"حينما يُحتضن الإبداع في ممرات الأحذية"
دائماً ما نسمع عن صعوبة البدايات وكيف تكون الأمنيات حيث الهدوء ووقع الكلمات حيث طول الإنتظار والمسار ؛ هناك يقبع طفل صغير يحبو فتبسم العبارات ؛ يمشي ويسقط فـتتسارع العبرات للأخذ بالهمم العاليات ؛ حينها ينهض بشموخ فـيصارع العقبات ويناظر زوايا التعامد والإبداع حتى يصل إلى النهايات ؛ هذا هو مشهد الحياة ومشهد الخير والفطرة لـيصل إلى الأهداف الساميات.
ولكن هل سمعتم عن صيادٍ لا يفقه حتى صيد العومة ؟ ويمنع الناس من مزاولة أنشطتهم بـحجة أن البحر مالح ويقول ( بس أنا أخبركم يعني ... لا تناقشوني لأنه هو مالح وبس .. ويعني كذا والهاذا ... ومن ذا ... أصلا ما تحتاجوا إنتوا سمك ..كلوا بيض .. ويلا طلعوا برا ... ).
هذا هو حال المسؤولين في عمادة شؤون الطلاب بـجامعة السلطان قابوس منذ أكثر من سنتين ؛ حينها ارتأت معظم جماعات العمادة إلى تعليق أنشطتها لـربما يتغير الحال للأفضل ولكن للأسف ما علموا أن لسان الحال يقول ( بو ما عارفه مو يعني القفير أتعرف المجز هين يخش ).
حقيقة أن ما ظهر لنا من تخبطات تعيشها عمادة شؤون الطلاب منذ أكثر من سنتين يحكي جليًا ما نراه من تراجع قوة هذه الجامعة على مستوى سنين مرت كان يشهد لها الصغير قبل الكبير بـتميزها ولا زالت ، بيد أن العقول المتحجرة والتي تعمل على منهجية أكلني "سحه" أعطيك "جراب سح" لا زالت على سلم الإدارة وهي مسؤولة عن كل ما يحدث وإدارة الجامعة لا تولي للموضوع أي اهتمام بل ويتم توظيف غيرهم على حساب إداريين وموظفين أخذتهم العزة للعمل في مؤسسات أخرى ؛ علهم يجدون ضالتهم لـرفع إسم الوطن والسلطان في مكان آخر غير المكان الذي يحمل أسمه.
عمومًا .. كانت جماعة المسرح من ضمن الجماعات التي علقت نشاطها في الجامعة فما كان من الشباب إلا الوقوف في وجههم ولكن بدون فائدة لـيقوم كل شباب الجامعة الذين كانوا في جماعة المسرح بتأسيس فرقة تواصل تابعة لـوزارة التراث والثقافة ومضى الحال لـتقديم أنشطتنا بإسم الفرقة سواءًا في الجامعة أو خارجها.
قبل شهر من الآن بدأ الممثلون التدرب على اسكتش بعنوان ( جامعة ما نفس مدرسة )
وعلى أساس أن يقدم في ثاني اسبوع ولكن يأتي المسؤولون في العمادة ويقوموا بإلغاء العرض بدون أي أسباب مقنعة بعد جهد 3 أسابيع لطلاب ضحوا بأوقاتهم في سبيل إنجاح العمل وبدأوا يماطلون بأن يتم العرض في فعاليات قادمة في الأسابيع الأولى.
فما كان من الشباب إلا البحث بـأنفسهم مرة أخرى وإيجاد أي فعالية للعرض فوجدوا ضالتهم بعد اسبوع مع شركة رونزا التابعة لـدائرة الإبتكار وريادة الأعمال التي احتضنتهم في بداية الأمر فاستأنفوا عمل البروفات من جديد ولكن في يوم العرض تفاجؤوا بعدم إدخالهم إلى غرفة التحكم وإلغاء العرض والتهديد بإطفاء الإضاءة في حالة الرفض وعرفنا أن الموضوع أتى من العمادة حيث تم إرسال صور أعضاء الفرقة إلى فني الإضاءة والصوت وتوصيته بعدم إدخال هؤلاء الشباب.
بعد أن انتهت فقرات الأمسية ، جاء رئيس جماعة المسرح السابق ومعه الممثلين ووقفوا وقفة رجل واحد أمام الجمهور على خشبة قاعة المحاضرات 1 في نصف الأمسية لـ يقول: ( نحن طاقم عرض الإسكتش راح أسألكم سؤال ... كم واحد جاي اليوم عشان المسرحية؟ ) فإذا بـالجميع يرفع يده فـ قال: ( للأسف قد مُنعنا من تقديمه للمره الثانية ... وإذا عرضناه هنا فـ سيتم غلق الإضاءة ) بعدها أتت إحدى المشرفات ملوحةً بيدها وتطلب إغلاق الإضاءة والتنحي من خشبة المسرح فما كان من الأخ إلا القول ( من كان قاصدًا مسرحًا فليتبعنا إلى أمام كلية الزراعة ... سنعرض في الشارع هناك سنعرض بدون اضاءة وبدون مكبرات صوت واللي نقدر عليه بنسويه ).
فإذا بـجميع الحضور يسري أفواجًا خلف الفرقة
وتم العرض وسط غياب الإضاءة والصوت والمكان المناسب حيث جلس الحضور جميعهم على الشارع في مشهد يجعلك تبكي فرحًا وحزنًا في نفس الوقت.
بـالرغم من غياب الكثير من الأشياء إلا أن الجمهور كان مستمتعًا بالعرض وصفق وقوفًا لـجميع طاقم العمل وفي نهاية العرض احتضن الممثلون بعضهم بعضًا على شكل دائرة متراصة في مشهد يفوق الألف مسرحية ... هناك لا حديث سوى الدموع ... لقد انتصروا على أنفسهم وعلى الصعاب والمحبطين وعمادة البطيخ .. بل إن هذا المشهد أثار دموع الحاضرين وقد رأيتهم بـنفسي كيف يركضون شغفًا لإحتضانهم.
لا أعلم إلى أين أنت ذاهبة يا جامعة السلطان بـهكذا فكر من مسؤولين في عمادة شؤون الطلاب فـ حينما نجد القاعات توفر للغريب بـيسر وتُعسر للطلاب ودفع مبلغ تأمين مقداره 500 ريال حينها لا نقول إلا العافية فـحينها سـيُحتضن الإبداع في ممرات الأحذية.
بـقلم : سامي الشكيلي
تعليق