قصة يومية سيتم نشر أجزاؤها بشكل يومي
(1)
ظلامٌ مطبق..(1)
ثم فجأة فتحتُ عيني بشدة، لدرجة أنني شعرتُ بأن جسدي انتفض نتيجةً لذلك، ولكني في البداية لم أستطع رؤية سوى نورٍ شديد دفعني لمحاولة تحريك يدي اليمن لأغطي عينيّ.
في تلك اللحظة تمكنتُ من سماع صوتٍ ما صدر عن يساري فالتفتُ نحوه وأنا بالكاد أرى، فتبينتُ جهازاً ما كان يحتوي على شاشة سوداء ظهرت عليها خطوط بيضاء متعرجة!!
"أين أنا الآن؟!!.."
طرح عقلي هذا السؤال فيما حاولتُ أنا تعديل وضعية تمددي على السرير الذي اكتشفتُ للتو إني جالسٌ عليه!!
نظرتُ من حولي مرة أخرى..
غرفة مغلقة مليئة بمختلف الأجهزة التي لا أعرف كينونتها ولا الغرض منها، وسريرٌ ذا غطاء أبيض قد تمددت عليه وخزانة صغيرة وُضعت على يميني.
أما أنا فقد كنت أرتدي لباساً غريباً أخضر اللون، وقد غطى لحافٌ أبيض نصف قدميّ، فيما كانت يدي اليمنى – كصدري- قد مُد إليها إنبوب صغير متصل إلى أحد الأجهزة الغريبة!!
همستُ لنفسي وأنا أحدق مرعوباً في المكان:
- أين أنا؟!!..مالذي أفعله هنا؟!!
وعندها بدأ الصداع يغزوا رأسي!!
مددتُ يدي اليمنى نحو رأسي كي أخرج الصداع منه، وعندها سمعتُ دوي فرقعة كبيرة أو ما شابه ظننتها في بداية الأمر نتيجة خروج الصداع من رأسي!!
ولكني اكتشفتُ بسرعة أن مصدر الصوت هو فتح الباب المُغلق بقوة، وما إن أحلت ناظري إلى هناك حتى رأيت فتاتين تلبسان لباساً أبيض بالكامل تتقدمان نحوي بسرعة وقد بدا الإهتمامُ على وجهيهما، وما إن وصلتا عندي حتى تحركت إحداهما نحو جهازٍ ما وراحت تعبث بأزراره فيما جاءت الأخرى نحوي ومدت يدها نحو يدي اليمنى لتتحسس شيئاً ما وهي تسأل:
- كيف تشعر الآن؟
كُنت أحدق في وجهها بغرابة وأنا أسأل نفسي : "من تكون هذه الفتاة؟"، ولذلك فقد تأخرت إجابتي بضع ثوان قبل أن أقول:
- لا أدري..بخير..على ما أعتقد!
وبعد إنتهائي من نطقي بالإجابة شعرتُ بأن صوتي كان مبحوحاً وفي نفس اللحظة أحسستُ بالعطش الشديد.
كانت الفتاة مشغولة آنذاك بمعاينة يدي وجس نبضي على الأرجح فاعتقدتُ أنها لم تسمع إجابتي أو لم تأبه لها، التفتُ إلى الفتاة الأخرى التي كانت تعاين الجهاز الذي يصدر منه الصوت فيما يبدو فقد انتبهتُ لتوي أن الصوت المتقطع لم يعد يصدر!
مرة أخرى انفتح الباب بضجيجٍ مدوي أثاره إحتكاكه بأرضية الغرفة على الأرجح، وحين التفتُ نحوه رأيت هذه المرة رجلاً ملتحياً يضعُ نظارة ويرتدي سترة بيضاء وهو يتقدم نحوي على عجالة قبل أن يسأل الفتاة الواقفة عن يميني:
- هل وعى؟!
أجابتهُ بسرعة وهي تناوله ملفاً انتبهتُ للتو أنها كانت تحمله وقالت:
- نعم، منذ خمس دقائق.
هل مضت خمس دقائق حقاً؟!
ثم هززتُ رأسي كأني أبعد هذا التساؤل السخيف عن رأسي، واستبدلته بسؤال آخر ألقيته على الواقف أمامي هذه المرة بدلاً من الإحتفاظ به داخل جمجمتي:
- أين أنا الآن؟!
لم يعبأ هو بسؤالي، فقد أجاب وهو ينظر إلى الملف:
- في المستشفى..
نظرتُ حولي بسرعة بعد سماعي إجابته، إذاً فهذا يفسر كل شيء..
البياض في ملابسهم، والأجهزة الغريبة التي أوصلت بعضها إلي، والصداع الشديد الذي أشعر به!
لم أهنأ باستنتاجي لفترة طويلة، فقد ناول الطبيب الملف للممرضة الواقفة بجنبه ثم مد يده نحو جبيني و وضع كفه عليه لثوان وأبعدها ثم سألني:
- ما هو اسمك؟!
حدقتُ فيه ببرهة نتيجة استغرابي للسؤال، ومن ثم هززتُ رأسي بتلقائية كأني أطرد استغرابي ذلك ثم فتحتُ فمي لألقي بالإجابة السهلة:
- أنا..اسمي..
ولكن الغريب أن الإسم لم يأت!!
لم يخرج من بين شفتي!!
ورغم شعوري بأن إسمي – وبكل تأكيد- قريبٌ من شفتيّ إلا أنني لم أستطع النطق به!!
وبعد أن هززتُ رأسبي مرة أخرى، ومددتُ يدي إلى جبيني لأعصره محاولاً طرد الصداع الذي يحولني دون ذكر اسمي وأنا أغمض عيني، وبعد ثوان أبعدتُ يدي بشدة وأنا أقول بيأس:
- لا أعرف..!!
تعليق