(من قصاصة ورق وجدت بأحد الكراسي بمطار مسقط الدولي )
والله أعلم...
لكل ام وكل اب قبل فوات الاوان ...
كما وصلني ...
نعم ربتني الشغالة الهندية ..... رسالة الى امي مع التحية
المكان: قاعة المغادرون في مطار مسقط الدولي
الوقت: الثانية عشرا بعد منتصف اليل
اكتب اليك يا امي وها انا الان في المطار في القاعة 23 بنتظار الباص الذي سوف يقلني الى سلم الطائرة الجو بارد واحس بإنتعاش من المنظر الاطفال نائمون باحضان امهاتهم بعض الهدوء يعم القاعة مع صوت خفيف للمذياع يخبر الذين تاخروا بالتعجيل بتخليص اجراءاتهم
اما انا اخرجت ورقتي وقلمي من سترتي وبدأت اكتب اليك مستغل الوقت قبل موعد الاقلاع
اتمنى ان تتفكري بكل حرف سوف اخطه لك وتتمعني وتعودي بذاكرتك إلى الوراء قليلا قبل 14 سنه عندما حملتي بي 9 اشهر من المعانة وبعدها خرجت الى الدنيا وتركتيني بعد مضي شهرين لتكمل الشغاله الهندية كوماري الحمل الثقيل الذي احسستي بانه سوف يقتل احلامك وطموحك الوظيفي وفوق ذلك تفقدي رشاقتك وتذبلي مثل الوردة التى يمنع عنها الماء
نعم هذه هي الحقيقه التى دئبت كوماري عند بلوغي تلقينى هذة الحكاية وكأنها تقصد اصقالي او تنشئتى على حبها وكرهك انتي حتى لايضيع تعبها ولا اعلم ماذا كان يدور في خلدها. الذي اعلمه الان بان حبي لها حقيقي نابع من قلبي الذي عرفها منذو نشئتي
في كل مرة اردت بأن تستقطعي من وقتك الثمين ولو بضع دقائق لكي احكي لك ما يدور بخاطري واشرح لك ابتعادك عني وابتعاد مشاعري بجهت اخرى عنكي وابوح لكي بما اشعر به بعد ان سافرت كوماري الى بلدها الهند ... صدقيني امي وانا اناديك بهذا الاسم ولكن لا اشعر به ولا احسه بانه من قلبي ولكن هي الفطرة وحدها من لقنني هذه الكلمة
اما الاحساس الحقيقي لا يوجد لدي لكي امنحك اياه فقد استهلكته شغالتنا وشربت منه وارتوت ورحلت وتركت طفلها الذي لم تلده ولكن ربته على حبها
قد كانت تحكي لي كيف هي الايام الاولى بعد مضي شهرين من ولادتي كيف تركتيني وعدتي الى عملك مع انه تم منحك اجازة ثلاثة اشهر ولكن حبك لعملك اعماكي احساسك بطفلك
عند بلوغي سن الفهم كانت كوماري تحكي لي قصص بدايات معاناتي وصرخاتي وانيني وتوجعي حيث كانت تسهر لراحتي وتجلب الدواء لي وتسقيني من الحليب المصنع وانت يا من تدعين بأني طفلك بالاسم تغطين في سبات عميق لا تحبين سماع بكائي ،، يؤذيكي وينغص عليك نومك الهني .. حتى تقومي الى عملك نشيطه طابعة على خدي قبلة صغيرة وكاني دمية تتركينها صباحا ثم تعودي اليها بعد الظهر
كم مرت بكيت وانا ابن السنتين اجري خلفك صباحا وانت ذاهبه الى العمل ومساء وانت ذاهبة الى التسوق ولكن لا حياة لمن تنادي فقد كانت كوماري الحضن الدافي والقلب الحنون والبلسم الشافي
كبرت ولم اجدك امامي وجدتها هي تلاعبني تلاطفني تسقيني اذا عطشت تطعمني اذا جعت تبدل لي ملابسي اذا اتسخت تمسح لي دمعتي اذا بكيت تقوم على راحتى حتى عندما امرض واحتاج اليك لا اجدك اجدها هي من ينام بجانبي يعطيني الدواء ويقيس حرارتي ولا تنام الا اذا اغمضت عيني
كبرت وكبر حبي لها وصغرتي انتي بعيني وبدات اعي كل ما حولي وافهم كل شيئ ، وكبر حبي لها لانها لم تفارقني منذو اليوم الاول لي بالمدرسة كانت تعد لي الافطار وتنتظرني عند باب البيت لكي تتاكد من ركوبي الباص سالما ولا تكتفي بذالك انما تلوح بيدها الى ان يفارق الباص ناظرها وانت بالجانب الاخر تضعين المساحيق وتتزينين للخروج للعمل ولا تكلفين نفسك بالسؤال عني وعند عودتي من المدرسة اجدها تنتظرني عند باب البيت تحمل حقيبتي عني وتغير ملابسي وتجهز لي الغداء وانت يا من ارتبط اسمك بانك امي لم استطع ان اتذكرك ولو بصورة في مخيلتي او موقف يشفع لكي اليوم فها انا قد كبرت وبلغت والان احمل حقائبي معلن حسم الصراع الذي يدور في داخلي منذو اليوم الاول لسفر شغالتنا كوماري والى اليوم
لم اعد استطيع الجلوس فقد ضاقت الدنيا علي بما رحبت وبلغت من الوجع والالم والاشتياق مبلغ لا اريد بأن اؤذي احد فأني احس بان راسي سوف ينفجر ومثل ما تركتموني انتي وابي وانا طفل صغير ما الذي يضيركم وانا شاب يافع ابن الرابعة عشر اقدر بان اختار حياتي وما اريد
ودعا اماه كم تمنيت بان تطلع هذه الكلمة من قلبي حتى وانا اودعك الوداع الاخير ولكن قتلتي كل شي جميل كل احساس ومشاعر للام فيني .. ذبحتني من الوريد الى الوريد هذا ما جنيتي وجنا ابي
اعذريني الان فقد جاء الباص الذي يقلنا الى سلم الطائرة المتجه الى حيث امي تعيش لكي اعيش معها بقية عمري وصدقيني نصيحة منى لا تحاولي البحث عني او ارغامي على العودة فأني وان عدت اعود جثت هامدة لا فائدة منها نصيحتي اليكم انتي وابي اذا انجبتم ابن اخر اتخذوني درس لبقية حياتكم
قصة حقيقيه
(من قصاصة ورق وجدت باحد الكراس بمطار مسقط الدولي )
تعليق