H1N1
كشف خبــــــــايا النفوس
ما بك ِ؟؟
زميلة غرفتي التي كانت بمثابة شقيقتي خانتني !!
كيف ؟؟
كنت متلهفة للقائها عندما أتيت الى الجامعة بعد إجازة الصيف الطويلة وعندما التقيتها هرعت اليها اصافحها دون عناق أو تقبيل
بسبب التشديدات الصحية حول فيروس الانفلونزا الذي يغزو العالم
ثم ماذا حصل ؟؟
تفاجئت بها وقد أحمر أنفها وتغير صوتها حتى كاد يختفي فسألتها : أأنت مصابة بالفيروس؟؟ .
رددت علي وبكل ثقة : لا لا إنه مجرد زكام عادي ...التقطته من أخوتي في المنزل ...لاتخافي .
حتى أنها أردفت مازحة :
حتى وإن كان الفيروس المنتشر ....أيهون عليك أن اصاب أنا وأنتي لا .
فضحكت على مزحتها ضنا مني أنها مجرد مزحة ...لم أعرف ماوراء ذلك المزاح .
ثم ماذا حصل ؟؟.
دخلنا الى غرفتنا أنا وهي وأخذنا نسرد على بعضنا مواقف الإجازة وأخبار الأهل والرفاق في القرية .
كانت لاتتوقف عن السعال ولكني كنت واثقة مماقالته لي .
أخرجت أمتعتي من الحقيبة ثم سقطت بين يدي علبة حمراء.
كانت علبة اللبان التي أعطتني اياها أمي فضحكت قائلة لها :
أوترين هذا اللبان ؟؟...لقد أعطتني أمي اياه واوصتني أن ابخر غرفتنا كل يوم به حفاظا على صحتنا ....مسكينة أمي إنها خائفة علينا ....حتى أنها اشترت لي زجاجة المعقم ....وصابون اليدين المطهر...واوصتني أن اكون حذرة وأن لا أنسى غسل يدي .
قالت :
أمي كذالك ....اوصتني بأن اكون حذرة .
مرت الأيام ثم مرت الأسابيع....لايمر علي يوم دون أن ابخر غرفتي بلبان أمي ....ولاتمر علي ربع ساعة الا أن اغسل يدي نزولا عند رغبة والدتي العزيزة.
وكنت كلما بخرت الغرفة :
تضحك زميلتي قائلة : إطمأني لست مصابة بالفيروس.
ثم أضحك :
لست أبخر الغرفة لأجل ذلك ...ولكن أمي تصر علي ان افعل ذلك...لن أخسر شيئا إن اتبعت اوامر امي ....انها تحبني ...علي أستطيع أن اعبر عن محبتي لها أنا ايضا بالطاعة...فهي قيم بالنهاية حتى وان كانت بسيطة .
مرت الأسابيع
واصيبت زميلتنا القريبة الأخرى التي كانت تسكن في الجناح المقابل لنا بالفيروس .
وحتى اكون صادقة هي لم تخبرني بإصابتها وإنما أخبرتني فتاة اخرى تسكن قريبا منها .
حتى أنني كنت أسلم عليها واضحك معها منذ ايام قليلة دون أن اعلم بإصابتها فهي لم تكلف نفسها بإخباري خوفا علي كما أخاف عليها.
كانت مشاعري صادقة تجاه الجميع .
المهم
عندما علمت بإصابتها كنت احاول التعامل معها مع الإلتزام بقواعد الوقاية من الفيروس .
كنت متعجبة وأسال نفسي : لما لم ياخذوها كغيرها الى الحجر الصحي ؟؟....لماذا ؟؟
التقيت بزميلتها في الغرفة والتي كانت اقرب الي منها
سألتها :
اتعيشين معها في نفس الغرفة؟؟ .
قالت :
نعم كنت اعيش معها منذ ايام وهي كانت مصابة ولكنها لم تخبرني.
قلت :
لمــــــــاذا لم تحجر ؟؟
قالت :
إنها مازالت تعيش حالة بين تصديق ورفض الإصابة .
فقلت :
حتى تنتهي من حالتها هذه ....سوف ينقل الفيروس الى العشرات من الطالبات .
لأكون صادقة
كنت أنتظر الأعراض فقد اختلطت بها في الفترة الاخيرة كثيرا .
ثم ماذا حصل :
سألت زميلتها ....اتعيشين معها الآن في نفس الغرفة .
قالت :
لا لقد انتقلت الى غرفة زميلتنا المجاورة لغرفتنا .
وقد بدا عليها الحزن .
سألتها مابك لما يبدو الحزن على وجهك ؟؟؟.
قالت : اتعلمين أن باقي الطالبات في الجناح يختلطن بها ويجلسن في غرفتها ...يضحكن ويلعبن وهن يعلمن أنها مصابة ...جعلنني أشعر أنني خائنة لعشرتنا .
ثم قلت :
الحب بالقلب وليس بأخذ العدوى منها .
ثم قالت :
زميلتك أيضا كانت معها البارحة وتضحك وتلعب معها .
ثم قلت متفاجئة :
معقولة ....أمجنونة هي ....الا تخاف ان تأخذ منها العدوى...ثم تنقلها الي أنا؟ ثم الى ذوينا.
قالت :
تقول ان لديها مناعة ....لأنه سبق لها وأن اصيبت
وقفت مذهولة وأنا أقول :
زميلتي كانت مصابة ....متى واين ؟؟.
قالت :
لقد كان اخوتها في المنزل مصابين ...ثم اصيبت هي ....حتى انها كانت مصابة في الأسبوع الاول من الدراسة .
بقيت صامته هناك والدموع تنهال على خدي.
تذكرت ليله البارحة عندما كنت أجلس معها أحثها قائلة لها :
حاولي أن تحاسبي في تعاملك مع زميلتا المصابة ....أخشى ان ينتقل الفيروس لك ثم لي .
ثم قالت :
حتى وإن انتقل ....انه فيروس خفيف .
ثم قلت :
لا ارجوك ...أخشى ان تكون مناعتنا أنا وأنتي ضعيفة وأن تأتي الأعراض علينا بقوة ....أو حتى ننقلها الى ذوينا خصوصا وأن والدتي مصابة بالضغط .
ثم ضحكت قائلة :
لن تصابي إطمأني .
بالفعل أن لم أصاب قبلا .
لأن الله يحبني وكان معي .
ولم اصاب الآن لأن الله يحبني أيضا .
أراد الله أن يفشل أهدافها .
اراد الله أن يحميني مماكان يتربص بي .
عندها فقط تذكرت الحديث الشريف وأنا ابكي :
ولو إجتمعوا على أن يضروك بشي لن يضروك الا بماكتبه الله لك .
لست حزينة لإنني كنت سأصاب بالمرض
بل كنت حزينة لأن من حولي كانو على عكس ماتوقعت
محزن هو الشعور بالخيانة
محزن هو الشعور ان الناس ماعادت تبالي الا بنفسها
محزن هو الشعور ان القيم بدأت تتلاشي في مجتمع كمجتمعنا
اين أحب لنفسك ماتحب لغيرك بل اين محاسبة النفس .
اكتب قصتي هذه وأنا جد متأثرة بها
صحيح انني لم اصاب بالمرض
ولكني ان اصبت سوف يكون هدفي اولا وآخرا ان لا أنقل العدوى لمن هم حولي .
ماذا ان كان احدهم مصاب بمرض مزمن وتوفي بسبب عدم مبالاتي!!
بل ماذا ان اصيب وذهب الا عائلته ونقل المرض لأخوته الصغار او والديه او جديه وكانوا مصابين بأمراض مزمنة ومات احدهم بسببي ؟؟!!
كيف سأشعر حينها !!
المرض ليس مهما بقدر القيم التي تربينا عليها
نصيحتي للطالبات الغير مباليات بإصابتهن أو غير مباليات بأن يصبن
أرجوكن !!
ان الوقاية خير من قنطار علاج
من ذا الذي يريد أن يمرض حتى ولو كان محض زكام
الاتدركن ان ذلك تخلف وغباء وعدم مبالاة
ليست أنانية ان ابتعدت عن صديقتي المصابة
ليست انانية ان طلبت منها ان تذهب للعزل الصحي حتى تشفى
بل ليست انانية ان فكرنا بأنفسنا وبأسرنا
حاولوا ان تقتنعوا
" الحب هنا ...هنا ....في القلب ....وليس في أخذ العدوى "
ارجوووووووووووووووكن
كن مثالا يحتذي به أطفالنا في المستقبل
ولكن بالفعل
لقد كشف الفيروس خبايا النفوس !!!
الله يهدي الجميع
زميلتنا المصابة حاليا لم تذهب للبيت في إجازة الأسبوع هذه
لأنها خائفة على أسرتها ولكنها لم تخف على من هم حولها لذا لن تذهب للعزل حتى تستفيق من صدمتها بالإصابة
أعتقد أن الأطفال يفكرون أفضل منها
ويجيدون التعامل مع المواقف أكثر منها هداها الله
اكيد في غيري تعرضوا لمواقف مثل جيه
تعليق