تحت المجهر : استيقظ فنجا!
درويش الكيومي
لم يكن صعود فنجا إلى نهائي كأس الأحلام مجرد نتوء في زمان كثرت فيه النتوءات وتلونت المفاجآت.. لم يكن حضورا على غفلة من زمن يؤثر الفقاعات القصيرة ويشتهي قلب الطاولة في وجوه أعزة القوم حتى وصل به الأمر أن مد يده وشحذ سكاكينه وقطع أوردة الحياة.. خنق بتعجرفه صرحا كان يوما مزار البطولات ومهوى النصر.. فنجا قصيدة فخر غردت في سماء ذلك الزمن البخيل، وأينعت زهورها على أكف الجنون، وخلطت ما تبقى من رحيق الحياة بعروقنا النابضة في شموخ اصفرار البدايات وحسرة غروبها.. "فنجا" ليس مجرد نادٍ وليس مجرد كرة قدم وليس مجرد عقد لؤلؤي قلب له الزمن "ظهر المجن" فتراكم عليه الغبار عقودا طويلة.. "فنجا" ليس مجرد أغنية تخترق طبقات القلب..ليس مجرد نشيد..ليس فتنة للفؤاد وحسب..ليس جنونا..وليس حياة أو موتا..إنما فسيفساء من تلونات وتاريخ الكرة العمانية..من النبض الغارق في جماليات وعظمة التاريخ لدى مدمني ومتعصبي كرة الوطن.. أصدقك القول: الحب لا يموت يا فنجا لا يموت أبدا.
سنوات عجاف "يا فنجا" ننتظر فيها المطر وتبخل سحبك. ملَّ انتظارنا وأرهقنا السفر مع الخيبات.. لماذا أشعلت البدايات ثم انطفأت فجأة؟ لماذا غارت عيونك في صحاري الجدب وشرعت قوانين جديدة للحيرة والقلق والأمل والكذب وكل النتاقضات..هل كنت أكذوبة كبيرة اعتنقناها فسلمناك مفاتيح براءتنا وطيبتنا العمانية "المعهودة" ثم غدرت دون سابق إنذار؟ أم إنك ضحية نفس الفقاعة المزركشة الكاذبة التي أشكلتنا وأشكلتك فوقعت في فخها ليلجمك القدر بعد ذلك بحقائق ومسلمات الواقع المتشابك كتشابك كؤوسك ودروعك المخملية الدافئة.
تسع عشرة سنة عجاف مجدبة قاحلة أثبتت أن رياضتنا تحتاج إلى أكثر من فهلوة تنظيرية وشخص مؤمن..الإيمان الفردي ليس كافيا لنجاح المشروع..ليس كافيا لغربلة المعتقدات لدى الآخرين، والإشكالية الأكبر "إن كثر" مع الركب المتنفعون والمطبلون والممجدون. الذين يمتهنون التصنع، ويحسنون صناعة الكذب وخلطة التلوّن وتركيب الأوجه.
الآن بعد السنوات الـ19 ولد يوم الخروج من رحم الظلام، فهل ستكون الولادة كولادة الأمس الجميل. لاسيما وأن بين الولادتين فارق كبير واختلاف لا يخفى حتى على الأعمى الضرير، ولكن في كل الأحوال يبقى البناء على الأساس أكثر قوة ومتانة من النتوءات التي تحتاج إلى غربلة السنين كي تتمكن من صنع الكاريزما المحققة للإنجازات المتوالية مما يمنح "فنجا" أسبقية التفوق على غيره لو أحسن الاستفادة من ظلمات البحر الذي غرق فيه طويلا جدا.. لن يحتمل التاريخ أكثر من هذا الغرق يا فنجا، فالحياة تهرب بعيدا وعليك أن تجبر الزمن على التوقف لحظة. عليك أن تجبره على الخنوع للرغبة للجبروت للزلزال الذي وصل امتداده يوما ما إلى الشارع الرياضي العربي وأرجف الأرض من تحته.. لم تعد لأنديتنا قوة بعدك يا فنجا.. لم يعد لها حتى هيبة أو احتراما، فلا أحد يتوقف كثيرا عند مشاركاتنا الخارجية على صعيد الأندية، فلقد شبعنا هزائم وتورمت قلوبنا سخطا وحزنا على عبارات "الخروج بشرف" و"المراكز الشرفية" لم نصنع غير إنجازك اليتيم يا فنجا! هل أخبرك أحد بذلك؟
شكرا لمن أوصل فنجا مرة أخرى كي يراه الملأ مجلجلا بهيا..شكرا لمن ألجم الزمن ولو مؤقتا..شكرا لمن أحيا هذا الجسد الرياضي المختلف كليا في كل شيء.. شكرا لمن احترم التاريخ وأجلَّه..وشكرا جزيلا لمن احترم صبر الجماهير الفنجاوية التي لم يكابد جمهور مثلها، ولا يعلم الشوق إلا من يكابده.
الزمن
درويش الكيومي
لم يكن صعود فنجا إلى نهائي كأس الأحلام مجرد نتوء في زمان كثرت فيه النتوءات وتلونت المفاجآت.. لم يكن حضورا على غفلة من زمن يؤثر الفقاعات القصيرة ويشتهي قلب الطاولة في وجوه أعزة القوم حتى وصل به الأمر أن مد يده وشحذ سكاكينه وقطع أوردة الحياة.. خنق بتعجرفه صرحا كان يوما مزار البطولات ومهوى النصر.. فنجا قصيدة فخر غردت في سماء ذلك الزمن البخيل، وأينعت زهورها على أكف الجنون، وخلطت ما تبقى من رحيق الحياة بعروقنا النابضة في شموخ اصفرار البدايات وحسرة غروبها.. "فنجا" ليس مجرد نادٍ وليس مجرد كرة قدم وليس مجرد عقد لؤلؤي قلب له الزمن "ظهر المجن" فتراكم عليه الغبار عقودا طويلة.. "فنجا" ليس مجرد أغنية تخترق طبقات القلب..ليس مجرد نشيد..ليس فتنة للفؤاد وحسب..ليس جنونا..وليس حياة أو موتا..إنما فسيفساء من تلونات وتاريخ الكرة العمانية..من النبض الغارق في جماليات وعظمة التاريخ لدى مدمني ومتعصبي كرة الوطن.. أصدقك القول: الحب لا يموت يا فنجا لا يموت أبدا.
سنوات عجاف "يا فنجا" ننتظر فيها المطر وتبخل سحبك. ملَّ انتظارنا وأرهقنا السفر مع الخيبات.. لماذا أشعلت البدايات ثم انطفأت فجأة؟ لماذا غارت عيونك في صحاري الجدب وشرعت قوانين جديدة للحيرة والقلق والأمل والكذب وكل النتاقضات..هل كنت أكذوبة كبيرة اعتنقناها فسلمناك مفاتيح براءتنا وطيبتنا العمانية "المعهودة" ثم غدرت دون سابق إنذار؟ أم إنك ضحية نفس الفقاعة المزركشة الكاذبة التي أشكلتنا وأشكلتك فوقعت في فخها ليلجمك القدر بعد ذلك بحقائق ومسلمات الواقع المتشابك كتشابك كؤوسك ودروعك المخملية الدافئة.
تسع عشرة سنة عجاف مجدبة قاحلة أثبتت أن رياضتنا تحتاج إلى أكثر من فهلوة تنظيرية وشخص مؤمن..الإيمان الفردي ليس كافيا لنجاح المشروع..ليس كافيا لغربلة المعتقدات لدى الآخرين، والإشكالية الأكبر "إن كثر" مع الركب المتنفعون والمطبلون والممجدون. الذين يمتهنون التصنع، ويحسنون صناعة الكذب وخلطة التلوّن وتركيب الأوجه.
الآن بعد السنوات الـ19 ولد يوم الخروج من رحم الظلام، فهل ستكون الولادة كولادة الأمس الجميل. لاسيما وأن بين الولادتين فارق كبير واختلاف لا يخفى حتى على الأعمى الضرير، ولكن في كل الأحوال يبقى البناء على الأساس أكثر قوة ومتانة من النتوءات التي تحتاج إلى غربلة السنين كي تتمكن من صنع الكاريزما المحققة للإنجازات المتوالية مما يمنح "فنجا" أسبقية التفوق على غيره لو أحسن الاستفادة من ظلمات البحر الذي غرق فيه طويلا جدا.. لن يحتمل التاريخ أكثر من هذا الغرق يا فنجا، فالحياة تهرب بعيدا وعليك أن تجبر الزمن على التوقف لحظة. عليك أن تجبره على الخنوع للرغبة للجبروت للزلزال الذي وصل امتداده يوما ما إلى الشارع الرياضي العربي وأرجف الأرض من تحته.. لم تعد لأنديتنا قوة بعدك يا فنجا.. لم يعد لها حتى هيبة أو احتراما، فلا أحد يتوقف كثيرا عند مشاركاتنا الخارجية على صعيد الأندية، فلقد شبعنا هزائم وتورمت قلوبنا سخطا وحزنا على عبارات "الخروج بشرف" و"المراكز الشرفية" لم نصنع غير إنجازك اليتيم يا فنجا! هل أخبرك أحد بذلك؟
شكرا لمن أوصل فنجا مرة أخرى كي يراه الملأ مجلجلا بهيا..شكرا لمن ألجم الزمن ولو مؤقتا..شكرا لمن أحيا هذا الجسد الرياضي المختلف كليا في كل شيء.. شكرا لمن احترم التاريخ وأجلَّه..وشكرا جزيلا لمن احترم صبر الجماهير الفنجاوية التي لم يكابد جمهور مثلها، ولا يعلم الشوق إلا من يكابده.
الزمن
تعليق