بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة عامة:
1- تغير أحوال البيوت أثناء الامتحانات، والناس بين إفراط في التشديد على الأبناء، وتفريط في حق الأبناء في الرعاية والاهتمام، قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان:74).
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، حَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ) (رواه ابن حبان، وصححه الألباني).
أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض...
2- معنى الامتحان والابتلاء في حياة المؤمن وبعد مماته: "حال الموت - سؤال القبر - يوم الحشر - المرور على الصراط - سؤال المولى -تبارك وتعالى-"، والأدلة على ذلك كثيرة، وعقد مقارنة بين امتحان الدنيا وامتحان الآخرة.
3- بيان أن العلم المقصود الأول منه في نصوص الوحيين إنما هو العلم الشرعي: "العلم بالله؛ بأسمائه وصفاته - العلم بمقصود الله وعبوديته - العلم بالحلال والحرام - العلم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهديه..." الخ.
قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (المجادلة:11)، وقال -عز وجل-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر:28).
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) (رواه ابن ماجة، وصححه الألباني)، وعن زر بن حبيش قال أتيت صفوان بن عسال المرادي -رضي الله عنه- قال: ما جاء بك؟ قلت: أُنْبِطُ -أظهر وأفشي- العلم. قال: فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَا مِنْ خَارِجٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إِلاَّ وَضَعَتْ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا بِمَا يَصْنَعُ) (رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني).
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى يَرْجِعَ) (رواه الترمذي، وحسنه الحافظ ابن حجر، وقال الألباني: حسن لغيره).
ما الـفـخـر إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه والـجـاهـلـون لأهـل العلم أعداء
فـفـز بـعـلم تعـش حيـًا به أبدًا الناس مـوتى وأهل العلم أحـياء
وآخر...
كل العلوم سوى القرآن مشغلة إلا الحديـث وإلا الـفـقـه فـي الدِّيـن
مـا الـعــلـم إلا قـــال حـــدثــنـا وغــيـر ذلـك وسـواس الـشـيـاطين
نصائح للطلاب:
1- الدراسة لماذا؟ بيان أن النية ترفع العادات إلى مصاف العبادات: "بر الوالدين - كفاية المسلمين ونفعهم - التسلح لكسب القوت وإعفاف النفس... " الخ.
عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) (متفق عليه).
2– احذر نوايا فاسدة كـ"طلب دنيا - أو رفعة ورياسة - أو تكبرًا على الناس... "؛ قال الله -عز وجل-: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة:5).
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِىَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيُبَاهِىَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ فَهُوَ فِي النَّارِ) (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).
3- ترسيخ معنى العبودية، قال الله -عز وجل-: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162)، وقال -سبحانه-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56).
4- تقوى الله -تعالى- سبب كل خير، ووجوب الابتعاد عن المعاصي، ولزوم أمر الله: "المحافظة على الصلوات أثناء الامتحانات وفي غيرها - ترك مشاهدة الحرام وسماع الحرام - كذا الاختلاط المحرم... ".
قال الله -عز وجل-: (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:282)، بل إن التقوى هي الزاد الحقيقي قال الله -تعالى-: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) (البقرة:197).
عَنْ ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كنت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا فقَالَ: (يَا غُلامُ، اِنِّي اُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله، وَاعْلَمْ أَنَّ الأمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَئءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَئءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَئءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بِشَئءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
وفي رواية غير الترمذي: (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِى الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعاً أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْراً كَثِيراً، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (رواه الإمام أحمد، وصححه الشيخ أحمد شاكر).
عَنْ أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قَالَ: (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).
إذا المـرء لم يلبس ثيابًا من التقى تقلب عريانـًا وإن كان كاسيًا
وخـير لباس الـمرء طاعة ربــــــه ولا خير فيمن كان لله عاصيًا
وآخر...
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فـأرشـدني إلى تـرك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نــــــــــور ونــــور الله لا يـُهدى لعاصي
5- كن عند حسن ظن والديك، ومعلميك، ومن يأمل الخير فيك.
قد هيئوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
6- أخي الطالب: إنْ منَّ الله عليك بشيء من التفوق والذكاء، فإياك والعجب والغرور، ورُد الفضل لله وحده؛ قال الله -تعالى-: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) (النحل:53).
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
7- استعن بالله، وخذ بالأسباب المشروعة، فليس لك عذر في التواكل أو الإهمال.
على قـدر أهـل العزم تأتي العزائم وتأتي على قـدر الكـرام المكـارم
وتعظم في عين الصغير صغـارها وتصغر في عين العظيم العظائم
وآخر...
وإذا النفوس كن كبارًا تعبت في مرادها الأجسام
8- إياك إياك والغش؛ فتلك خيانة للأمانة، ومعصية لله؛ قال الله -تعالى-: (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ) (النحل:91)، وقال: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا) (الإسراء:34).
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ) (رواه ابن حبان والطبراني، وصححه الألباني)، وإن كنت تخاف من مراقبي اللجان، فلا تجعل الله أهون الناظرين إليك.
9- لماذا لا تسعى لمعالي الأمور، وتترك سفسافها، فلا يكن همك النجاح وفقط، ولكن التفوق أيضًا؟!
ولم أر في عيوب الناس عيبًا كنقص القادرين على التمام
10- لقد استشعرتَ قيمة الزمن، وشرف الوقت وقت الامتحانات، فهلا حافظت بعد ذلك على عمرك من الضياع هباء منثورًا؟! قال الله -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) (الفرقان:62).
عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
والوقت أشرف ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع
11- أخي الطالب الحبيب: وقت الامتحانات اكتشفتَ من نفسك قدرات فائقة، ومهارات مدفونة، فها أنت تستطيع القراءة والتحصيل، والصبر على الفهم والاستيعاب، فلتنتو نية صالحة لحفظ كتاب الله -تعالى-، وتعلم العلم الشرعي؛ ليعود ذلك بفائدة في دينك ودنياك.
- نصائح للآباء والأمهات:
- الأبناء أمانة، وأول الواجبات تعليمهم أمر دينهم.
- دورك أيها الأب لا يقف عند توفير القوت والمال، وتلبية حاجات الأسرة وفقط ، بل الامتحانات فرصة لتماسك الأسرة، وإيجاد الجلسات التربوية المفقودة اليوم، وانظر لتربية الأنبياء لأبنائهم في قصة إبراهيم -عليه السلام-: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات:102).
وفي قصة يوسف -عليه السلام-: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ . قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (يوسف:4-5).
- وتلك نصيحة لقمان لابنه مثالاً حيًا للمربين:
(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان:13)، (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (لقمان:16).
(يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) (لقمان:17).
- الامتحانات فرصة للتعرف على أصدقاء الأبناء، ومن يصاحِبون؛ قال الله -تعالى-: (الأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف:67)، والصاحب ساحب، قال الله -عز وجل-: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً . يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) (الفرقان:27-28).
عن أبي موسى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) (متفق عليه).
- ولتكن عينك على أبناءك عين رقابة حانية، وعناية مُحـِبـّة.
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
- احرص على زرع التوكل على الله في قلوب أبنائك، وترك الاعتماد على الأسباب، وعوِّدهم الإلحاح على ربهم في الدعاء، وطلب العون والتوفيق منه وحده، والأدلة على ذلك كثيرة كتابًا وسنة.
إليك وإلاّ لا تـُشد الركائب ومنك وإلا فالمُؤمّل خائب
- أيها الأب العزيز، أيتها الأم الغالية:
يا من تحب الخير لأبنائك، وتخاف عليهم من السوء؛ هلا منعتهم من رؤية الحرام في التلفاز كما تمنعه عنهم لكي لا ينشغلوا عن المذاكرة.
هلا أيقظتي ابنك وبنتك للصلاة كما تفعلين لاستذكار الدروس، واللحاق بموعد الامتحان... وهكذا.
- أيها الوالد الكريم: تذكر أن معيار التفاضل عند الله هو القرب منه، والالتزام بأمره قال الله -تعالى-: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13).
فلا تـُقرِّب الابن المتفوق وإن كان عاصيًا عاقـًا، ولا تبغض وتـُبعد الولد الـدّيـِّن وإن كان مخفقـًا في دراسته، كما لا تنظر للنجاح والفشل بعيدًا عن تقدير الله وتوفيقه للعبد.
- وأنت تزرع في ولدك الحرص على التميز، والتنافس لنيل أعلى الدرجات، لا تنسَ أن توجههم إلى التنافس الحقيقي على معالي الأمور، ورضا الرب الغفور (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) (المطففين:26)، ويمكن ذكر تنافس أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- في الخير كمثال.
- استثمر الجوانب الإيجابية في شخصية ابنك، وإن بدرت سلبيات منه فلا تكثر اللوم والتعنيف أو إحباط الأبناء وإشعارهم بالفشل، والامتحانات ليست نهاية المطاف في مستقبل المرء.
نصائح للمعلمين والمربين:
1- أخي المعلم والمربي: ينظر إليك طلابك كقدوة فكن عند حسن الظن، وعلى قدر المسؤولية، ثم ارشدهم لقدوة العالمين، نبينا الأمين -صلى الله عليه وسلم- "وقد كان الأول في كل شيء".
2- راقب ربك في عملك، وأطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، فكل جسم نبت من حرام فالنار أولى به.
3- ازرع الثقة في نفوس طلابك، وعودهم الفهم، ودربهم على ملكة البحث.
4- ليس كل ما يـُعرف يـُقال، وليس كل ما يـُقال يـُعتقد، وكثير من مناهج التعليم يعتريها غبش ودخن في أمور تتصادم مع شرع الله، فصحح المفاهيم قدر الطاقة، ووجه الدّفة حسب القوة، والله المستعان.
5- كن لبنة بناء لا معول هدم؛ ساهم في محاربة ظاهرة الغش في الامتحانات، لا أن ترسخها بدعوى الشفقة على الطلاب، أو صعوبة المناهج.
6- كن عين الوالدين في المدرسة وخارج البيت، ومكملاً للعملية التعليمية والتربوية.
7- اكسب قلوب الأبناء؛ ليصارحونك بما في صدورهم، ويستشيرونك في حل مشكلاتهم.
ثم ختام الخطبة بالدعاء، ومنه دعاء بالتوفيق للطلاب والطالبات لما يحبه الله ويرضاه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مقدمة عامة:
1- تغير أحوال البيوت أثناء الامتحانات، والناس بين إفراط في التشديد على الأبناء، وتفريط في حق الأبناء في الرعاية والاهتمام، قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان:74).
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، حَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ) (رواه ابن حبان، وصححه الألباني).
أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض...
2- معنى الامتحان والابتلاء في حياة المؤمن وبعد مماته: "حال الموت - سؤال القبر - يوم الحشر - المرور على الصراط - سؤال المولى -تبارك وتعالى-"، والأدلة على ذلك كثيرة، وعقد مقارنة بين امتحان الدنيا وامتحان الآخرة.
3- بيان أن العلم المقصود الأول منه في نصوص الوحيين إنما هو العلم الشرعي: "العلم بالله؛ بأسمائه وصفاته - العلم بمقصود الله وعبوديته - العلم بالحلال والحرام - العلم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهديه..." الخ.
قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (المجادلة:11)، وقال -عز وجل-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر:28).
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) (رواه ابن ماجة، وصححه الألباني)، وعن زر بن حبيش قال أتيت صفوان بن عسال المرادي -رضي الله عنه- قال: ما جاء بك؟ قلت: أُنْبِطُ -أظهر وأفشي- العلم. قال: فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَا مِنْ خَارِجٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إِلاَّ وَضَعَتْ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا بِمَا يَصْنَعُ) (رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني).
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى يَرْجِعَ) (رواه الترمذي، وحسنه الحافظ ابن حجر، وقال الألباني: حسن لغيره).
ما الـفـخـر إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه والـجـاهـلـون لأهـل العلم أعداء
فـفـز بـعـلم تعـش حيـًا به أبدًا الناس مـوتى وأهل العلم أحـياء
وآخر...
كل العلوم سوى القرآن مشغلة إلا الحديـث وإلا الـفـقـه فـي الدِّيـن
مـا الـعــلـم إلا قـــال حـــدثــنـا وغــيـر ذلـك وسـواس الـشـيـاطين
نصائح للطلاب:
1- الدراسة لماذا؟ بيان أن النية ترفع العادات إلى مصاف العبادات: "بر الوالدين - كفاية المسلمين ونفعهم - التسلح لكسب القوت وإعفاف النفس... " الخ.
عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) (متفق عليه).
2– احذر نوايا فاسدة كـ"طلب دنيا - أو رفعة ورياسة - أو تكبرًا على الناس... "؛ قال الله -عز وجل-: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة:5).
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِىَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيُبَاهِىَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ فَهُوَ فِي النَّارِ) (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).
3- ترسيخ معنى العبودية، قال الله -عز وجل-: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162)، وقال -سبحانه-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56).
4- تقوى الله -تعالى- سبب كل خير، ووجوب الابتعاد عن المعاصي، ولزوم أمر الله: "المحافظة على الصلوات أثناء الامتحانات وفي غيرها - ترك مشاهدة الحرام وسماع الحرام - كذا الاختلاط المحرم... ".
قال الله -عز وجل-: (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:282)، بل إن التقوى هي الزاد الحقيقي قال الله -تعالى-: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) (البقرة:197).
عَنْ ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كنت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا فقَالَ: (يَا غُلامُ، اِنِّي اُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله، وَاعْلَمْ أَنَّ الأمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَئءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَئءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَئءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بِشَئءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
وفي رواية غير الترمذي: (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِى الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعاً أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْراً كَثِيراً، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (رواه الإمام أحمد، وصححه الشيخ أحمد شاكر).
عَنْ أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قَالَ: (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).
إذا المـرء لم يلبس ثيابًا من التقى تقلب عريانـًا وإن كان كاسيًا
وخـير لباس الـمرء طاعة ربــــــه ولا خير فيمن كان لله عاصيًا
وآخر...
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فـأرشـدني إلى تـرك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نــــــــــور ونــــور الله لا يـُهدى لعاصي
5- كن عند حسن ظن والديك، ومعلميك، ومن يأمل الخير فيك.
قد هيئوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
6- أخي الطالب: إنْ منَّ الله عليك بشيء من التفوق والذكاء، فإياك والعجب والغرور، ورُد الفضل لله وحده؛ قال الله -تعالى-: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) (النحل:53).
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
7- استعن بالله، وخذ بالأسباب المشروعة، فليس لك عذر في التواكل أو الإهمال.
على قـدر أهـل العزم تأتي العزائم وتأتي على قـدر الكـرام المكـارم
وتعظم في عين الصغير صغـارها وتصغر في عين العظيم العظائم
وآخر...
وإذا النفوس كن كبارًا تعبت في مرادها الأجسام
8- إياك إياك والغش؛ فتلك خيانة للأمانة، ومعصية لله؛ قال الله -تعالى-: (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ) (النحل:91)، وقال: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا) (الإسراء:34).
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ) (رواه ابن حبان والطبراني، وصححه الألباني)، وإن كنت تخاف من مراقبي اللجان، فلا تجعل الله أهون الناظرين إليك.
9- لماذا لا تسعى لمعالي الأمور، وتترك سفسافها، فلا يكن همك النجاح وفقط، ولكن التفوق أيضًا؟!
ولم أر في عيوب الناس عيبًا كنقص القادرين على التمام
10- لقد استشعرتَ قيمة الزمن، وشرف الوقت وقت الامتحانات، فهلا حافظت بعد ذلك على عمرك من الضياع هباء منثورًا؟! قال الله -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) (الفرقان:62).
عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
والوقت أشرف ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع
11- أخي الطالب الحبيب: وقت الامتحانات اكتشفتَ من نفسك قدرات فائقة، ومهارات مدفونة، فها أنت تستطيع القراءة والتحصيل، والصبر على الفهم والاستيعاب، فلتنتو نية صالحة لحفظ كتاب الله -تعالى-، وتعلم العلم الشرعي؛ ليعود ذلك بفائدة في دينك ودنياك.
- نصائح للآباء والأمهات:
- الأبناء أمانة، وأول الواجبات تعليمهم أمر دينهم.
- دورك أيها الأب لا يقف عند توفير القوت والمال، وتلبية حاجات الأسرة وفقط ، بل الامتحانات فرصة لتماسك الأسرة، وإيجاد الجلسات التربوية المفقودة اليوم، وانظر لتربية الأنبياء لأبنائهم في قصة إبراهيم -عليه السلام-: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات:102).
وفي قصة يوسف -عليه السلام-: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ . قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (يوسف:4-5).
- وتلك نصيحة لقمان لابنه مثالاً حيًا للمربين:
(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان:13)، (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (لقمان:16).
(يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) (لقمان:17).
- الامتحانات فرصة للتعرف على أصدقاء الأبناء، ومن يصاحِبون؛ قال الله -تعالى-: (الأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف:67)، والصاحب ساحب، قال الله -عز وجل-: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً . يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) (الفرقان:27-28).
عن أبي موسى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) (متفق عليه).
- ولتكن عينك على أبناءك عين رقابة حانية، وعناية مُحـِبـّة.
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
- احرص على زرع التوكل على الله في قلوب أبنائك، وترك الاعتماد على الأسباب، وعوِّدهم الإلحاح على ربهم في الدعاء، وطلب العون والتوفيق منه وحده، والأدلة على ذلك كثيرة كتابًا وسنة.
إليك وإلاّ لا تـُشد الركائب ومنك وإلا فالمُؤمّل خائب
- أيها الأب العزيز، أيتها الأم الغالية:
يا من تحب الخير لأبنائك، وتخاف عليهم من السوء؛ هلا منعتهم من رؤية الحرام في التلفاز كما تمنعه عنهم لكي لا ينشغلوا عن المذاكرة.
هلا أيقظتي ابنك وبنتك للصلاة كما تفعلين لاستذكار الدروس، واللحاق بموعد الامتحان... وهكذا.
- أيها الوالد الكريم: تذكر أن معيار التفاضل عند الله هو القرب منه، والالتزام بأمره قال الله -تعالى-: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13).
فلا تـُقرِّب الابن المتفوق وإن كان عاصيًا عاقـًا، ولا تبغض وتـُبعد الولد الـدّيـِّن وإن كان مخفقـًا في دراسته، كما لا تنظر للنجاح والفشل بعيدًا عن تقدير الله وتوفيقه للعبد.
- وأنت تزرع في ولدك الحرص على التميز، والتنافس لنيل أعلى الدرجات، لا تنسَ أن توجههم إلى التنافس الحقيقي على معالي الأمور، ورضا الرب الغفور (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) (المطففين:26)، ويمكن ذكر تنافس أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- في الخير كمثال.
- استثمر الجوانب الإيجابية في شخصية ابنك، وإن بدرت سلبيات منه فلا تكثر اللوم والتعنيف أو إحباط الأبناء وإشعارهم بالفشل، والامتحانات ليست نهاية المطاف في مستقبل المرء.
نصائح للمعلمين والمربين:
1- أخي المعلم والمربي: ينظر إليك طلابك كقدوة فكن عند حسن الظن، وعلى قدر المسؤولية، ثم ارشدهم لقدوة العالمين، نبينا الأمين -صلى الله عليه وسلم- "وقد كان الأول في كل شيء".
2- راقب ربك في عملك، وأطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، فكل جسم نبت من حرام فالنار أولى به.
3- ازرع الثقة في نفوس طلابك، وعودهم الفهم، ودربهم على ملكة البحث.
4- ليس كل ما يـُعرف يـُقال، وليس كل ما يـُقال يـُعتقد، وكثير من مناهج التعليم يعتريها غبش ودخن في أمور تتصادم مع شرع الله، فصحح المفاهيم قدر الطاقة، ووجه الدّفة حسب القوة، والله المستعان.
5- كن لبنة بناء لا معول هدم؛ ساهم في محاربة ظاهرة الغش في الامتحانات، لا أن ترسخها بدعوى الشفقة على الطلاب، أو صعوبة المناهج.
6- كن عين الوالدين في المدرسة وخارج البيت، ومكملاً للعملية التعليمية والتربوية.
7- اكسب قلوب الأبناء؛ ليصارحونك بما في صدورهم، ويستشيرونك في حل مشكلاتهم.
ثم ختام الخطبة بالدعاء، ومنه دعاء بالتوفيق للطلاب والطالبات لما يحبه الله ويرضاه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مما تصفحت... منقوول
تعليق