منى جعبوب
الحق في البداية إني لست من مدمني التليفزيون وقليلا ما
أتابع المسلسلات، لكني كنت متشوقة كثيرا لمتابعة التجربة الكرتونية الأولى
-كما أعتقدـ لنا كعمانيين، وكنت متخوفة جدا أن تطغى الفكاهة على المضمون
فتنتقص من قدر ثقافتنا أو من الشخصية العمانية، و الحق أيضا أني كنت مشفقة
على الكتُّاب و المخرج قبل بدء العمل لما اعتقدت أنهم سيلاقون من نقد جارح
لا يراعي كونها التجربة الأولى التي بالطبع لن تولد كاملة، و لكن بعد أن
استطاع العمل بفكاهته و مضمونه أن يجمع الكثير من أفراد العائلات العمانية
حوله من أطفال و شباب و شيخوخ أصبحت مشفقة على من بدأوا بنقد حاد و هجوم
كاسح على العمل قبل بدايته، بل لقد نجح العمل بحيث وضع الكثيرين في حيرة
بينه و بين برنامج خواطر الذي يأتي في نفس توقيت عرض "يوم و يوم".
و فعلا وأنا أشاهد باستمتاع "يوم و يوم" تذكرت قولا للسيد علي بن حمود
عندما قال "يجب أن نبدأ الخطوة و نعطي فرصة للمبدعين و ليس بالضرورة أن
ننتظر حتى يصبح لدينا معهد عالي للتمثيل و الفنون المسرحية، بل يجب أن نبدأ
في جميع الاتجاهات فغيرنا و هو يتقدم لن يقول هؤلاء لم يبدأوا لأنهم
ينتظرون إنشاء معهدهم العالي لذلك يجب أن نبدأ الخطوات الأولى و لدينا شباب
يمكن الاعتماد عليهم و المعهد سيأتي حتما بعد ذلك"، وفعلا فقد أثبت طاقم
العمل من أولئك الشباب أنهم جديرون بالثقة و أنهم فعلا مبدعون استطاعوا أن
يقنعونا أن خطوة شبابنا الأولى إذا توفر لها الدعم و منحت الثقة تبدأ -ولا
أبالغ- من حيث انتهى الآخرون. والحقيقة الجلية أن ذلك المسلسل الكرتوني
الذي أظهر طاقات شبابية عمانية في أكثر من صعيد و مجال كالرسم و الحاسب
الآلي و التمثيل الصوتي إن صح التعبير و الإخراج و المونتاج و الكتابة
الدرامية المحكمة الحبكة بحس فكاهي منقطع النظير و ربما هم لم يعودوا بحاجة
لشهادة فلان أو علان مثلما لم يثنهم هجوم أحد عليهم قبل البدء فهذه
الكوكبة من الشباب العمانيين التي أثبت تربعها على قمة الإبداع قبل "يوم و
يوم" و قبل كل الأيام بداية بمخرج العمل الشاعر و المبدع المتألق ناصر
البدري الذي كان السبب الرئيس في نجاح العمل من خلال اختياره بعناية لفريق
عمله و لا غريب عليه الابداع فهو الفائز الأول عربيا في 2009 من خلال
مشروعة استخدام الرسائل النصية في مجال التوظيف فاستحق عليه التكريم في
البحرين في 25 مايو 2009م فمشروعه ذاك كان من أفضل خمسة مشاريع على مستوى
العالم فاستحق عليه أيضا التكريم في يونيو من نفس العام بالمكسيك، و كذلك
هو شاعر و أديب متميز، و ليس ناصر وحده المبدع المتألق في العمل بل يكفي أن
نعيد النظر في مجال القصة في الكوكبة الرائعة لمؤلفي "يوم ويوم"، فمثلا
سليمان المعمري الذي شهدت جمعية الكتاب نشاطا غير عادي و تمتعت بروح شابة و
حيوية منقطعة النظير و طموح للارتقاء بفكر و مشاركة الكتاب في مجتمعهم
إبان فترة رئاسته للجمعية، و سليمان أيضا في مجال القصة لم يكن ذاك القاص
المحدود في إطاره المحلي فقد فاز بجائزة يوسف إدريس في مصر وسط تنافس عربي
كبير مما يدل على إبداعه وقدراته، كما أنه حصد العديد من الجوائز محليا و
كذلك هدى حمد التي فازت بالمركز الأول في الرواية في جائزة الشارقة للابداع
العربي و هلال البادي و عبدالعزيز الفارسي و غيرهم من الذين نجحوا
بجدارة في طرح الكثير من الإسقاطات كالوزير الذي يستمع للمواطن فقط في حالة
التصاق أنفه أو بتعبير آخر إذا أرغم أنفه على ذلك، و كذلك دعاة تحرير
المرأة الذين يغضبون عندما تصل دعاوي التحرير لبيوتهم، و تأخر ترقية
الموظفين و الكثير من الإسقاطات الجميلة التي حملتها لنا الحلقات بحس فكاهي
لا يشعرك بالملل. و ليس هذا فقط بل ساهم "يوم ويوم" في ظهور الكثير من
المواهب الشبابية الصاعدة في مجال القصة و الرسم و قد تألقوا جميعا خاصة
من يؤدون بحس راقي صوت عارف البرذول و برعي ومحاد المبدعان محمد الناصر
ورامي المشيخي وبقية الممثلين لشخصيات المسلسل. أي أننا يمكننا القول أن
التجربة الحقيقية الأولى من خلال فريقها المنتقى بعناية و الدعم المالي و
المعنوي و الشخصي من قبل ديوان البلاط السلطاني و وزير الديوان السابق
السيد علي بن حمود كتب لها النجاح، و يبقى السؤال: هل سيستمر هذا العمل في
الأعوام القادمة إذا لم يحظَ بدعم ديواني آخر؟
.
المصدر
http://www.alroya.info/ar/citizen-go...sions/23608---
تعليق