مقدمة: التقنية, ورغم ما قدمته للبشرية من وسائل الراحة والإنتاج, إلا أن لها جوانب سيئة إن أسيء استخدامها أو تم إخراجها عن نطاق الهدف الذي وضعت من أجله. من هذه الجوانب السيئة مثلا المصطلحات الجديدة التي ترافقت مع ثورة الانترنت مثل تلوث المعلومات (Information Pollution) مثل المحتويات الخليعة والمداخل الغير آمنة التي من الممكن أن تعرض خصوصية الأفراد للانتهاك.
لم يكن إدمان الكمبيوتر أو الانترنت أو كلاهما ذا أهمية قبل نهايات السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي وذلك بسبب عدم شيوع استخدام الكمبيوتر على نطاق واسع بسبب غلاءه من جهة وعدم ظهور استخداماته وفوائده في الاتصالات من جهة أخرى. كما أن الانترنت لم يكن في ذلك الوقت في متناول الناس بنفس الكم والسهولة التي هو عليها الآن. كانت خدمة النت محصورة في الوزارات والدوائر الحكومية والمنظمات والشركات الكبيرة فقط.
في بداية التسعينات من القرن الماضي بدأ الحقل الطبي النفسي يتناقل أخبار الاصابة بما يسمى (إدمان الكمبيوتر والنت). وفي البداية كان محل جدل عنيف وخلاف علمي واسع قبل أن يتأكد الجميع (في الحقل الطبي) تقريبا بما لا يدع مجالا للشك أنه إدمان, بل إدمان قوي جدا يتساوى مع الادمان على المواد الكيميائية (المخدرات).
سلبت الشاشة السحرية للكمبيوتر ألباب الناس وخاصة الشباب. وكلما تطور الكمبيوتر وبرامجه كلما زاد ذهول وإعجاب الناس به. ومع دخول الانترنت وانتشارها وسهولة الحصول عليها, أصبحت المشكلة أكبر بسبب تشعب الشبكة العنكبوتية التي توصف وبصدق أنها لا متناهية.
من باب السخرية والتعبير بواسطة الرسوم الكرتونية عن المشكلة, تنتشر على شبكة الانترنت العديد من الصور والرسومات التي تسخر أو كنا نظنها تبالغ في إظهار المشكلة. يبدو أن بعض هذا الأمر أصبح حقيقة واقعة خاصة بعد أن حدثت مشاكل واقعية وعلى مستوى عال من الجدية مثل الطلاق وفقدان الوظائف.
ليس من باب التندر أن يظهر مصطلح (النتيون Netaholics) أو مصطلح رابطة النتيين المجهولين (Netaholics Anonymous) أسوة بمصطلح (الخموريون Alcoholics) أو رابطة الخموريين المجهولين (Alcoholics Anonymous), فهما حقيقة واقعة تعبر عن مشكلة أصبح من الضروري التعامل معها بجدية.
وليس مبالغة القول أن الكمبيوتر والانترنت غيرا شكل العالم من ناحية الاتصالات والمعلوماتية وطرق التعامل معها. بل أصبح الانسان العادي يعاني من الرهاب أحيانا من هذه التقنيات ولا أدل من الرعب العالمي عندما حبس العالم أنفاسه من صفري الألفية الثالثة وطريقة تعامل الكمبيوتر معها في حينه. وكذلك ظهور مصطلحات مثل فوبيا الكمبيوتر والانترنت (Computer and internet Anxiety). فالبعض يصاب بالهلع حينما يفكر بأن هذه التقنية هي من تتحكم في الصواريخ والأسلحة الفتاكة والتي من الممكن أن تتسبب بكارثة عند حدوث خطأ ما.
جدل لا يزال قائما:
يعارض الأطباء النفسيين مجموعة من الباحثين والمهتمين بمجال السلوك الإنساني والصحة النفسية والادمان. والجدل هو حول تعريف واضح ومحدد لإدمان الكمبيوتر والانترنت. حيث يؤخذ على البحوث الأولية التي تم إجراؤها أنها استبيانات استكشافيه لا تربط بين الظاهرة والسبب ولا بما تسبب من مضاعفات وسلوكيات ضارة.
كما أن هناك الكثيرين ممن يصرفون أوقاتا طويلة جدا في أمور أخرى وتنتج عنها مضار مثل القراءة والتلفزيون والهاتف وحتى ممارسة الجنس دون أن تثار حولها نفس الشبهات التي تدور حول الكمبيوتر والانترنت.
يقول بعض المعارضين لتعيين ادمان الكمبيوتر أن الأطباء والباحثين النفسيين بالغوا في الأمر وأنهم فقط أرادوا أن يسموا أشياء جديدة في الحقل الطبي الإكلينيكي قد لا تسنده البحوث العلمية المستقلة.
يرى المعارضون لفكرة تشخيص ادمان الانترنت أن التشخيص الحقيقي للمشكلة هو أن المدمنين يهربون من المشاكل الأساسية التي يعانون منها مثل: مشكلة علاقات مع الآخرين, ضغوط نفسية, أمراض واضطرابات نفسية أخرى كالاكتئاب. أي أن المرض الأساسي ليس في استخدام أو سوء استخدام الكمبيوتر أو أي تقنية أخرى بل في الضغوط والمشاكل النفسية الأخرى.
ومن ناحية أخرى ينطلق المعارضون أيضا من أرضية صلبة وهي عدم وجود الجزء العضوي المحسوس في الدماغ كما هو الحال في حالات الادمان الأخرى تتعلق بالكمبيوتر والانترنت.
في النهاية يرى المعارضون لتعيين مصطلح (مرض ادمان الانترنت Internet Addiction Disorder) وهو أن ركيزته الأساسية هو السلوك القسري (Compulsive Behavior) ويجب أن يكون تحت مظلة اضطرابات نفسية أخرى مثل الوسواس القهري أو غيره من اضطرابات القدرة على السيطرة.
في الجهة المقابلة, يرى المؤيدون لاطلاق مصطلح الادمان انطباق كل أساسيات مرض الادمان الموجودة في المواد الكيميائية على الكمبيوتر والانترنت وهي: أعراض التسمم (الإفراط في الاستخدام), الإطاقة (Tolerance), وأعراض الحرمان وأهمها الشوق (Craving) وأيضا الشعور بالقلق وعدم الارتياح وربما الكآبة عندما يبتعد المدمن عن الكمبيوتر لأي سبب كان. كما يرون في تفاقم المشاكل التي أدت إليها مشكلة الانترنت ولم تردع المدمنين عنه دليلا أكبر على وجود مشكلة تسمى ادمان الكمبيوتر والانترنت.
إحصائيات وأرقام مهمة:
يوميا, يتم إنشاء وافتتاح عشرات بل مئات الآلاف من مواقع الانترنت وفي غالبها تكون من النوع الإباحي أو في مجال القمار أو المعاملات المالية المشبوهة.
عدد مستخدمي النت في العالم في تزايد مستمر. حيث بلغ عددهم عام 2002م أكثر من 650 مليون مستخدم ويبلغ نسبة المدمنين منهم ما بين 5 إلى 7 بالمائة. وفي كوريا لوحدها حوالي 27 مليون مستخدم بما نسبته 60% من عدد السكان.
حوالي مليون شخص (3% من السكان) في ألمانيا لوحدها يعانون من مشكلة ادمان على الانترنت.
في الصين, وجدت بعض الدراسات أن حوالي 14% من المراهقين يعانون من مشكلة ادمان النت مما أدى لأن تصدر الحكومة الصينية أمرا بعدم السماح بافتتاح مقاهي انترنت جديدة لعام 2007.
حوالي 10% من مدمني النت والكمبيوتر أكدوا وجود مشاكل تتفاقم مع الوقت على المستوى الدراسي والمهني والحياتي بشكل عام.
الأعمار الأكثر عرضة لبدء المشكلة عادة ما تكون بين 14 إلى 20 سنة. والعمر لا تكمن أهميته في وجود الادمان من عدمه بل ربما فقط في شدته والتي تكون أكبر في المراهقين.
الصورة الإكلينيكية لإدمان الكمبيوتر والانترنت:
لم توضع لحد الآن خصائص متفق عليها في كتب الطب النفسي التشخيصية والإحصائية لتحديد أرقام أو نقاط لازمة للتشخيص. لكن أكثر الناس قدرة على تحديد حجم المشكلة هم المدمنون (إن صدقوا مع أنفسهم) أو المحيطون بهم. وأحيانا, وللأسف الشديد, يحصل التشخيص متأخرا جدا بعد أن يلاقي الشخص ضررا فادحا من الإدمان في أسرته مثل حدوث الطلاق أو أن يفصل من عمله أو يطرد الطالب من الجامعة.
يتبع
لم يكن إدمان الكمبيوتر أو الانترنت أو كلاهما ذا أهمية قبل نهايات السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي وذلك بسبب عدم شيوع استخدام الكمبيوتر على نطاق واسع بسبب غلاءه من جهة وعدم ظهور استخداماته وفوائده في الاتصالات من جهة أخرى. كما أن الانترنت لم يكن في ذلك الوقت في متناول الناس بنفس الكم والسهولة التي هو عليها الآن. كانت خدمة النت محصورة في الوزارات والدوائر الحكومية والمنظمات والشركات الكبيرة فقط.
في بداية التسعينات من القرن الماضي بدأ الحقل الطبي النفسي يتناقل أخبار الاصابة بما يسمى (إدمان الكمبيوتر والنت). وفي البداية كان محل جدل عنيف وخلاف علمي واسع قبل أن يتأكد الجميع (في الحقل الطبي) تقريبا بما لا يدع مجالا للشك أنه إدمان, بل إدمان قوي جدا يتساوى مع الادمان على المواد الكيميائية (المخدرات).
سلبت الشاشة السحرية للكمبيوتر ألباب الناس وخاصة الشباب. وكلما تطور الكمبيوتر وبرامجه كلما زاد ذهول وإعجاب الناس به. ومع دخول الانترنت وانتشارها وسهولة الحصول عليها, أصبحت المشكلة أكبر بسبب تشعب الشبكة العنكبوتية التي توصف وبصدق أنها لا متناهية.
من باب السخرية والتعبير بواسطة الرسوم الكرتونية عن المشكلة, تنتشر على شبكة الانترنت العديد من الصور والرسومات التي تسخر أو كنا نظنها تبالغ في إظهار المشكلة. يبدو أن بعض هذا الأمر أصبح حقيقة واقعة خاصة بعد أن حدثت مشاكل واقعية وعلى مستوى عال من الجدية مثل الطلاق وفقدان الوظائف.
ليس من باب التندر أن يظهر مصطلح (النتيون Netaholics) أو مصطلح رابطة النتيين المجهولين (Netaholics Anonymous) أسوة بمصطلح (الخموريون Alcoholics) أو رابطة الخموريين المجهولين (Alcoholics Anonymous), فهما حقيقة واقعة تعبر عن مشكلة أصبح من الضروري التعامل معها بجدية.
وليس مبالغة القول أن الكمبيوتر والانترنت غيرا شكل العالم من ناحية الاتصالات والمعلوماتية وطرق التعامل معها. بل أصبح الانسان العادي يعاني من الرهاب أحيانا من هذه التقنيات ولا أدل من الرعب العالمي عندما حبس العالم أنفاسه من صفري الألفية الثالثة وطريقة تعامل الكمبيوتر معها في حينه. وكذلك ظهور مصطلحات مثل فوبيا الكمبيوتر والانترنت (Computer and internet Anxiety). فالبعض يصاب بالهلع حينما يفكر بأن هذه التقنية هي من تتحكم في الصواريخ والأسلحة الفتاكة والتي من الممكن أن تتسبب بكارثة عند حدوث خطأ ما.
جدل لا يزال قائما:
يعارض الأطباء النفسيين مجموعة من الباحثين والمهتمين بمجال السلوك الإنساني والصحة النفسية والادمان. والجدل هو حول تعريف واضح ومحدد لإدمان الكمبيوتر والانترنت. حيث يؤخذ على البحوث الأولية التي تم إجراؤها أنها استبيانات استكشافيه لا تربط بين الظاهرة والسبب ولا بما تسبب من مضاعفات وسلوكيات ضارة.
كما أن هناك الكثيرين ممن يصرفون أوقاتا طويلة جدا في أمور أخرى وتنتج عنها مضار مثل القراءة والتلفزيون والهاتف وحتى ممارسة الجنس دون أن تثار حولها نفس الشبهات التي تدور حول الكمبيوتر والانترنت.
يقول بعض المعارضين لتعيين ادمان الكمبيوتر أن الأطباء والباحثين النفسيين بالغوا في الأمر وأنهم فقط أرادوا أن يسموا أشياء جديدة في الحقل الطبي الإكلينيكي قد لا تسنده البحوث العلمية المستقلة.
يرى المعارضون لفكرة تشخيص ادمان الانترنت أن التشخيص الحقيقي للمشكلة هو أن المدمنين يهربون من المشاكل الأساسية التي يعانون منها مثل: مشكلة علاقات مع الآخرين, ضغوط نفسية, أمراض واضطرابات نفسية أخرى كالاكتئاب. أي أن المرض الأساسي ليس في استخدام أو سوء استخدام الكمبيوتر أو أي تقنية أخرى بل في الضغوط والمشاكل النفسية الأخرى.
ومن ناحية أخرى ينطلق المعارضون أيضا من أرضية صلبة وهي عدم وجود الجزء العضوي المحسوس في الدماغ كما هو الحال في حالات الادمان الأخرى تتعلق بالكمبيوتر والانترنت.
في النهاية يرى المعارضون لتعيين مصطلح (مرض ادمان الانترنت Internet Addiction Disorder) وهو أن ركيزته الأساسية هو السلوك القسري (Compulsive Behavior) ويجب أن يكون تحت مظلة اضطرابات نفسية أخرى مثل الوسواس القهري أو غيره من اضطرابات القدرة على السيطرة.
في الجهة المقابلة, يرى المؤيدون لاطلاق مصطلح الادمان انطباق كل أساسيات مرض الادمان الموجودة في المواد الكيميائية على الكمبيوتر والانترنت وهي: أعراض التسمم (الإفراط في الاستخدام), الإطاقة (Tolerance), وأعراض الحرمان وأهمها الشوق (Craving) وأيضا الشعور بالقلق وعدم الارتياح وربما الكآبة عندما يبتعد المدمن عن الكمبيوتر لأي سبب كان. كما يرون في تفاقم المشاكل التي أدت إليها مشكلة الانترنت ولم تردع المدمنين عنه دليلا أكبر على وجود مشكلة تسمى ادمان الكمبيوتر والانترنت.
إحصائيات وأرقام مهمة:
يوميا, يتم إنشاء وافتتاح عشرات بل مئات الآلاف من مواقع الانترنت وفي غالبها تكون من النوع الإباحي أو في مجال القمار أو المعاملات المالية المشبوهة.
عدد مستخدمي النت في العالم في تزايد مستمر. حيث بلغ عددهم عام 2002م أكثر من 650 مليون مستخدم ويبلغ نسبة المدمنين منهم ما بين 5 إلى 7 بالمائة. وفي كوريا لوحدها حوالي 27 مليون مستخدم بما نسبته 60% من عدد السكان.
حوالي مليون شخص (3% من السكان) في ألمانيا لوحدها يعانون من مشكلة ادمان على الانترنت.
في الصين, وجدت بعض الدراسات أن حوالي 14% من المراهقين يعانون من مشكلة ادمان النت مما أدى لأن تصدر الحكومة الصينية أمرا بعدم السماح بافتتاح مقاهي انترنت جديدة لعام 2007.
حوالي 10% من مدمني النت والكمبيوتر أكدوا وجود مشاكل تتفاقم مع الوقت على المستوى الدراسي والمهني والحياتي بشكل عام.
الأعمار الأكثر عرضة لبدء المشكلة عادة ما تكون بين 14 إلى 20 سنة. والعمر لا تكمن أهميته في وجود الادمان من عدمه بل ربما فقط في شدته والتي تكون أكبر في المراهقين.
الصورة الإكلينيكية لإدمان الكمبيوتر والانترنت:
لم توضع لحد الآن خصائص متفق عليها في كتب الطب النفسي التشخيصية والإحصائية لتحديد أرقام أو نقاط لازمة للتشخيص. لكن أكثر الناس قدرة على تحديد حجم المشكلة هم المدمنون (إن صدقوا مع أنفسهم) أو المحيطون بهم. وأحيانا, وللأسف الشديد, يحصل التشخيص متأخرا جدا بعد أن يلاقي الشخص ضررا فادحا من الإدمان في أسرته مثل حدوث الطلاق أو أن يفصل من عمله أو يطرد الطالب من الجامعة.
يتبع
تعليق