[align=center] مواقف
بقلم : أنيس منصور
جريدة الاهرام
ازيك؟ كويس! ولا معني للسؤال ولا فائدة من الجواب. فالناس يسألون عادة ولا يتوقعون إجابة. فأنت تعرف حالي وأنا اعرف حالك. ولاعندي استعداد لسماع شكواك ولا عندك. والشكوي لأهل البصيرة عيب. ولذلك فنحن لا نستغرب أن يسألنا اي واحد: ازيك ثم يمضي في الكلام. فهو عندما سأل لا يتوقع جوابا, كما اننا لم نتوقع سؤالا.. يعني إيه؟
يعني لا أنت تهمني ولا أنا. فكل واحد غرقان في همومه. وليس عنده أمل في أن يتخفف منها. لا هو قادر ولا اي واحد. ولذلك ليس لديه ادني استعداد لان يشاركك او يشاطرك او يحمل عنك.
ومعظم هذه المعاني الاخلاقية والاجتماعية والعائلية, انقرضت أو في سبيلها..
فما الذي أصاب الناس؟
لم يصبهم شيء. انهم صادقون مع انفسهم ومعك. فأنت لا تهمهم وهم لا يهمونك. وبس. ويا جاري انت في دارك وانا في داري. ولم يحدث في التاريخ قبل اليوم ان شعر الناس بأنهم في عزلة رغم وجود الملايين حولهم.. وهذه العزلة سببها ان الفتور والقرف واللامبالاة هي الجو الذي يعيشه كل الناس في كل مكان..
اضرب لك مثلا.. انت تدخل السينما وهي مليئة والكل يتطلع الي الشاشة وتحتل مكانا. وانت كأنك شبح استقر في مقعد خال. لا تعرف احدا ولا يعرفك احد.. ولو عرفك احد فلن يمد يده فذراعه قرفانة من يده, ويده اشد قرفا من يدك. فعلي الرغم من أنك وسط الف واحد الا انك وحدك. كأن السينما خالية تماما. والحقيقة انها ليست كذلك. ولكن شعورك أنت هو الذي أخلي القاعة من الناس.
وقد تذهب في توسيع وتعميق هذا الشعور بالوحدة والعزلة فتري الدنيا كلها كذلك.. فاذا سألك أحد, فكأنه لم يسأل.
فما المعني؟
المعني انك أعدمت الدنيا حولك, فأعدمتك الدنيا ايضا. وليس الفراغ حولك الا امتدادا للفراغ في داخلك.. اي ان فراغك قد انتفخ واتسع حتي ملأ الدنيا فراغا. هل هذا ممكن؟ نعم ممكن.. وقد أمكن!
[/align]
بقلم : أنيس منصور
جريدة الاهرام
ازيك؟ كويس! ولا معني للسؤال ولا فائدة من الجواب. فالناس يسألون عادة ولا يتوقعون إجابة. فأنت تعرف حالي وأنا اعرف حالك. ولاعندي استعداد لسماع شكواك ولا عندك. والشكوي لأهل البصيرة عيب. ولذلك فنحن لا نستغرب أن يسألنا اي واحد: ازيك ثم يمضي في الكلام. فهو عندما سأل لا يتوقع جوابا, كما اننا لم نتوقع سؤالا.. يعني إيه؟
يعني لا أنت تهمني ولا أنا. فكل واحد غرقان في همومه. وليس عنده أمل في أن يتخفف منها. لا هو قادر ولا اي واحد. ولذلك ليس لديه ادني استعداد لان يشاركك او يشاطرك او يحمل عنك.
ومعظم هذه المعاني الاخلاقية والاجتماعية والعائلية, انقرضت أو في سبيلها..
فما الذي أصاب الناس؟
لم يصبهم شيء. انهم صادقون مع انفسهم ومعك. فأنت لا تهمهم وهم لا يهمونك. وبس. ويا جاري انت في دارك وانا في داري. ولم يحدث في التاريخ قبل اليوم ان شعر الناس بأنهم في عزلة رغم وجود الملايين حولهم.. وهذه العزلة سببها ان الفتور والقرف واللامبالاة هي الجو الذي يعيشه كل الناس في كل مكان..
اضرب لك مثلا.. انت تدخل السينما وهي مليئة والكل يتطلع الي الشاشة وتحتل مكانا. وانت كأنك شبح استقر في مقعد خال. لا تعرف احدا ولا يعرفك احد.. ولو عرفك احد فلن يمد يده فذراعه قرفانة من يده, ويده اشد قرفا من يدك. فعلي الرغم من أنك وسط الف واحد الا انك وحدك. كأن السينما خالية تماما. والحقيقة انها ليست كذلك. ولكن شعورك أنت هو الذي أخلي القاعة من الناس.
وقد تذهب في توسيع وتعميق هذا الشعور بالوحدة والعزلة فتري الدنيا كلها كذلك.. فاذا سألك أحد, فكأنه لم يسأل.
فما المعني؟
المعني انك أعدمت الدنيا حولك, فأعدمتك الدنيا ايضا. وليس الفراغ حولك الا امتدادا للفراغ في داخلك.. اي ان فراغك قد انتفخ واتسع حتي ملأ الدنيا فراغا. هل هذا ممكن؟ نعم ممكن.. وقد أمكن!
[/align]
تعليق