محمد عامر، يحصل على جائزة أفضل لاعب في العالم، ليهدد بالسجن بعدها.
نشرته بمجلة النجم، عدد فبراير
محمد بن عامر بن مسعود الكثيري، اسمٌ لمعَ في عالم كرة القدم، بزغ نجمه في تسعينيات القرن الماضي، لعب لنادي مرباط وهو لا يزال ابن الثانية عشر، جذب الأنظار إليه بقوة، كاد أن يكون أسطورة الكرة العمانية، وربما كان، ذهب بعيداً وحقق إنجازاتٍ كثيرة، وبعد ست سنواتٍ قضاها مع المنتخب، يعلن اعتزاله وهو في أوج عطائه وقمة شبابه، إلا أن هنالك أيدٍ خفية ساهمت في غياب الكثيري عن الساحة الرياضية، كحال الكثير من الأسماء التي تظهر وتبرق وسرعان ما تختفي بفعل فاعل.
ستظل مجلة النجم في كل عدد، تبحث في الأسماء اللامعة التي بدأ الكثير يتناساها، نفتّش في خبايا الماضي، ليعرف الجيل الجديد، قيمة من مرَّ وصنع تاريخاً، هي رحلة نتعرف من خلالها على شخصياتٍ جميلة، منحت وأعطت، وجاء دورنا لنمنحها بعضاً من الذكر والإضاءات.
مدينة صلالة، تقدم فتىً ذهبياً في عالم كرة القدم، قدم إلى الحياة في عام 1978م، استهوته كرة القدم وهو لا يزال طفلاً صغيراً، يلعب بصحبة الأطفال أغلب وقته، حتى جاء عام 1990م شاهداً على إقامة دوري المراحل السنية في السلطنة (الأشبال والناشئين) وهي الفكرة التي أطلقها سعادة الشيخ سعود الرواحي رئيس إتحاد الكرة سابقاً، وبدأ تطبيقها في مدارس السلطنة بتبني من الإتحاد العماني، فانخرط محمد في فريق المدرسة التي تتبع لنادي مرباط، حيث كان المرحوم عوض بن بخيت العمري يصرُّ كثيراً على محمد وإخوانه للعب في نادي مرباط، للمستوى الفني والبدني الكبير الذي يملكه محمد، إلا أن المنية كانت الأسبق لعوض فلم يتمكن من مشاهدة ابن عامر يصول ويجول في نادي مرباط، فبعد وفاته بأيام انضم محمد رسمياً لنادي مرباط في عام 1990م.
يكبر محمد ثلاثة أشقاء، جميعهم لعبوا للمنتخبات الوطنية، أكبرهم مسعود الذي لعب للمنتخب الأول وشارك مع المنتخب في بطولة كأس الخليج العاشرة والحادية عشر، يليه مسلم لاعب منتخب الشباب والأولمبي، شارك في تصفيات الأولمبياد 19996م، بينما شارك أحمد مع المنتخب العسكري، لدى محمد طفلين أحمد وعبد الله، يبلغ أحمد ثمان سنوات، ولا يزال عبد الله في عامه الثالث، يمني النفس كثيراً بأن يكونا لاعبين يستطيعان تحقيق ما حققه أبوهما وأكثر من ذلك.
في دورة الأشبال الأولى حقق نادي مرباط المركز الأول على مستوى المحافظة ، وبالتالي تأهل لنهائيات المحافظات، وحصل على المركز الثاني بقيادة المدرب يونس أمان، الذي كان يدرب الأشبال والناشئين وفي الوقت نفسه يلعب في صفوف الفريق الأول، بينما لعب محمد للفريق الأول في عام 1993م، أي بعد ثلاثة أعوامٍ من اللعب في صفوف الناشئين.
أُعجب مدرب الحراس بمنتخب الناشئين (رادي) اليوغسلافي بمحمد الكثيري كثيراً، فرشحه لدخول المنتخب، وبالفعل اختاره عبد الرحيم الحجري، بعدما شاهده في مباراة مرباط مع نادي سداب، المدرب رادي كان من أفضل المدربين الذين مروا على السلطنة، فهو صاحب عقلية فذة، درب منتخب الكويت الأول، والآن يدرب منتخب سنغافورة، ويبدو أن الجماعة فرطوا في اليوغسلافي وتركوه يغادر السلطنة، برغم امكاناته العالية.
ثلاثة أسماء ظلت عالقة في أذهان الكثير منا، ولهم الأفضل الأكبر في ما حققه منتخب الناشئين آنذاك من إنجازاتٍ وبطولات، (رادي، جمعة الكعبي، عبد الرحيم الحجري) كان لهم دورٌ كبير في تهيئة منتخب قوي جداً، يحقق نتائج مشرفة، ويبقى الشيخ خليل الخليلي الشخص الذي ساهم كثيراً في تذليل الصعاب للاعبي المنتخب، الذي كان لهم أخاً ومعلماً وإدارياً.
حقق أبو أحمد المركز الثاني في دوري السلطنة مع نادي مرباط عام 1993م، والرابع في بطولة الكأس في نفس العام،لينضم بعدها للمنتخب الوطني للناشئين، ولا تسل عن حاله يوم أن أخبروه الخبر، سعادةٌ وأي سعادة، اللعب في صفوف المنتخب له طعمه الخاص، وهي الأمنية التي يتمناها كل لاعب، والطموح الذي يسعى إليه الكبير قبل الصغير، حينما ارتدى فالينة المنتخب في التمرين، شعر بأنه بلغ نجوم السماء، لحظات لا يزال الكثيري يتذكرها إلى الآن، وستخلد الساعة الرابعة والنصف في البال كثيراً، ولن يفارق ملعب المعلمين خياله أبداً، يا له من تمرينٍ يذهب بالنفس إلى أقاصي الأفلاك، ومواطن الثريا.
يتذكر جيداً لقائه الأول بالمنتخبين معه من أبناء السلطنة، ابتسامة هاني الضابط، حماس مجدي شعبان، تحركات سلطان الإسماعيلي، صيحات صالح الفوري، تعليقات تقي مبارك، طيبة خالد جاسم السعدي، وكابتن خالد الرواس، وأغلب هذه الأسماء لا نسمع عنها اليوم في الملاعب، عدا هاني الضابط.
لعب نجم نادي مرباط أول مبارة مع المنتخب، مع الجيش السلطاني العماني، لم يستطع وصف شعوره الجميل ساعتها، أما أول مباراة مع منتخب دولي كانت مع المنتخب الإنجليزي في مسقط انتهت بالتعادل السلبي، أما أول مباراة رسمية كانت مع المنتخب التايلندي في تصفيات أسيا للناشئين.
في عام 1994م، حقق منتخبنا إنجازاً غير مسبوق، بالتأهل لنهائيات أسيا المؤهلة لكأس العالم في قطر، وحينها بدأ إسم اللاعب الأنيق محمد عامر ينتشر في صفحات الجرائد، في تلك التصفيات سجّل محمد ثلاثة أهداف رائعة من كرات حرة ثابتة، جميعنا يتذكره وهو يمتع الجماهير بتحركاته في وسط الملعب، وتمريراته الساحرة المتقنة، وتسديداته القوية المرعبة، كان بحق ملك الوسط، الذي لم يستطع أن ينافسه عليه أحدٌ في العالم يومها.
استعدَّ منتخبنا لهذه البطولة بالمشاركة في بطولتين قويتين، وهما بطولة العين والوحدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث شارك في بطولة الوحدة أندية عالمية وهي: سام باولوا البرازيلي، واي سي ميلان الإيطالي، ومناكو الفرنسي، بالإضافة إلى منتخب السودان والإمارات والمغرب، حصل فيها محمد عامر على جائزة أفضل لاعب في البطولة، كما شارك في بطولة العين منتخبات عالمية عريقة وهي: إيطاليا وألمانيا إضافة إلى منتخبا الإمارات وعمان، وحصل أيضا لاعبنا الذهبي محمد عامر على جائزة افضل لاعب في البطولة.
في التصفيات النهائية لكأس أسيا المقامة في دولة قطر الشقيقة، استطاع منتخبنا تحقيق المركز الثالث خلف قطر واليابان، وبالتالي تأهلنا إلى نهائيات كأس العالم للناشئين في الأكوادور عام 1995م، وفيها أيضاً حصل محمد عامر على جائزة أفضل لاعب في التصفيات، وبهذا لم يترك جائزة أفضل لاعب لأحدٍ غيره في كل بطولةٍ يشترك المنتخبُ فيها، وكان أيضاً المتخصص في ضربات الجزاء لمنتخبنا.
وأخيراً عمان في كأس العالم، تتعطل كل اللغات عن وصف مشاعر الفرحة للشعب العماني، أذكر يومها وإن كنتُ صغيراً، حالة الفرح في كل مكان، المباريات تقام قبيل الفجر، والجميع يوقت المنبه قبل المباراة بساعة، بعد كل فوز يذهب الكل للعمل سعيداً، النفس تنشرح، والمشاعر متدفقة، وللحياة طعمٌ آخر، كذلك الحال بالنسبة لمحمدٍ ورفاقه، فهو نهاية الأمل ومبلغ الطموح، ها قد اقترب موعد البطولة، وبدأت معها الأحلام والأماني والآمال، ذكرياتٍ لا يمكن بحال تجاهلها أو تنسيها، فقد سكنت سويداء القلب وتعمّقت في ركنه القصي.
منتخبنا يلاقي كندا في المباراة الأولى، فالمجموعة نارية بحق، كان الكثير يخشى من هزائم ثقيل، فالمجموعة تضم البرازيل وألمانيا وكندا، منتخبات عالمية مخيفة، لاعبو منتخبنا في حديثٍ ودي بينهم يهمسون: من سيحرز الهدف الأول لمنتخبنا في كأس العالم؟ ويبدو أنهم لم يكونوا يأملون الفوز حتى في مباراةٍ واحد، إلا أنهم أذهلوا الجمهور الحاضر لنهائيات كأس العالم للناشئين، بلعبهم الجماعي الجميل، وكالعادة محمد عامر يحرز أول أهداف المنتخب في كأس العالم، فالمرمى الكندي تلقى صاروخاً مدمراً هزّ أركان المرمى، وانتفضت من هوله القوائم الثلاث، تسديدته القوية من خارج خط 18 تعلن الهدف الأول لمنتخبنا، كان الهدف دافعاً قوياً لمواصلة المزيد، فحينما تسجل في منتخب أوروبي في كأس العالم، فهذا يعني أنك قويٌ أيضاً، ليأتي الهدف الثاني وقد أقضَّ مضاجع الكنديين من ركلة جزاء، نفذها المتخصص العبقري محمد عامر، محرزاً هدفه الثاني في البطولة، فيما كان هدف منتخبنا الثالث عن طريق اللاعب الموهوب الآخر تقي مبارك، هذا اللاعب الذي يمتع الجماهير بسرعته وخفته ومهارته، حتى أن محمد عامر كثيراً ما يقف في أرض الملعب يتفرج على فنياته الرائعة، ليتمكن بعدها الكنديون من تسجيل هدف الشرف الوحيد، لتنتهي المباراة عمانية خالصة بثلاثة أهدافٍ ساحرة مقابل هدف واحد، وكالعادة يحصل محمد عامر على جائزة أفضل لاعب في المباراة، وقد لفت الجميع إلى مستواه المبهر وطريقته الفريدة في السيطرة على خط الوسط، فباتت الأنظار تراقب تحركاته، كل العيون تشخص إليه وهو يمرر ويراوغ ويسدد.
المباراة الثانية كانت مفاجأة من العيار الثقيل، عمان تكتسح ألمانيا بأربعة أهداف مقابل هدف، سجل خالد جاسم السعدي هدفاً، وكان لمحمد عامر بصمته المميزة بتمريراته الذكية، وسيطرته التامة على مفاتيح اللعب، استطاع أن يستحوذ على منطقة الوسط بمساندة رفاقه الذين أبدعوا في خلق مساحاتٍ خاصة يتحرك فيها الأحمر العماني، التي توصله سريعاً نحو المرمى، سجل محمد عامر أيضاً هدفه الثالث في البطولة من ضربة جزاء، لتنتهي المباراة وأغلب الجماهير الأوربية لا تصدق عينيها، وبدأت سمعة المنتخب المغمور تصعد في الآفاق، وانهالت الصحف الأجنبية تكتب عن اللاعب القادم إلى الساحة العالمية محمد عامر بكل قوة، خصوصاً وأنه ينال جائزة أفضل لاعب في المباراة للمرة الثانية على التوالي.
جاءت المبارة الثالثة قويةً جداً، فالفريقان يتربعان على عرش الصدارة، والفائز يتأهل كأول المجموعة، في هذه المباراة وقع منتخبنا مع محكٍ قوي، كيف لا وهو يقابل المنتخب البرازيلي الساحر، إلا أن منتخبنا يطلق مفاجأته الثانية، باستحواذه على وسط الملعب بقيادة الأسطورة محمد عامر، فبدا المنتخب البرازيلي عاجزاً عن الوصول إلى مرمى منتخبنا إلا فيما ندر، ولولا سوء الطالع لنتهت المباراة بأكثر من هدفٍ لمنتخبنا، إثر الفرص الخطرة التي أضاعها لاعبونا في شوطي المباراة، ليغلق الستار على مباريات المجموعة بتعادل منتخبنا السلبي مع البرازيل، ليتأهلا معاً إلى الدور الثاني، حصل لاعب منتخبنا الفنان تقي مبارك على جائزة افضل لاعب في المباراة، وهذا دليلٌ آخر على سيطرة منتخبنا لمجريات اللعب، وبذلك حصل منتخبنا على جائزة أفضل لاعب في كل مبارياته في الدور الأول.
عانت جماهير منتخبنا كثيراً في الدور الأول، حيث أنهم لم يتمكنوا من مشاهدة منتخبهم وهو يحقق الإنتصار تلو الإنتصار، فالمباريات لم تكن منقولة على التلفاز، وبعد خروج منتخب قطر من الدور الأول، يأمر وزير الرياضة القطرية البعثة القطرية الإعلامية بالتوجه إلى المنتخب العماني، ونقل جميع مبارياته، مع تغطية شاملة لكل ما يتعلق بمنتخبنا، موقفٌ جميل، ترك انطباعاً مؤثراً لدى شعب عمان بأكمله، شعر لاعبو منتخبنا من خلاله أنهم لا يمثلوا عمان فقط، إنما يمثلوا العرب بأكملهم، فقد كان المنتخب العربي الوحيد المتأهل للدور الثاني، فعادت الروح للعمانيين، وغدت حياتهم أجمل.
نيجريا الفريق المرعب يومها، يقابل منتخبنا في دور الثمانية، لم يكن منتخباً سهلاً، ومع ذلك قدم الأحمر العماني درساً مجانياً في كل فنون كرة القدم، وتمكن اللاعب الذي طاردته الكاميرات والأقلام من تسجيل هدف منتخبنا الأول، وياله من هدف، لم يمتع جماهيرنا فقط، بل أمتع الجماهير الأخرى، فقد كان من ركلة زاوية، اخترقت الجميع لتستقر في الشباك مباشرةً في وداعةٍ وسلام، ويومها تغنى المعلق القطري المعروف محمد اللنجاوي بالهدف كثيراً، إلا أن الفرحة لم تكتمل، حينما سجلت نيجريا هدف التعادل، ليأتي العملاق الطويل هاني الضابط، ليحرز هدف منتخبنا الثاني بعد عرضيةٍ جميلة من الجناح الطائر مجدي شعبان، ليتأهل منتخبنا لدور الأربعة، ويحصل محمد عامر على جائزة أفضل لاعب في المباراة للمرة الثالثة.
الفوز على غانا، يعني أننا سنلعب في نهائي كأس العالم، سيطر منتخبنا على مجريات المباراة إلا أن غانا اختصرت كل جهدها بتسجيل هدفين،حاول منتخبنا كثيراً في تقليل الفارق، لينجح محمد عامر في إحراز هدف منتخبنا الأول، وبنفس الطريقة في المباراة السابقة مع نيجريا، ينفذ ركلة الزاوية على يسار المرمى، ليودعها في شباك المنتخب الغاني، وسط ذهولٍ كبير من الجميع، وأولهم الحارس الغاني، ليثبت محمد للعالم أجمع، أن أهدافه من ركلات الزاوية لم تكن صدفةٍ يوماً، وإنما بمهرة وحرفيةٍ عاالية، فهو قد تعود على معانقة الشباك، إلا أن المباراة أفضت بخبر حزين، وهو ملاقاة المنتخب الأرجنتيني على المركز الثالث والرابع.
وعلى نفس المنوال، يهدد منتخبنا مرمى الخصم كثيراً، إلا أن الأرجنتين تحرز هدفين، وقد مثلَّ المنتخب الأرجنتيني يومها أسماءٌ رائعة مثل: إيمار لاعب فالنسيا الأسباني، كمبياسو لاعب انتر ميلان وريال مدريد سابقاً، محاولات منتخبنا ذهبت عبثاً، وتسديدات محمد عامر تذهب أدراج الرياح، والعارضة إنضمت لحزب الأرجنتين، فقد صدّت تسديدتين قويتين من أقدام اللاعب الذهبي محمد عامر، كانتا كفيلتين بتعديل النتيجة، وكانت واحدة منهن لو دخلتِ المرمى لأعلنت أن محمد عامر هداف كأس العالم، فقد تساوى في الأهداف مع اللاعب الإسترالي، ليفضَّ النزاع بأن يكون مهاجم منتخب إستراليا هو هداف البطولة، كون أن محمد لعب مبارياتٍ أكثر منه، وبهذا تنتهي المباراة بفوز الأرجنتين، وحصولنا منتخبنا على المركز الرابع في إنجازٍ غير مسبوق، عجز الأولين عن تحقيقه، وعجز الآخرين عن بلوغه.
انتهى كأس العالم، والعالم كله يكرّم محمد عامر، فقد حصل على لقب أفضل لاعب في كأس العالم للناشئين، لقبٌ لم يكن يتوقع أن يحصل عليه يوماً، وسيظل هذا اللقب محفوظاً في ذاكرة العمانيين، وسنظل ننتظر إلى أن يأتي أحد أبطالنا ليتفوق على هذا الإنجاز، إلا أن الأمر بعيد المنال على ما يبدو، عاد المنتخب إلى أرض السلطنة، فلم يجد تكريماً سوى من القائد الأعلى -حفظه الله ورعاه- بمنحه مكرمةً سامية، ثلاثة آلاف مع ساعة قيمة لكل لاعب في المنتخب، وما عدا ذلك لم يحصل أفراد منتخبنا على شيءٍ آخر، سواء من الإتحاد أو حتى القطاع الخاص، وما حصل عليه منتخبنا من تكريم بعد فوزه بكأس الخليج الأخيرة، لم يعد ربع أعشار ما حظى به رابع كأس العالم، وشتّان بين الإنجازين.
في نفس العام حصل محمد الأسطورة على لقب أفضل لاعب في قارة أسيا، وتم تكريمه بالميدالية الذهبية من قبل الإتحاد الأسيوي، كما أنه كرّم أيضاً من قبل جامعة الدول العربية في القاهرة، وكرّم كأفضل لاعب في أسيا شهر أغسطس عام 1995م وهو أول لاعب عماني يحصل على هذه الجائزة، وتم إختياره كأفضل رياضي في السلطنة لعام 1995م، وحقق محمد كأس صاحب الجلالة مع نادي النصربعد عودته من كأس العالم، وكان أول كأس يحصل عليه نادي النصر في تاريخه.
في مباريات كأس العالم، كان لاعبونا يتقاضون 75 ريال فقط مكافئة فوز في كل مبارة، وبعد ضغطٍ شديد من قبل مشرف عام المنتخب الشيخ خليل الخليلي تم رفع مكافآت الفوز إلى 150 ريال، بالإضافة إلى تحمله لنفقات لاعبي المنتخب الخاصة، فقد كان يدفع من جيبه كثيراً للبدلات الرسمية والإتصالات والحفلات.
تشرف ابن عامر بمقابلة حضرة صاحب الجلالة، وقد أهداه في نهاية المقابلة سيارةً يختارها محمد من أي وكالةٍ يحب، وقطعة أرضٍ زراعية وسكنية بمقربةٍ من ديوان البلاط السلطاني، إضافة إلى هدايا أخرى، سعد محمد بهذه المقابلة كثيراً، وشعر بأنها أفضل ما حققه في تاريخه كله.
بعدها أتت عروض احتراف فردية عن طريق مدرب نادي النصرالإماراتي بالتنسيق مع مدرسة نادي بايرن ميونيخ الألماني، الذي كان يرغب بشدة لإحتراف الكثيري في صفوفه، كما تقدم نادي اتلتيكو مدريد الأسباني، بطلب رسمي للإتحاد العماني يطلب فيه إحتراف محمد عامر، وقد قدم مبعوث النادي للسلطنة من أجل توقيع العقد والعودة إلى أسبانيا بأفضل لاعب في العالم يومها، إلا أن للإتحاد العماني رأياً غريباً، فقد اشترط على الكثيري أن يوزع راتبه على أربعة لاعبين أخرين، يتم أخذهم إلى النادي الأسباني، ويدفع محمد رواتبهم ومصاريفهم، فكان الأمر غريباً وظالماً في نفس الوقت، مما حدا بمحمد بإلغاء العقد، والغضب على الإتحاد.
في إنجازٍ آخر للكرة العمانية، قدّم الإتحاد الدولي لكرة القدم دعوةً خاصة لمحمد عامر لحضور قرعة كأس العالم في فرنسا، وكان يومها اللاعب العربي والأسيوي الوحيد، وجد اهتماماً كبيراً من الرئيس الحالي للإتحاد الأسيوي ابن همام، الذي كان رئيساً للإتحاد القطري وقتها، والمرحوم عبد الله الدبل عضو الإتحاد السعودي، وهما أعضاء اللجنة التنفيذية للأتحاد الدولي، وحينما عاد إلى أرض السلطنة، تم منحه (45) ريال فقط، كمكافآة سفر ورفع اسم السلطنة في ذلك المحفل العالمي الكبير، وحينما صرّح بالمبلغ لوسائل الإعلام، تم تهديده بالسجن والعقاب، ليعلن اعتزاله كرة القدم بعد تلك المعاملة، فقد بعثوا في نفسه كره كرة القدم، فالأفضل له أن يعيش بين أهله وأبنائه، من أن يتعرض للسجن والتهديد، وهكذا انطوت صفحة محمد بن عامر الكثيري، ولم نعد نسمع اسمه يتردد على ألسنة المعلقين، إلا أن قلوب العمانين والعشاق أصبحت تهتف به في كل محفل.
تعليق