دَعْوَه للحُـــــــزنْ..!
\
/

رسآئل الجوآل.الايميلآت ,اللوحآت الجداريه في المدآرس وأماكن العمل ..الكتب الصغيره والمطويات..فيها آلاف من النصائح على شآكلة (أبدأ يومك بـ إبتسآمه وإشراق ,أنظر للجانب الممتلئ من الكأس , بعد كل ليل طويل فجر مشرق ..إلخ) وهذا كله كلام نتفق على صحته غالباً لدرجة أن بعضنآ يعتبره من المسلمات التي لآ نقاش فيهآ..
فماذا لو جاءتكم مني دعوه للحزن..!
دعوه خاصه جداً ومميزه..؟
يقول الكآتب أنيس منصور حيآتك من أولها لآخرها ليست إلاً محاوله (مستمره)لأن تتفادى الألم ,وان تحقق أكبر قدر من اللذه والسعآده ورآحة البآل..)
نتخيل أحيآناً ..أن راحة البال تأتي من نسيان الهموم, التعامل ببساطه مع الحياة ,التفاؤل والأمل المشرق ..النظر للحياة بمنظار وردي..
إلى آخره ..من هذا الكلام الذي قرأناه وسمعناه وحفظناه عن ظهر قلب..
فماذا عن التمتع بقدر من العزله ,والألم السامي..لصقل الروح..والوصول لراحة البال
المنشوده..؟
هل جربنآ ذلك..؟
ماذا عن التوحد مع الذات..؟!
مع شجنهآ...
وحزنهآ...
ماذا عن تأمل الروح ..وهي تنغمس رويداً رويداً ..في بحيره سآخنه مالحه..من الحيره والألم حتى تنال نصيبهآ من الشقاء في سبيل راحه حقيقية ومؤكده..؟
هل يبدو كلامي فلسفياً ..مغالياً..متطرفاً..غريباً..؟
يشبه أمزجة الفناين والأدبآء المتوحدين مع فكرهم وقضاياهم الشخصيه..؟
إذاً..
لننظر للأمر من جآنب واقعي..بعيد عن الفلسفه والخيال وكل هذا الهرآء...
ببسآطه شديده..
نحن نقرأ القرآن الكريم ..آيات الله المعجزه ..فنمرً على آيات العذاب وأهوال الحساب والعقآب..و مواضع الترهيب والتخويف..
وقصص الانبياء ومعاناتهم الانسانيه مع أقوامهم وعذآباتهم في سبيل دعوتهم..فنتألم..
نبكي ..نخشع..تقشعر (وتأملوا معي تقشعًر هنآ كما وردت في القرآن ) جلودنا ثم تلين لذكر الله..ويتشكل مآنحس به دمعه رقراقه تتبلور ثم تشق طريقهآ بـ سكون إلى الخــد...
بعد كل هذا ..نحسً براحه نفسيه عجيبه..!
ونحن أيضاً ..نستشعر الحزن..من صوت هديل حمامه , من تغريد طآئر على غصن منفرد..من صوت حاد ينشد بطريقه تشبه تلاشي الشفق في الأفق البعيد...
يقول الكآتب محمد عبد الحليم عبدالله كم هو مستريح,ذلك الإنسآن الذي لآيحس خفقان قلبه إلا إزاء الكوارث ..الكوارث وحدهآ ..أما الذين تهز قلوبهم هفات النسيم ووسوسة الشجر..
فإنهم معذبون..)
وهذا (التعذيب) هو ماننشده هنا, نريد أن نصل لرقة الاحسآس هذه,التي لا تؤتى لكل أحد.. والتي تجعل من كل ما نفعله ونقوله وننجزه..شيئاً خالداً مصبوغاً بطابع فريد ومميز..
حينما دعوتكم للحزن في عنوان المقاله,ربمآ لأفاجئ الافكار المترسبه بدواخلنآ جميعاً من أن الفرح والابتهآج فقط هي مآيحفز للعمل والانتآج والتميز..بينما وجدت في الحزن فسحه أكبر للخروج بتميز على شقين :معنوي ومآدي..
الحزن ليس بالضروره لايخلف وراءه الا الدمآر والتشوه النفسي الحزن يجعلنآ متسامين على كثير من التفاهات ونظرتنا في الحيآة أبعد ..
ألم يتعذب ويحزن الانبيآء والمرسلون والصحآبه..؟ ألم يحتار ويتألم العظماء والشعراء والادباء والعلمآء..؟ من رحم الاحزآن ولد التميز ..ومن جو الكآبه الخانق ودخان الحيره القاتم ..تنفس صبح الإبدآع فانبلج كأبهى مآيكون...
لستُ هُنآ أدعو للحزن..
بل أدعو للتصآلح معه ,للتهادن مع الألم مهمآ كان تافهاً أو عظيماً ..ولعل خير مآ أشير إليه,وخير ما أختم به هي دعوه صغيره لتأمل الحزن في أبهى وأجمل وأعظم وأعجز صوره ..حين أنزل الله سورة يوسف ,التي تحكي بنفس حزين ملتاع قصة هي من أعظم القصص وعلى من ؟ على سيد البشريه ومتى؟ في عام الحزن الذي أفقد الرسول _صلى الله عليه وسلم_ قرة عينه خديجه_رضي الله عنهآ_ وعمه أبو طالب نصيره وسنده في الحياة ..
تأملوا أنفسكم حين تسمعون سورة يوسف أو تقرؤهآ ..فهي خير من ألف مثال يدور في رأسي الآن من قصص عالميه أو قصآئد خالده ..أو مواقف معروفه ,تنبض بالحزن و المأساويه ..لكنهآ تغسل الروح فتتضح رؤية الاشيآء بعدهآ كما لم يحدث لنآ من قبل..!