إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دار أوبرا الريف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دار أوبرا الريف


    دار أوبرا الريف





    المسرح يبقى البريد الصادق، يخترق كل الحدود والأزمنة، لا يمكن بحال أن يبقى في إطارٍ محدد أو زاوية حادة، بل هو فضاءٌ رحب، يبحر فيه الخيال والواقع، الحقيقة والسراب، يبسط الخير وينشر الرعب، من لا يفقهه يتيه، ومن يحس به يرتقي ويبلغ السِماكين، ومع هذا وذاك، يظل هدف المسرح نبيلاً رغم الدواعي الشخصية والمفتعلة.

    في أحد الأيام، أُتيحت لي فرصة حضور أمسية ثقافية نظمها فريق ذات خيل التابع لنادي الحمراء، وهي المرة الأولى التي زرت فيها قرية ذات خيل الجميلة، لم يكن الوصول إلى مسرحها سهلاً، فقد خيّل إليَّ أن يكون في أرض منبسطةٍ وواسعة، إلا أن دوار النخلة الصغير أخذني في انحناءة بسيطة تجاه المسجد، لأجد المسرح بارزاً وشامخاً في علوٍ ورفعة.

    نعم كان المسرح متواضعاً وبسيطاً، بل كان تاريخاً وإرثاً قديماً، لم أجد فيه ما يدل على الحضارة والمدنية، لكنه وبرغم تداعيات الزمن وعوامل الطبيعة تهاوى في جوانب منه، وتماسك في أركانٍ أُخرى، فهو عبارة عن فناءٍ واسعٍ قليلاً، تحيطه الجدران القديمة التي بنيت من الطين، علَّقت بداخله أدوات تراثية قديمة، تعيد الحضور إلى سنين غابرة لم يعايشها من هم في عمري أو أكبر مني بسنوات.

    تنبعث من المسرح رائحة القِدم، لا أعني بذلك مجازاً، وإنما هي رائحة حقيقية، تلذذ بها من كان يملك بيتاً قديماً من الطين، خصوصاً حينما يُنضح عليه الماء، ما شدَّ انتباهي هي تلك الإنارة التي استخدمها القائمون على تجهيز المسرح، فرغم بساطتها إلا أنها أخذت لوناّ أخاذاَ ومنحت المكان رونقاً خاصاً، وألقاً مميزاً لا يُضاهى.

    التَلة التي أقيمت عليها أرضية المسرح، يبدو أنها بقيت صامدة هي الأخرى في وجه المتغيرات، ارتفعت قليلاً وكأنها تريد أن ترتفع بأهلها كي يحج إليهم كل عاشق متيّم، خلفية المسرح هي الأخرى تحكي حكايةً مثيرة، عٌلقت (الجحلة) جرة ماء في حائطه، تتوسطه الدرايش (النوافذ) التي تعيدك إلى زمن ما قبل النهضة، حقاً كانت لوحة فنية راقية، أجبرتنا على تذوق الزمن الجميل بكل لذةٍ ومتعة، فهل ستجد من يرسمها بمهارة الحاذق؟!

    أدهشني حضور الجنسين، وما أذهلني أكثر أن تُقام أمسية ثقافية منظمة، يسهر القائمون على نجاحها، وهم يفتقرون للمادة، وينقصهم الدعم والعناية، إلا أن المسرح زرع في قلوبهم معنى الصمود والتحدي، ومواصلة المسير نحو تحقيق الطموح، ونشر الوعي والمعرفة، وبرغم ذلك نجحت الأمسية بكل بساطتها وتنوع فقراتها، التي قدمها شبانٌ يشقون الآن طريقهم في الحياة، خصوصاً ذلك الذي شنّف المسامع واستفزَّ السامع بصوته الجميل وهو يرتلُ آيات الله البيّنات.

    بالرغم من استضافة منشدين بارزين في السلطنة في تلك الأمسية، إلا أن المسرح وجد نصيباً جيداً في عرض مسرحية (قلق آخر والرقم 7) من تأليف عبد الله بني عرابة، لعب أدوار البطولة فيها عامر العبري وعبد الرحيم العبري، وأيمن العبري، مقدمين عرضاً مميزاً، يسيل له اللعاب، في رسالةٍ قوية، أن الإبداع لا يُحصر على فرق الصحوة ومزون والرستاق وصلالة وغيرها من الفرق المعروفة.

    أمسية ذات خيل جعلتني أشعر بطعمٍ آخر، منحتني طمأنينة تتوطن بالقلب، وشعوراً يدوم في البال، وخلاصة مفادها أن ضعف الإمكانات لا يسد طريق سيل الإبداع العرِم، فيا أهل ذات خيل، لكم مني تحياتٍ طيباتٍ مباركاتٍ وزاكيات، وعاش المسرح يواصل بثه رغم تلوث المحطات، وصخب الفضائيات.
    عاش الجمالُ مشرداً في الأرض ينشدُ مسكنا.
    قال كاتب مغرور لبرناردشو الشهير أنا أفضل منك، لأنك تكتب بحثاً عن المال وأنا أكتب بحثاً عن الشرف.
    فرد برناردشو قائلا': صدقت!، فكلٌ منا يبحث عما ينقصه.
    سَأَلَ ثقيل بشار بن برد قائلا': ما أعمى الله رجلاً إلا عوضه، فماذا عوضك؟ رد عليه: بأن لا أرى أمثالك.
    قالت نجمة انجليزية للأديب الفرنسي هنري جانسون: أنه لأمرٌ مزعج فأنا لا أتمكن من إبقاء أظافري نظيفة في باريس.

    قال الأديب على الفور: لأنك تحكين نفسك كثيراً.
    تزوج أعمى أمرأة فقالت: لو رأيت بياضي وحسني لأعجبت بي.
    فقال: لو كنت كما تقولين لما تركك المبصرين لي.

  • #2
    ابداع بصراحة ،أسلوبك مشوق جدا يجعلنا متشوقين لرؤية هذا المسرح الأصيل ...

    دائما القديم بسيط وجميل يجعلنا نعيش الماضي الأصيل..

    شكرا لك ..
    الـّلهُـم إنـّي أسألُـك من عظيم لُـطفك وكرمك و سترك الجميل أن تـُشفيه و تـُمدّهُـ بالصّـحة و العافية ..

    وداعا عاشق عمان وشكرا لكل من تعاملت معهم واستفدت منهم ..
    أتمنى التوفيق لكم جميعا ..

    تعليق


    • #3
      قمه فالروعه
      اللمسات التراثيه تبرز بجمالها وروعتها لانها تملك الاصاله العريقه
      اتمنى ان يتم الحفاظ عليها لمدة اطول وان تستغل فالشيء الامثل لكي تظل بقيمتها
      اشكرك اخوي ع الاسلوب الرائع فالطرح
      وبالفعل شوقتنا نشوف المسرح
      اذا تملك الصور له نزلها...

      تعليق

      يعمل...
      X