الســــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته



تمثل الجامعة مؤسسة أكاديمية علمية تعليمية تنويرية ثقافية يقع على عاتقها مهام جسيمة وأدوار عليا ينبغي أن تحققها في المجتمع الذي توجد فيه, كما تمثل بوابة رئيسة لمعظم أفراد المجتمع إلى الدخول في معترك الحياة والإسهام في خدمة مجتمعهم وأمتهم. وكما هو معروف فإن وظائف الجامعة ورسالتها لا تقتصر على مهمة التعليم والتدريس بل إنها تمتد إلى أكبر من ذلك وإلا فقدت الجامعة دورها الكبير الذي يمكن أن تلعبه في إعداد أفراد المجتمع. ومن هنا فإن رسالة الجامعة ينبغي أن تركز على البحث العلمي الذي يُوسع الآفاق للتعرف على مشكلات المجتمع وقضاياه ودراستها والإسهام في حلها باستخدام الأساليب العلمية الدقيقة.

بل إن الاهتمام بالبحث العلمي يُيسر الطريق للمبدعين من ذوي القدرات العليا للإبداع والتجديد والابتكار وهذا بدوره يعود في نهاية الأمر بنتائج إيجابية على الوطن والمواطن.

وإن كان البحث العلمي لا يحقق أحياناً الطموحات المتوقعة منه فإن ذلك ربما يرجع إلى قلة الإمكانات والمخصصات المادية التي تُعطى لمجال الأبحاث وربما أحياناً عدم توفر البيئة العلمية المتكاملة المجهزة بكافة الأدوات والمواد اللازمة للقيام بالأبحاث وخصوصاً في حقل التخصصات العلمية, وإذا اقتصرت مهام الجامعة على جانب التدريس والبحث العلمي فإن معنى ذلك تجاهل المجتمع الذي توجد فيه وهذا قد يعوق تحقيق بعض الأهداف السامية من الاهتمام بالتعليم العالي.

ومن هنا كان لابد من تحقيق مهمة أخرى كبيرة من مهام الجامعة وهي خدمة المجتمع بأسره كي تكون مؤسسة علمية تنويرية تثقيفية في نفس الوقت, وتأتي خدمة المجتمع من خلال الاهتمام بعقد الدورات التأهيلية والتدريبية المستمرة وعقد المحاضرات وورش العمل في مجالات متنوعة ومساهمة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات في القيام بالاستشارات العلمية والتربوية في مؤسسات المجتمع العامة والخاصة, وفي تصوري أن أساتذة الجامعة يمكن أن يسهموا إسهاماً كبيراً في توعية الشباب وتوجيههم من خلال إتاحة الفرصة لهم لإلقاء محاضرات توجيهية تربوية في الأندية والملتقيات العلمية والمخيمات الشبابية والمعسكرات الطلابية والمدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى.

فأستاذ الجامعة له من الخبرات العلمية والأكاديمية والحياتية ما يمكنه من طرح الأفكار والمقترحات والتجارب بطرق تعليمية متنوعة وخصوصاً تلك التي تعتمد على الحوار والمناقشة وتبادل الآراء وإتاحة الفرصة للشباب للتعليق وتوجيه التساؤلات والاستفسارات التي تدور في أذهانهم وتشغل بالهم بل وتصل بهم إلى مرحلة الإقناع والاقتناع لكي يتكون لديهم حس علمي وموضوعي استقصائي يمثل مبدأ حياتياً يستخدمونه في حياتهم اليومية وأثناء ممارساتهم السلوكية في الحياة, ويعمل على تطوير قدراتهم الذاتية ومهاراتهم في التعامل مع الآخرين.

وأتصور أننا من خلال إتاحة الفرصة لأعضاء هيئة التدريس المؤهلين والقادرين على سبر أغوار الشباب وتعرف مشكلاتهم وقضاياهم سيُحقق لديهم جانباً مهماً يتمثل في حسن التصرف والاتزان وعدم تقبل أي أمر أو أي فكر قبل تمحيصه والتفكير فيه بدقة. ولعل مبادرة الجامعات في عقد ندوات وورش عمل وحلقات دراسية تتعلق بالشباب وقضاياهم, واقعهم وطموحاتهم, وكيفية المساهمة في إيجاد الحلول الناجعة لما يمرون به في هذه المرحلة,

سيضيف بلا شك بُعداً جديداً ومفيداً في التقرب من هذا الجيل, وخاصة في هذا الوقت بالذات, ومساعدته على تخطي بعض المواقف وتعديل السلوكيات السلبية واكتساب الاتجاهات الإيجابية السليمة وتأصيل القيم النبيلة لتكون درعاً واقياً يحميهم من الانجراف نحو التقليد الأعمى لكل ما هو مستورد ولا يمت بصلة لقيم مجتمعنا الإسلامي وخصوصاً في خضم ذلك الزخم الإعلامي الكبير الذي كرّس الازدواجية المتناقضة في سلوكيات بعض الشباب وممارساتهم اليومية.







م

ن

ق

و

ل
للإفـــــــاده

.)

(.

.)

نــوره