بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :
فإن من الظواهر التي بدت في الأمة وظهرت وانتشرت ..حتى تغيرت مفاهيم كثير من الناس ..صغاراً وكبارا ..ذكورا وإناثا ..تجاه من تلبس بهذه الظاهرة..إنها ظاهرة السهر إلى ساعات متأخرة أو إلى قبيل الفجر ..خاصة في أوقات الإجازات ..فترى الناس في الليل قياما ..وفي النهار نياما !! ويعدون ذلك تقدما ورقيا ..أما الذين ينامون بعد صلاة العشاء فهؤلاء كما يقول بعضهم ( كالدجاج ) نسأل الله تعالى السلامة والعافية ..فأصبحت سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - تشبه بمثل هذا التشبيه القذر الذي يخشى على قائلها !! إذا لم يتدارك نفسه ويعود إلى رشده .
فهذه كلمات يسيرات ..وعبارات سريعات ..حول هذه الظاهرة الخطيرة لمعرفة الأسباب والعلاج ..فنسأل الله تعالى التوفيق والسداد .
لماذا الحديث عن السهر ؟
1 ـ لما فيه من الأضرار والأخطار على الفرد والجماعة .
2 ـ لتصور بعض الشباب ـ حتى وصل الأمر إلى صغار السن ـ أن السهر فخر ورقي فيتفاخر أمام زملائه بأنه قد سهر إلى الساعة الثانية ليلا !! والآخر يقول بل سهرت إلى الساعة الثالثة !! وهكذا يستمر وضع الشاب على هذا المنوال حتى يصبح ليله نهارا ..ونهاره ليلا !!
3 ـ لما حصل فيه من التفريط في رعاية الأسرة والأولاد فيأتي الولي وهم نائمون ويخرجون من بيته وهو نائم فمتى يحصل اللقاء ؟
4 ـ ضياع كثير من الطاقات ، وإهدار الكثير من القدرات في مثل هذا المرض .
لذا كان لابد من علاج هذا الموضوع وطرحه بموضوعية وإنصاف وبدون شطط وإجحاف .
أسباب السهر :
1 ـ المصالح الدنيوية كالتجارة أو المناوبات في العمل أو الاختبارات للطلاب .
2 ـ المشاكل الصحية له أو لأفراد أسرته .
3 ـ المشاكل العائلية أو الدراسية أو غيرها .
4 ـ المناسبات العائلية أو الزيارات الأخوية .
5 ـ متابعة القنوات الفضائية .
6 ـ مصالح شرعية كحماية ثغور المسلمين ، وطلب العلم ونحو ذلك .
7 ـ النوم في النهار كثيراً .
8 ـ السفر .
9 ـ الإجازات الصيفية .
10 ـ غفلة وقلة عناية الكثير من أولياء الأمور بالسؤال عن حال أبنائهم وفيما هم فيه من حال .
11 ـ مجالسة رفقاء السوء الذين هم فتيل الشر والمقود إلى طريق الانحراف فكل قرين إلى قرينه ينسب .
12 ـ العمل على الشبكة العالمية والتي تسمى بالإنترنت .
13 ـ ارتفاع حرارة الجو .
14 ـ محاكاة الناس وتقليد الأصدقاء .
أقسام السهر :
السهر على ثلاثة أقسام
القسم الأول : السهر في طاعة الله ..
أخي القارئ الكريم ..قبل الخوض في هذا النوع من السهر لابد أن تعلم قضيتين :
الأولى : إذا ترتب على هذا السهر ضياع واجب كتفويت صلاة الفجر مثلا فإنه يأثم الإنسان على فعله وستعرف في ثنايا البحث الأدلة على ذلك .
الثانية : قد يُلَبس الشيطان على كثير من الصالحين أن سهرهم من أجل طاعة الله تعالى فيسهر لمعالجة قضية من القضايا أو بحث مسألة علمية مع إخوانه وخلانه فيمتد بهم الحديث من موضوع إلى موضوع والحديث كما يقال ذو شجون ..فتذهب الساعات تلو الساعات وهم منهمكون في حديثهم ولو أنصفوا أنفسهم لعلموا أن هذا الموضوع أو تلك المسألة لا تحتاج كل ذلك الوقت ..وذاك السهر فلماذا نخادع أنفسنا ونضيع أوقاتنا ونهمل أسرنا في أمر لا طائل من جرائه ؟!!
وإليك ـ أخي القارئ ـ أنواع السهر في طاعة الله تعالى :
1 ـ السهر لمتابعة مصالح المسلمين :
كمن يسهر في متابعة المنكرات على مختلف أنواعها وصورها أو متابعة الشباب في أماكن تواجدهم ، لما روى الترمذي من حديث عمر : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمر هو وأبو بكر في الأمر من أمور المسلمين وأنا معهما "
2ـ السهر في طلب العلم :
قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ ( باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء ) ثم أورد حديث قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ انْتَظَرْنَا الْحَسَنَ وَرَاثَ عَلَيْنَا حَتَّى قَرُبْنَا مِنْ وَقْتِ قِيَامِهِ فَجَاءَ فَقَالَ دَعَانَا جِيرَانُنَا هَؤُلَاءِ ثُمَّ قَالَ : قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ :" انْتَظَرْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى كَانَ شَطْرُ اللَّيْلِ يَبْلُغُهُ فَجَاءَ فَصَلَّى لَنَا ثُمَّ خَطَبَنَا فَقَالَ : " أَلَا إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا ثُمَّ رَقَدُوا وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ " قَالَ الْحَسَنُ : وَإِنَّ الْقَوْمَ لَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا انْتَظَرُوا الْخَيْرَ (2). وعن عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةٍ لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ فَوَهِلَ النَّاسُ فِي مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا يَتَحَدَّثُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ " يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَخْرِمُ ذَلِكَ الْقَرْنَ .
وَلَا تَسْأَمَنَّ الْعِلْمَ وَاسْهَرْ لَنَيْلِهِ بِلَا ضَجَرِ تَحْمَدْ سُرَى اللَّيْلِ فِي غَدِ
وهكذا كان أسلافنا الأوائل ..يحيون ليلهم في مدارسة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول فضيل ابن غزوان : كنا نجلس أنا ومغيرة ـ وعدد ناسا ـ نتذاكر الفقه فربما لم نقم حتى نسمع النداء بصلاة الفجر . وقال علي بن الحسن بن شقيق : قمت مع عبدالله بن المبارك في ليلة باردة ، ليخرج من المسجد ، فذاكرني عند الباب بحديث وذاكرته ، فما زال يذاكرني حتى جاء المؤذن فأذن للفجر !! وكان وكيع بن الجراح إذا صلى العتمة ينصرف معه أحمد بن حنبل ، فيقف على الباب فيذاكره وكيع ..فلم يزل قائما حتى جاءت الجارية فقالت : قد طلع الكوكب !! (1) .
3 ـ السمر مع الضيف :
قال البخاري ـ رحمه الله ـ ( باب السمر مع الضيف والأهل ) ثم أورد حديث عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ وَإِنْ أَرْبَعٌ فَخَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ قَالَ فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي فَلَا أَدْرِي قَالَ وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ وَمَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ قَالَتْ ضَيْفِكَ قَالَ أَوَمَا عَشَّيْتِيهِمْ قَالَتْ أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ قَدْ عُرِضُوا فَأَبَوْا قَالَ فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ فَقَالَ يَا غُنْثَرُ فَجَدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ كُلُوا لَا هَنِيئًا فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا قَالَ يَعْنِي حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا قَالَتْ لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ.
للإستفاضة يرجع إلى كتاب
السهر أسبابه وأقسامه
للدكتور محمد بن عبدالله الهبدان
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :
فإن من الظواهر التي بدت في الأمة وظهرت وانتشرت ..حتى تغيرت مفاهيم كثير من الناس ..صغاراً وكبارا ..ذكورا وإناثا ..تجاه من تلبس بهذه الظاهرة..إنها ظاهرة السهر إلى ساعات متأخرة أو إلى قبيل الفجر ..خاصة في أوقات الإجازات ..فترى الناس في الليل قياما ..وفي النهار نياما !! ويعدون ذلك تقدما ورقيا ..أما الذين ينامون بعد صلاة العشاء فهؤلاء كما يقول بعضهم ( كالدجاج ) نسأل الله تعالى السلامة والعافية ..فأصبحت سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - تشبه بمثل هذا التشبيه القذر الذي يخشى على قائلها !! إذا لم يتدارك نفسه ويعود إلى رشده .
فهذه كلمات يسيرات ..وعبارات سريعات ..حول هذه الظاهرة الخطيرة لمعرفة الأسباب والعلاج ..فنسأل الله تعالى التوفيق والسداد .
لماذا الحديث عن السهر ؟
1 ـ لما فيه من الأضرار والأخطار على الفرد والجماعة .
2 ـ لتصور بعض الشباب ـ حتى وصل الأمر إلى صغار السن ـ أن السهر فخر ورقي فيتفاخر أمام زملائه بأنه قد سهر إلى الساعة الثانية ليلا !! والآخر يقول بل سهرت إلى الساعة الثالثة !! وهكذا يستمر وضع الشاب على هذا المنوال حتى يصبح ليله نهارا ..ونهاره ليلا !!
3 ـ لما حصل فيه من التفريط في رعاية الأسرة والأولاد فيأتي الولي وهم نائمون ويخرجون من بيته وهو نائم فمتى يحصل اللقاء ؟
4 ـ ضياع كثير من الطاقات ، وإهدار الكثير من القدرات في مثل هذا المرض .
لذا كان لابد من علاج هذا الموضوع وطرحه بموضوعية وإنصاف وبدون شطط وإجحاف .
أسباب السهر :
1 ـ المصالح الدنيوية كالتجارة أو المناوبات في العمل أو الاختبارات للطلاب .
2 ـ المشاكل الصحية له أو لأفراد أسرته .
3 ـ المشاكل العائلية أو الدراسية أو غيرها .
4 ـ المناسبات العائلية أو الزيارات الأخوية .
5 ـ متابعة القنوات الفضائية .
6 ـ مصالح شرعية كحماية ثغور المسلمين ، وطلب العلم ونحو ذلك .
7 ـ النوم في النهار كثيراً .
8 ـ السفر .
9 ـ الإجازات الصيفية .
10 ـ غفلة وقلة عناية الكثير من أولياء الأمور بالسؤال عن حال أبنائهم وفيما هم فيه من حال .
11 ـ مجالسة رفقاء السوء الذين هم فتيل الشر والمقود إلى طريق الانحراف فكل قرين إلى قرينه ينسب .
12 ـ العمل على الشبكة العالمية والتي تسمى بالإنترنت .
13 ـ ارتفاع حرارة الجو .
14 ـ محاكاة الناس وتقليد الأصدقاء .
أقسام السهر :
السهر على ثلاثة أقسام
القسم الأول : السهر في طاعة الله ..
أخي القارئ الكريم ..قبل الخوض في هذا النوع من السهر لابد أن تعلم قضيتين :
الأولى : إذا ترتب على هذا السهر ضياع واجب كتفويت صلاة الفجر مثلا فإنه يأثم الإنسان على فعله وستعرف في ثنايا البحث الأدلة على ذلك .
الثانية : قد يُلَبس الشيطان على كثير من الصالحين أن سهرهم من أجل طاعة الله تعالى فيسهر لمعالجة قضية من القضايا أو بحث مسألة علمية مع إخوانه وخلانه فيمتد بهم الحديث من موضوع إلى موضوع والحديث كما يقال ذو شجون ..فتذهب الساعات تلو الساعات وهم منهمكون في حديثهم ولو أنصفوا أنفسهم لعلموا أن هذا الموضوع أو تلك المسألة لا تحتاج كل ذلك الوقت ..وذاك السهر فلماذا نخادع أنفسنا ونضيع أوقاتنا ونهمل أسرنا في أمر لا طائل من جرائه ؟!!
وإليك ـ أخي القارئ ـ أنواع السهر في طاعة الله تعالى :
1 ـ السهر لمتابعة مصالح المسلمين :
كمن يسهر في متابعة المنكرات على مختلف أنواعها وصورها أو متابعة الشباب في أماكن تواجدهم ، لما روى الترمذي من حديث عمر : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمر هو وأبو بكر في الأمر من أمور المسلمين وأنا معهما "
2ـ السهر في طلب العلم :
قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ ( باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء ) ثم أورد حديث قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ انْتَظَرْنَا الْحَسَنَ وَرَاثَ عَلَيْنَا حَتَّى قَرُبْنَا مِنْ وَقْتِ قِيَامِهِ فَجَاءَ فَقَالَ دَعَانَا جِيرَانُنَا هَؤُلَاءِ ثُمَّ قَالَ : قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ :" انْتَظَرْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى كَانَ شَطْرُ اللَّيْلِ يَبْلُغُهُ فَجَاءَ فَصَلَّى لَنَا ثُمَّ خَطَبَنَا فَقَالَ : " أَلَا إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا ثُمَّ رَقَدُوا وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ " قَالَ الْحَسَنُ : وَإِنَّ الْقَوْمَ لَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا انْتَظَرُوا الْخَيْرَ (2). وعن عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةٍ لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ فَوَهِلَ النَّاسُ فِي مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا يَتَحَدَّثُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ " يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَخْرِمُ ذَلِكَ الْقَرْنَ .
وَلَا تَسْأَمَنَّ الْعِلْمَ وَاسْهَرْ لَنَيْلِهِ بِلَا ضَجَرِ تَحْمَدْ سُرَى اللَّيْلِ فِي غَدِ
وهكذا كان أسلافنا الأوائل ..يحيون ليلهم في مدارسة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول فضيل ابن غزوان : كنا نجلس أنا ومغيرة ـ وعدد ناسا ـ نتذاكر الفقه فربما لم نقم حتى نسمع النداء بصلاة الفجر . وقال علي بن الحسن بن شقيق : قمت مع عبدالله بن المبارك في ليلة باردة ، ليخرج من المسجد ، فذاكرني عند الباب بحديث وذاكرته ، فما زال يذاكرني حتى جاء المؤذن فأذن للفجر !! وكان وكيع بن الجراح إذا صلى العتمة ينصرف معه أحمد بن حنبل ، فيقف على الباب فيذاكره وكيع ..فلم يزل قائما حتى جاءت الجارية فقالت : قد طلع الكوكب !! (1) .
3 ـ السمر مع الضيف :
قال البخاري ـ رحمه الله ـ ( باب السمر مع الضيف والأهل ) ثم أورد حديث عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ وَإِنْ أَرْبَعٌ فَخَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ قَالَ فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي فَلَا أَدْرِي قَالَ وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ وَمَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ قَالَتْ ضَيْفِكَ قَالَ أَوَمَا عَشَّيْتِيهِمْ قَالَتْ أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ قَدْ عُرِضُوا فَأَبَوْا قَالَ فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ فَقَالَ يَا غُنْثَرُ فَجَدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ كُلُوا لَا هَنِيئًا فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا قَالَ يَعْنِي حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا قَالَتْ لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ.
للإستفاضة يرجع إلى كتاب
السهر أسبابه وأقسامه
للدكتور محمد بن عبدالله الهبدان
تعليق