إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الطماطم مجنونة ودموية ومفيدة للصحة..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الطماطم مجنونة ودموية ومفيدة للصحة..

    الطماطم مجنونة ودموية ومفيدة للصحة




    كان صوته الجهوري المبحوح يفرض نفسه على ضجيج سوق الخضار وهو يهتف لبضاعته وكأنه يشتمها.. وجهه المتحفز يعلو رقبته الممطوطة كديك شركسي يتعجل بزوغ قرص الشمس قبل الأوان، فيما تحمل حشرجة صوته الذبيح التهديد للباعة المنافسين والوعيد للزبائن ان تجرأوا على انتقاء بضاعته بأياديهم. يرفع عقيرته بالنداء المرة تلو الأخرى وقد انتفخت أوداجه ونفرت عروق رقبته وجحظت عيناه اللتان أصبحتا في لون بضاعته. يسأل زبونته وهو يضربها على يدها الممتدة للمس البضاعة : "طبيخ ولا سلطة ؟" تنظر اليه مستنكرة ثم تجيبه باستسلام خوفا من نظراته النارية ولسانه السليط. يلتقط بضع ثمرات من الطماطم ليضعها في الميزان وهو يطلق النداء مرة أخرى :"يامجنونة يا طماطم.. يا جواهر يا طماطم.. بلون الدم يا طماطم".

    ومن لونها الأحمر كالدم يذكر التاريخ أن الطماطم كانت تزرع بواسطة قبائل عرفت بتعطشها للدماء سكنت فيما يعرف الآن بأمريكا الوسطى وهي قبائل الأزتكس وأيضا قبائل الانكاس في الفترة الزمنية حوالي 700 قبل الميلاد، وقتها لم تكن الطماطم معروفة في مكان آخر. وبعد استكشاف أمريكا غزا المستكشف الأسباني "كورتز" مدينة أزتك - التي عرفت فيما بعد بمدينة مكسيكو سيتي - عام 1521، وعندئذ عرفت الطماطم طريقها عبر الأطلنطي بعد ذلك بفترة قصيرة عندما أحضر المستكشفون الأسبان بذورها الى أوربا.

    جاءت تسمية الطماطم من كلمة "طماطل Tomatl" المستعملة في لغة "نهواتل Nahuatl" وهي لغة شعب الأزتيك. ثم حرفت الى التسمية الانجليزية الحالية "Tomato" وأصبحت معروفة في العربية بالطماطم، وفي بعض اللهجات الشعبية "قوطة" كما تسمى في بعض البلاد العربية "بندورة". وكانت بعض مسمياتها الأولي في أوربا تربطها بالتفاح فقيل عنها "تفاح الذهب". والعجيب أن الطماطم كان ينظر اليها كنبات سام يخاف الجميع من تناوله ولم يكن الاعجاب بها سوى لجمال منظرها وجاذبية شكلها.

    وسبب النظرة للطماطم كنبات سام هو ارتباطها بعائلة نباتية سامة يستحضر من بعض نباتاتها عقار عرف باحداثه للهلوسة عند من يتناوله وهو عقار "البلادونا" الطبي الشهير، وهذا الاسم يعني في اللغة اللاتينية "السيدة الجميلة". وفي العصور الوسطى كانت سيدات القصور في أوربا يضعن بضع قطرات من خلاصة البلادونا لكي تتسع حدقات عيونهم فتبدو جميلة حيث كانت هذه الملامح هي صرعة العصر في ذلك الوقت.

    كانت الخواص المرتبطة بالهلوسة في النبات تسبب زغللة في النظر واحساس بالتحليق عاليا. ممارربط بين هذه العائلة النباتية وبين السحر. ويروي الفولكلور الألماني أن الساحرات استعملن نباتات من تلك العائلة في طقوس السحر التي كن يمارسنها وفي مطاردة الأشخاص الذين تروي الأساطير أنهم يتحولون الى ذئاب في الليالي المقمرة، حتى أنه في اللغة الألمانية العامية يطلق على الطماطم اسم "خوخ الذئب". ولهذه الأسباب كان الناس يتحاشون الطماطم في كل أرجاء العالم. وفي القرن الثامن عشر كانت الطماطم تعرف باسم معناه "خوخ الذئب الصالح للأكل ".

    ولعلاقة الطماطم بالسحر والسحرة فان محاولات تسويقها للاستهلاك الآدمي لم تكن ناجحة في البداية. ولكن الذي أدي الى انتشار أكلها في أوربا هو ارتباط لونها بلون الدم. ففي خلال الثورة الفرنسية عام 1783 كان الثوار المطالبين بالجمهورية في باريس يرتدون غطاء رأس أحمر اللون كعلامة على ايمانهم بالجمهورية، وفي غمار تعطشهم لسفك دماء الأرستقراطيين وقطع رؤوسهم قام أحد الطباخين المتحمسين للثورة ليخطب فيهم فاقترح عليهم أن يأكلوا طعاما أحمر اللون كعلامة على بذل حياتهم فداء للثورة. كانت الطماطم معروفة للعامة في أماكن مختلفة من جنوب القارة الأوربية ولكنها كانت مرفوضة من الطبقة الأرستقراطية الفرنسية، مما جعلها شعارا مناسبا تماما للغوغاء المتعطشين لدماء الأرستقراطيين. وهكذا أصبحت الطماطم بسرعة فائقة هي الثمار المفضلة للجموع المطالبة بالجمهورية، ومن ثم أصبحت مكون رئيسي للأطباق المطبوخة وأنواع السلاطة المختلفة.

    أما في الولايات المتحدة ففي يوم 26 سبتمبر عام 1830 وقف الكولونيل "روبرت جيبون جونسون" على سلم محكمة مدينة "سالم" في ولاية "ماساشوسيتس" وهو يمسك بسلة من ثمار الطماطم التي كانت معروفة كنبات سام، وبرغم تحذيره من أن السم الموجود في هذه الثمار سوف يحول دمه الى حامض فان الكولونيل أخبر مئات المتجمهرين لمشاهدته أنه سيأكل كل الثمار الموجودة في السلة ولن يموت. هنا صاح طبيب الكولونيل :"أيها الرجل المجنون ستموت وستخرج الرغاوي من فمك، وستتلوى من آلام التهاب الزائدة الدودية. هذه الثمار مليئة بحمض الأوكساليك التي تقتل في الحال، واذا لم تمت فانك ستصاب بالسرطان". وبالطبع لم يحدث شيء سيء مما قاله الطبيب المرتعب للكولونيل المغامر.

    وفي أيامنا هذه تجد الطماطم من يرفع من شأنها ويجعلها غذاء ودواء أيضا. فقد قرر بعض الباحثين الايطاليين أن أكل البيتزا يقلل من الاصابة بسرطان المريء بنسبة 59 %، وسرطان القولون بسنبة 26 % وسرطان الفم بنسة 34 %، وأرجعوا السر وراء هذا التأثير الصحي الهام الى مادة "لايكوبين" وهي مضادة للأكسدة موجودة بكثرة في الطماطم وتقي من السرطان، كما انها مسئولة عن ظهور اللون الأحمر في الفواكه. واللايكوبين يوجد في الطماطم الطازجة والمعصورة والصلصة والمعجون وكل أنواع الطماطم المطهية بكل الطرق.

    ويأكل الشخص المتوسط ما يزيد على 35 كيلوجرام من الطماطم في العام، وهذا الرقم أكثر من معدل استهلاكه من أي نوع خضار أو فاكهة أخر. وتتكون ثمرة الطماطم من الماء الذي يشكل الجزء الأكبر منها، وتحتوي على فيتامين A وكمية كبيرة من فيتامين C وكمية قليلة من أنواع أخري من الفيتامين، وبعض الحديد والمعادن الأخري، والألياف، وكمية ضئيلة من البروتين، وقليل من الدهون ولكنها لا تحتوي على كوليسترول، وتحتوي على 25 سعرا في المائة جرام، ومؤشرها السكري منخفض (خمسة) مما يجعلها صديقة لهواة الوزن المثالي ورفيقة درب لمن يتبع ريجيم لخفض الوزن يأكلها كلما شعر بالجوع، وهي أيضا مناسبة لمرضى السكر. كما تحتوي الطماطم على مادة البيتاكاروتين التي تتحول في الجسم لفيتامين A .

    ومؤخرا تمكن العلماء في ألمانيا من انتاج نوعا من الطماطم المعالجة جينيا بحيث يكون لها تأثيرات صحية معينة تحدد حسن الطلب مثل زيادة نسبة بروتين معين في الثمرة. وفي هذه الثمار "السوبر" يمكن زيادة محتواها من الفيتامينات، كما يمكن أنتاج بعض اللقاحات ضد الأمراض في أنسجة الثمرة، مما يجعل أكلها هو بمثابة التطعيم ضد المرض. وأيضا يمكن انتاج ثمار تحتوي على بعض المواد الدوائية والأجسام المضادة.

    والطماطم كما هو معروف للجميع تؤكل طازجة ومطبوخة، عصيرا أو في السلاطة، في الصلصة أو الكتشب، كما نعرفها في مصر مخللة بالثوم والخضرة والتوابل، ونأكلها في كل وقت وكل موسم وكل وجبة. ويتراوح سعرها حسب الفصول، فأحيانا تكون رخيصة السعر سهلة المنال.. وأحيانا يرتفع سعرها الى عنان السماء فيصل الى مستويات غير معقولة، ووقتها يهتف المستهلك مع بائعها وكأنهما يشتمانها: "يا مجنونة يا طماطم"!
    http://disk02.arb-up.com/i/00022/pxjo4vgyib6l_t.jpg

    لن أحاول أن أغير من نفسي لــ أجل أي شخص ..
    ولن أعبث بشخصيتي لـــ أرضي الاخرين...
    فأن لــم تعجبك شخصيتي كما هي ..
    فـــ غيرك يعشقها بجنون !!
يعمل...
X