قبل مدة ليست بالبعيدة، رأيت وجه صديقي شاحبا إلى حد ما!، وعندما ألمح شحوبا كذاك فلن يخفى علي السبب، فما يذكره الفلاسفة من حضور للماضي في لغة الحاضر وبقوة أراه أمام مرأى عيناي، صاحبي يتغير علي لأنه ينظر إلي بعين الماضي الذي لا علاقة له به بتاتا، ولكنها المصيبة التي ابتلى بها الشطر العربي من العالم أجمع.
عندما يلتقي شاب عراقي مع آخر من الكويت فإن غصة ما تمنعهم من قبول بعضهم للبعض، وهكذا بالنسبة للأقطار العربية الأخرى، وقس عليها بجميع ما قد يخطر إلى البال. قضيتي مع صاحبي ليست استثنائية أبدا، فما أراه منه هو ما أراه في الشطر العربي بشكل عام.
في العادة، الماضي جزء لا يتجزأ من حياتنا، فمنه عبرتنا لحاضرنا ومن لا ماضي له؛ فلا حاضر له، إلا أنّا تركنا الحاضر وأصبحنا نتكلم بلغة الماضي كثيرا !، فالمشاكل التي أكل الدهر منها وشرب؛ ما زالت حديث الساعة عند البعض، حتى وإن اتخذت أسلوبا آخر غير الذي نتوقعه. فعندما ينفر مني صاحبي دون أي سبب واضح؛ فالماضي هو صاحب الكلمة حينها.
ما يضحكني، أن البعض يظل يجادل و ويخاصم غيره في حدث مرت عليه قرون عديدة، وتجادلت عليه أمم سابقة وربما تقاتلت وتناحرت، وهكذا هم من بعدهم، يتخاصمون ويتجادلون ومن ثم يتناحرون، ولن تحل القضية أبدا.
ذلك كان حال العرب وما زال، بينما رجل من بريطانيا يجلس عند آخر من طائفة أخرى ولا يجمعهم سوى المستقبل، فما كان من حروب ودمار وقتل للآلاف؛ لم يتخلل حديثهم أبدا، كل واحد يكنّ احتراما للآخر، لقد بنوا مجتمعاتهم على أسس متينة من الإحترام وتقدير الآخر مهما كان.
بينما في عالمنا العربي ( المسلم) تنعدم فيه تلك الأسس بالرغم من أن الإسلام جاء بها قبل 14 قرنا!.
لو تركنا الماضي جانبا وخصوصا ذلك الذي يحفل بالمصائب والدماء؛ لتفرغنا لمستقبلنا ولاستثمرنا حاضرنا بصورة أكبر. فوجودنا وإثباته هو معادلة زمنية، تتسابق عليه الأمم، بينما نحن ما زلنا نقتفي أثرنا الذي لم نجده بعد.
فأنت كإنسان واحد، ساهم بنظرة للمستقبل واعطي قراءة ما له تنم عن طريقة تعاملك مع المحيط، واترك الماضي جانبا وقل عفى الله عما سلف ولا حيل لنا فيما تلف.
أبو المثنى
18/10/2010
تعليق