كيـف حصـل علـى شهادة الدراسـة العلـيا؟
لا عجب إذا وجد من بين حاملي الشهادات الجامعية «بكالوريوس أو ليسانس، ماجستير، دكتوراه» من يخطئ في مهنته، بما يدل على جهله وعدم إلمامه بأوليات وأساسيات العلم والمعرفة، وإذا قل وندر من يبرع ويبدع من بينهم في أدائه المهني والوظيفي رغم تزايد أعداد الخريجين الجامعين. ولا عجب إذا وجد من بينهم من طغت عليه القيم المنحلة واللأخلاقيات، وصارت جزءًا جوهريًا في حياته وحياة من حوله بل يكرس لها جهده وطاقاته، وإذا وجد من بينهم من هو في عداد المجرمين والخارجين عن القانون، ومن ليس له أي ضابط يحكم سلوكياته وألفاظه. ولا عجب إذا صارت البرامج التعليمية والتربوية عديمة الفائدة، لا تسهم في تكوين العقلية ولا الشخصية، ولا في تنمية الملكات والقدرات، ولا في صقل التفكير، ولا في الارتقاء بسلوكيات الأفراد وأخلاقهم، فقد عهدنا قديمًا برجال العلم والعلماء هيبة واحترامًا، لسعة معرفتهم وغزارة علمهم، وعملهم بعلمهم، وما يكسبهم ذلك من حسن خلق. ولا عجب إذا ظهرت طفرة من المجاميع المرتفعة والدرجات النهائية، يحملها طلاب لديهم قصور فكري وتبلد ذهني، مثلهم كسائر التلاميذ، ولا يتفوقون على نظائرهم في شيء. ولا عجب إذا أصبحت المناصب العلمية، والمراكز المرموقة، حكرًا ووقفًا على بعض الأفراد وذويهم يتبادلونها ويتوارثونها فيما بينهم.
هناك العديد من العوامل التي تتشابك معًا لتفرز في النهاية كل ما سبق ذكره، إلا أن هناك سببًا يعد على درجة كبيرة من الأهمية، لأنه يعتبر سببًا ونتيجة كالحلقة المغلقة تبدأ منه وبسببه وتنتهي إليه وبه، ألا وهو التعليم «بكل ما يشمله اللفظ من مضامين» وما يعقبه من الحصول على الشهادات الدراسية، إما بطرق مشروعة أو بخلافها من سبل غير مشروعة يختلقها البعض، وتختلف من فرد لآخر ومن مكان لآخر ومن وقت لآخر، ولكنها تتفق في الهدف النهائي، ألا وهو الحصول على شهادة النجاح الخاصة بالعام الدراسي، منها الدروس الخصوصية، ومنها إصرار بعض المسؤولين سواء التربويون منهم أو السياسيون على الارتفاع بنسبة نجاح الطلاب، لانتقال الطلاب القدامى لمرحلة تعليمية متقدمة واستيعاب طلاب جدد بدلاً منهم ولبيان تفوق تلك المدرسة على غيرها، ومنها التحايل والاستثناءات لدخول بعض المعاهد والجامعات، أو السفر للخارج للحصول على مختلف الشهادات بأنواعها، ومنها سرقة الأبحاث والدراسات العلمية.
ومع ضراوة وخطورة هذه السبل جميعًا إلا أنه ومع اقتراب امتحانات العام الدراسي (سواء في منتصفه أو آخره) يثار موضوع الغش في الامتحانات، وتفنن طلاب مراحل التعليم المختلفة «ابتدائي ومتوسط، وثانوي وجامعي» في سبله وأنواعه. وإذا كان الأمر كذلك فهل تعتبر نتيجة الامتحان هي المؤشر الصحيح لمستوى الطلاب ومدى استيعابهم للمناهج التعليمية وقدرتهم على تطبيق ما درسوه في أعمالهم؟ ليس كل ذلك عجيبًا ولكن العجيب أنه بعد أن مرت سنون عديدة غش فيها من غش، ونجح بالغش من نجح، وتخرج آلاف الغشاشين وحصلوا على أعلى الشهادات.. بعد كل ذلك تتفجر قضية الغش! ولماذا نصحو من غفلتنا متأخرين؟! ولماذا نستشعر الخطر بعد أن يتفشى فينا الوباء؟ ولماذا نبدأ في العلاج عندما تنهار قدرتنا على تحمل نفقاته وتبعاته وتكاليفه وعواقبه وبعد أن يفلت زمام الأمر من بين أيدينا ويكون لا أمل فيه؟! فما مصير هذا الإنسان الذي نما وترعرع على الغش والاحتيال والخداع من أجل تذليل الصعاب (أدنى الصعاب)، ومن أجل أن ينال ما ليس بحق له وما لطاقته وإمكاناته قدرة عليه؟! وكم سيؤثر ذلك على سلوكياته وتصرفاته تجاه مستقبله وأسرته ومستقبل بلاده، وخصوصًا عندما يواجه العثرات؟! حينذاك سيلجأ إلى الطريق الملتوية للنجاة منها، من كذب وتزوير ونفاق.
وإذا كان من اليسير اتخاذ إجراءات صارمة ضد من ضبط أو سوف يضبط متلبسًا بالغش، فما الإجراءات التي ستتخذ نحو من فر قبل اكتشاف أمره، وأصبح في المراكز القيادية والحساسة الهامة في منظومته الإدارية؟ وهل ستطبق الإجراءات هنا بأثر رجعي؟ وإلى أن يتم ذلك قبل أن تلجأ أخي القارئ إلى من يحل لك مشكلة ما، وحتى لا تثار دهشتك ويبدو عجبك من حلوله وأفكاره، ولكي تنجو بعمرك وصحتك وراحتك من تجاربه وأضراره يجب أن تستفسر منه أولاً كيف حصل على شهاداته الدراسية العليا؟ وأفلح إن صدق!
منقول من مجلة المعرفة للفائدة
كتـب المقالـة أشرف شعبـان أبو احمـد - الأسكندرية
وشكرا
لا عجب إذا وجد من بين حاملي الشهادات الجامعية «بكالوريوس أو ليسانس، ماجستير، دكتوراه» من يخطئ في مهنته، بما يدل على جهله وعدم إلمامه بأوليات وأساسيات العلم والمعرفة، وإذا قل وندر من يبرع ويبدع من بينهم في أدائه المهني والوظيفي رغم تزايد أعداد الخريجين الجامعين. ولا عجب إذا وجد من بينهم من طغت عليه القيم المنحلة واللأخلاقيات، وصارت جزءًا جوهريًا في حياته وحياة من حوله بل يكرس لها جهده وطاقاته، وإذا وجد من بينهم من هو في عداد المجرمين والخارجين عن القانون، ومن ليس له أي ضابط يحكم سلوكياته وألفاظه. ولا عجب إذا صارت البرامج التعليمية والتربوية عديمة الفائدة، لا تسهم في تكوين العقلية ولا الشخصية، ولا في تنمية الملكات والقدرات، ولا في صقل التفكير، ولا في الارتقاء بسلوكيات الأفراد وأخلاقهم، فقد عهدنا قديمًا برجال العلم والعلماء هيبة واحترامًا، لسعة معرفتهم وغزارة علمهم، وعملهم بعلمهم، وما يكسبهم ذلك من حسن خلق. ولا عجب إذا ظهرت طفرة من المجاميع المرتفعة والدرجات النهائية، يحملها طلاب لديهم قصور فكري وتبلد ذهني، مثلهم كسائر التلاميذ، ولا يتفوقون على نظائرهم في شيء. ولا عجب إذا أصبحت المناصب العلمية، والمراكز المرموقة، حكرًا ووقفًا على بعض الأفراد وذويهم يتبادلونها ويتوارثونها فيما بينهم.
هناك العديد من العوامل التي تتشابك معًا لتفرز في النهاية كل ما سبق ذكره، إلا أن هناك سببًا يعد على درجة كبيرة من الأهمية، لأنه يعتبر سببًا ونتيجة كالحلقة المغلقة تبدأ منه وبسببه وتنتهي إليه وبه، ألا وهو التعليم «بكل ما يشمله اللفظ من مضامين» وما يعقبه من الحصول على الشهادات الدراسية، إما بطرق مشروعة أو بخلافها من سبل غير مشروعة يختلقها البعض، وتختلف من فرد لآخر ومن مكان لآخر ومن وقت لآخر، ولكنها تتفق في الهدف النهائي، ألا وهو الحصول على شهادة النجاح الخاصة بالعام الدراسي، منها الدروس الخصوصية، ومنها إصرار بعض المسؤولين سواء التربويون منهم أو السياسيون على الارتفاع بنسبة نجاح الطلاب، لانتقال الطلاب القدامى لمرحلة تعليمية متقدمة واستيعاب طلاب جدد بدلاً منهم ولبيان تفوق تلك المدرسة على غيرها، ومنها التحايل والاستثناءات لدخول بعض المعاهد والجامعات، أو السفر للخارج للحصول على مختلف الشهادات بأنواعها، ومنها سرقة الأبحاث والدراسات العلمية.
ومع ضراوة وخطورة هذه السبل جميعًا إلا أنه ومع اقتراب امتحانات العام الدراسي (سواء في منتصفه أو آخره) يثار موضوع الغش في الامتحانات، وتفنن طلاب مراحل التعليم المختلفة «ابتدائي ومتوسط، وثانوي وجامعي» في سبله وأنواعه. وإذا كان الأمر كذلك فهل تعتبر نتيجة الامتحان هي المؤشر الصحيح لمستوى الطلاب ومدى استيعابهم للمناهج التعليمية وقدرتهم على تطبيق ما درسوه في أعمالهم؟ ليس كل ذلك عجيبًا ولكن العجيب أنه بعد أن مرت سنون عديدة غش فيها من غش، ونجح بالغش من نجح، وتخرج آلاف الغشاشين وحصلوا على أعلى الشهادات.. بعد كل ذلك تتفجر قضية الغش! ولماذا نصحو من غفلتنا متأخرين؟! ولماذا نستشعر الخطر بعد أن يتفشى فينا الوباء؟ ولماذا نبدأ في العلاج عندما تنهار قدرتنا على تحمل نفقاته وتبعاته وتكاليفه وعواقبه وبعد أن يفلت زمام الأمر من بين أيدينا ويكون لا أمل فيه؟! فما مصير هذا الإنسان الذي نما وترعرع على الغش والاحتيال والخداع من أجل تذليل الصعاب (أدنى الصعاب)، ومن أجل أن ينال ما ليس بحق له وما لطاقته وإمكاناته قدرة عليه؟! وكم سيؤثر ذلك على سلوكياته وتصرفاته تجاه مستقبله وأسرته ومستقبل بلاده، وخصوصًا عندما يواجه العثرات؟! حينذاك سيلجأ إلى الطريق الملتوية للنجاة منها، من كذب وتزوير ونفاق.
وإذا كان من اليسير اتخاذ إجراءات صارمة ضد من ضبط أو سوف يضبط متلبسًا بالغش، فما الإجراءات التي ستتخذ نحو من فر قبل اكتشاف أمره، وأصبح في المراكز القيادية والحساسة الهامة في منظومته الإدارية؟ وهل ستطبق الإجراءات هنا بأثر رجعي؟ وإلى أن يتم ذلك قبل أن تلجأ أخي القارئ إلى من يحل لك مشكلة ما، وحتى لا تثار دهشتك ويبدو عجبك من حلوله وأفكاره، ولكي تنجو بعمرك وصحتك وراحتك من تجاربه وأضراره يجب أن تستفسر منه أولاً كيف حصل على شهاداته الدراسية العليا؟ وأفلح إن صدق!
منقول من مجلة المعرفة للفائدة
كتـب المقالـة أشرف شعبـان أبو احمـد - الأسكندرية
وشكرا
تعليق