هنيئا لك المرأة
ارتوت من نهر الحب الصادق والحنان المتدفق فأورقت حبا على حب,وصفاء على صفاء. لما أقبل العيد أرادت أن تكتسي حلة ملابس فوق حلة الإيمان فقالت لزوجها: لابد أن تذهب معي فلن أذهب بدون محرم, لاأريد رجلا غيرك يسمع صوتي! وادنت على وجهها حجابا سميكا مستجيبة لأمر الله عز وجل,متبعة في ذلك أمهات المؤمنين,فحرمت على الرجل الاجنبي أن يرى منها ظفرا أو خصلة شعر وقالت:هي حل لك, حرام عليهم. سارت بجواره خائفة وجلة أن تقع عليها أعين الرجال ونظراتهم! ولما خرجت من السوق فاذا العرقيتساقط من جبينها الوضاء, فقال وهو يتمنى أن يسمح تلك القطرات بيده: تلك يازوجتي حبات الحياء خرجت! ولو انهملت مرة بعد مرة اخرى وتطاولت بها الايام لجدبت وغارت فلا تنحدر! أما رأيت الحياء كيف يسقط مرة تلو الاخرى فلا يبقى منه الا مايواري السوأة!
وحين أقبل النهار بساعاته الطويلة أدنت له من المأكل والمشرب مالذ وطاب اتستقبل الزوج العائد مختبئة خلف الباب مرحبة بأجمل عبارات الشوق وكأن الحبيب عائد من سفر سنوات وليس فراق ساعات!
حدا بها الشوق لتبوح مكنون النفس بكلمات تقدمها ابتسامة صادقة لتلامس قلبه قبل أذنيه.. وقد كان لها نصيب أوفي من حديث محمد صلى الله عليه وسلم:" اذا نظر اليها سرته"!
وعندما استقر به المقام جلست بين يديه تتلهف كلمة يقولها أو همسة من طرف لتجيب بنعم! تنتقل نظراتها الى مايحب.. ولما تعثر صغيرهما وهو يجري بخطوات صغيرة أزجت التربية دعاء مسموعا: هذا يازوجي أعده لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ليكون علما من أعلامها وداعية من دعاتها, أقر الله عينك به شهيدا في سبيل الله مقبلا غير مدبر!سابق الفرح الاب سنوات قادمة فاذا به يرى الدعاء حقيقة والامنية راية يرفعها الصغيرة علما وجهادا.. لاتسل عن الفرحة وكانها اهدته كنوز الدنيا بهذا الامل المشرق.
ولما ادركهما السكن في ليل هادئ كانت له ححورية عذبة الكلمة طيبة الرائحة! ان نظر اليها اعاد وكرر فلا يمل , وان تحدثت فنعم الحديث عذوبة ورقة, وتمنت على زوجها ان تختم يومه بقراءة جزء من القران فناولته المصحف وقالت: لعلك تراجع حفظي فقد تفلت القرآن مني. فكان لها ذلك, وحين جن الليل وأظم قامت قبل اشراقة الفجر الى مصلاها فكبرت واطالت القراءة واتبعتها بركوع ثم سجود طويل, وكان يسمع الدعاء فخصته قبل نفسها ورفعت حاجته قبل حاجتها حتى سلمت يمنة ويسرة ثم التفتت اليه وقالت: اريد ان اطبق السنة ولو مرة واحدة ونضحت ماء قليلا مسحته على عجل بيدها حتى لايقع على وجهه فيؤذيه ونادته للصلاة فنهض وهويسمعها الدعاء: جعلك الله زوجتي في الجنة!
هنيئا لك ايها الزوج هذه لامأة الولود الودود, هنيئا لك امرأة عفيفة ليس لغيرك فيها نصيب, وهنيئا لامرأة اسلمت قلبها لله عز وجل وتعبدت ذلك طاعة وقربة! أنها امرأة ليست ضربا من الخيال بل هي كثير من البيوت العامرة بالطاعة والايمان.. لقد صفت القلوب ووقر الايمان وقرت العين فكانت الحياة طيبة.( ومن عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانو يعملون).
وقفه: لعل الله ان ييسر في العدد القادم الكتابة عن رجل تهفوا الى قلبه العفيفات. وهذان المقالان ومايتبعها رد على المسلسلات والرويات التى تصور الحب في صورة بشعة من التعدي على الاعراض وانتهاك الحرمات.. وماعلموا ان اسمى حب واطهره وادمه واجمله في بيوت الصالحين. ولذلك اعظم شاهد فقد سئل عمرو بن العاص رضى الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من احب الناس اليك قال:"عائشة..".
تعليق