدُّ من حفظ اللسان "
وقال أنس بن مالك: " إذا مرَّت بك امرأة فغمِّض عينيك حتى تجاوزك "
[align=center]•تجنب مجالسة وصحبت أهل الفساد :[/align]
فإن مجالسة أهل الفساد فساد بذاته ، والصاحب ساحب ، فإن كان المسلم مع أهل الفساد سحبوه إلى الفساد وإن كان مع أهل الصلاح سحبوه إلى الصلاح .
قال الله { ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما } النساء: 27-28 .
فأهل الفساد وإتباعهم للشهوات عملة واحدة لوجهين .. والمسلم ما أن يجالسهم إلا وسحبوه وأوقعوه ـ ولا بد ـ معهم في الشهوات ـ ومنها الاستمناء وأخطر من الاستمناء كفعل الفاحشة والحث عليها ـ وأن يميل بها ميلا عظيماً ..
والنفس نزاعة دائماً إلى الملذات المعنوية والحسية، وإذا لم تكن هذه النفس مراقبة محكومة بحكم الله عند صاحبها فإنها لا تترك شيئاً مما تشتهيه سواء أكان نافعاً أم ضاراً ـ لها أم لغيرها ـ والشهوات مع كونها مطلوبة للنفس فإن الشيطان يزينها لها ـ بالإضافة إلى حث أهل الفساد عليها ـ ويلح عليها في أن تطلبها وتتمكن منها، بل إنه ليظهر الشهوات المحظورة الضارة في صورة أجمل من الشهوات المباحة النافعة .
والشهوة تتحد مع الغفلة فتكونان أصلاً لكل شر وهي من أشد جنود النفس الأمارة بالسوء قهراً لصاحبها وأسراً له .. والشهوة والهوى تقودان صاحبهما إلى المهالك فيصوران له المعروف منكراً والمنكر معروفاً فيتصورهما كذلك ..
فعلى المسلم أن يصاحب أهل القرآن والتقوى عسى الله أن يجنبه الوقوع في مثل هذه العادة ... ويسحبوه إلى أبواب الخير والتقوى ..
[align=center]•الزواج المبكر والصوم : [/align]
فإن الحل الوحيد في تفريغ هذه الشهوة بحلال وطيب هو بالزواج .. فبالزواج يحصن المسلم نفسه من الوقوع في مثل هذه الأمور ـ غالباً ـ فإن لم يستطع فعليه الإكثار من الصيام لأنه وقاية له في الوقوع في الحرام ـ إن شاء الله ـ .
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله عليه وسلم: " يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنّه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنّه له وجاء " رواه البخاري .
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ : "فيه الحثّ على غضّ البصر، وتحصين الفرج بكل ممكن" . فتح الباري 9 /112
فإن قيل : إن الصوم لا يفيد أو أنه يزيد الشبق !!
الجواب : فالقول بأن الصوم يزيد الشبق عند بعض الناس هو قول من لم يقدر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قدره، وهو ناتج عن الفهم القاصر لحقيقة الصوم ـ وهو من الطب النبوي ـ إذ ليس الصوم مجرد الامتناع عن الطعام والشراب والجماع وإنما هو مع ذلك صوم القلب والعين والفم والآذان، كما قال جابر رضي الله عنه : " إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك سكينة ووقار يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء " ا.هـ فهذا هو الصوم الذي يهذب النفس، ويكبح جماح الشهوة فيها
والصوم المندوب إليه في هذا الحديث غير مقيد بزمان أو عدد، بل المراد أن يداوم الشخص على الصيام حتى يحصل المقصود من تخفيف الشهوة .
[align=center]•الاشتغال بذكر الله والإكثار من الطاعات والبر :[/align]
فالنفس إن لم يشغلها المسلم بالحق شغلته بالباطل .. فعلى المسلم الانشغال بالعبادات المتنوعة ، وعدم ترك وقت فراغ للمعصية .
قال الشافعي ـ رحمه الله ـ : " صحبتُ الصوفية فما انتفعتُ منهم إلاَّ بكلمتين، سمعتهم يقولون : الوقتُ سيفٌ، فإن قطعته وإلاَّ قطعك، ونفسُك إن لم تشغلها بالحقِّ شغلتك بالباطل . " .
وأما الغفلة عن الطاعات داء عضال تحجب صاحبها عن النظر إلى أبواب مفتوحة من الخير ... تحجبه كذلك عن رؤية أضرار لا حصر لها داخل أبواب مغلقة ، وإن الإنسان الذي يصاب بداء الغفلة سهل الوقوع في الشهوات والشبهات .. ولا يعصمه إلا الله تعالى ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وهو يصف خطر وعواقب الغفلة فيقول : " فالغفلة عن الله والدار الآخرة تسد باب الخير الذي هو الذكر واليقظة، والشهوة تفتح باب الشر والسهو والخوف، فيبقى القلب مغموراً بما يهواه ويخشاه غافلاً عن الله، رائداً غير الله، ساهياً عن ذكره قد اشتغل بغير الله، قد انفرط أمره قد ران حب الدنيا على قلبه، كما روي في صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: " تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، إن أعطي رضي، وإن منع سخط " "
وقال أيضاً : " فالغفلة والشهوة أصل الشر، قال تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً } الكهف 28 . "
هذه جملة من أهم الأساليب الناجحة ـ إن عمل بها بصدق وجدية ـ لتجنب هذه العادة ..
والمسلم المستسلم لله عليه أن يحافظ على صحته وأن يشغلها ـ أيضاً ـ ببعض الأعمال الرياضية المباحة .. وأن ينظر إلى مستقبله بعين جادة وأمل .. وأن لا يدع مجال للشهوة المحرمة أن تعيقه على مواصلة دربه وهدفه في التخلص منها وتجنبها ..
والسالك كلما زادت عنده الشهوة عليه أن يطلع في الكتب ويسمع الأشرطة التي تتحدث عن ذكر النار وأهوالها .. التي تتحدث عن القبور وظلمتها .. عليه أن يسمع كل ما يردعه ويخيفه من عذاب الله تعالى ..
ولا بأس أن يعرض نفسه على طبيب مسلم ثقة متقيد بشرع الله ليستفيد من علم الطب في مثل هذه الحالة .
والحذر الحذر يا أخي .. من الخلود إلى النوم في كل وقت .. بل إذا كانت نعسان فاذهب مع تجنب النوم على البطن لأن هذه النومة تسبب تهيجاً جنسياً ـ وهي نومة المغضوب عليهم والمعذبين في النار وهي أصلاً منهي عنها لأن الله لا يحبها بل يبغضها ـ بسبب احتكاك الأعضاء التناسلية بالفراش ..
وأخيراً مما لا شك فيه أن اللجوء إلى الله والتضرع له بالدعاء ـ بيقين وبإخلاص وصدق ـ وطلب العون منه للخلاص من هذه العادة .. فهذا من أعظم العلاج لأنه سبحانه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه .. فكيف بالمضطر !! [/align]
[align=justify] لتجنب هذه العادة والتخلص منها يجدر بنا أن نبين بعض الحلول التي على المريد أن يأخذ بها وهي من الأسباب المعينة على ترك وتجنب هذه العادة وهي كالتالي :
[align=center]•الإرادة الصادقة في البعد والتخلص عن ممارستها : [/align]
فالرجل مهما قيل له عن حرمة العادة .. ومهما صرح له من الأسباب التي تعينه على تركها .. فهذا لن يغير من أمره شئ ما دام أن إرادته وعزيمته تركن إليها ولا تلتفت إلى علو الهمة في تركها وتجنبها ..
فعلى المسلم أن يكون من أصحاب الهمم وأن لا يستصغر شأن همته ، فليس للشهوة أن تتحكم بقوة وقدرة وإيمان المسلم ، مادام أنه عزم على ترك وتجنب هذه العادة .
فكلما كانت همة المسلم عالية كلما كان الباعث على ترك هذه العادة أمر سهل .. وكلما ضعفت وانهزمت كلما خارت قوى الهمة أمام هذه الشهوة ..
فكن يا عبد الله كحال وصف ابن القيم ـ رحمه الله ـ للهمة العالية فقال : " علو الهمة ألا تقف ـ أي النفس ـ دون الله ولا تتعوض عنه بشيء سواه ، ولا ترضى بغيره بدلاً منه ، ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من حظوظ الخسيسة الفانية ، فالهمة العالية أعلى الهمم كالطائر العالي على الطيور لا يرضى بمساقطهم ولا تصل إليه الآفات التي تصل إليهم ، فإن الهمة كلما علت بعدت عن وصول الآفات إليها ، وكلما نزلت قصدتها الآفات من كل مكان . " ا.هـ
[align=center]•مراقبة الله تعالى :[/align]
كلما استشعر المسلم أن الله يراقبه ويراه ..كلما حس بخطأه وقوية عزيمته ، فإن لم تكن ترى الله ... فإن الله يرى عبده ومطلع عليه وعلى أحواله .. فتأمل !!
قال الله : { وهو معكم أين ما كنتم } الحديد 4 . وقال الله { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } غافر 19 .
فكلما قوي جانب الإخلاص والإرادة القوية والعزيمة على ترك هذه العادة امتثالاً لأمر الله واجتناب سخطه والشعور بمراقبة الله تعالى له .. كلما قوية عنده الشحنات الإيمانية التي تساعده ـ بفضل الله ـ على ترك مثل هذه الأمور وتجنبها بالكلية والله غالب على أمر ولكن أكثر الناس لا يعلمون .!!
قال ابن القيّم ـ رحمه الله ـ في منْزلة المراقبة : " وهي ثمرة علمه بأنّ الله سبحانه رقيبٌ عليه، ناظرٌ إليه، سامع لقوله، وهو مطّلعٌ على عمله في كلّ وقت وفي كلّ لحظة، وكلّ نَفَس وكلّ طرفة عين " .
وقال : " وأرباب الطريق مجمعون على أنّ مراقبة الله تعالى في الخواطر سبب لحفظها في حركات الظواهر. فمن راقب الله في سرّه حفظه الله في حركاته في سرّه وعلانيته . "
[align=center]•الصبر : [/align]
لابد للمسلم أن يصبر على هموم الدنيا .. فإن الصبر ضياء ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خير وأوسع من الصبر ..
قال الله { يا أيها الذين ءامنوا استعينوا بالصبر والصلاة . إن الله مع الصابرين } البقرة 153 .
على المسلم أن لا ييأس من تجنب هذه العادة ، فإن الله مع المتقين والمحسنين والصابرين فهل بعد هذا يكون يعجز ويضعف المسلم الموحد ..!!
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ : " يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء ؛ لأنه حرام لقول الله تعالى { والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون }
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم . "
ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه أيسر على المكلف ، ولأن الإنسان يجد فيه متعة ، بخلاف الصوم ففيه مشقة ، فلما عدل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم : دل هذا على أن الاستمناء ليس بجائز . "
[align=center]•مجاهدة النفس : [/align]
فالنفس البشرية بطبيعتها تحب الراحة والكسل والدعة وتنفر من البذل والاجتهاد والعطاء فهي تأمر بكل سوء وتنهي عن كل خير وهذه الحقيقة ـ إلا من رحم ربي ـ قررها لنا رب العزة والجلال بقوله : { إن النفس لأمارة بالسوء } يوسف : 53 .
وما دام الأمر كذلك فاعلم ـ يا طالب التخلص من العادة ـ أنك متى تركت لنفسك الزمام وأرخيت لها العنان وأعطيتها ما تشتهي وكل ما تريد فإنها تقودك إلي كل شر وبلاء وتؤدي بك إلى التهلكة ومن هنا يتعين على المرء أن يجاهد نفسه على طاعة الله وإتباع الحق ويكرها عليها ويلزمها بزمام الإيمان والتقوى . وأعلم أنك لو جاهدت نفسك بحق فإن الله سيهديك إلى ما يحبه الله ويرضاه ..
قال عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ :" أحب الأعمال إلى الله ما أكرهت عليه النفوس " ا.هـ
وقال عبد لله بن المبارك ـ رحمه الله ـ :" إن الصالحين قبلنا كانت تواتيهم أنفسهم على فعل الخير ونحن لا تواتينا أنفسنا إلا أن نكرها "
فلا تستسلم ـ يا أخي ـ لشياطين الإنس والجن .. ولا للنفس الأمارة بالسوء ، كن أقوى منهم جميعاً .. فلا تستسلم لهم فتخسر ، بل كن على يقين أن الله معك ـ ما دام أنك تريد إتباع الحق والالتزام به ونصره ـ وسينصرك الله تعالى .. فجاهد نفسك وجنبها الوقوع في هذه العادة واصبر ، فإن فعلت جاءك نصر الله وتنزل عليك تأييده وزالت عنك كل مشقة وضيق وهم ..
فعلى المسلم أن لا يستسلم لما يصيبه من الآفات مهما كان .. وعليه أن يعالج العيوب وأن يصبر ويجاهد أموره كلها ..
[align=center]•غض البصر :[/align]
فالنظر إلى المحرمات ـ النساء ـ بريد الزنا .. ولقد أحسن من قال :
[align=center] كل الحوادث مبدؤها من النظر ..
ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في قلب صاحبها
فعل السهام بلا قوس ولا وتر[/align]
وقال آخر :
[align=center]قل للمليحة في الخمار الأسود ..
ماذا فعلت بناسك متعبد ..
قد كان شمر للصلاة ثيابه ..
حتى عرضت له بباب المسجد ..
ردي عليه صلاته وصيامه ..
لا تفتنيه بحق رب محمد ..[/align]
فالنظر إلى الأشخاص والصور الفاتنة ـ والنظر إلى كل ما يثير الشهوة ـ سواء حية أو رسماً وإطلاق البصر يجرّ إلى الحرام ولذلك قال الله : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } وقال النبي : " لا تُتْبع النظرة النظرة "
فإذا كانت النّظرة الأولى ـ وهي نظرة الفجأة ـ لا إثم فيها فالنظرة الثانية محرّمة ... فكيف بمن يستديم النظر ليستجلب شهوته ويفرغ منيه ..!!
وليعلم المسلم أن نظر الله إليه أسرع من نظره إلى المحرّم . قال الله : { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } غافر 19 .
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم، وفيهم المرأة الحسناء، أو تمرّ به وبهم المرأة الحسناء، فإذا غفلوا عنها لحظ إليها، فإذا فطنوا غضّ، فإذا غفلوا لحظ، فإذا فطنوا غضّ، وقد اطَّلع الله من قلبه أنّه ودَّ لو اطَّلع على فرجها . "
قلت : فكيف يلق بالمسلم أن يشخص بصره على النساء ـ والله متطلع عليه ـ لكي يستجمع القدر الكافي من الصور والمناظر ليحلوا له بعد ذلك فعل الاستمناء وتخيل حاله وكأنه معهم وهم في موضع لا يحبه الله ولا يرضاه !!
أترضى هذا لأمك .. لأختك .. لزوجتك .. لبنتك ..
فإن قيل : لا ..
فأقول : فكيف إذا تفعل هذا مع بنات المسلمين وأنت مطلوب منك أصلاً أن تصونهم وتحفظهم من كل سوء وخطر .. تأمل !!
إن غض البصر أمر مطلوب للسالك .. فعن عبادة بن الصامت أنّه قال : قال رسول الله : " اضمنوا لي ستًا من أنفسكم أضمن لكم الجنّة : اصدقوا إذا حدّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضّوا أبصاركم، وكفُّوا أيديكم "
قال القرطبي ـ رحمه الله ـ : " البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهة، ووجب التحذير منه، وغضّه واجب عن جميع المحرمات، وكلّ ما يخشى الفتنة من أجله" .
وقال ابن مسعود : " حفظ البصر أشدُّ من حفظ اللسان "
وقال أنس بن مالك: " إذا مرَّت بك امرأة فغمِّض عينيك حتى تجاوزك "
[align=center]•تجنب مجالسة وصحبت أهل الفساد :[/align]
فإن مجالسة أهل الفساد فساد بذاته ، والصاحب ساحب ، فإن كان المسلم مع أهل الفساد سحبوه إلى الفساد وإن كان مع أهل الصلاح سحبوه إلى الصلاح .
قال الله { ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما } النساء: 27-28 .
فأهل الفساد وإتباعهم للشهوات عملة واحدة لوجهين .. والمسلم ما أن يجالسهم إلا وسحبوه وأوقعوه ـ ولا بد ـ معهم في الشهوات ـ ومنها الاستمناء وأخطر من الاستمناء كفعل الفاحشة والحث عليها ـ وأن يميل بها ميلا عظيماً ..
والنفس نزاعة دائماً إلى الملذات المعنوية والحسية، وإذا لم تكن هذه النفس مراقبة محكومة بحكم الله عند صاحبها فإنها لا تترك شيئاً مما تشتهيه سواء أكان نافعاً أم ضاراً ـ لها أم لغيرها ـ والشهوات مع كونها مطلوبة للنفس فإن الشيطان يزينها لها ـ بالإضافة إلى حث أهل الفساد عليها ـ ويلح عليها في أن تطلبها وتتمكن منها، بل إنه ليظهر الشهوات المحظورة الضارة في صورة أجمل من الشهوات المباحة النافعة .
والشهوة تتحد مع الغفلة فتكونان أصلاً لكل شر وهي من أشد جنود النفس الأمارة بالسوء قهراً لصاحبها وأسراً له .. والشهوة والهوى تقودان صاحبهما إلى المهالك فيصوران له المعروف منكراً والمنكر معروفاً فيتصورهما كذلك ..
فعلى المسلم أن يصاحب أهل القرآن والتقوى عسى الله أن يجنبه الوقوع في مثل هذه العادة ... ويسحبوه إلى أبواب الخير والتقوى ..
[align=center]•الزواج المبكر والصوم : [/align]
فإن الحل الوحيد في تفريغ هذه الشهوة بحلال وطيب هو بالزواج .. فبالزواج يحصن المسلم نفسه من الوقوع في مثل هذه الأمور ـ غالباً ـ فإن لم يستطع فعليه الإكثار من الصيام لأنه وقاية له في الوقوع في الحرام ـ إن شاء الله ـ .
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله عليه وسلم: " يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنّه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنّه له وجاء " رواه البخاري .
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ : "فيه الحثّ على غضّ البصر، وتحصين الفرج بكل ممكن" . فتح الباري 9 /112
فإن قيل : إن الصوم لا يفيد أو أنه يزيد الشبق !!
الجواب : فالقول بأن الصوم يزيد الشبق عند بعض الناس هو قول من لم يقدر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قدره، وهو ناتج عن الفهم القاصر لحقيقة الصوم ـ وهو من الطب النبوي ـ إذ ليس الصوم مجرد الامتناع عن الطعام والشراب والجماع وإنما هو مع ذلك صوم القلب والعين والفم والآذان، كما قال جابر رضي الله عنه : " إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك سكينة ووقار يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء " ا.هـ فهذا هو الصوم الذي يهذب النفس، ويكبح جماح الشهوة فيها
والصوم المندوب إليه في هذا الحديث غير مقيد بزمان أو عدد، بل المراد أن يداوم الشخص على الصيام حتى يحصل المقصود من تخفيف الشهوة .
[align=center]•الاشتغال بذكر الله والإكثار من الطاعات والبر :[/align]
فالنفس إن لم يشغلها المسلم بالحق شغلته بالباطل .. فعلى المسلم الانشغال بالعبادات المتنوعة ، وعدم ترك وقت فراغ للمعصية .
قال الشافعي ـ رحمه الله ـ : " صحبتُ الصوفية فما انتفعتُ منهم إلاَّ بكلمتين، سمعتهم يقولون : الوقتُ سيفٌ، فإن قطعته وإلاَّ قطعك، ونفسُك إن لم تشغلها بالحقِّ شغلتك بالباطل . " .
وأما الغفلة عن الطاعات داء عضال تحجب صاحبها عن النظر إلى أبواب مفتوحة من الخير ... تحجبه كذلك عن رؤية أضرار لا حصر لها داخل أبواب مغلقة ، وإن الإنسان الذي يصاب بداء الغفلة سهل الوقوع في الشهوات والشبهات .. ولا يعصمه إلا الله تعالى ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وهو يصف خطر وعواقب الغفلة فيقول : " فالغفلة عن الله والدار الآخرة تسد باب الخير الذي هو الذكر واليقظة، والشهوة تفتح باب الشر والسهو والخوف، فيبقى القلب مغموراً بما يهواه ويخشاه غافلاً عن الله، رائداً غير الله، ساهياً عن ذكره قد اشتغل بغير الله، قد انفرط أمره قد ران حب الدنيا على قلبه، كما روي في صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: " تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، إن أعطي رضي، وإن منع سخط " "
وقال أيضاً : " فالغفلة والشهوة أصل الشر، قال تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً } الكهف 28 . "
هذه جملة من أهم الأساليب الناجحة ـ إن عمل بها بصدق وجدية ـ لتجنب هذه العادة ..
والمسلم المستسلم لله عليه أن يحافظ على صحته وأن يشغلها ـ أيضاً ـ ببعض الأعمال الرياضية المباحة .. وأن ينظر إلى مستقبله بعين جادة وأمل .. وأن لا يدع مجال للشهوة المحرمة أن تعيقه على مواصلة دربه وهدفه في التخلص منها وتجنبها ..
والسالك كلما زادت عنده الشهوة عليه أن يطلع في الكتب ويسمع الأشرطة التي تتحدث عن ذكر النار وأهوالها .. التي تتحدث عن القبور وظلمتها .. عليه أن يسمع كل ما يردعه ويخيفه من عذاب الله تعالى ..
ولا بأس أن يعرض نفسه على طبيب مسلم ثقة متقيد بشرع الله ليستفيد من علم الطب في مثل هذه الحالة .
والحذر الحذر يا أخي .. من الخلود إلى النوم في كل وقت .. بل إذا كانت نعسان فاذهب مع تجنب النوم على البطن لأن هذه النومة تسبب تهيجاً جنسياً ـ وهي نومة المغضوب عليهم والمعذبين في النار وهي أصلاً منهي عنها لأن الله لا يحبها بل يبغضها ـ بسبب احتكاك الأعضاء التناسلية بالفراش ..
وأخيراً مما لا شك فيه أن اللجوء إلى الله والتضرع له بالدعاء ـ بيقين وبإخلاص وصدق ـ وطلب العون منه للخلاص من هذه العادة .. فهذا من أعظم العلاج لأنه سبحانه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه .. فكيف بالمضطر !! [/align]
تعليق