لهجتنا ما أحسنها
∎ كلما سَمِعتُ إعلاميا عُمانيا يلهَجُ بغير العمانية، ينتابني شعُورٌ أن ثمَّة غمطا وبُخسا كبيرين ترتكب في حق لهجتنا، غمط وجفاء وعقوق لا تستحقه منهم، نسمَعُهم في أكثر من مناسَبة، يتحدثون بلهَجات لا ينتمُون إليها، وكأنهم يخجلونَ من لهجة بلدِهم، التي هي لهجَة الأرض والوطن، ونسوا أنها أبعَد من كونها وسيلة للتخاطب والحِوار، بل هِي تراثٌ وحَضارة إنسانية وعُمق، هي أجملُ ما يَصلنا بعُروقنا ودَمائنا، وهي وَصْلتنا، وصِلتنا بصَوتنا القديم المُمتد كجذر ذهبي في أعماق تربَة المَكان الذي ننتمي إليه، المُسَمَّى مَجازا بالوطن.
∎ لهجتنا ما أحْسنها، وما أعذبها حين نتكلمُ بها، نكونُ صَادقين وعفويين، يملؤنا إحساسٌ فياضٌ بجَمال المُفرَدَة التي توارثناها كابرا عن كابر، منذ عُهودٍ وعُقود إلى الخ العَنقود، لا نعرفُ مَداها إنما نحِسُّ بعمقيتها في نسغ الزمَن، هي صَوت الإنسان الرَّنان، وابنة المَكان المَكين، وهي تهذيبُ الزمان المُزمن، هِي تراثنا الإنساني الذي نسْمَع مُوسيقاهُ ينبعِثُ من بين شفاهنا، عَذبة سائِغة للسامِع، فقط أن نثقَ بها، وأن نتذوقَ حلاوة جرسِها، وأن لا نقلد الغير، ليس انتقاصا من لهَجاتهم، إنما لهم لهَجاتهم، وهُم أحرى بها، ونحن أحرى بلهجتنا التي لنا، ولساننا ينطقُ بها صافية وصادقة، لا كما يتكلمُ بها المُمثلون في الحلقات المتلفزة، في الشاشة الصَّغيرة، بطريقة ساخرة، ساذجة، مفتعلة، مصطنعة، مَمْجُوجة، بل مثلما يتكلمُ بها آباؤنا وهم يتحَدثون عن بادَّة الفلج والقيظ، وأمهاتنا وهنَّ يتحَدثن عن شغل البيت في القرية، التي ما سُميت بهذا الاسم إلا لأن القلبَ والعَينَ يقرِّان فيها نوما وحَياة هانئة هادئة.
∎ وللأسَف الشديد لا ينتبهُ الكثير مِن شبابنا إلى أنه يفقدون لهجتهم الأم حينما يقلدون اللهجات الأخرى التي تصل إليهم عَبر وسائل الإعلام، أو من علاقاتهم بأبنائها، أو بإقامتهم بين أهلها، ويكبرُ الأسَفُ حين يأتي التقليد من زملائنا في وسائل الإعلام، فيتخاطبون بلهجات خليجية نسمَعُها كثيرا، وكأن التحَدث بها تطور وثقافة، وأكثرهم يلهج بها بطريقة تضحِك المُستمع، لأن المتكلم لم يتشبع بها، ولم تدخل في تكوينه الحياتي والثقافي العَميق.
∎ إخوتنا في مِصر يتحدثون بلهجتهم الدارجَة، بدءا من الإنسان البسيط الذي يعيش في الرِّيف، وحتى الدكتور في الجامعة، والمُفكر والعالم والسياسي والإعلامي والفنان، جَميعهم يتكلمون بلهجتهم الأم، دون غضَاضَة، ونتقبلها منهم، بأنس وترحاب، لأن تلك اللهجَة هي تاريخهم المتوارث، مثلما أخوتنا في السودان لا يقلدون أحَدا، وأخوتنا في دول الخليج العَربي الذين يقلدهم البعض لم نسمعهم أبدا يتكلمون بلهجتنا!، وفي الشام ودول المَغرب العَربي، جَميعهم يلهجون بلسان آبائهم، ولا يتخلون عنها، وهم الأجدر بها.
∎ هذه لهجتنا فلا نلوي لساننا بغيرها، وما أحرانا في كل منبر أن نتقرَّبَ منها، مثلما نحسِّنُ ألفاظنا بالفصحَى، ونطعِّم منطقنا بالعَربية التي تسكننا جدا، حينها سَيحترمنا الجَميع، لأننا احترمنا لساننا الحقيقي، ولسانُ الفتى نصف كما يقولُ الشاعِر القديم، هي الأيقونة التي تدلُّ عليه، والرَّمز الذي يؤكد عُمانيته الحقيقية، وأنه ابن هذا التراب الذي نحمل عَبيره في وجداننا، ونكتحلُ به، حُبا وعِشقا.
∎ لهجتنا ما أحْسنها، وما أعذبها حين نتكلمُ بها، نكونُ صَادقين وعفويين، يملؤنا إحساسٌ فياضٌ بجَمال المُفرَدَة التي توارثناها كابرا عن كابر، منذ عُهودٍ وعُقود إلى الخ العَنقود، لا نعرفُ مَداها إنما نحِسُّ بعمقيتها في نسغ الزمَن، هي صَوت الإنسان الرَّنان، وابنة المَكان المَكين، وهي تهذيبُ الزمان المُزمن، هِي تراثنا الإنساني الذي نسْمَع مُوسيقاهُ ينبعِثُ من بين شفاهنا، عَذبة سائِغة للسامِع، فقط أن نثقَ بها، وأن نتذوقَ حلاوة جرسِها، وأن لا نقلد الغير، ليس انتقاصا من لهَجاتهم، إنما لهم لهَجاتهم، وهُم أحرى بها، ونحن أحرى بلهجتنا التي لنا، ولساننا ينطقُ بها صافية وصادقة، لا كما يتكلمُ بها المُمثلون في الحلقات المتلفزة، في الشاشة الصَّغيرة، بطريقة ساخرة، ساذجة، مفتعلة، مصطنعة، مَمْجُوجة، بل مثلما يتكلمُ بها آباؤنا وهم يتحَدثون عن بادَّة الفلج والقيظ، وأمهاتنا وهنَّ يتحَدثن عن شغل البيت في القرية، التي ما سُميت بهذا الاسم إلا لأن القلبَ والعَينَ يقرِّان فيها نوما وحَياة هانئة هادئة.
∎ وللأسَف الشديد لا ينتبهُ الكثير مِن شبابنا إلى أنه يفقدون لهجتهم الأم حينما يقلدون اللهجات الأخرى التي تصل إليهم عَبر وسائل الإعلام، أو من علاقاتهم بأبنائها، أو بإقامتهم بين أهلها، ويكبرُ الأسَفُ حين يأتي التقليد من زملائنا في وسائل الإعلام، فيتخاطبون بلهجات خليجية نسمَعُها كثيرا، وكأن التحَدث بها تطور وثقافة، وأكثرهم يلهج بها بطريقة تضحِك المُستمع، لأن المتكلم لم يتشبع بها، ولم تدخل في تكوينه الحياتي والثقافي العَميق.
∎ إخوتنا في مِصر يتحدثون بلهجتهم الدارجَة، بدءا من الإنسان البسيط الذي يعيش في الرِّيف، وحتى الدكتور في الجامعة، والمُفكر والعالم والسياسي والإعلامي والفنان، جَميعهم يتكلمون بلهجتهم الأم، دون غضَاضَة، ونتقبلها منهم، بأنس وترحاب، لأن تلك اللهجَة هي تاريخهم المتوارث، مثلما أخوتنا في السودان لا يقلدون أحَدا، وأخوتنا في دول الخليج العَربي الذين يقلدهم البعض لم نسمعهم أبدا يتكلمون بلهجتنا!، وفي الشام ودول المَغرب العَربي، جَميعهم يلهجون بلسان آبائهم، ولا يتخلون عنها، وهم الأجدر بها.
∎ هذه لهجتنا فلا نلوي لساننا بغيرها، وما أحرانا في كل منبر أن نتقرَّبَ منها، مثلما نحسِّنُ ألفاظنا بالفصحَى، ونطعِّم منطقنا بالعَربية التي تسكننا جدا، حينها سَيحترمنا الجَميع، لأننا احترمنا لساننا الحقيقي، ولسانُ الفتى نصف كما يقولُ الشاعِر القديم، هي الأيقونة التي تدلُّ عليه، والرَّمز الذي يؤكد عُمانيته الحقيقية، وأنه ابن هذا التراب الذي نحمل عَبيره في وجداننا، ونكتحلُ به، حُبا وعِشقا.
تعليق