الشّرب بالأيدي
مسألة: يكره الشرب بالأفواه ويستحب الشرب بالأيدي.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «مرّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على رجل يكرع الماء بفمه، قال: تكرع ككرعة البهيمة اشرب بيديك فإنّهما من أطيب آنيتكم»[1].
وفي دعائم الإسلام، عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنّه مرّ برجل يكرع الماء بفيه، يعنى يشربه من إناء أو غيره من وسطه، قال: أ تكرع ككرع البهيمة إن لم تجد إناءً فاشرب بيديك فإنّها من أطيب آنيتك»[2].
وعن النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «إنّه كان يشرب بكفّيه يصبّ الماء فيهما ويشرب ويقول: ليس إناء أطيب من اليد»[3].
سقي الماء
مسألة يستحب سقي المؤمنين الماء حيث يوجد الماء وحيث لا يوجد.
عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) أنّه قال في حديث: «ومن سقى مؤمناً من ظمأ سقاه اللّه من الرّحيق المختوم»[4].
وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنّه قال: «وأيّما مؤمن سقى مؤمناً سقاه اللّه من الرّحيق المختوم»[5].
وعنه (عليه السلام) قال: «ما من مؤمن يطعم مؤمناً شبعة من طعام إلا أطعمه اللّه من ثمار الجنّة، ولا سقاه رية إلا سقاه اللّه من الرّحيق المختوم»[6].
وعن النّبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: «من سقى أخاه المسلم شربةً سقاه اللّه من شراب الجنّة وأعطاه بكلّ قطرة منها قنطاراً في الجنّة»[7].
وقال (صلى الله عليه وآله): «من سقى ظمآن سقاه اللّه من الرّحيق المختوم، من سقى مؤمناً قربةً من ماء أعتقه اللّه من النّار، ومن سقى ظمآن في فلاة ورد حياض القدس مع النّبيّين»[8].
من آداب السقي
مسألة: يستحب شرب صاحب الرّحل أوّلا وساقي القوم آخراً.
ففي كنز الفوائد، قال: إنّ النّبيّ (صلى الله عليه وآله) كان في سفر فاستيقظ من نومه فقال (صلى الله عليه وآله): «مع من وضوء» فقال أبو قتادة: معي في ميضاة، فأتاه به فتوضّأ وفضلت في الميضاة فضلة، فقال: «احتفظ بها يا أبا قتادة فيكون لها شأن» فلمّا حمي النّهار واشتدّ العطش بالنّاس ابتدروا إلى النّبيّ (صلى الله عليه وآله) يقولون: الماء الماء، فدعا النّبيّ (صلى الله عليه وآله) بقدحه ثمّ قال: «هلمّ الميضاة يا أبا قتادة» فأخذها ودعا فيها وقال: «اسكب» فسكب في القدح وابتدر النّاس الماء، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «كلّكم يشرب الماء إن شاء اللّه» فكان أبو قتادة يسكب ورسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يسقي حتّى شرب النّاس أجمعون، ثمّ قال النّبيّ (صلى الله عليه وآله) لأبي قتادة: «اشرب» فقال: لا بل اشرب أنت يا رسول اللّه، فقال: «اشرب فإنّ ساقي القوم آخرهم يشرب» فشرب أبو قتادة ثمّ شرب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وانتهى القوم رواء[9].
وعن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال: «ساقي القوم آخرهم شرباً»[10].
والشّيخ الطّبرسيّ في إعلام الورى، من معجزات النّبيّ (صلى الله عليه وآله) في حديث شاة أمّ معبد، وساق الحديث إلى أن قال: فدعا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بإناء لها يربض الرّهط فحلب فيه ثجّاً حتّى علته الثّمال فسقاها فشربت حتّى رويت، ثمّ سقى أصحابه فشربوا حتّى رووا، فشرب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) آخرهم وقال: «ساقي القوم آخرهم شرباً»[11].
الأقداح الشّاميّة
الطّبرسيّ في المكارم، عن النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «وكان يشرب في أقداح القوارير التي يؤتى بها من الشّام ويشرب في الأقداح الّتي يتخذ من الخشب وفي الجلود»[12].
الخزف
الطّبرسيّ في المكارم، في الحديث المتقدّم في صفة مشربه (صلى الله عليه وآله) قال: ويشرب في الخزف[13].
ثلمة الإناء وعروته
مسألة: يكره الشّرب من ثلمة الإناء وعروته وأذنه وكسر فيه، بل يشرب من شفته الوسطى، وكراهة الوضوء من قبل العروة.
عن جعفر بن محمّد (عليه السلام): «أنّه نهى أن عن الشرب من قبل عروة الإناء»[14].
وقال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام) وقد قدّمت المائدة إلى بين يديه: «الحمد للّه الّذي جعل لكلّ شيء حدوداً» إلى أن قال: فلمّا أوتي بشربة الماء قال: «الحمد للّه الّذي جعل لكلّ شيء حدوداً» فقيل له: وما حدود الكوز؟ قال: «تذكر اسم اللّه في ابتداء الشّرب منه، وتحمد اللّه بعد الفراغ من الشّرب منه، وتشرب من يمنة عروته، ولا تشرب من موضع كسر إن كان فيه، وأن تشرب منه في بعد واحد أو بعدين أو ثلاثة أبعاد، وذكر اللّه في ابتداء كلّ بعد، وحمد اللّه في آخره»[15].
وعن الصّادق (عليه السلام) قال: «أتى أبي جماعة فقالوا له: زعمت أنّ لكلّ شيء حدّاً ينتهي إليه، فقال لهم أبي: نعم، قال: فدعا بماء ليشربوا، فقالوا: يا أبا جعفر هذا الكوز من الشيء هو، قال (عليه السلام): نعم، قالوا: فما حدّه؟ قال: حدّه أن تشرب من شفته الوسطى وتذكر اللّه عليه وتتنفّس ثلاثاً كلّما تنفّست حمدت اللّه ولا تشرب من أذن الكوز فإنّه شرب الشّيطان»[16].
وعن موسى بن جعفر (عليه السلام) سئل عن حدّ الإناء فقال: «حدّه أن لا تشرب من موضع كسر إن كان به فإنّه مجلس الشّيطان وإذا شربت سمّيت وإذا فرغت حمدت اللّه»[17].
أفواه الأسقية
مسألة: يكره الشرب من أفواه الأسقية.
عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «أنّه نهى عن اختناث الأسقية» وهو أن تثني أفواه القربة ثمّ يشرب منها، وقيل: إنّ ذلك نهي عنه لوجهين، أحدهما: أنّه يخاف أن يكون فيها دابّة أو حيّة فتنساب في الشّارب، والثّاني: أنّ ذلك ينتّنها»[18].
وقال الشيخ الطّبرسيّ (رحمه الله) في المكارم، عن النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «أنّه كان يشرب من أفواه القرب والأداوى ولا يختنثها اختناثاً ويقول: إنّ اختناثها ينتّنها[19].
النفخ في القدح
مسألة: يكره النّفخ في القدح.
عن النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «أنّه نهى أن يتنفّس في الإناء أو ينفخ فيه»[20].
الشرب من سؤر المؤمن
مسألة: يستحب الشّرب من سؤر المؤمن تبرّكاً.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من شرب من سؤر أخيه تبرّكاً به، خلق اللّه بينهما ملكاً يستغفر لهما حتّى تقوم السّاعة»[21].
وقال (صلى الله عليه وآله): «في سؤر المؤمن شفاء من سبعين داءً»[22].
وقال (صلى الله عليه وآله): «ومن التّواضع أن يشرب الرّجل من سؤر أخيه المؤمن»[23].
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «شرب الماء من الكوز العام أمان من البرص والجذام»[24].
ماء المطر
مسألة: يستحب شرب ماء السماء، ويكره أكل البرد.
عن الصّادق (عليه السلام): «البرد لا يؤكل لأن الله عز وجل يقول: ((فيصيب به من يشاء)) [25]»[26].
وفي مكارم الأخلاق: كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يأكل البرد ويتفقّد ذلك أصحابه فيلتقطونه له فيأكله ويقول: «إنّه يذهب بأكلة الأسنان»[27].
ماء المطر وسور قرآنية
مسألة: يستحب قراءة الحمد والإخلاص والمعوّذتين سبعين مرّةً على ماء السّماء قبل وصوله إلى الأرض وشربه للاستشفاء به.
فعن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال: «أ لا أعلّمكم بدعاء علّمني جبرئيل ما لاتحتاجون معه إلى طبيب ودواء»، قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال (صلى الله عليه وآله): «يأخذ ماء المطر ويقرأ عليه فاتحة الكتاب سبعين مرّةً، و ((قل أعوذ بربّ الفلق)) سبعين مرّةً، و ((قل أعوذ بربّ الناس)) سبعين مرّةً، ويصلّي على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) وآله سبعين مرّةً، ويسبّح سبعين مرّةً، ويشرب من ذلك الماء غدوةً وعشيّةً سبعة أيّام متواليات» الخبر[28].
التداوي بماء نيسان
مسألة: يستحب التداوي بماء نيسان على ما جاء في الروايات.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أ لا أعلّمكم دعاءً علّمني جبرئيل (عليه السلام) حيث لاأحتاج إلى دواء الأطبّاء» وقال عليّ (عليه السلام) وسلمان وغيرهما (رحمة اللّه عليهم): وما ذاك الدّواء؟ فقال النّبيّ (صلى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام): «تأخذ من ماء المطر بنيسان وتقرأ عليه فاتحة الكتاب سبعين مرّةً، وآية الكرسيّ سبعين مرّةً، و ((قل هو اللّه أحد)) سبعين مرّةً، و ((قل أعوذ بربّ الفلق)) سبعين مرّةً، و ((قل أعوذ بربّ النّاس)) سبعين مرّةً، و ((قل يا أيّها الكافرون)) سبعين مرّةً، وتشرب من ذلك الماء غدوةً وعشيّةً سبعة أيّام متواليات» قال النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً إنّ جبرئيل (عليه السلام) قال: إنّ اللّه يرفع عن الّذي يشرب من هذا الماء كلّ داء في جسده ويعافيه ويخرج من عروقه وجسده وعظمه وجميع أعضائه ويمحو ذلك من اللّوح المحفوظ، والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً إن لم يكن له ولد وأحبّ أن يكون له ولد بعد ذلك فشرب من ذلك الماء كان له ولد، وإن كانت امرأة عقيماً وشربت من ذلك الماء رزقها اللّه ولداً، وإن كان الرّجل عنّيناً والمرأة عقيماً وشربت من ذلك الماء أطلق اللّه ذلك وذهب ما عنده ويقدر على المجامعة، وإن أحبّت أن تحمل بابن حملت، وإن أحبّت أن تحمل بذكر أو أنثى حملت، وتصديق ذلك في كتاب اللّه: ((يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذّكور، أو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً)) [29] وإن كان به صداع فشرب من ذلك يسكن عنه الصّداع بإذن اللّه، وإن كان به وجع العين يقطر من ذلك الماء في عينيه ويشرب منه ويغسل عينيه يبرأ بإذن اللّه، ويشدّ أصول الأسنان، ويطيّب الفم، ولا يسيل من أصول الأسنان اللّعاب، ويقطع البلغم ولا يتّخم إذا أكل وشرب، ولا يتأذّى بالرّيح، ولا يصيبه الفالج، ولا يشتكي ظهره، ولا يتّجع بطنه، ولا يخاف من الزّكام ووجع الضّرس، ولا يشتكي المعدة ولا الدّود، ولا يصيبه قولنج، ولا يحتاج إلى الحجامة، ولا يصيبه النّاسور، ولا يصيبه الحكّة ولا الجدريّ ولا الجنون ولا الجذام والبرص والرّعاف ولا القلس، ولا يصيبه عمًى ولا بكم ولا خرس ولا صمم ولا مقعد، ولا يصيبه الماء الأسود في عينيه، ولا يفسد داء يفسد عليه صوماً وصلاة، ولا يتأذّى بالوسوسة ولا الجنّ ولا الشّياطين».
وقال النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «قال جبرئيل: إنّه من شرب من ذلك الماء ثمّ كان به جميع الأوجاع الّتي تصيب النّاس فإنّها شفاء له من جميع الأوجاع».
فقلت: «يا جبرئيل هل ينفع في غير ما ذكرت من الأوجاع»؟
قال جبرئيل: «والّذي بعثك بالحقّ نبيّاً من يقرأ بهذه الآيات على هذا الماء ملأ اللّه قلبه نوراً وضياءً، ويلقي الإلهام في قلبه، ويجري الحكمة على لسانه، ويحشو قلبه من الفهم والتّبصرة، ولم يعط مثله أحداً من العالمين، ويرسل إليه ألف مغفرة وألف رحمة، ويخرج الغشّ والخيانة والغيبة والحسد والبغي والكبر والبخل والحرص والغضب من قلبه، والعداوة والبغضاء والنّميمة والوقيعة في النّاس، وهو الشّفاء من كلّ داء»[30].
و قد روي في رواية أخرى عن النّبيّ (صلى الله عليه وآله) فيما يقرأ على ماء المطر في نيسان زيادة وهي: «أنّه يقرأ عليه سورة ((إنّا أنزلناه)) [31] ويكبّر اللّه ويهلّل اللّه ويصلّي على النّبيّ (عليه السلام) كلّ واحدة منها سبعين مرّةً»[32].
وروي عن جعفر بن محمّد (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: «قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): علّمني جبرئيل دواءً لا أحتاج معه إلى طبيب» فقال بعض أصحابه: نحبّ يا رسول اللّه أن تعلّمنا، فقال (صلى الله عليه وآله): «يؤخذ بنيسان يقرأ عليه فاتحة الكتاب وآية الكرسيّ و ((قل يا أيّها الكافرون)) و ((سبّح اسم ربّك الأعلى)) سبعين مرّةً والمعوّذتان والإخلاص سبعين مرّةً، ثمّ يقرأ لا إله إلا اللّه سبعين مرّةً واللّه أكبر سبعين مرّةً، وصلّى اللّه على محمّد وآل محمّد سبعين مرّةً، وسبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر سبعين مرّةً، ثمّ يشرب منه جرعة بالعشاء وجرعة غدوةً سبعة أيّام متواليات» قال النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً إنّ اللّه يدفع عمّن يشرب هذا الماء كلّ داء وكلّ أذًى في جسده، ويطيّب الفم ويقطع البلغم ولا يتّخم إذا أكل وشرب ولا تؤذيه الرّياح ولا يصيبه فالج، ولا يشتكي ظهره ولا جوفه ولا سرّته، ولا يخاف البرسام ويقطع عنه البرودة وحصر البول، ولا تصيبه حكّة ولا جدريّ ولا طاعون ولا جذام ولا برص، ولا يصيبه الماء الأسود في عينيه، ويخشع قلبه ويرسل اللّه عليه ألف رحمة وألف مغفرة، ويخرج من قلبه النّكر والشّرك والعجب والكسل والفشل والعداوة، ويخرج من عروقه الدّاء، ويمحو عنه الوجع من اللّوح المحفوظ، وأيّ رجل أحبّ أن تحبل امرأته حبلت امرأته ورزقه اللّه الولد، وإن كان رجل محبوساً وشرب ذلك أطلقه اللّه من السّجن ويصل إلى ما يريد، وإن كان به صداع سكن عنه وسكن عنه كلّ داء في جسمه بإذن اللّه تعالى»[33].
ماء زمزم
مسألة: يستحب الشّرب من ماء زمزم، والاستشفاء به من كلّ داء، وكراهة الشّرب من ماء برهوت الّذي بحضرموت.
عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال: «ماء زمزم شفاء لما شرب له»[34].
و في حديث آخر: «ماء زمزم شفاء لما استعمل»[35].
وروي: «ماء زمزم شفاء من كلّ داء وسقم، وأمان من كلّ خوف وحزن»[36].
وعن ابن عبّاس قال: إنّ اللّه يرفع المياه العذاب قبل يوم القيامة غير زمزم، وأنّ ماءها يذهب بالحمى والصّداع والاطّلاع فيها يجلو البصر، ومن شربه للشّفاء شفاه اللّه، ومن شربه للجوع أشبعه اللّه»[37].
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «شرّ اليهود يهود بيسان، وشرّ النّصارى نصارى نجران، وخير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، وشرّ ماء على وجه الأرض ماء برهوت، وهو واد بحضرموت يرد عليه هام الكفّار وصداهم»[38].
ماء الفرات
مسألة: يستحب الشّرب من ماء الفرات والاستشفاء به وتحنيك الأولاد به.
عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «في قول اللّه عزّ وجلّ ((وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين)) [39]، قال: «الرّبوة نجف الكوفة والمعين الفرات»[40].
وعن حكيم بن جبير قال: سمعت عليّ بن الحسين (عليه السلام) يقول: «إنّ ملكاً يهبط كلّ ليلة معه ثلاثة مثاقيل مسك من مسك الجنّة فيطرحها في الفرات، وما من نهر في مشرق ولا مغرب ـ في شرق ولا غرب ـ أعظم بركةً منه»[41].
وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «يقطر في الفرات كلّ يوم قطرات من الجنّة»[42].
وعن عبد اللّه بن سليمان قال: لمّا قدم أبو عبد اللّه (عليه السلام) الكوفة في زمن أبي العبّاس جاء على دابة في ثياب سفره حتّى وقف على جسر الكوفة، ثمّ قال لغلامه: «اسقني» فأخذ كوز ملاح فغرف فيه وسقاه، فشرب الماء وهو يسيل على لحيته وثيابه، ثمّ استزاده فزاده، فحمد اللّه ثمّ قال: «نهر ما أعظم بركته أما إنّه يسقط فيه كلّ يوم سبع قطرات من الجنّة، أما لو علم النّاس ما فيه من البركة لضربوا الأخبية على حافتيه ولولا ما يدخله من الخطائين ما اغتمس فيه ذو عاهة إلا برأ»[43].
وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «شاطئ الوادي الأيمن[44] الّذي ذكره اللّه تعالى جل جلاله في كتابه هو الفرات، والبقعة المباركة هي كربلاء، والشّجرة هي محمّد (صلى الله عليه وآله) »[45].
وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام) «ما أحد يشرّب من ماء الفرات ويحنّك به إذا ولد إلا أحبّنا، لأنّ الفرات نهر مؤمن»[46].
وقال (عليه السلام): «لو عدل في الفرات لأسقى ما على الأرض كلّه»[47].
نيل مصر
مسألة: يستحب الشّرب من نيل مصر وماء العقيق وسيحان وجيحان، وكراهة اختيار ماء دجلة وماء بلخ للشّرب.
وعن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «نهران مؤمنان ونهران كافران، نهران كافران نهر بلخ ودجلة، والمؤمنان نيل مصر والفرات، فحنّكوا أولادكم بماء الفرات»[48].
وروي: «أنّ أربعةً من أنهار الجنّة: سيحون وجيحون والنّيل والفرات»[49].
وعن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «النّيل يخرج من الجنّة، ولو التمستم فيه حين يخرج لوجدتم من ورقها»[50].
وعن عيسى بن أحمد بن عيسى قال: قال يوماً الإمام عليّ بن محمّد (عليه السلام): «يا أبا موسى أخرجت إلى سرّ من رأى كرهاً ولو أخرجت عنها أخرجت كرهاً» قال: قلت ولم يا سيّدي، قال: «لطيب هوائها وعذوبة مائها وقلّة دائها»[51].
وعن جابر عن محمّد بن عليّ (عليه السلام) في حديث في تزويج فاطمة (عليه السلام): «إنّ اللّه تعالى جعل نحلتها من عليّ (عليه السلام) خُمس الدّنيا وثلثي الجنّة، وجعل نحلتها في الأرض أربعة أنهار: الفرات والنّيل ونهر دجلة ونهر بلخ»[52].
وروي: «أنّ في الجنّة نهر، أصل الأنهار كلّها، منها يخرج سيحان وجيحان والفرات ودجلة ونيل مصر، ثمّ تردّها يوم القيامة إلى الجنّة فيصير سيحان وجيحان ماءها، والفرات خمرها، ودجلة لبنها، والنّيل عسلها»[53].
وروي: «إنّ هذه الأنهار الخمسة أنزلها اللّه من الجنّة إلى الأرض على جناح جبرئيل: سيحان بالهند، وجيحان ببخارى وبلخ، والفرات ودجلة بالعراق، والنّيل بمصر، فذلك قوله: ((وأنزلنا من السّماء ماءً بقدر فأسكنّاه في الأرض وإنّا على ذهاب به لقادرون)) [54] فإذا كان آخر الزّمان يرسل اللّه جبرئيل حتّى يرفع هذه الأنهار الخمسة من الأرض»[55].
الماء العذب الحلو
مسألة: يستحب اختيار الماء العذب الحلو البارد للشّرب، وإضافة شيء حلو إليه كالسّكّر والفالوذج.
روي في فقه الرّضا (عليه السلام): « في الماء البارد أنّه يطفئ الحرارة ويسكّن الصّفراء ويهضم الطّعام ويذيب الفضلة الّتي على رأس المعدة ويذهب بالحمّى»[56].
وعن الإمام الرّضا (عليه السلام): «وخير المياه شرباً للمقيم والمسافر ما كان ينبوعها من المشرق نبعاً أبيضاً، وأفضل المياه التي تجري من بين مشرق الشّمس الصّيفيّ ومغرب الشمس الصيفي وأصحّها، وأفضلها وأصحها إذا كانت بهذا الوصف الّذي ينبع منه وكانت تجري في جبال الطين لأنّها تكون حارة في الشّتاء باردةً في الصّيف مليّنةً للبطن نافعةً لأصحاب الحرارات، وأمّا المياه المالحة الثّقيلة فإنّها تيبّس البطن، ومياه الثّلوج والجليد رديئة للأجسام كثيرة الإضرار بها، وأمّا مياه الجب فإنّها خفيفة عذبة صافية نافعة جداً للأجسام إذا لم يطل خزنها وحبسها في الأرض، وأمّا مياه البطائح والسّباخ فحارّة غليظة في الصّيف لركودها ودوام طلوع الشّمس عليها، وقد تولّد لمن دوام شربها المرّة الصّفراء وتعظم أطحلتهم»[57].
وروى الطبرسيّ (رحمه الله) في المكارم: «وكان أحبّ الأشربة إليه (صلى الله عليه وآله) الحلو»[58].
وفي رواية: «أحب الشراب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحلو البارد، وكان يشرب الماء على العسل وكان يماث الخبر فيشربه أيضا»[59].
وعن جعفر بن محمّد (عليه السلام): «أنّه كان يعجبه الفالوذج وكان إذا أراده، قال: اتّخذوه لنا وأقلّوا»[60].
التواضع في المأكل والمشرب
مسألة: يستحب التّواضع للّه في المأكل والمشرب، ويكره الفخر بها.
روى الطبرسيّ في المكارم: ولقد جاءه (صلى الله عليه وآله) ابن خوليّ بإناء فيه عسل ولبن فأبى أن يشربه فقال: «شربتان في شربة وإناءان في إناء واحد» فأبى أن يشربه ثمّ قال: «ما أحرّمه ولكن أكره الفخر والحساب بفضول الدّنيا غداً، وأحبّ التّواضع فإنّ من تواضع للّه رفعه اللّه»[61].
هذا والله ولي التوفيق
مع تحيات ASM1991
مسألة: يكره الشرب بالأفواه ويستحب الشرب بالأيدي.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «مرّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على رجل يكرع الماء بفمه، قال: تكرع ككرعة البهيمة اشرب بيديك فإنّهما من أطيب آنيتكم»[1].
وفي دعائم الإسلام، عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنّه مرّ برجل يكرع الماء بفيه، يعنى يشربه من إناء أو غيره من وسطه، قال: أ تكرع ككرع البهيمة إن لم تجد إناءً فاشرب بيديك فإنّها من أطيب آنيتك»[2].
وعن النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «إنّه كان يشرب بكفّيه يصبّ الماء فيهما ويشرب ويقول: ليس إناء أطيب من اليد»[3].
سقي الماء
مسألة يستحب سقي المؤمنين الماء حيث يوجد الماء وحيث لا يوجد.
عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) أنّه قال في حديث: «ومن سقى مؤمناً من ظمأ سقاه اللّه من الرّحيق المختوم»[4].
وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنّه قال: «وأيّما مؤمن سقى مؤمناً سقاه اللّه من الرّحيق المختوم»[5].
وعنه (عليه السلام) قال: «ما من مؤمن يطعم مؤمناً شبعة من طعام إلا أطعمه اللّه من ثمار الجنّة، ولا سقاه رية إلا سقاه اللّه من الرّحيق المختوم»[6].
وعن النّبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: «من سقى أخاه المسلم شربةً سقاه اللّه من شراب الجنّة وأعطاه بكلّ قطرة منها قنطاراً في الجنّة»[7].
وقال (صلى الله عليه وآله): «من سقى ظمآن سقاه اللّه من الرّحيق المختوم، من سقى مؤمناً قربةً من ماء أعتقه اللّه من النّار، ومن سقى ظمآن في فلاة ورد حياض القدس مع النّبيّين»[8].
من آداب السقي
مسألة: يستحب شرب صاحب الرّحل أوّلا وساقي القوم آخراً.
ففي كنز الفوائد، قال: إنّ النّبيّ (صلى الله عليه وآله) كان في سفر فاستيقظ من نومه فقال (صلى الله عليه وآله): «مع من وضوء» فقال أبو قتادة: معي في ميضاة، فأتاه به فتوضّأ وفضلت في الميضاة فضلة، فقال: «احتفظ بها يا أبا قتادة فيكون لها شأن» فلمّا حمي النّهار واشتدّ العطش بالنّاس ابتدروا إلى النّبيّ (صلى الله عليه وآله) يقولون: الماء الماء، فدعا النّبيّ (صلى الله عليه وآله) بقدحه ثمّ قال: «هلمّ الميضاة يا أبا قتادة» فأخذها ودعا فيها وقال: «اسكب» فسكب في القدح وابتدر النّاس الماء، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «كلّكم يشرب الماء إن شاء اللّه» فكان أبو قتادة يسكب ورسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يسقي حتّى شرب النّاس أجمعون، ثمّ قال النّبيّ (صلى الله عليه وآله) لأبي قتادة: «اشرب» فقال: لا بل اشرب أنت يا رسول اللّه، فقال: «اشرب فإنّ ساقي القوم آخرهم يشرب» فشرب أبو قتادة ثمّ شرب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وانتهى القوم رواء[9].
وعن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال: «ساقي القوم آخرهم شرباً»[10].
والشّيخ الطّبرسيّ في إعلام الورى، من معجزات النّبيّ (صلى الله عليه وآله) في حديث شاة أمّ معبد، وساق الحديث إلى أن قال: فدعا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بإناء لها يربض الرّهط فحلب فيه ثجّاً حتّى علته الثّمال فسقاها فشربت حتّى رويت، ثمّ سقى أصحابه فشربوا حتّى رووا، فشرب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) آخرهم وقال: «ساقي القوم آخرهم شرباً»[11].
الأقداح الشّاميّة
الطّبرسيّ في المكارم، عن النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «وكان يشرب في أقداح القوارير التي يؤتى بها من الشّام ويشرب في الأقداح الّتي يتخذ من الخشب وفي الجلود»[12].
الخزف
الطّبرسيّ في المكارم، في الحديث المتقدّم في صفة مشربه (صلى الله عليه وآله) قال: ويشرب في الخزف[13].
ثلمة الإناء وعروته
مسألة: يكره الشّرب من ثلمة الإناء وعروته وأذنه وكسر فيه، بل يشرب من شفته الوسطى، وكراهة الوضوء من قبل العروة.
عن جعفر بن محمّد (عليه السلام): «أنّه نهى أن عن الشرب من قبل عروة الإناء»[14].
وقال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام) وقد قدّمت المائدة إلى بين يديه: «الحمد للّه الّذي جعل لكلّ شيء حدوداً» إلى أن قال: فلمّا أوتي بشربة الماء قال: «الحمد للّه الّذي جعل لكلّ شيء حدوداً» فقيل له: وما حدود الكوز؟ قال: «تذكر اسم اللّه في ابتداء الشّرب منه، وتحمد اللّه بعد الفراغ من الشّرب منه، وتشرب من يمنة عروته، ولا تشرب من موضع كسر إن كان فيه، وأن تشرب منه في بعد واحد أو بعدين أو ثلاثة أبعاد، وذكر اللّه في ابتداء كلّ بعد، وحمد اللّه في آخره»[15].
وعن الصّادق (عليه السلام) قال: «أتى أبي جماعة فقالوا له: زعمت أنّ لكلّ شيء حدّاً ينتهي إليه، فقال لهم أبي: نعم، قال: فدعا بماء ليشربوا، فقالوا: يا أبا جعفر هذا الكوز من الشيء هو، قال (عليه السلام): نعم، قالوا: فما حدّه؟ قال: حدّه أن تشرب من شفته الوسطى وتذكر اللّه عليه وتتنفّس ثلاثاً كلّما تنفّست حمدت اللّه ولا تشرب من أذن الكوز فإنّه شرب الشّيطان»[16].
وعن موسى بن جعفر (عليه السلام) سئل عن حدّ الإناء فقال: «حدّه أن لا تشرب من موضع كسر إن كان به فإنّه مجلس الشّيطان وإذا شربت سمّيت وإذا فرغت حمدت اللّه»[17].
أفواه الأسقية
مسألة: يكره الشرب من أفواه الأسقية.
عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «أنّه نهى عن اختناث الأسقية» وهو أن تثني أفواه القربة ثمّ يشرب منها، وقيل: إنّ ذلك نهي عنه لوجهين، أحدهما: أنّه يخاف أن يكون فيها دابّة أو حيّة فتنساب في الشّارب، والثّاني: أنّ ذلك ينتّنها»[18].
وقال الشيخ الطّبرسيّ (رحمه الله) في المكارم، عن النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «أنّه كان يشرب من أفواه القرب والأداوى ولا يختنثها اختناثاً ويقول: إنّ اختناثها ينتّنها[19].
النفخ في القدح
مسألة: يكره النّفخ في القدح.
عن النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «أنّه نهى أن يتنفّس في الإناء أو ينفخ فيه»[20].
الشرب من سؤر المؤمن
مسألة: يستحب الشّرب من سؤر المؤمن تبرّكاً.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من شرب من سؤر أخيه تبرّكاً به، خلق اللّه بينهما ملكاً يستغفر لهما حتّى تقوم السّاعة»[21].
وقال (صلى الله عليه وآله): «في سؤر المؤمن شفاء من سبعين داءً»[22].
وقال (صلى الله عليه وآله): «ومن التّواضع أن يشرب الرّجل من سؤر أخيه المؤمن»[23].
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «شرب الماء من الكوز العام أمان من البرص والجذام»[24].
ماء المطر
مسألة: يستحب شرب ماء السماء، ويكره أكل البرد.
عن الصّادق (عليه السلام): «البرد لا يؤكل لأن الله عز وجل يقول: ((فيصيب به من يشاء)) [25]»[26].
وفي مكارم الأخلاق: كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يأكل البرد ويتفقّد ذلك أصحابه فيلتقطونه له فيأكله ويقول: «إنّه يذهب بأكلة الأسنان»[27].
ماء المطر وسور قرآنية
مسألة: يستحب قراءة الحمد والإخلاص والمعوّذتين سبعين مرّةً على ماء السّماء قبل وصوله إلى الأرض وشربه للاستشفاء به.
فعن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال: «أ لا أعلّمكم بدعاء علّمني جبرئيل ما لاتحتاجون معه إلى طبيب ودواء»، قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال (صلى الله عليه وآله): «يأخذ ماء المطر ويقرأ عليه فاتحة الكتاب سبعين مرّةً، و ((قل أعوذ بربّ الفلق)) سبعين مرّةً، و ((قل أعوذ بربّ الناس)) سبعين مرّةً، ويصلّي على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) وآله سبعين مرّةً، ويسبّح سبعين مرّةً، ويشرب من ذلك الماء غدوةً وعشيّةً سبعة أيّام متواليات» الخبر[28].
التداوي بماء نيسان
مسألة: يستحب التداوي بماء نيسان على ما جاء في الروايات.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أ لا أعلّمكم دعاءً علّمني جبرئيل (عليه السلام) حيث لاأحتاج إلى دواء الأطبّاء» وقال عليّ (عليه السلام) وسلمان وغيرهما (رحمة اللّه عليهم): وما ذاك الدّواء؟ فقال النّبيّ (صلى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام): «تأخذ من ماء المطر بنيسان وتقرأ عليه فاتحة الكتاب سبعين مرّةً، وآية الكرسيّ سبعين مرّةً، و ((قل هو اللّه أحد)) سبعين مرّةً، و ((قل أعوذ بربّ الفلق)) سبعين مرّةً، و ((قل أعوذ بربّ النّاس)) سبعين مرّةً، و ((قل يا أيّها الكافرون)) سبعين مرّةً، وتشرب من ذلك الماء غدوةً وعشيّةً سبعة أيّام متواليات» قال النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً إنّ جبرئيل (عليه السلام) قال: إنّ اللّه يرفع عن الّذي يشرب من هذا الماء كلّ داء في جسده ويعافيه ويخرج من عروقه وجسده وعظمه وجميع أعضائه ويمحو ذلك من اللّوح المحفوظ، والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً إن لم يكن له ولد وأحبّ أن يكون له ولد بعد ذلك فشرب من ذلك الماء كان له ولد، وإن كانت امرأة عقيماً وشربت من ذلك الماء رزقها اللّه ولداً، وإن كان الرّجل عنّيناً والمرأة عقيماً وشربت من ذلك الماء أطلق اللّه ذلك وذهب ما عنده ويقدر على المجامعة، وإن أحبّت أن تحمل بابن حملت، وإن أحبّت أن تحمل بذكر أو أنثى حملت، وتصديق ذلك في كتاب اللّه: ((يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذّكور، أو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً)) [29] وإن كان به صداع فشرب من ذلك يسكن عنه الصّداع بإذن اللّه، وإن كان به وجع العين يقطر من ذلك الماء في عينيه ويشرب منه ويغسل عينيه يبرأ بإذن اللّه، ويشدّ أصول الأسنان، ويطيّب الفم، ولا يسيل من أصول الأسنان اللّعاب، ويقطع البلغم ولا يتّخم إذا أكل وشرب، ولا يتأذّى بالرّيح، ولا يصيبه الفالج، ولا يشتكي ظهره، ولا يتّجع بطنه، ولا يخاف من الزّكام ووجع الضّرس، ولا يشتكي المعدة ولا الدّود، ولا يصيبه قولنج، ولا يحتاج إلى الحجامة، ولا يصيبه النّاسور، ولا يصيبه الحكّة ولا الجدريّ ولا الجنون ولا الجذام والبرص والرّعاف ولا القلس، ولا يصيبه عمًى ولا بكم ولا خرس ولا صمم ولا مقعد، ولا يصيبه الماء الأسود في عينيه، ولا يفسد داء يفسد عليه صوماً وصلاة، ولا يتأذّى بالوسوسة ولا الجنّ ولا الشّياطين».
وقال النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «قال جبرئيل: إنّه من شرب من ذلك الماء ثمّ كان به جميع الأوجاع الّتي تصيب النّاس فإنّها شفاء له من جميع الأوجاع».
فقلت: «يا جبرئيل هل ينفع في غير ما ذكرت من الأوجاع»؟
قال جبرئيل: «والّذي بعثك بالحقّ نبيّاً من يقرأ بهذه الآيات على هذا الماء ملأ اللّه قلبه نوراً وضياءً، ويلقي الإلهام في قلبه، ويجري الحكمة على لسانه، ويحشو قلبه من الفهم والتّبصرة، ولم يعط مثله أحداً من العالمين، ويرسل إليه ألف مغفرة وألف رحمة، ويخرج الغشّ والخيانة والغيبة والحسد والبغي والكبر والبخل والحرص والغضب من قلبه، والعداوة والبغضاء والنّميمة والوقيعة في النّاس، وهو الشّفاء من كلّ داء»[30].
و قد روي في رواية أخرى عن النّبيّ (صلى الله عليه وآله) فيما يقرأ على ماء المطر في نيسان زيادة وهي: «أنّه يقرأ عليه سورة ((إنّا أنزلناه)) [31] ويكبّر اللّه ويهلّل اللّه ويصلّي على النّبيّ (عليه السلام) كلّ واحدة منها سبعين مرّةً»[32].
وروي عن جعفر بن محمّد (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: «قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): علّمني جبرئيل دواءً لا أحتاج معه إلى طبيب» فقال بعض أصحابه: نحبّ يا رسول اللّه أن تعلّمنا، فقال (صلى الله عليه وآله): «يؤخذ بنيسان يقرأ عليه فاتحة الكتاب وآية الكرسيّ و ((قل يا أيّها الكافرون)) و ((سبّح اسم ربّك الأعلى)) سبعين مرّةً والمعوّذتان والإخلاص سبعين مرّةً، ثمّ يقرأ لا إله إلا اللّه سبعين مرّةً واللّه أكبر سبعين مرّةً، وصلّى اللّه على محمّد وآل محمّد سبعين مرّةً، وسبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر سبعين مرّةً، ثمّ يشرب منه جرعة بالعشاء وجرعة غدوةً سبعة أيّام متواليات» قال النّبيّ (صلى الله عليه وآله): «والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً إنّ اللّه يدفع عمّن يشرب هذا الماء كلّ داء وكلّ أذًى في جسده، ويطيّب الفم ويقطع البلغم ولا يتّخم إذا أكل وشرب ولا تؤذيه الرّياح ولا يصيبه فالج، ولا يشتكي ظهره ولا جوفه ولا سرّته، ولا يخاف البرسام ويقطع عنه البرودة وحصر البول، ولا تصيبه حكّة ولا جدريّ ولا طاعون ولا جذام ولا برص، ولا يصيبه الماء الأسود في عينيه، ويخشع قلبه ويرسل اللّه عليه ألف رحمة وألف مغفرة، ويخرج من قلبه النّكر والشّرك والعجب والكسل والفشل والعداوة، ويخرج من عروقه الدّاء، ويمحو عنه الوجع من اللّوح المحفوظ، وأيّ رجل أحبّ أن تحبل امرأته حبلت امرأته ورزقه اللّه الولد، وإن كان رجل محبوساً وشرب ذلك أطلقه اللّه من السّجن ويصل إلى ما يريد، وإن كان به صداع سكن عنه وسكن عنه كلّ داء في جسمه بإذن اللّه تعالى»[33].
ماء زمزم
مسألة: يستحب الشّرب من ماء زمزم، والاستشفاء به من كلّ داء، وكراهة الشّرب من ماء برهوت الّذي بحضرموت.
عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال: «ماء زمزم شفاء لما شرب له»[34].
و في حديث آخر: «ماء زمزم شفاء لما استعمل»[35].
وروي: «ماء زمزم شفاء من كلّ داء وسقم، وأمان من كلّ خوف وحزن»[36].
وعن ابن عبّاس قال: إنّ اللّه يرفع المياه العذاب قبل يوم القيامة غير زمزم، وأنّ ماءها يذهب بالحمى والصّداع والاطّلاع فيها يجلو البصر، ومن شربه للشّفاء شفاه اللّه، ومن شربه للجوع أشبعه اللّه»[37].
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «شرّ اليهود يهود بيسان، وشرّ النّصارى نصارى نجران، وخير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، وشرّ ماء على وجه الأرض ماء برهوت، وهو واد بحضرموت يرد عليه هام الكفّار وصداهم»[38].
ماء الفرات
مسألة: يستحب الشّرب من ماء الفرات والاستشفاء به وتحنيك الأولاد به.
عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «في قول اللّه عزّ وجلّ ((وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين)) [39]، قال: «الرّبوة نجف الكوفة والمعين الفرات»[40].
وعن حكيم بن جبير قال: سمعت عليّ بن الحسين (عليه السلام) يقول: «إنّ ملكاً يهبط كلّ ليلة معه ثلاثة مثاقيل مسك من مسك الجنّة فيطرحها في الفرات، وما من نهر في مشرق ولا مغرب ـ في شرق ولا غرب ـ أعظم بركةً منه»[41].
وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «يقطر في الفرات كلّ يوم قطرات من الجنّة»[42].
وعن عبد اللّه بن سليمان قال: لمّا قدم أبو عبد اللّه (عليه السلام) الكوفة في زمن أبي العبّاس جاء على دابة في ثياب سفره حتّى وقف على جسر الكوفة، ثمّ قال لغلامه: «اسقني» فأخذ كوز ملاح فغرف فيه وسقاه، فشرب الماء وهو يسيل على لحيته وثيابه، ثمّ استزاده فزاده، فحمد اللّه ثمّ قال: «نهر ما أعظم بركته أما إنّه يسقط فيه كلّ يوم سبع قطرات من الجنّة، أما لو علم النّاس ما فيه من البركة لضربوا الأخبية على حافتيه ولولا ما يدخله من الخطائين ما اغتمس فيه ذو عاهة إلا برأ»[43].
وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «شاطئ الوادي الأيمن[44] الّذي ذكره اللّه تعالى جل جلاله في كتابه هو الفرات، والبقعة المباركة هي كربلاء، والشّجرة هي محمّد (صلى الله عليه وآله) »[45].
وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام) «ما أحد يشرّب من ماء الفرات ويحنّك به إذا ولد إلا أحبّنا، لأنّ الفرات نهر مؤمن»[46].
وقال (عليه السلام): «لو عدل في الفرات لأسقى ما على الأرض كلّه»[47].
نيل مصر
مسألة: يستحب الشّرب من نيل مصر وماء العقيق وسيحان وجيحان، وكراهة اختيار ماء دجلة وماء بلخ للشّرب.
وعن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «نهران مؤمنان ونهران كافران، نهران كافران نهر بلخ ودجلة، والمؤمنان نيل مصر والفرات، فحنّكوا أولادكم بماء الفرات»[48].
وروي: «أنّ أربعةً من أنهار الجنّة: سيحون وجيحون والنّيل والفرات»[49].
وعن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «النّيل يخرج من الجنّة، ولو التمستم فيه حين يخرج لوجدتم من ورقها»[50].
وعن عيسى بن أحمد بن عيسى قال: قال يوماً الإمام عليّ بن محمّد (عليه السلام): «يا أبا موسى أخرجت إلى سرّ من رأى كرهاً ولو أخرجت عنها أخرجت كرهاً» قال: قلت ولم يا سيّدي، قال: «لطيب هوائها وعذوبة مائها وقلّة دائها»[51].
وعن جابر عن محمّد بن عليّ (عليه السلام) في حديث في تزويج فاطمة (عليه السلام): «إنّ اللّه تعالى جعل نحلتها من عليّ (عليه السلام) خُمس الدّنيا وثلثي الجنّة، وجعل نحلتها في الأرض أربعة أنهار: الفرات والنّيل ونهر دجلة ونهر بلخ»[52].
وروي: «أنّ في الجنّة نهر، أصل الأنهار كلّها، منها يخرج سيحان وجيحان والفرات ودجلة ونيل مصر، ثمّ تردّها يوم القيامة إلى الجنّة فيصير سيحان وجيحان ماءها، والفرات خمرها، ودجلة لبنها، والنّيل عسلها»[53].
وروي: «إنّ هذه الأنهار الخمسة أنزلها اللّه من الجنّة إلى الأرض على جناح جبرئيل: سيحان بالهند، وجيحان ببخارى وبلخ، والفرات ودجلة بالعراق، والنّيل بمصر، فذلك قوله: ((وأنزلنا من السّماء ماءً بقدر فأسكنّاه في الأرض وإنّا على ذهاب به لقادرون)) [54] فإذا كان آخر الزّمان يرسل اللّه جبرئيل حتّى يرفع هذه الأنهار الخمسة من الأرض»[55].
الماء العذب الحلو
مسألة: يستحب اختيار الماء العذب الحلو البارد للشّرب، وإضافة شيء حلو إليه كالسّكّر والفالوذج.
روي في فقه الرّضا (عليه السلام): « في الماء البارد أنّه يطفئ الحرارة ويسكّن الصّفراء ويهضم الطّعام ويذيب الفضلة الّتي على رأس المعدة ويذهب بالحمّى»[56].
وعن الإمام الرّضا (عليه السلام): «وخير المياه شرباً للمقيم والمسافر ما كان ينبوعها من المشرق نبعاً أبيضاً، وأفضل المياه التي تجري من بين مشرق الشّمس الصّيفيّ ومغرب الشمس الصيفي وأصحّها، وأفضلها وأصحها إذا كانت بهذا الوصف الّذي ينبع منه وكانت تجري في جبال الطين لأنّها تكون حارة في الشّتاء باردةً في الصّيف مليّنةً للبطن نافعةً لأصحاب الحرارات، وأمّا المياه المالحة الثّقيلة فإنّها تيبّس البطن، ومياه الثّلوج والجليد رديئة للأجسام كثيرة الإضرار بها، وأمّا مياه الجب فإنّها خفيفة عذبة صافية نافعة جداً للأجسام إذا لم يطل خزنها وحبسها في الأرض، وأمّا مياه البطائح والسّباخ فحارّة غليظة في الصّيف لركودها ودوام طلوع الشّمس عليها، وقد تولّد لمن دوام شربها المرّة الصّفراء وتعظم أطحلتهم»[57].
وروى الطبرسيّ (رحمه الله) في المكارم: «وكان أحبّ الأشربة إليه (صلى الله عليه وآله) الحلو»[58].
وفي رواية: «أحب الشراب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحلو البارد، وكان يشرب الماء على العسل وكان يماث الخبر فيشربه أيضا»[59].
وعن جعفر بن محمّد (عليه السلام): «أنّه كان يعجبه الفالوذج وكان إذا أراده، قال: اتّخذوه لنا وأقلّوا»[60].
التواضع في المأكل والمشرب
مسألة: يستحب التّواضع للّه في المأكل والمشرب، ويكره الفخر بها.
روى الطبرسيّ في المكارم: ولقد جاءه (صلى الله عليه وآله) ابن خوليّ بإناء فيه عسل ولبن فأبى أن يشربه فقال: «شربتان في شربة وإناءان في إناء واحد» فأبى أن يشربه ثمّ قال: «ما أحرّمه ولكن أكره الفخر والحساب بفضول الدّنيا غداً، وأحبّ التّواضع فإنّ من تواضع للّه رفعه اللّه»[61].
هذا والله ولي التوفيق
مع تحيات ASM1991