ترى متى يبكي الرجل؟ وكيف يبكي؟ مسكين أنت يا رجل عندما تبكي. فأنت لا تبكي من فراغ وعلى فراغ. أنت لا تبكي إلا بعد أن تجف دموع الثكالى وتنضب العيون من مائها. أنت تبكي لتهز الأرض ببكائك، تفجر البراكين بحمم دموعك. أنت أيها الرجل مكلوم في وطنك، في ولدك، في أبيك وأمك وفي زوجتك وفي حبيبتك. ترى ما فحوى ذلك الأنين الصادر من ذلك الجوف العميق! منظرك أيها الرجل وأنت تبكي لا يبعث على الشفقة أبدا، ولم الناس تشفق على الرجل! فليس هذا مطلبك وليس هذا مغزاك. أيها الرجل…إن دموعك المتساقطة لا تفض القيود فقط، بل تكسر الأفئدة أيضا. لم لا تخبر الناس بقصتك أيها الرجل عندما بكيت على أشلاء ابنك المجمعة في كيس أسود؟ تعودت على بكاء الناس، ولكنني لم أعهد ببكاء الرجال، وأقول الرجال وليس أشباه الرجال. لقد رأيته يبكي في صمت! ومتى كان البكاء صمتا؟ لقد كان صامت البكاء، فلم أكن بحاجة لأسمع أنينه وعويله لأجزم بأنه يبكي، فقد اكتفيت بتلك النظرة السائلة والطارقة لأبواب من وضعوا أيديهم ليس فقط على أبصارهم بل على بصائرهم أيضا. في تلك اللحظات، كنت أراجع شريط ذكرياتي، وياله من شريط حافل، مليئ بالذكريات الممحية، إلا ذكريات البكاء بقت غير ممحية. أتذكر بكائي طفلا عندما أضعت باص المدرسة، أتذكر ذلك المدرس الذي ضربني لسبب أنا بريء منه براءة الذئب من دم يوسف، يومها لم أبك جراء الألم، بل بكيت لأن حقا من حقوقي سلب، ويمضي فصل الذكريات، لأقف في ليلة خطوبتها كي ألملم بين يدي ما تبقى من دموع، أرجع قليلا إلى الوراء وأري أخي الكبير يبكي في حضن والدي وهو يرى فلذة كبده بين الموت والحياة، لم يبكي بقدر ما أبكانا ذلك البكاء. وفي البيت، كنت بانتظاره وطال الانتظار إلى أن جائني أتصالاً هاتفياً مفاده أن حادثا كاد أن يودي بحياته، لم أتمالك نفسي لمجرد الشعور بأنه كان على وشك الرحيل من هذه الفانية.
"ملاحظة"
لم أقم بنقل الموضوع وإنما أنا من كتبه ولكن وضعته في منتديات سابقة . .
"ملاحظة"
لم أقم بنقل الموضوع وإنما أنا من كتبه ولكن وضعته في منتديات سابقة . .
تعليق