استكمالا لسلسلة ( في صميم الحقيقة ) 2
بسمة نغتر بها لتصنع السعادة في قلوبنا غرة، وأخشى أن تؤول إلى كابوس يقظ مضجعنا غفلة.
كل منا يحب الأبنا ويهيم بين طيات الأحلام راجيا أبوة تصنع له المستقبل والفخر، فالبيوت ميّتة بغياب الأطفال، وحديقة تسر الناظر بوجودهم، وكل منا يملك الحق في الأبوة والأمومة، ولكن من هو الذي يقدّر حجم المسئولية العظيمة عندما تكتحل العينان بتحقيق الحلم؟!
الأبناء في نظري معادلة معقدة بحاجة إلى تحديد مؤثراتها الخارجية والرغبات الفردية وتأصيل كل مؤثر وربطه مع إمكانات المقدم على هذا المشروع من أجل تفادي الكثير مما يحذره، ولست هنا لأزيد الموضوع عقدة لأنفر المقدمين عليه، ولكن وضعنا الحالي لا يسمح بتوسيع دائرة المساوي والخلل، فقديما الأب وخلفه 20 ابنا وكل واحد نال حقه من التربية، بينما اليوم 5 أبناء وكل واحد أردى من الآخر.
همسة: كيف يباغتك ابنك بالجحيم.
يقول أحدهم، " ابني أمامي أنظر إليه وينظر إلي، ولم يخطر ببالي أنه أمامي بشكله، وبعيد بقلبه "، يا ترى؛ مالذي يسلب عقل الابن بالرغم من اهتمام والده به؟ فكان من زملاء الدراسة السبب الدافع ليسيء الابن استخدام مقتنياته التي وفرها له والده كالهاتف والحاسوب في الكشف عن الصور البذيئة طالما أن زملائه ذووا باع في الرذيلة، فليس الابن في مأمن مالم يتيقن الأب حسن استخدام ابنه لتلك المقتنيات، وفي نظري، ليس الأب بحاجة إلى توفير هاتف لابنه إلا إذا أنهى دراسته النظامية، فالهاتف أصبح حاجة مترفة، وكل ما زاد عن الحاجة سيسوء وجوده.
فربما نستوضح قليلا أن الحاضر بات يقلقنا كثيرا، بعكس قلق أهل الماضي من زامنهم.
فما هي الأسباب التي جعلت من الأب في الماضي قادرا على تربية أبنائه؟
1ـ طبيعة الماضي تختلف عن الحاضر اختلافا جذريا، ووُجدت في الماضي أسباب نجاح تربية الأبناء بعكس اليوم، فكان حري بنا أن نستغل تقدمنا العلمي في توطيد ما أتينا به من الماضي، ولكن الإرادة لم توجد بحكم متغيرات دخيلة عدّلت في قيم الإنسان ومدى حرصه عليها.
2ـ في الماضي كان المجتمع متماسكا بحكم تداخله وصغر محيطه، وكل فرد من ذاك المجتمع يعتبر مسئولا عن كل ما يدور فيه، فترى الجار يؤدب ابن الجار ويعلمه إن أخطأ، وهكذا سارت الأمور، فمن لم يدرك خطأ ابنه، تداركه غيره ممن في ذاك المجتمع، وهكذا كان المجتمع الركيزة الهامة في نجاح تربية الأبناء بعد دور الوالدين في تربيتهم.
3ـ لم تكن هناك الكثير من الاهتمامات التي تشتت الأذهان في الماضي بحكم بساطته، فمن السهل توجيه الأبناء ومتابعتهم أولا بأول، ووجود الوالدين مع الأبناء في غالبية أوقاتهم، وهذا سر نجاح التربية وضمان توجيه الأبناء بصورة صحيحة.
4ـ كان الأبناء في الماضي السمة التي يفتخر بها الأباء، فأخلاقهم تدل على سمو خلق مربيهم، ولهذا يخشى كل أب على سمعته من خلال نوع تربية الابناء، وتراهم حريصين على بذل الكثير من أجل تربية أولادهم لضمان المكانة الإجتماعية المرغوبة.
5ـ بساطة الحياة في الماضي تجعل من السهل على الأب كشف خفايا الأبناء سواء الحسنة أو السيئة، ومن السهل تحسين أفهام الأبناء.
6ـ تماسك المجتمع وقلة الخيارات، يجعل من الصعب على الابن إيجاد مخرج ليهرب من واقعه، خصوصا أن الشدة هو ما يميز تربية الكثير.
بينما في حاضرنا، فإن الأسئلة التالية تستوقفني كثيرا
ـ هل لتعدد الزوجات خطورة على تربية الأبناء في وقتنا الحاضر؟ ( كثرة الأبناء)
ـ كيف نربي الأبناء في ضل فساد المجتمع برمّته؟
المجتمع في الماضي أشبهه ببرنامج الحماية الدائم، ولا ضير في تعدد الأبناء طالما وُجدت الأيادي الخفية التي كان لها الدور الأهم في تربية الأبناء، ولكن كيف يستطيع رجل واحد ( أب ) أن يربي أبنائه اليوم وهو لا يجد الوقت الكافي لنفسه، فما بالك لأبنائه إن تعددت زوجاته؟! لذلك فتعدد الزوجات هو مشروع تهوري يضع المقدم عليه بين فكي كمّاشه، وربما يهون فكّيها عندما أرى الواقع أن الأباء لا يدفعون هما لسمعتهم، فهم في أشغالهم تائهون وأبنائهم" كل في فلك يسبحون "
أسمع بعض التمتمات ممن يقلقهم فساد المجتمع، منهم من يقول " نربي أبنائنا، وتفسدهم المدارس"، فساد المجتمع سببه فساد البيوت وقلة الاهتمام بتربية الأبناء، وفساد البيوت هو من فساد فرد واحد ( الأب أو الأم )، وهكذا كان الشخص مجموعة، والمجموعة مجتمع، والمجتمع بلاد، وسائت البلاد ومن عليها، أوليس من حقي أن أخشى العيش في بلاد كهذه؟! فأنا أصلح والبلاد ومن عليها يفسدون.
بإمكاني التعويل على التقدم العلمي كوسيلة في إنجاح تربية الأبناء، وما زلت مقتنعا تماما أن المكتبة ضرورة ملحة في البيوت، فهي المقصد في الأول والأخير لكل من في البيت، وما أجمل أن تصرف وقتك وفكرك بين كلمات تكلّف كاتبها أن يخرجها لك ثمينة المعنى والهدف، لتغذي عقلك وتوسع مداركك وتصرف اهتماماتك عن مساوي المجتمع ومحنه.
لابد أن نتنبه إلى أن الاقتناع بالشيء خير من الإجبار عليه، فالطفل إن أُجبر على أمر فإنه سينفذه مرغما عليه وليس قناعة به، وبزوال المؤثر الذي يجبره على الأمر، فإن الطفل سرعان ما يعود إلى سابقه، ولذلك فإننا بقدر حاجتنا إلى الاقتناع بأمر ما، فإن للطفل حاجة كي نقنعه أيضا، وبالشدة نخسر ود الطفل، بينما بالقناعة نكسبه.
فإن تداركت ابنك في كبره، لجعلت من بسمته عند الطفولة حلما تحقق. ولباغت خوفك قبل أن يباغتك ابنك بالجحيم.
أبو المثنى
17/7/2011
بسمة نغتر بها لتصنع السعادة في قلوبنا غرة، وأخشى أن تؤول إلى كابوس يقظ مضجعنا غفلة.
كل منا يحب الأبنا ويهيم بين طيات الأحلام راجيا أبوة تصنع له المستقبل والفخر، فالبيوت ميّتة بغياب الأطفال، وحديقة تسر الناظر بوجودهم، وكل منا يملك الحق في الأبوة والأمومة، ولكن من هو الذي يقدّر حجم المسئولية العظيمة عندما تكتحل العينان بتحقيق الحلم؟!
الأبناء في نظري معادلة معقدة بحاجة إلى تحديد مؤثراتها الخارجية والرغبات الفردية وتأصيل كل مؤثر وربطه مع إمكانات المقدم على هذا المشروع من أجل تفادي الكثير مما يحذره، ولست هنا لأزيد الموضوع عقدة لأنفر المقدمين عليه، ولكن وضعنا الحالي لا يسمح بتوسيع دائرة المساوي والخلل، فقديما الأب وخلفه 20 ابنا وكل واحد نال حقه من التربية، بينما اليوم 5 أبناء وكل واحد أردى من الآخر.
همسة: كيف يباغتك ابنك بالجحيم.
يقول أحدهم، " ابني أمامي أنظر إليه وينظر إلي، ولم يخطر ببالي أنه أمامي بشكله، وبعيد بقلبه "، يا ترى؛ مالذي يسلب عقل الابن بالرغم من اهتمام والده به؟ فكان من زملاء الدراسة السبب الدافع ليسيء الابن استخدام مقتنياته التي وفرها له والده كالهاتف والحاسوب في الكشف عن الصور البذيئة طالما أن زملائه ذووا باع في الرذيلة، فليس الابن في مأمن مالم يتيقن الأب حسن استخدام ابنه لتلك المقتنيات، وفي نظري، ليس الأب بحاجة إلى توفير هاتف لابنه إلا إذا أنهى دراسته النظامية، فالهاتف أصبح حاجة مترفة، وكل ما زاد عن الحاجة سيسوء وجوده.
فربما نستوضح قليلا أن الحاضر بات يقلقنا كثيرا، بعكس قلق أهل الماضي من زامنهم.
فما هي الأسباب التي جعلت من الأب في الماضي قادرا على تربية أبنائه؟
1ـ طبيعة الماضي تختلف عن الحاضر اختلافا جذريا، ووُجدت في الماضي أسباب نجاح تربية الأبناء بعكس اليوم، فكان حري بنا أن نستغل تقدمنا العلمي في توطيد ما أتينا به من الماضي، ولكن الإرادة لم توجد بحكم متغيرات دخيلة عدّلت في قيم الإنسان ومدى حرصه عليها.
2ـ في الماضي كان المجتمع متماسكا بحكم تداخله وصغر محيطه، وكل فرد من ذاك المجتمع يعتبر مسئولا عن كل ما يدور فيه، فترى الجار يؤدب ابن الجار ويعلمه إن أخطأ، وهكذا سارت الأمور، فمن لم يدرك خطأ ابنه، تداركه غيره ممن في ذاك المجتمع، وهكذا كان المجتمع الركيزة الهامة في نجاح تربية الأبناء بعد دور الوالدين في تربيتهم.
3ـ لم تكن هناك الكثير من الاهتمامات التي تشتت الأذهان في الماضي بحكم بساطته، فمن السهل توجيه الأبناء ومتابعتهم أولا بأول، ووجود الوالدين مع الأبناء في غالبية أوقاتهم، وهذا سر نجاح التربية وضمان توجيه الأبناء بصورة صحيحة.
4ـ كان الأبناء في الماضي السمة التي يفتخر بها الأباء، فأخلاقهم تدل على سمو خلق مربيهم، ولهذا يخشى كل أب على سمعته من خلال نوع تربية الابناء، وتراهم حريصين على بذل الكثير من أجل تربية أولادهم لضمان المكانة الإجتماعية المرغوبة.
5ـ بساطة الحياة في الماضي تجعل من السهل على الأب كشف خفايا الأبناء سواء الحسنة أو السيئة، ومن السهل تحسين أفهام الأبناء.
6ـ تماسك المجتمع وقلة الخيارات، يجعل من الصعب على الابن إيجاد مخرج ليهرب من واقعه، خصوصا أن الشدة هو ما يميز تربية الكثير.
بينما في حاضرنا، فإن الأسئلة التالية تستوقفني كثيرا
ـ هل لتعدد الزوجات خطورة على تربية الأبناء في وقتنا الحاضر؟ ( كثرة الأبناء)
ـ كيف نربي الأبناء في ضل فساد المجتمع برمّته؟
المجتمع في الماضي أشبهه ببرنامج الحماية الدائم، ولا ضير في تعدد الأبناء طالما وُجدت الأيادي الخفية التي كان لها الدور الأهم في تربية الأبناء، ولكن كيف يستطيع رجل واحد ( أب ) أن يربي أبنائه اليوم وهو لا يجد الوقت الكافي لنفسه، فما بالك لأبنائه إن تعددت زوجاته؟! لذلك فتعدد الزوجات هو مشروع تهوري يضع المقدم عليه بين فكي كمّاشه، وربما يهون فكّيها عندما أرى الواقع أن الأباء لا يدفعون هما لسمعتهم، فهم في أشغالهم تائهون وأبنائهم" كل في فلك يسبحون "
أسمع بعض التمتمات ممن يقلقهم فساد المجتمع، منهم من يقول " نربي أبنائنا، وتفسدهم المدارس"، فساد المجتمع سببه فساد البيوت وقلة الاهتمام بتربية الأبناء، وفساد البيوت هو من فساد فرد واحد ( الأب أو الأم )، وهكذا كان الشخص مجموعة، والمجموعة مجتمع، والمجتمع بلاد، وسائت البلاد ومن عليها، أوليس من حقي أن أخشى العيش في بلاد كهذه؟! فأنا أصلح والبلاد ومن عليها يفسدون.
بإمكاني التعويل على التقدم العلمي كوسيلة في إنجاح تربية الأبناء، وما زلت مقتنعا تماما أن المكتبة ضرورة ملحة في البيوت، فهي المقصد في الأول والأخير لكل من في البيت، وما أجمل أن تصرف وقتك وفكرك بين كلمات تكلّف كاتبها أن يخرجها لك ثمينة المعنى والهدف، لتغذي عقلك وتوسع مداركك وتصرف اهتماماتك عن مساوي المجتمع ومحنه.
لابد أن نتنبه إلى أن الاقتناع بالشيء خير من الإجبار عليه، فالطفل إن أُجبر على أمر فإنه سينفذه مرغما عليه وليس قناعة به، وبزوال المؤثر الذي يجبره على الأمر، فإن الطفل سرعان ما يعود إلى سابقه، ولذلك فإننا بقدر حاجتنا إلى الاقتناع بأمر ما، فإن للطفل حاجة كي نقنعه أيضا، وبالشدة نخسر ود الطفل، بينما بالقناعة نكسبه.
فإن تداركت ابنك في كبره، لجعلت من بسمته عند الطفولة حلما تحقق. ولباغت خوفك قبل أن يباغتك ابنك بالجحيم.
أبو المثنى
17/7/2011