بدأت القصة منذ ما يقرب من الثمانية أشهر بمقال نشر في صحيفة "فولكس كرانت" لنائب ورئيس حزب يميني متطرف في البرلمان الهولندي يدعى غيرت ليلدرز (Geert Wilders) له سوابق في انتقاد الإسلام ومقيم تحت حماية مشددة منذ عام 2004 بعد مقتل المخرج الهولندي ثيو فان جوخ على يد أحد المتشددين بعد إصداره فيلمًا يتحدث عن اضطهاد الإسلام للمرأة -كما يشيع- يطالب فيه بـ "حظر" القرآن في بلاده، ويصفه بأنه كتاب "فاشي" -تنزه القرآن عن ذلك- ، كان سبب نشر المقال كما قيل حينها على خلفية اعتداء حصل لرئيس جمعية هولندية تحت الإنشاء تدعى "جمعية المرتدين عن الإسلام في هولندا" إحسان جامعي، تضمن المقال حينها وصفًا للقرآن بأنه يماثل كتاب الزعيم النازي الألماني "أدولف هتلر" وأنه يتضمن آيات تدعو إلى إقصاء غير المسلمين وقتلهم واغتصاب نسائهم.. ، وقتها أثار المقال بعض الضجة لكنها لم تتضمن أي ردود فعل من حكومات عربية أو إسلامية.
وفي أواخر نوفمبر من العام المنصرم تسربت أخبار عبر وسائل إعلامية عن نية النائب النائب الهولندي إخراج فيلم قصير يتضمن إساءات للقرآن، تضمنت الأخبار حينها أيضًا تصريحات لمسئولين في الحكومة الهولندية تشير إلى خشيتها من مخاطر محتملة قد تنشأ عن نشر الفيلم، منها تصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية بأن وزير الخارجية "ماكسيم فرهاغن" التقى بالنائب لمناقشة المخاطر المحتملة التي قد يسببها نشر الفيلم، وقال المتحدث: "إن وزير الخارجية التقى النائب بعد علمه بنيته إخراج فيلم يتضمن إساءات للإسلام من أجل بحث المخاطر المحتملة التي ستؤثر عليه شخصيًا وعلى المحيطين به وعلى هولندا ومصالحها الخارجية" ، أعلن حينها أيضًا أن النائب كان يريد عرض الفيلم في التلفزيون الهولندي في يناير الماضي.
ومنذ الإعلان عن الفيلم (الذي تم تحديد اسمه بـ "Fitna" أو "فتنة" ) وحتى الآن كانت ردود الأفعال تتوالى من الجميع على المستويين الشعبي والرسمي، فمن ناحيتها أعلنت الحكومة الهولندية على لسان رئيس وزرائها "بيتر بالكينندا" في مؤتمر صحفي عقد في التاسع والعشرين من فبراير الماضي رفضها الإساءة للأديان ورفضها لطريقة النائب في عرض رأيه، وقال رئيس الوزراء كذلك إن موقف حكومته يختلف تمامًا عن موقف النائب، كانت التصريحات ذات نبرة واضحة وصارمة لكن رئيس الوزراء لم يشر إلى أي نية للحكومة في منع عرض الفيلم معتبرًا أن ذلك يدخل تحت نطاق الحرية الشخصية، وأن كل إنسان حر في التعبير عن آراءه وهو وحده المسئول عن عواقبها، وأضاف أيضًا أن حكومته قد نبهت النائب بأنه قد يتعرض للمسائلة القانونية إذا ما تضمن فيلمه ما يخالف القانون الهولندي، وبعد المؤتمر الصحفي بقليل نقل التلفزيون الهولندي رد النائب على المؤتمر حيث قال كما نقل عنه: "يمكن للحكومة أن تخضع للتهديدات الإسلامية، أما أنا فلن أخضع أبدًا" ، وقال بأن فيلمه سيكون جاهزًا للعرض في شهر مارس في التلفزيون أو على شبكة الإنترنت.
وقبل عدة أيام أعلن شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي استيائه من رسالة استلمها وزير الخارجية الهولندي يخبر فيها عدم مقدرة حكومته على منع نشر الفيلم لعدم إطلاعها على محتوياته، مؤكدًا أن الإجراءات القانونية يمكن أن تتخذ بعد ذلك حيث قال: "استنادًا إلى القانون الهولندي فإن الحكومة لا تستطيع منع الفيلم قبل عرضه، أما بعد العرض فيمكن التحقيق مع الشخص المسئول عن ذلك"، ورد الدكتور طنطاوي على السفير الهولندي الذي استلم منه الرسالة: "يجب وقف عرض هذا الفيلم ولا يمكن بأي حال من الأحوال السكوت أو الانتظار حتى يتم عرضه لأننا لا نقبل ذلك مطلقًا" ، وقال أيضًا: "نحن كمسلمين نحترم جميع الأديان والأنبياء والرسل ولن نقبل مطلقا أن يسيء أي فرد إلى ديننا ورسولنا الكريم أو أي دين سماوي".
قبل عدة أيام أيضًا أعلنت شركة الاستضافة الأمريكية Network Solutions التي كانت تستضيف الموقع الرسمي الخاص بالفيلم عن إيقاف الموقع الرسمي الخاص بالفيلم www.fitnathemovie.com وذلك بسبب الشكاوى التي تلقتها بخصوص محتويات الموقع، وردًا على منع الموقع أعلن النائب ليلدرز أنه مصمم على عرض الفيلم على الإنترنت بطريقة أو بأخرى، وقال أيضًا أنه لن يسمح لأحد بمشاهدة الفيلم قبل نشره.
وبتاريخ الأمس 27/3/2008 أعلن عن عرض الفيلم على موقع مشاركة الفيديو Live Leak بنسختين إنجليزية وهولندية، وقد تجاوز عدد مشاهدي الفيديو حتى هذه اللحظة الأربعة ملايين مشاهد. الفيلم تم تسجيله في قاعدة بيانات الأفلام عى الإنترنت IMDB وكذلك تم إنشاء صفحة له في موسوعة ويكيبيديا.
حاولت مشاهدة الفيلم على موقع Live Leak لكن الضغط الشديد عليه جعل عملية المشاهدة شبه مستحيلة، وبالبحث وجدت ملف تورنت يحتوي نسخة من الفيلم، مدة الفيلم أقل من 17 دقيقة، وقبل عرض الفيلم تظهر جملة تحذيرية من مشاهد العنف في الفيلم (الفيلم يتضمن لقطة لرجل تقطع رأسه من قبل مسلحين) ، يبدأ الفيلم بعرض العنوان FITNA في الجزء الأيمن من الشاشة وصورة القرآن الكريم في يسارها مع خلفية لصوت حريق من الواضح أنها ترمز لحرق القرآن -حاشاه- ممتزج مع صوت موسيقى تعزف، بعدها يفتح القرآن عن صفحتين: اليمنى تحتوي على عداد تنازلي كأنه عداد مؤقت قنبلة مع صوت دقات عقارب، واليسرى تحتوي على صورة لرجل ملتحي معمم وبرأسه قنبلة مشتعلة، ثم تقلب الصفحة وتظهر في الصفحة اليمنى "القرآن سورة 8 آية 60" ثم تظهر صفحة من القرآن مكانها وعلى اليسار ترجمة بالإنجليزية، وفي الخلفية صوت يقرأ بالعربية: "وأعدوا لهم ما استطعتم.." ، ثم تظهر لقطات من أحداث 11 سبتمبر وصور لأشخاص يسقطون من المبنى -لم أرها من قبل صراحة!- وفي الخلفية تسجيل لمكالمة مع إحدى ضحايا البرج تتحدث مع موظفة الطوارئ وتخبرها بأنها تحترق، ثم تظهر لقطة لتفجير محطة القطارات الأسبانية مع صوت لفتاة تتحدث للطوارئ أيضًا، ثم يظهر أحد منفذي الهجمات على ما أعتقد ويتحدث بالإنجليزية: "متى يفرح الله؟ الله يفرح عندما يقتل غير المسلمين!" ، بعدها يظهر أحد الشيوخ المسلمين وهو يدعو على الـ "كفار" : "اللهم اقتل الكفار والمشركين، أعدائك أعداء الدين.." وصوت المأمومين وهم يؤمنون على دعاءه، بعدها تظهر صور لبعض الجثث والمصابين في عمليات إرهابية، تفتح صفحة أخرى من القرآن، ويكتب "القرآن
سورة 4 آية 56" وصوت قارئ يقرأ: إن اللذين كفروا سنصليهم نارًا، كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها.. " ، ثم تظهر لقطة لأحد الشيوخ وهو يقف على المنبر ويتحدث بعصبية شديدة عن حديث الحجر والشجر ثم يستل سيفًا وهو واقف على المنبر وسط هتافات المصلين (لا أعرف من أين هذه اللقطة! لكن الواضح أنها حقيقية) ، ثم يعرض لقطة لطفلة مصرية في الثالثة والنصف ترتدي الحجاب تسألها إحداهن: بتحبي اليهود؟ فتجيبها الطفلة بطريقة تشبه الطريقة التي يتحدث بها الأطفال المُلقنين أدوارهم في الأفلام العربية: لأ ، فتقول لها: ليه؟ فتجيب الطفلة: علشان هم قردة وخنازير!! فتسألها مين قال عليهم كدة؟ فترد: ربنا في القرآن! .
تعرض بعد ذلك لقطات لأشخاص لا أعرف من أين يجرون جثثًا على الأرض، ومزيد من صور الحوادث، ثم يظهر أحد الخطباء يتحدث عن اليهود ويقول إنهم يجب أن يذبحوا، ولقطات لأطفال يقومون بعرض عسكري، ثم صورة لفتاة منقبة تحمل لافتة كتب عليها:
BE PREPARED FOR THE REAL HOLOCAUST!" أو "كونوا مستعدين للهولوكوست الحقيقية!" وأخرى كتب عليها: "فليبارك الله هتلر" ، ثم صورة لشبان يتدربون وصورة لأحد التجمعات الشيعية، بعدها تقلب الصفحة وتظهر "القرآن سورة 47 آية 4" وصوت يقرأ: "فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب.." ، ثم عدة لقطات للمخرج الهولندي الذي قتل في 2004 ثيو فان جوخ، ثم صوت لقاتله يقسم أنه لو خرج من السجن وعاد به الزمن إلى 2004 فسوف يقوم بقتله مرة أخرى! ، بعدها تعرض تباعًا لقطات لمظاهرات في فلسطين على ما أعتقد، ثم تظهر صورة خاطفة لسيوف ملطخة بالدم، بعدها يظهر الداعية عائض القرني متحدثًا عن الشهادة وما يبذل في سبيلها من تضحيات، بعدها تظهر لقطة لأعد عمليات الإعدام المصورة في العراق.
تقلب الصفحة ويكتب "القرآن سورة 4 آية 89" وصوت يتلو: " ودوا لو تكفرون كما كفروا.. " ثم لقطة لأحد الأفغان أو الباكستانيين يتحدث: " الإسلام دين مرعب، إذا تحول شخص للمسيحية فإنه يقتل فورًا" ، بعدها لقطة لأحد المشايخ يقول إن الإسلام أقوى من المسيحية واليهودية والبوذية.. ، ثم مقطفات من صحف عن إعدام لشخص غير ديانته، بعدها تقلب الصفحة ويكتب: "القرآن سورة 8 آية 39" وصوت تلاوة: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة.." ، ثم لقطة لأحد رجال الدين الشيعة يتحدث عن الإسلام بصفته الدين الأوحد والذي يجب أن يحكم العالم، ثم لقطة للرئيس الإيراني نجاد يقول إن رسالة الإسلام هي رسالة عالمية لا تتقيد بزمان أو مكان، ثم خطيب يقول إن الإسلام سيملك الدنيا مرة أخرى، ثم لقطة لداعية سعودي يقول إن الله أوجب أن يتم نشر الدين في الأرض كلها، ثم أحد خطباء الشيعة يقول نفس الكلام، ولقطة لأحد لافتات المظاهرة تقول نفس المعنى بأن الإسلام سيحكم العالم، ولافتة أخرى كتب عليها: "الحرية إلى الجحيم" .
بعدها تظهر عبارة في منتصف الشاشة تقول: "الأمم تحت حكم الإسلام" ثم تطالعنا صورة لمدينة أوروبية ترتفع فيها مئذنة لأحد المساجد، ثم صوت لشخص يتحدث عن المساجد بوصفها جزء من الحكومة الإسلامية في هولندا!، ثم لقطة لامرأة مسلمة منتقبة تدفع عربة أطفال، وصورة عنوان في جريدة يقول لا حظر للبرقع، ثم يعرض الفيلم رسوم إحصائية عن عدد المسلمين في هولندا منذ عام 1909 عندما كانوا 54 شخصًا وصولاً إلى ما يقرب من المليون في 2004 ، ثم يرتفع الخط البياني إلى حافة الشاشة معبرًا عن عدد المسلمين في أوروبا والذي يبلغ 54 مليونًا في 2007 ، ثم تظهر لقطة لأحد الأشخاص متحدثًا: "إذا مارست أمي أو أختي الجنس مع شخص غريب فسأقتلهم فورًا!" ثم يسأله المحاور: "وهل ستشعر بالفخر؟!" فيجيبه: "بالضبط!" ، ثم لقطة لأحد الملتحين المسلمين يتحدث عن أنه غير مجبر على ممارسة ما يصفه بالجرائم التي ترتكب في هولندا من زنا ولواط (لا أفهم ماذا يريد أن يقول الأخ مخرج الفيلم من هذه اللقطة!) ، ثم تظهر خمسة صور لمساجد في عدة مدن لعلها هولندية، ثم تسجيل لشخص يقول: "أن يكفروا بالأحزاب العلمانية والأفكار العلمانية والليبرالية والاشتراكية.." وآخر يتحدث عن عقوبة الزنا في الإسلام وهي الرجم حتى الموت، ثم تعرض صور لبعض الشبان ومكتوب على الشاشة "الشواذ" وهم يقادون معصوبي الأعين ثم يشنقون، ثم تبدأ سلسلة من الصور لطقوس شيعية عنيفة بالمدي والسكاكين بمشاركة أطفال ويكتب على الشاشة "الأطفال" ، ثم صور لنساء وبنات يتعرضن للضرب والقتل ويكتب على الشاشة "المرأة" ، بعدها تبدأ سلسلة من الصور لـ "مانشيتات" مقتبسة من الصحف عن موضوعات شتى، بعدها تظهر صورة للقرآن بكامل الشاشة ثم تمسك يد بصفحة منه ثم تظلم الشاشة ويسمع صوت صفحة تقطع، ويظهر ما يلي مكتوبًا بخلفية سوداء على الشاشة: "إن ما سمعته الآن هو صوت ورقة تقطع من دليل هاتف! " ، "وهي ليست مهمتي لكنها مهمة المسلمين أنفسهم بأن يسقطوا الآيات التي تدعوا للكراهية من القرآن" ، "المسلمون يريدون منكم أن تصنعوا طريقًا للإسلام، لكن الإسلام لا يصنع طريقًا من أجلكم" ، "الحكومة تصر أن تحترموا الإسلام، لكن الإسلام لا يكن لكم الاحترام" ، "الإسلام يريد أن يحكم ويتحكم ليدمر الحضارة الغربية" ، "في عام 1945 النازية سقطت في أوروبا، وفي 1989 سقطت الاشتراكية في أوربا" ، "الآن الأيدلوجية الإسلامية يجب أن تسقط" ، "أوقفوا الأسلمة" ، "احترموا حريتنا" ، بعدها يظهر الرجل الذي ظهر في بداية الفيلم والمؤقت قد شارف على الوصول إلى الصفر ثم ينتهي الفيلم بصوت رعد وكلمة FITNA .
الفيلم كما لاحظتم عرضته بحيادية ولي عودة إن شاء الله لتسجيل بعض الانطباعات عليه. منقول فديتج مطرح