قميصِي كمَا هُو ، قلبِيَ فقطْ على غِيابكِ قُدَّ مِنْ دُبرٍ !
.
.
.
دثرينِي إنِّي أرتجفُ ، صَقِيعٌ عُمْري بدُونِكِ ،
لقدْ باغتُكِ هذِه المَرَّة وأخبَرتُكِ عن حَالِي قبلَ أنْ تُعَاجِلينِي بالسُّؤالِ !
سَئِمتُ سُؤالكِ المَعْهُود كلَّمَا افترَقنا : كَيفَ أنتَ ؟
كمْ مرَّة عليّ أنْ أقولَ لكِ لقدْ تهَاويتُ قِطعَةً قطعَةً فلمْ يبقَ مني إلا أنتِ
.
.
أولُ الكَلامِ مِنكِ كانَ : كيفَ أنتَ ؟
لمَاذا تخيّلتُ وقتهَا أنكِ تسْألينِي : كيفَ تجِدُ بطشَ اللّوْنِ العَسَليِّ في عَينيَّ ؟!
وَدِدتُ يومَهَا لو قلتُ لكِ : مَرِيضٌ بكِ ، وكلُّ من يمُرُّ بي يُصَابُ بعَدوَايَ ويُحِبكِ !
وَدِدتُ يومَهَا لوْ قلتُ لكِ كلاماً لا يقبَلُ التأوِيلَ كـَـ " أحُبكِ " ، لا لأنَّ اللحَظَة مناسِبَة للبَوحِ ، ولا لأنكِ جمِيلةٌ حَدَّ التَّداعِي ، ولا لأنَّ صَوتكِ يُبعثُرُنِي ككَوْمَةِ قَشٍ ، بلْ لأني أحُبكِ فِعْلاً ...
كنتُ أخَافُ مِنْ سَطوَة اعتِرَافي لكِ ، لأني أؤمِنُ أنَّ بعضَ الطُّرُقِ ذاتُ اتجَاهٍ واحِدٍ ، وكانتْ تفزِعُنِي فِكْرةُ أنّه لا يمكِنُ الرُّجُوعَ قبْلكِ ، أمَّا اليوم فأنتِ بعِيدة بمَا يكفِي لأعْترِفَ :
أنا الأبلهُ الذي أحبَّكِ مُنذ اللحْظةِ الأولى ولَمْ يعُدْ يهُمُه اليَومَ أنْ يُخفِيَ بلاهَته ،
المَجنُون بكِ مُنذ أوَّلِ هَمْسٍ ، والقائِلِ اليَومَ هَلْ مِنْ مَزيدٍ ،
أنا الطريدُ الشَّريدُ بدونِكِ ،
الخَائِبُ بلا يدكِ ترْسُمُ حُدُودَ وَجهِيَ ،
الفَارِغُ منْ صَوتِكِ وقدْ خَلَتْ لحّظّاتُ عُمْرِي مِنْه ،
المُنْكَسِرُ كزُجَاجٍ صفَعَتْهُ الرِّيحُ ولَيسَ هُناكَ من يُدافِعُ عَنه ،
المَريضُ غَادَرَتْه عُلبَةُ الدَّوَاءِ ،
الخَاوِيَةُ سَلَّتُه لا مِنْ تُفاحٍ يَسْقطُ حينَ يمَلُّ مِنَ الشَّجَرِ ، بلْ مِنْ نُجُومٍ تأوي إليهِ لأنكِ مَعَه ، تَسَرَّعُوا حينَ قالُوا أنَّ للأرضِ جَاذبية ، الأرضُ تدُورُ فقطْ ، أمَّا الجَاذِبيةُ فلعْبَتكِ !
.
.
.
كيفَ أنتَ
تَخْرُجُ مِنْ فمكِ بصِيغَةِ : أراكَ لمْ تنكَسِر بعْد !
لحْظتذاكَ ، أعَضُّ على كِبريائِي ، وأعتبرُ أنَّ سؤالكِ كَانَ بَريئاً وعَابِراً ومُنتمِياً للسِّياقاتِ العَادِيَّةِ التي لا تخْرُجُ فيهَا الكَلِمَاتُ عن ظَواهِرِ الحُرُوفِ ، وأنَّ كلمَاتكِ لا تُهَيِّءُ لتنويمٍ مِغناطِيسِيٍّ ، ولَيْستْ مُحَاولةَ إغراقٍ كمَا تفعَلُ التياراتُ البَحريَّة بالحَمْقى الذينَ يظنُونَ أنَّ بينَهُمْ وبينَ الغَرَقِ مَسَافةً مِنَ المَاءِ لا بُدَّ أنْ يجتَازُوهَا مُختَارينَ !
.
.
مَنطِقُ الحُبِّ كمَنطِقِ البَحْرِ تماماً بلا مَنطِقْ !
.
.
ليْسَتِ الحَافَّة التي نرَاهَا عندَ آخرِ المُسْتطِيلِ الأزرَقِ سِوَى خِدْعَةٍ بَصَرِيَّةٍ ، الوَاقِفُونَ على البرِّ يخطِئون دوْماً في قراءَةِ المَوجِ ، لا يمْكنُ الوُصُولُ للحَافَّةِ البَعِيدةِ ، لأنَّها ليْسَتْ مَوجُودَةً أصْلاً ، إنَّهَا صَنيعَةَ حَواسِنا المَحْدُودَة ، نحنُ الذين نُصِرُّ دَوْماً على التعَامُلِ مع البَحْرِ بمَنْطِقِ البَرِّ !
نحنُ الذينَ نُؤمِنُ أنَّ لكُلِّ شَيءٍ حَافَّة ،
نحنُ نَصْنعها ونؤمِنُ بِهَا ، ثُمَّ نَقَعُ عنْهَا ونتكَسَّر ،
البِحَارُ بلا حَوَافٍ يا معشَرَ البَر ،
المَاءُ يُعانِقُ المَاء ، والأسْمَاكُ لا تحملُ جوازاتِ سَفَرٍ ، وليْسَ هناكَ إشَاراتِ مُرُورٍ ، البَحْرُ لا يُشْبِه البَرَّ أبداً إلا بشَيءٍ واحِدٍ وهُو أنَّ الأسمَاكَ الكَبِيرة تأكلُ الصَّغِيرة !
.
.
وَحْدَهَا القلُوبُ تجِيدُ اجتِيَاز المَسَاحَاتِ / المَسَافَاتِ الزَّرقَاءَ ، وَحْدَهَا القلُوبُ تعْرِفُ أنَّها بالنبضِ يُمْكِنُها تجاوزُ الحَوَافَّ التي أوهَمُونا بوجُودِها ، فقطْ عليهَا أنْ تتحلى بمنطقِ الأشْرِعَةِ التي لا تخَافُ من البَللِ ، أمَّا الأشْجَارُ المُسَمَّرَةِ على الرَّصِيفِ قربَ البَحْرِ فلا يُوجَدُ في كُتُبِهَا حرفٌ بَحْرِيٌ واحِدٌ فالمَسْألةُ لا تتعلقُ بالمسَافَةِ بلْ بالقَنَاعةِ !
.
.
.
كيفَ أنتَ ؟
الأسْئِلةُ الصّادِرَةُ عَنْ كَائنٍ بَرِيءٍ لا تعنِي بالضّرُورَةِ أنّهَا أسْئِلةٌ بريئَةٌ
الحُبُّ يجْعَلُ المَرْأةَ أكثرَ دَهَاءً ، والرَّجُلَ أكثر حُمْقاً !
وفيمَا تسْتَمْتِعُينَ أنتِ بمُمَارسَةِ دهائِكِ أحَاولُ أنا أنْ أرممَ حَمَاقتِي!
يُحبُّ الرَّجُلُ لترميمِ شيءٍ مَكْسُورٍ فيه متناسِياً عَمْداً أنّ شَظيةَ حُبٍّ هِيَ التي صَنعَتْ كلَّ هذا التنَاثرِ الذي يَكْتنِفه ، أيُّ جُنونٍ هذا حِينَ يُطالِبُ الغريقُ بحَقِّهِ بكُوبِ مَاءٍ إضَافيٍّ !
.
.
لا رغبةً في جَمْعِ الأشْيَاءِ المُتناثِرةِ تحُبُّ المَرأة ، بل لتثبتَ لنفسِهَا أوَّلاً ، وللكَوْنِ ثانياً ، أنها فاتنَة وتسْتَحِقُّ الإستِحْواذَ على قلْبِ رجُلٍ ! متناسِيةً أنّ الرَّجُلَ لا يُمْكِنُ أنْ يُفتنَ بإمرأةٍ مَا لَمْ تُنْسِه أسْبَابَ تنَاثراتِه السّابقِة !
.
.
لمَاذا تسْألينِي عن حالِي وأنتِ التي حينَ عبَرَتِني حَافِيةً نزَفتِ على أشْلائِي ، ألمْ يكُنْ مشهدُ الدِّمَاءِ على بقايا الزُّجَاج ِ المَكْسُور إجابةً كافية ؟!
تريدينِي أنْ أتكلَّمَ ، وأنا دَوْمَاً أتكِىءُ على صَمتِي لأن تاريخَ علمِ الآثَارِ لَمْ يذكُرْ مرّةً أنّ مُوميَاءَ خَرجَتْ عن صمتها وقالتْ : رمموني !
وحْدَهُم يرَممُونَها دُونَ حَاجَةٍ مِنْهَا للبَوحِ ،
المُوميَاءاتُ تعْرِفُ أنّ الحفارينَ يُعمِلونَ معَاوِلهُم مَدفُوعينَ من غريزَتِهِم لإعادةِ الأشْياءِ كمَا كانتْ عليه .
لو سَألَتِنِي كيفَ تريدُ أن تكُونَ لوَفّرْتِ على نفسِكِ عناءَ انتظَارِ الإجَابَة ، ووَفرتِ عليَّ عناءَ صِياغتِهَا .
أمّا أنْ تسْألينِي كيفَ أنتَ ، قبلَ أن تنزِعي قطعةَ زجُاجٍ علقتْ بقدميكِ لحظَة تِجْوَالٍ فيَّ ، فيلزَمُنِي احتضَارٌ لأخبركِ !
.
.
.
حَسناً إني أحْتَضَرُ : لقدْ اشتقتُ إليكِ
.
.
.
.
كيفَ أنتَ ؟
ما زِلتُ أتنفَسُ بشَكْلٍ يشِي أنني حيّ !
تخَيَّلِي من فرْطِ التَرفِ قررتُ أن أكتبَ إليكِ ، فمنذُ زمَنٍ لَمْ أفعلْ !
ربمَا قراءة وجهكِ بشَكْلٍ يومِيٍّ هي التي تنْسِينِي أن أفزَعَ إلى دفاتِرِي بحثاً عنكِ !
لأكتُبَ لإمرأةٍ بَحْرِيّةٍ كلّ مَا فيها يُغري بالغرقِ يلزمُنِي مسَاحةً من اليابسَةِ للإحتماءِ من ضَغطِ الماءِ ،
وحِبراً يليقُ بالسّفنِ المشْدودَةِ قَهْرَاً إليكِ ،
وورقاً غيرَ الذي أكتبُ علَيه كلَّ يوْمٍ ،
ويداً أُخْرَى ...
لإمرأةٍ لا تتكررُ كلَّ يومٍ لا بُدَّ لي من اجتراحِ لُغةٍ جدِيدَةٍ قادِرةٍ على العوم ، لا بدَّ لي من
نسيانِ أبجديتِي البَرِّية وتطويرِ أبجدِيّةٍ مائيّة بلونِ الغروب ، ورائحةِ أعشَابِ البحر !
لإمراةٍ تجعلُ للماءِ طعماً ، ولوناً ، ورائحةً ،
يلزمُنِي أدَواتُ كتابَةٍ أُخرى على افتِراضِ أنّه يمكنُ ترويضُ البحرِ بقصيدة ،
كنتُ أظنُّكِ صَنيعةَ الفَرقِ في التوقيتِ بين المَاءِ واليابسَةِ ،
وأنّ الموجَ ألقاكِ فتعلقتِ بثيابِي لأنّي كنتُ عابراً صُدفةً بين توقيتين !
فاكتشفَتُ ذات خديعةٍ أنّكِ كنتِ تحفظينَ مواعيدَ مُرورِي ،
وتحسبينَ بدقةٍ المسَافةَ الفاصِلة بين خُطوتين من خطَواتِي ،
وقبل أن
أضعَ قدمَي أرضاً قلتِ لي : إحذَرْ أنْ تدُوسَ قلبَكَ ، دفنتُه في يديَّ ، خبأتُه عن
كلّ شَيءٍ ، وهو في مَأمَنٍ إلا مِنكَ ! لإمرأةٍ كأنتِ تتأرجحُ على بندولِ السَّاعة وتجيدُ
السّيطرة على منافذِ الوقت ، لكِ يلزمُنِي حُرُوفٌ جديدة ، فالحروفُ مِنَ الألفِ إلى اليَاءِ
لا تكفِي لإتمامِ طقوسِ المدّ والجَزرِ !
.
.
كيفَ أنتَ ؟
أنا كمَا البارحَة كمَا صَبيحَة اليَومِ التالِي فارغٌ منكِ
وأحنُّ إلى أشْيائِنا الصَّغِيرة
إلى مراكبَ ورقيةٍ تصْنَعينَها وأنتِ جالسَة جنبِي وأنا أكتبُ فأتخيّلُ أنّها صَالحَة للإبحَارِ فأركبُ بهَا
مطمئناً أنْ لا موجَ قادِرٌ على هَزيمتِي
إلى عطركِ تسْكَرُ منه جدرانُ البيْتِ وتترنحُ فيوشِكُ السَّقفُ أن يهويَ علينَا
إلى قهْوتِنا الصِّباحيةِ على الشُّرفةِ ، نسيتُ أنْ أخبَركِ أنَّهَا فقدتْ أصَالةَ بُنِّهَا على غيابكِ
إلى الفنجانِ الكبيرِ المتبقِي من اثنينِ اشترينَاهُمَا معاً فلا نعرفُ فنجانُ من
انكسَرَ فنتشَاجرُ عليه كالصِّغارِ فنشْرَبْه معَاً ونتركُ الصَّغيرَ يشْتاقُ لكِ
إلى اسْمكِ ، أنادي اسِمْكِ ، فتتوهمينَ أني أناديكِ ثم يظهَرُ لكِ أني أتنفسُ فقط !
إلى خمسَةِ أيامٍ تسْبِقُ مجيئِكِ ، سَأرجُمُهَا كلَّ فَرضِ صَلاةٍ بسبعِ حصَواتٍ ، ثم سَأرجُمُ المسَّافة ، ثم
أرجُمُك ، تباً ، كمْ أحبكِ
.
.
.
تحياتي البلوشي00
.
.
.
دثرينِي إنِّي أرتجفُ ، صَقِيعٌ عُمْري بدُونِكِ ،
لقدْ باغتُكِ هذِه المَرَّة وأخبَرتُكِ عن حَالِي قبلَ أنْ تُعَاجِلينِي بالسُّؤالِ !
سَئِمتُ سُؤالكِ المَعْهُود كلَّمَا افترَقنا : كَيفَ أنتَ ؟
كمْ مرَّة عليّ أنْ أقولَ لكِ لقدْ تهَاويتُ قِطعَةً قطعَةً فلمْ يبقَ مني إلا أنتِ
.
.
أولُ الكَلامِ مِنكِ كانَ : كيفَ أنتَ ؟
لمَاذا تخيّلتُ وقتهَا أنكِ تسْألينِي : كيفَ تجِدُ بطشَ اللّوْنِ العَسَليِّ في عَينيَّ ؟!
وَدِدتُ يومَهَا لو قلتُ لكِ : مَرِيضٌ بكِ ، وكلُّ من يمُرُّ بي يُصَابُ بعَدوَايَ ويُحِبكِ !
وَدِدتُ يومَهَا لوْ قلتُ لكِ كلاماً لا يقبَلُ التأوِيلَ كـَـ " أحُبكِ " ، لا لأنَّ اللحَظَة مناسِبَة للبَوحِ ، ولا لأنكِ جمِيلةٌ حَدَّ التَّداعِي ، ولا لأنَّ صَوتكِ يُبعثُرُنِي ككَوْمَةِ قَشٍ ، بلْ لأني أحُبكِ فِعْلاً ...
كنتُ أخَافُ مِنْ سَطوَة اعتِرَافي لكِ ، لأني أؤمِنُ أنَّ بعضَ الطُّرُقِ ذاتُ اتجَاهٍ واحِدٍ ، وكانتْ تفزِعُنِي فِكْرةُ أنّه لا يمكِنُ الرُّجُوعَ قبْلكِ ، أمَّا اليوم فأنتِ بعِيدة بمَا يكفِي لأعْترِفَ :
أنا الأبلهُ الذي أحبَّكِ مُنذ اللحْظةِ الأولى ولَمْ يعُدْ يهُمُه اليَومَ أنْ يُخفِيَ بلاهَته ،
المَجنُون بكِ مُنذ أوَّلِ هَمْسٍ ، والقائِلِ اليَومَ هَلْ مِنْ مَزيدٍ ،
أنا الطريدُ الشَّريدُ بدونِكِ ،
الخَائِبُ بلا يدكِ ترْسُمُ حُدُودَ وَجهِيَ ،
الفَارِغُ منْ صَوتِكِ وقدْ خَلَتْ لحّظّاتُ عُمْرِي مِنْه ،
المُنْكَسِرُ كزُجَاجٍ صفَعَتْهُ الرِّيحُ ولَيسَ هُناكَ من يُدافِعُ عَنه ،
المَريضُ غَادَرَتْه عُلبَةُ الدَّوَاءِ ،
الخَاوِيَةُ سَلَّتُه لا مِنْ تُفاحٍ يَسْقطُ حينَ يمَلُّ مِنَ الشَّجَرِ ، بلْ مِنْ نُجُومٍ تأوي إليهِ لأنكِ مَعَه ، تَسَرَّعُوا حينَ قالُوا أنَّ للأرضِ جَاذبية ، الأرضُ تدُورُ فقطْ ، أمَّا الجَاذِبيةُ فلعْبَتكِ !
.
.
.
كيفَ أنتَ
تَخْرُجُ مِنْ فمكِ بصِيغَةِ : أراكَ لمْ تنكَسِر بعْد !
لحْظتذاكَ ، أعَضُّ على كِبريائِي ، وأعتبرُ أنَّ سؤالكِ كَانَ بَريئاً وعَابِراً ومُنتمِياً للسِّياقاتِ العَادِيَّةِ التي لا تخْرُجُ فيهَا الكَلِمَاتُ عن ظَواهِرِ الحُرُوفِ ، وأنَّ كلمَاتكِ لا تُهَيِّءُ لتنويمٍ مِغناطِيسِيٍّ ، ولَيْستْ مُحَاولةَ إغراقٍ كمَا تفعَلُ التياراتُ البَحريَّة بالحَمْقى الذينَ يظنُونَ أنَّ بينَهُمْ وبينَ الغَرَقِ مَسَافةً مِنَ المَاءِ لا بُدَّ أنْ يجتَازُوهَا مُختَارينَ !
.
.
مَنطِقُ الحُبِّ كمَنطِقِ البَحْرِ تماماً بلا مَنطِقْ !
.
.
ليْسَتِ الحَافَّة التي نرَاهَا عندَ آخرِ المُسْتطِيلِ الأزرَقِ سِوَى خِدْعَةٍ بَصَرِيَّةٍ ، الوَاقِفُونَ على البرِّ يخطِئون دوْماً في قراءَةِ المَوجِ ، لا يمْكنُ الوُصُولُ للحَافَّةِ البَعِيدةِ ، لأنَّها ليْسَتْ مَوجُودَةً أصْلاً ، إنَّهَا صَنيعَةَ حَواسِنا المَحْدُودَة ، نحنُ الذين نُصِرُّ دَوْماً على التعَامُلِ مع البَحْرِ بمَنْطِقِ البَرِّ !
نحنُ الذينَ نُؤمِنُ أنَّ لكُلِّ شَيءٍ حَافَّة ،
نحنُ نَصْنعها ونؤمِنُ بِهَا ، ثُمَّ نَقَعُ عنْهَا ونتكَسَّر ،
البِحَارُ بلا حَوَافٍ يا معشَرَ البَر ،
المَاءُ يُعانِقُ المَاء ، والأسْمَاكُ لا تحملُ جوازاتِ سَفَرٍ ، وليْسَ هناكَ إشَاراتِ مُرُورٍ ، البَحْرُ لا يُشْبِه البَرَّ أبداً إلا بشَيءٍ واحِدٍ وهُو أنَّ الأسمَاكَ الكَبِيرة تأكلُ الصَّغِيرة !
.
.
وَحْدَهَا القلُوبُ تجِيدُ اجتِيَاز المَسَاحَاتِ / المَسَافَاتِ الزَّرقَاءَ ، وَحْدَهَا القلُوبُ تعْرِفُ أنَّها بالنبضِ يُمْكِنُها تجاوزُ الحَوَافَّ التي أوهَمُونا بوجُودِها ، فقطْ عليهَا أنْ تتحلى بمنطقِ الأشْرِعَةِ التي لا تخَافُ من البَللِ ، أمَّا الأشْجَارُ المُسَمَّرَةِ على الرَّصِيفِ قربَ البَحْرِ فلا يُوجَدُ في كُتُبِهَا حرفٌ بَحْرِيٌ واحِدٌ فالمَسْألةُ لا تتعلقُ بالمسَافَةِ بلْ بالقَنَاعةِ !
.
.
.
كيفَ أنتَ ؟
الأسْئِلةُ الصّادِرَةُ عَنْ كَائنٍ بَرِيءٍ لا تعنِي بالضّرُورَةِ أنّهَا أسْئِلةٌ بريئَةٌ
الحُبُّ يجْعَلُ المَرْأةَ أكثرَ دَهَاءً ، والرَّجُلَ أكثر حُمْقاً !
وفيمَا تسْتَمْتِعُينَ أنتِ بمُمَارسَةِ دهائِكِ أحَاولُ أنا أنْ أرممَ حَمَاقتِي!
يُحبُّ الرَّجُلُ لترميمِ شيءٍ مَكْسُورٍ فيه متناسِياً عَمْداً أنّ شَظيةَ حُبٍّ هِيَ التي صَنعَتْ كلَّ هذا التنَاثرِ الذي يَكْتنِفه ، أيُّ جُنونٍ هذا حِينَ يُطالِبُ الغريقُ بحَقِّهِ بكُوبِ مَاءٍ إضَافيٍّ !
.
.
لا رغبةً في جَمْعِ الأشْيَاءِ المُتناثِرةِ تحُبُّ المَرأة ، بل لتثبتَ لنفسِهَا أوَّلاً ، وللكَوْنِ ثانياً ، أنها فاتنَة وتسْتَحِقُّ الإستِحْواذَ على قلْبِ رجُلٍ ! متناسِيةً أنّ الرَّجُلَ لا يُمْكِنُ أنْ يُفتنَ بإمرأةٍ مَا لَمْ تُنْسِه أسْبَابَ تنَاثراتِه السّابقِة !
.
.
لمَاذا تسْألينِي عن حالِي وأنتِ التي حينَ عبَرَتِني حَافِيةً نزَفتِ على أشْلائِي ، ألمْ يكُنْ مشهدُ الدِّمَاءِ على بقايا الزُّجَاج ِ المَكْسُور إجابةً كافية ؟!
تريدينِي أنْ أتكلَّمَ ، وأنا دَوْمَاً أتكِىءُ على صَمتِي لأن تاريخَ علمِ الآثَارِ لَمْ يذكُرْ مرّةً أنّ مُوميَاءَ خَرجَتْ عن صمتها وقالتْ : رمموني !
وحْدَهُم يرَممُونَها دُونَ حَاجَةٍ مِنْهَا للبَوحِ ،
المُوميَاءاتُ تعْرِفُ أنّ الحفارينَ يُعمِلونَ معَاوِلهُم مَدفُوعينَ من غريزَتِهِم لإعادةِ الأشْياءِ كمَا كانتْ عليه .
لو سَألَتِنِي كيفَ تريدُ أن تكُونَ لوَفّرْتِ على نفسِكِ عناءَ انتظَارِ الإجَابَة ، ووَفرتِ عليَّ عناءَ صِياغتِهَا .
أمّا أنْ تسْألينِي كيفَ أنتَ ، قبلَ أن تنزِعي قطعةَ زجُاجٍ علقتْ بقدميكِ لحظَة تِجْوَالٍ فيَّ ، فيلزَمُنِي احتضَارٌ لأخبركِ !
.
.
.
حَسناً إني أحْتَضَرُ : لقدْ اشتقتُ إليكِ
.
.
.
.
كيفَ أنتَ ؟
ما زِلتُ أتنفَسُ بشَكْلٍ يشِي أنني حيّ !
تخَيَّلِي من فرْطِ التَرفِ قررتُ أن أكتبَ إليكِ ، فمنذُ زمَنٍ لَمْ أفعلْ !
ربمَا قراءة وجهكِ بشَكْلٍ يومِيٍّ هي التي تنْسِينِي أن أفزَعَ إلى دفاتِرِي بحثاً عنكِ !
لأكتُبَ لإمرأةٍ بَحْرِيّةٍ كلّ مَا فيها يُغري بالغرقِ يلزمُنِي مسَاحةً من اليابسَةِ للإحتماءِ من ضَغطِ الماءِ ،
وحِبراً يليقُ بالسّفنِ المشْدودَةِ قَهْرَاً إليكِ ،
وورقاً غيرَ الذي أكتبُ علَيه كلَّ يوْمٍ ،
ويداً أُخْرَى ...
لإمرأةٍ لا تتكررُ كلَّ يومٍ لا بُدَّ لي من اجتراحِ لُغةٍ جدِيدَةٍ قادِرةٍ على العوم ، لا بدَّ لي من
نسيانِ أبجديتِي البَرِّية وتطويرِ أبجدِيّةٍ مائيّة بلونِ الغروب ، ورائحةِ أعشَابِ البحر !
لإمراةٍ تجعلُ للماءِ طعماً ، ولوناً ، ورائحةً ،
يلزمُنِي أدَواتُ كتابَةٍ أُخرى على افتِراضِ أنّه يمكنُ ترويضُ البحرِ بقصيدة ،
كنتُ أظنُّكِ صَنيعةَ الفَرقِ في التوقيتِ بين المَاءِ واليابسَةِ ،
وأنّ الموجَ ألقاكِ فتعلقتِ بثيابِي لأنّي كنتُ عابراً صُدفةً بين توقيتين !
فاكتشفَتُ ذات خديعةٍ أنّكِ كنتِ تحفظينَ مواعيدَ مُرورِي ،
وتحسبينَ بدقةٍ المسَافةَ الفاصِلة بين خُطوتين من خطَواتِي ،
وقبل أن
أضعَ قدمَي أرضاً قلتِ لي : إحذَرْ أنْ تدُوسَ قلبَكَ ، دفنتُه في يديَّ ، خبأتُه عن
كلّ شَيءٍ ، وهو في مَأمَنٍ إلا مِنكَ ! لإمرأةٍ كأنتِ تتأرجحُ على بندولِ السَّاعة وتجيدُ
السّيطرة على منافذِ الوقت ، لكِ يلزمُنِي حُرُوفٌ جديدة ، فالحروفُ مِنَ الألفِ إلى اليَاءِ
لا تكفِي لإتمامِ طقوسِ المدّ والجَزرِ !
.
.
كيفَ أنتَ ؟
أنا كمَا البارحَة كمَا صَبيحَة اليَومِ التالِي فارغٌ منكِ
وأحنُّ إلى أشْيائِنا الصَّغِيرة
إلى مراكبَ ورقيةٍ تصْنَعينَها وأنتِ جالسَة جنبِي وأنا أكتبُ فأتخيّلُ أنّها صَالحَة للإبحَارِ فأركبُ بهَا
مطمئناً أنْ لا موجَ قادِرٌ على هَزيمتِي
إلى عطركِ تسْكَرُ منه جدرانُ البيْتِ وتترنحُ فيوشِكُ السَّقفُ أن يهويَ علينَا
إلى قهْوتِنا الصِّباحيةِ على الشُّرفةِ ، نسيتُ أنْ أخبَركِ أنَّهَا فقدتْ أصَالةَ بُنِّهَا على غيابكِ
إلى الفنجانِ الكبيرِ المتبقِي من اثنينِ اشترينَاهُمَا معاً فلا نعرفُ فنجانُ من
انكسَرَ فنتشَاجرُ عليه كالصِّغارِ فنشْرَبْه معَاً ونتركُ الصَّغيرَ يشْتاقُ لكِ
إلى اسْمكِ ، أنادي اسِمْكِ ، فتتوهمينَ أني أناديكِ ثم يظهَرُ لكِ أني أتنفسُ فقط !
إلى خمسَةِ أيامٍ تسْبِقُ مجيئِكِ ، سَأرجُمُهَا كلَّ فَرضِ صَلاةٍ بسبعِ حصَواتٍ ، ثم سَأرجُمُ المسَّافة ، ثم
أرجُمُك ، تباً ، كمْ أحبكِ
.
.
.
تحياتي البلوشي00
تعليق