سلطــــنة عــــمان .. والعزلة الســـياسية
للكاتب السعودي عبدالله بن ناصر الخريف
قلما نجد سلطنة عمان حاضرة في ” المشكلات” السياسية والتي تعصف بالعالم
الإسلامي والعربي، وخصوصاً في العشرين سنة الأخيرة والتي شهدت أحداثاً
هزت الدول العربية بشكل تام، وهي حربي الخليج الأولى والثانية، وحرب
العراق الأخيرة، وانتفاضة فلسطين، واجتياح لبنان، واحتلال الجولان، ودك
افغانستان، وقصف السودان، وغيرها من المظاهر الدموية والعسكرية التي
شهدتها المنطقة العربية.
ولعلك عزيزي القارئ تتأمل قليلاً وتبحث عن وجود عمان في أي مشكلة من هذه
المشكلات، وستعجب بأن سلطنة عمان لا تدخل في أي قضية، وذلك يأتي وفق
سياسة السلطان قابوس، الذي يرى بأن عمان ” يجب” ألا تتدخل في القضايا
الدولية ” التي لا تعنيها” .
وهذه سياسة طبقها السلطان قابوس حينما تولى سدة الحكم في عمان فالسلطان
قابوس يرى دائماً بأن عمان تحتفظ بعلاقاتها المميزة مع الدول المجاورة،
وفي جامعة الدول العربية، وعلى المستوى الإسلامي والدولي، إذ لم تكن
لعمان مشكلات مع أي دولة، ما عدى ما يمكنه تسميته خلاف على الحدود وأنتهى
في وقته.
وعوضت العزلة السياسية بالاهتمام في المجتمع العماني، فقد قام سلطان
قابوس حينما تولى الحكم بتصحيح الأوضاع الداخلية، ولعل بعض كبار السن
يتذكرون بأن عمال النظافة قديماً كانوا من الجنسية العمانية!! ، صدق أو
لا تصدق … ولكن أوضاعهم تغيرت للأحسن بشكل كبير، إذ تم توفير الوظائف
لهم، وفسح المجال للشركات والقطاعات الخاصة للمشاركة في تنمية السلطنة،
مما وفر المئات من الوظائف، بالإضافة إلى مشروع سلطان قابوس العظيم في
توظيف العمانيين مكان العمالة الأجنبية، مع التقليل من هذه العمالة في
حال وجود بديل عماني كفء ، وغيرها من وسائل التطوير المعيشي التي ساهمت
في التحسن لمستوى المواطن العماني ، وإن لم يصل لدرجة الرفاهية .
وحتى القطاع السياحي لم تلتفت له الدولة بشكل كبير، إذ أن الشعب السعودي
اكتشف ” صلالة” كمنطقة سياحية ذات أجواء خلابة في الصيف، ولكن المسافرين
هناك يعانون من الباعوض ، وقلة المناطق السياحية ” بل ندرتها” ، فلا تزال
أرضها ” بكراً” وتنتظر الاستثمارات المتوقعة في مجال الفندقة والمراكز
الترفيهية، والتي لن تدر ذهباً إلا في مواسم السياحة ، إذ أن سكان عمان
بأجمعهم مع الأجانب بالكاد يصلون إلى 3 ملايين نسمة ! ( بينما الأحصائيات
الأخيرة في الرياض تقول بأننا سنقارب من 5 ملايين نسمة .. في العاصمة فقط
! ) ، ولذلك فعدد الثلاثة ملايين وجزء منهم يعيش متوسط الحال، لن تكون
مغرية لرجال الأعمال والمستثمرين ما لم يجدوا دعماً من الدولة.
ويبدو أن العزلة السياسية أصابت حتى الأفراد العمانيين، فلا نجد لهم ظهور
واضح في وسائل الإعلام، أو كشخصيات تجارية واقتصادية بارزة، أو حتى كسياح
ومتنزهين، فأذكر أنني شاهدت سائحاً عمانياً يتجول بهدوء ودون ضجيج أو لفت
انتباه كما يفعل بعض السياح الخليجيين! ، فمن المعروف أن هناك ” مناكفات”
بين الشباب السعودي ونظرائه الكويتيين والقطريين والاماراتيين
والبحرينيين ، إذ يأتي الاستعراض وإثبات الترف والغنى ، ولكنك لا تجد
بينهم عماني ، حتى وإن كان غنياً مترفاً، وهذا أمر يحسب للشعب العماني
والثقافة والتربية التي ينهلونها من صغرهم.
ولم تلفت عمان النظر لها مؤخراً إلا بعد عاصفة جونو التي ضربت سواحلها
ولفتت وسائل الإعلام لها ، حتى أن هذا الموضوع أثارني حينما قرأت في البي
بي سي العربية ، عبارة تقول: الإعصار يضرب الدولة الصامتة !! ، ووقتها
تحدثوا عن عمان في فلم قصير … ولهذا نجد عمان قد كسبت الاحترام الدولي
نظراً لأنها من دول عدم الإنحياز وليس لها علاقة ودعم لأي منظمة مهما
كانت، ولذلك يحضرون في القمم العربية والخليجية ويطرحون مواضيعهم بكل
هدوء ويغادرون بكل احترام.
لم نجد لعمان جعجعة في قضية لبنان، أو تنديد بما يحدث في السجون
العراقية، أو اعتراض على ” تقليعات” إيران ، فلا تجد لهم موقف سلبي إلا
في قضية فلسطين (الي ما يبيلها نشدة شيخ)
كثير من الدول التي لا ناقة لها ولا جمل في الموضوع تحاول أن تظهر للعالم
بآراء أحياناً تكون محسوبة ضدها ، أو كحركة سياسية لدعم أي توجه غير سوي
، وأضرب ذلك برد السعودية على تجاوزات إيران ضد البحرين ( الرسالة التي
وصلت للجميع: تحذير لإيران كون السعودية تلك الدولة العظيمة ستقف مع
البحرين ، أما التي مرت من تحت الطاولة ولا يفهمها إلا النخبة: البحرين
ضعيفة، السعودية تتدخل في الشؤون البحرينية، لا أحد يشك خيط بإبرة إلا
بمشورة السعودية ، ترانا السعوديين أقوياء، السعودية تحاول تفرض نفسها كـ
قائدة للخليج … ) وهذه الأقوال التي تصدر من بعض وسائل الإعلام وبعض
الحاسدين على العلاقات المتميزة بين السعودية والبحرين ( وللعلم فهذا شيء
طبيعي في السياسة لأنك أصبحت تحت الضوء) .
عمان تركت كل هذا الكلام والتأويلات، وتفرغت لمتابعة قضاياها الداخلية،
وهذا ما يفسر أن السلطان قابوس صحته لا تزال جيدة – ما شاء الله – ، لأن الحروب والمشاكل تأخذ الكثير من التفكير فتنهك المرء – ولكن الله على كل
شيء قدير .. ولا تدري نفس بأي أرض تموت .
من وجهة نظري .. سلطنة عمان كسبت التحدي الصعب في منطقة الشرق الأوسط
التي تعج بالاضطرابات والتشكيك في النوايا ، فلم تدخل في حروب أهلية بعد
تخلصها من الاحتلال ، وتفرغت لشؤونها الداخلية وأغلقت الباب خلفها وكأن
خالد الشيخ يغني من المذياع: وش عليا من الناس وش على الناس مني …
برافو عليك يا عمان
كلام الشيخ سلمان العودة عن عمان الحبيبه
للكاتب السعودي عبدالله بن ناصر الخريف
قلما نجد سلطنة عمان حاضرة في ” المشكلات” السياسية والتي تعصف بالعالم
الإسلامي والعربي، وخصوصاً في العشرين سنة الأخيرة والتي شهدت أحداثاً
هزت الدول العربية بشكل تام، وهي حربي الخليج الأولى والثانية، وحرب
العراق الأخيرة، وانتفاضة فلسطين، واجتياح لبنان، واحتلال الجولان، ودك
افغانستان، وقصف السودان، وغيرها من المظاهر الدموية والعسكرية التي
شهدتها المنطقة العربية.
ولعلك عزيزي القارئ تتأمل قليلاً وتبحث عن وجود عمان في أي مشكلة من هذه
المشكلات، وستعجب بأن سلطنة عمان لا تدخل في أي قضية، وذلك يأتي وفق
سياسة السلطان قابوس، الذي يرى بأن عمان ” يجب” ألا تتدخل في القضايا
الدولية ” التي لا تعنيها” .
وهذه سياسة طبقها السلطان قابوس حينما تولى سدة الحكم في عمان فالسلطان
قابوس يرى دائماً بأن عمان تحتفظ بعلاقاتها المميزة مع الدول المجاورة،
وفي جامعة الدول العربية، وعلى المستوى الإسلامي والدولي، إذ لم تكن
لعمان مشكلات مع أي دولة، ما عدى ما يمكنه تسميته خلاف على الحدود وأنتهى
في وقته.
وعوضت العزلة السياسية بالاهتمام في المجتمع العماني، فقد قام سلطان
قابوس حينما تولى الحكم بتصحيح الأوضاع الداخلية، ولعل بعض كبار السن
يتذكرون بأن عمال النظافة قديماً كانوا من الجنسية العمانية!! ، صدق أو
لا تصدق … ولكن أوضاعهم تغيرت للأحسن بشكل كبير، إذ تم توفير الوظائف
لهم، وفسح المجال للشركات والقطاعات الخاصة للمشاركة في تنمية السلطنة،
مما وفر المئات من الوظائف، بالإضافة إلى مشروع سلطان قابوس العظيم في
توظيف العمانيين مكان العمالة الأجنبية، مع التقليل من هذه العمالة في
حال وجود بديل عماني كفء ، وغيرها من وسائل التطوير المعيشي التي ساهمت
في التحسن لمستوى المواطن العماني ، وإن لم يصل لدرجة الرفاهية .
وحتى القطاع السياحي لم تلتفت له الدولة بشكل كبير، إذ أن الشعب السعودي
اكتشف ” صلالة” كمنطقة سياحية ذات أجواء خلابة في الصيف، ولكن المسافرين
هناك يعانون من الباعوض ، وقلة المناطق السياحية ” بل ندرتها” ، فلا تزال
أرضها ” بكراً” وتنتظر الاستثمارات المتوقعة في مجال الفندقة والمراكز
الترفيهية، والتي لن تدر ذهباً إلا في مواسم السياحة ، إذ أن سكان عمان
بأجمعهم مع الأجانب بالكاد يصلون إلى 3 ملايين نسمة ! ( بينما الأحصائيات
الأخيرة في الرياض تقول بأننا سنقارب من 5 ملايين نسمة .. في العاصمة فقط
! ) ، ولذلك فعدد الثلاثة ملايين وجزء منهم يعيش متوسط الحال، لن تكون
مغرية لرجال الأعمال والمستثمرين ما لم يجدوا دعماً من الدولة.
ويبدو أن العزلة السياسية أصابت حتى الأفراد العمانيين، فلا نجد لهم ظهور
واضح في وسائل الإعلام، أو كشخصيات تجارية واقتصادية بارزة، أو حتى كسياح
ومتنزهين، فأذكر أنني شاهدت سائحاً عمانياً يتجول بهدوء ودون ضجيج أو لفت
انتباه كما يفعل بعض السياح الخليجيين! ، فمن المعروف أن هناك ” مناكفات”
بين الشباب السعودي ونظرائه الكويتيين والقطريين والاماراتيين
والبحرينيين ، إذ يأتي الاستعراض وإثبات الترف والغنى ، ولكنك لا تجد
بينهم عماني ، حتى وإن كان غنياً مترفاً، وهذا أمر يحسب للشعب العماني
والثقافة والتربية التي ينهلونها من صغرهم.
ولم تلفت عمان النظر لها مؤخراً إلا بعد عاصفة جونو التي ضربت سواحلها
ولفتت وسائل الإعلام لها ، حتى أن هذا الموضوع أثارني حينما قرأت في البي
بي سي العربية ، عبارة تقول: الإعصار يضرب الدولة الصامتة !! ، ووقتها
تحدثوا عن عمان في فلم قصير … ولهذا نجد عمان قد كسبت الاحترام الدولي
نظراً لأنها من دول عدم الإنحياز وليس لها علاقة ودعم لأي منظمة مهما
كانت، ولذلك يحضرون في القمم العربية والخليجية ويطرحون مواضيعهم بكل
هدوء ويغادرون بكل احترام.
لم نجد لعمان جعجعة في قضية لبنان، أو تنديد بما يحدث في السجون
العراقية، أو اعتراض على ” تقليعات” إيران ، فلا تجد لهم موقف سلبي إلا
في قضية فلسطين (الي ما يبيلها نشدة شيخ)
كثير من الدول التي لا ناقة لها ولا جمل في الموضوع تحاول أن تظهر للعالم
بآراء أحياناً تكون محسوبة ضدها ، أو كحركة سياسية لدعم أي توجه غير سوي
، وأضرب ذلك برد السعودية على تجاوزات إيران ضد البحرين ( الرسالة التي
وصلت للجميع: تحذير لإيران كون السعودية تلك الدولة العظيمة ستقف مع
البحرين ، أما التي مرت من تحت الطاولة ولا يفهمها إلا النخبة: البحرين
ضعيفة، السعودية تتدخل في الشؤون البحرينية، لا أحد يشك خيط بإبرة إلا
بمشورة السعودية ، ترانا السعوديين أقوياء، السعودية تحاول تفرض نفسها كـ
قائدة للخليج … ) وهذه الأقوال التي تصدر من بعض وسائل الإعلام وبعض
الحاسدين على العلاقات المتميزة بين السعودية والبحرين ( وللعلم فهذا شيء
طبيعي في السياسة لأنك أصبحت تحت الضوء) .
عمان تركت كل هذا الكلام والتأويلات، وتفرغت لمتابعة قضاياها الداخلية،
وهذا ما يفسر أن السلطان قابوس صحته لا تزال جيدة – ما شاء الله – ، لأن الحروب والمشاكل تأخذ الكثير من التفكير فتنهك المرء – ولكن الله على كل
شيء قدير .. ولا تدري نفس بأي أرض تموت .
من وجهة نظري .. سلطنة عمان كسبت التحدي الصعب في منطقة الشرق الأوسط
التي تعج بالاضطرابات والتشكيك في النوايا ، فلم تدخل في حروب أهلية بعد
تخلصها من الاحتلال ، وتفرغت لشؤونها الداخلية وأغلقت الباب خلفها وكأن
خالد الشيخ يغني من المذياع: وش عليا من الناس وش على الناس مني …
برافو عليك يا عمان
كلام الشيخ سلمان العودة عن عمان الحبيبه
تعليق