ينتهى اليوم و ما زالت المذبحة أو المحرقة في غزة مستمرة . يسميها الاسرائليون – و قد تعلمنا أن نقول اسمهم بدل الصفات التي كنا نطلقها عليهم – يسمونها كإجراء عسكري دفاعي عن مواطنيهم المساكين في جنوب إسرائيل – التي قبلنا أخيرا اسمها بدل الكيان الصهيوني – الذين تعرضوا لقصف بعض المواسير الطائرة المصنوعة في ورش حدادة غزة ، و التي أصبحت قادرة على حمل كيلوجرام أو يزيد قليلا من المواد المتفجرة ، و التي أقلقت نومهم و أثارت الذعر بين أطفالهم المنعمين حتى أصبح تحصيلهم الدراسي ضعيفا ، بالإضافة إلى تعرضهم لكوابيس أثناء النوم .
للأسف فان هذا هو الذي يراه الغرب ، و لا أقول أمريكا فتلك قصة أخرى . لعل الغرب مازال يرى فينا ما توارثه في الرؤية الاستعمارية منذ عقود سحيقة عن سكان الشرق الملتحين ، الفاسدين و الفاسقين ، الكسالى و الميالين إلى العنف ، الذين من الممكن أن يقبل وجودهم فقط إذا ما كانوا خاضعين له .
بينما يرث الغرب شعورا بالذنب تجاه اليهود المساكين الذين تعرضوا إلى أقصى أنواع التمييز و الإبادة في حقب مختلفة في أوربا ، و عندما سرقوا أرضا من شعب أخر و بنو عليها دولتهم على النمط الاوربى نفسه ، أصبحوا أندادا للغرب ، و أقرب إليه من بعيد .
المأساة أننا لا نقرأ و لا نتعظ ، و حتى الآن لم نصبح قادرين على إيجاد صيغة لإقناع الآخرين بعدالة مطلبنا . نعم هناك قلة من الاوربيين تقف معنا عن قناعة ، و هؤلاء لم تعم الدعاية الصهيونية أعينهم ، و لهم منا كل شكر و امتنان ، و لكن الأغلبية تقف منا موقف اللامبالاة إن لم يكن موقف العداوة .
ما يجرى الآن في غزة ، و ما جرى من قبل منذ سنة النكبة و مرورا بنتائجها في عدوان 56 على مصر عبد الناصر ، و نكسة 67 التي هزمت فيها إسرائيل ثلاث جيوش عربية محترمة ، و حرب العبور في سنة 73 ، و غزو شارون لبيروت سنة 82 ، و انتفاضة الأقصى و ثورة الحجارة ، و اتفاق أوسلو و قبول منظمة التحرير الفلسطينية بفكرة الدولة الفلسطينية ، و لو تحت وصاية أو على شكل يماثل جمهورية طرابلس في ليبيا أثناء الاحتلال الايطالي ، ثم اختلاف الرفاق و فرقتهم و إسالة دماء بعضهم بعضا ، و الوصول إلى فلسطينتان تحت الاحتلال ، و تجويع غزة و حصارها في سجن كبير عندما عجز الاحتلال عن تهدئتها ، و أخيرا حرقها و غزوها من جديد و قتل الأبرياء و تشريدهم. كل هذا يمثل مأساة طويلة لا نهاية تبدو في الأفق لها . و قصتنا كمأساتنا طويلة ، طويلة ، طويلة .
نرى العدوان ، و نشاهد عبر الفضائيات مذابح العدوان ، و تهديم البيوت و قتل الأطفال الأبرياء ، و تشريد من تبقى منهم ، و نصرخ و نشتم القتلة ، و نتظاهر و نبدى غضبنا ، و نتبرع بالدم و المال ، و نرسل المعونات الطبية و الغذائية ، و ينتهي بنا الأمر بالدعاء للمرابطين بالنصر أو الشهادة ، ثم يغلبنا حزن العاجزين عن أمرهم ، و ننتظر أن يتحرك زعمائنا الأجلاء و يطلبوا من العالم المتمدين ، أو ما يطلق عليه بالأسرة الدولية ، بإيقاف هذه المذبحة . و صدقوني بأن هذه لن تكون المرة الأخيرة. سيتحرك الأوربيون لإنقاذ سمعة إسرائيل الإنسانية ، و سيجتمع زعمائنا الأجلاء أخيرا حتى يضغطوا على حماس لقبول هدنة ما ، و إذا رضت إسرائيل فان الأمريكيون سيفرضون حلا ما لصالح إسرائيل . و سواء انتهت حماس أم بقيت فان الأمهات الفلسطينيات في جباليا و في جنين و في بقية معسكرات اللاجئين سيلدن أطفالا سيصبحون بدورهم مقاتلين ، و تولد حماس أخرى ، و كما قال المرحوم على الفزانى في قصيدته العقم و الأصداء …..
و عاد ساعي البريد يسرد الأخبار
{ ستون عاما ، و التتار }
ما رحلوا … و العار لم يزل على الجباه عار ،
لمن تدندن الأوتار ؟
أو تقرع الأصداء قلعة الأحجار
لمن ؟ لمن يا سيدي ، يا سادتي
الكبار ؟
للأسف فان هذا هو الذي يراه الغرب ، و لا أقول أمريكا فتلك قصة أخرى . لعل الغرب مازال يرى فينا ما توارثه في الرؤية الاستعمارية منذ عقود سحيقة عن سكان الشرق الملتحين ، الفاسدين و الفاسقين ، الكسالى و الميالين إلى العنف ، الذين من الممكن أن يقبل وجودهم فقط إذا ما كانوا خاضعين له .
بينما يرث الغرب شعورا بالذنب تجاه اليهود المساكين الذين تعرضوا إلى أقصى أنواع التمييز و الإبادة في حقب مختلفة في أوربا ، و عندما سرقوا أرضا من شعب أخر و بنو عليها دولتهم على النمط الاوربى نفسه ، أصبحوا أندادا للغرب ، و أقرب إليه من بعيد .
المأساة أننا لا نقرأ و لا نتعظ ، و حتى الآن لم نصبح قادرين على إيجاد صيغة لإقناع الآخرين بعدالة مطلبنا . نعم هناك قلة من الاوربيين تقف معنا عن قناعة ، و هؤلاء لم تعم الدعاية الصهيونية أعينهم ، و لهم منا كل شكر و امتنان ، و لكن الأغلبية تقف منا موقف اللامبالاة إن لم يكن موقف العداوة .
ما يجرى الآن في غزة ، و ما جرى من قبل منذ سنة النكبة و مرورا بنتائجها في عدوان 56 على مصر عبد الناصر ، و نكسة 67 التي هزمت فيها إسرائيل ثلاث جيوش عربية محترمة ، و حرب العبور في سنة 73 ، و غزو شارون لبيروت سنة 82 ، و انتفاضة الأقصى و ثورة الحجارة ، و اتفاق أوسلو و قبول منظمة التحرير الفلسطينية بفكرة الدولة الفلسطينية ، و لو تحت وصاية أو على شكل يماثل جمهورية طرابلس في ليبيا أثناء الاحتلال الايطالي ، ثم اختلاف الرفاق و فرقتهم و إسالة دماء بعضهم بعضا ، و الوصول إلى فلسطينتان تحت الاحتلال ، و تجويع غزة و حصارها في سجن كبير عندما عجز الاحتلال عن تهدئتها ، و أخيرا حرقها و غزوها من جديد و قتل الأبرياء و تشريدهم. كل هذا يمثل مأساة طويلة لا نهاية تبدو في الأفق لها . و قصتنا كمأساتنا طويلة ، طويلة ، طويلة .
نرى العدوان ، و نشاهد عبر الفضائيات مذابح العدوان ، و تهديم البيوت و قتل الأطفال الأبرياء ، و تشريد من تبقى منهم ، و نصرخ و نشتم القتلة ، و نتظاهر و نبدى غضبنا ، و نتبرع بالدم و المال ، و نرسل المعونات الطبية و الغذائية ، و ينتهي بنا الأمر بالدعاء للمرابطين بالنصر أو الشهادة ، ثم يغلبنا حزن العاجزين عن أمرهم ، و ننتظر أن يتحرك زعمائنا الأجلاء و يطلبوا من العالم المتمدين ، أو ما يطلق عليه بالأسرة الدولية ، بإيقاف هذه المذبحة . و صدقوني بأن هذه لن تكون المرة الأخيرة. سيتحرك الأوربيون لإنقاذ سمعة إسرائيل الإنسانية ، و سيجتمع زعمائنا الأجلاء أخيرا حتى يضغطوا على حماس لقبول هدنة ما ، و إذا رضت إسرائيل فان الأمريكيون سيفرضون حلا ما لصالح إسرائيل . و سواء انتهت حماس أم بقيت فان الأمهات الفلسطينيات في جباليا و في جنين و في بقية معسكرات اللاجئين سيلدن أطفالا سيصبحون بدورهم مقاتلين ، و تولد حماس أخرى ، و كما قال المرحوم على الفزانى في قصيدته العقم و الأصداء …..
و عاد ساعي البريد يسرد الأخبار
{ ستون عاما ، و التتار }
ما رحلوا … و العار لم يزل على الجباه عار ،
لمن تدندن الأوتار ؟
أو تقرع الأصداء قلعة الأحجار
لمن ؟ لمن يا سيدي ، يا سادتي
الكبار ؟
تعليق