[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
[/COLOR]لقد وضح القرآن الكريم صورة الوجود، وفسر حقيقته بصورة كاملة، تلك الصورة تقابل عناصر الكينونة البشرية وتلبى كل جوانبها، وتتعامل مع كل مقوماتها، فهى تتعامل مع "الحس" و"الفكر" و"البديهة" و"البصيرة" ومع سائر عناصر الإدراك البشرى بوجه عام، كما تتعامل مع الواقع المادى للإنسان.
ولقد ربطت آيات القرآن الكريم بين النظر فى الكون والتدبير والتفكر والتأمل، حتى تكتمل عند الناس النظرة الإبداعية الجمالية.
والله تعالى يلفت النظر إلى الجمال فى الكون ويعرض له فى مواضع كثيرة من القرآن، ويبدو الجمال فى الكون على نظام معين له مظاهر متعددة، ومن تلك المظاهر :
* الدقة المذهلة التى بدت فى كل ذرة من ذرات الكون.
* التناسق البديع الذى ينشأ عن تعاقب الليل والنهار والضوء والظل والشتاء والصيف، ويبدو جانب من هذا التناسق فى شكل السماء بما تحويه من نجوم وأفلاك تسير وتتحرك فى تناسق وجمال.
* التوازن أيضاً صفة جمالية تبدو فى حركة الكواكب الكثيفة فى ذلك الفضاء الشاسع.
* الترابط كذلك صفة جمالية نراها فى العلاقات المختلفة فى الحياة وتعتبر منهجاً للفن الإسلامى.
والفن الإسلامى شأنه شأن الفنون الأخرى يتبع منهجاً فكرياً هو الفكر الإسلامى، وهو فكر يراعى التناسق والتكامل والشمول والجمال، وهناك عدة خصائص ومميزات لهذا المنهج الإسلامى فى الفن أهمها :
1. أن الفنان المسلم انطلق أساساً من التوجيه القرآنى، ومن العقيدة الإسلامية.
2. نزع الفن الإسلامى إلى الحد من المظاهر الحيوية وعمل على الإقلال من واقعية الأشكال حتى لا يقع فى المحظور من جهة، وحتى يتيسر له أن يعطى مضموناً لعمله الفنى يبتعد به عن مجرد تجسيد مظاهر الطبيعة، ليقترب من الواقع الأبدى، ويقترب من الجوهر، ولقد تجسد ذلك المعنى جيداً فى الرقش العربى الإسلامى.
3. تميز تصوير الأشخاص بالأسلوب الاصطلاحى نتيجة للبعد عن تمثيل الواقع وتجاوزه عن المفاهيم العضوية التشريحية.
فن الرقش الإسلامى :
كان الفنان العربى المسلم يسعى عن طريق الرقش إلى تجاوز عالم الشهادة أو المادة للوصول إلى عالم الغيب أو الجوهر، ولقد تمثلت تلك العقيدة فى الرقش العربى الإسلامى ذلك الفن الذى أخذ شكلين أحدهما صورة أفقية تبدو على هيئة تكرار أو تناسخ (وهو ما يسمى بالرقش اللين) والأخرى مركزية تبدو فى هيئة وميض متناوب، وتبدو خاصة فى الأشكال ذات التخطيطات الهندسية (والتى تسمى الخيط) . والمتأمل للرقش عامة يرى أن الفنان المسلم حاول تجسيد عقيدته فى تلك الخطوط التى بدت متجمعة فى مركز واحد أو منطلقة من هذا المركز وإلى ما لا نهاية.
ونحن نرى نفس الرؤية متجسدة فى شكل المدينة الإسلامية حيث المسجد فى الوسط محاط بالمنشآت والمنازل، كما نرى ذلك فى صفوف المصلين خلف الإمام، وفى طواف الناس حول الكعبة.
فالنقش العربى ليس مجرد زخرفة أو عمل آلى منقول، بل إن له وظيفة رمزية، وقد خضعت كل أشكال الرقش لمبادئ تجريدية هى فى قمة مراتب التعبير الجمالى الإسلامى. والفن العربى كان معتبراً حتى وقت قريب مجرد تزيين لا مضمون فيه، إلا أن ظهور الفن التجريدى حرك الإهتمام بالرقش العربى كفن تجريدى، بل إن كثيراً من النقاد يرون أن الفن الإسلامى أساس للتجريدية الحديثة، ولكنه يتميز بكونه لا ينزع إلى تأكيد العنصر الذاتى الشخصى، ذلك العنصر الذى يفقد أهميته مع الزمن، ويبقى فى النهاية عنصر الفن المحض والذى يمنحه الزمن طاقة جديدة متجددة.
ولقد اعتمد الفن الإسلامى عند قيامه على عدة مصادر هى :
1. الفن البيزنطى والساسانى.
2. الفنون المسيحية فى مصر وسوريا والعراق.
3. فنون الإيرانيين وصناعاتهم.
4. فنون قبائل الترك الرحل فى شرق إيران ووسط آسيا.
ولقد تمثل الفن الإسلامى فى ميادين كثيرة، ولكن تجسده كان أعظم ما كان فى العمارة وخاصة فى عمارة المساجد، ويرجع ذلك لأهمية المسجد وقدسيته عند المسلمين. ولقد تجسد الفن الإسلامى فى المسجد من زاويتين :
1. طبيعة المنشأ ذاته، بما يحتوى من تصميم وعناصر معمارية مختلفة.
2. احتواء المسجد كمنشأ معمارى على كمية ضخمة من فنون متعددة مثل زخرفة الجدران والمنحوتات الحجرية والخشبية والجصية وغيرها.
ولقد تعددت أشكال العناصر المعمارية من مآذن وقباب وعقود وأعمدة ومقرنصات؛ تعدداً لم يسبق له مثيل فى أى فن من الفنون السابقة، ولعل ذلك يرجع إلى تنوع مصادر الفن الإسلامى فى البلاد المختلفة، كما تعددت العناصر الزخرفية الإسلامية، وشملت أشكال النبات، والهندسة، والكتابة، والحيوان، وكانت كل هذه الأشياء مصدر إلهام للفنان المسلم يبتكر وينوع ويطور الأشكال إلى الحد الذى يجعلنا لا نستطيع أن نستدل على أصل هذه العناصر ومصادرها.
والفنان المسلم لا يهتم بقواعد المنظور الخطى المتبع فى الغرب بل كان يسعى لتحقيق بُعد روحانى يعتمد على مفهوم الوجود الأزلى ومفهوم فناء الأشياء وعلاقتها بهذا الوجود الأزلى.
لم يكن الفنان المسلم يهتم بالمنظور الخطى لأنه يُفقد رؤية تفاصيل الأشياء التى يجب أن يوضحها ويفصلها تماماً مثلما كان يفعل أسلافه القدماء فى مصر وسوريا والعراق، حين كانوا يرصون عناصر اللوحة رصاً فلا تحجب بعضها بعضاً.
وفى مصر وُجدتْ حركة فى إتجاه الإستفادة من التراث الإسلامى، ومن أهم الفنانين فى هذه الحركة أحمد مصطفى وأحمد ماهر رائف ومحمود حلمى، ولقد اهتم هؤلاء الفنانون بمحاولة استلهام التراث الإسلامى متمثلاً فى الخط العربى وأشكاله المتنوعة فى عمل لوحات تصويرية معاصرة.
1الخطاط التركي محمد أوزجاي
على أن الفرق بين هؤلاء الفنانين كان فى تناول الخط، فبينما حاول كل من الفنان أحمد ماهر رائف ومحمود حلمى عمل الصورة اعتماداً على الخط العربى كأساس لفن تشكيلى، حاول الفنان أحمد مصطفى عمل صورة مستفيداً من طواعية الخط العربى ومرونته فى عمل صورة واقعية، أى أن الخط هنا أساس لشكل فنى وليس أساساً لفن تشكيلى.
1الخطاط التركي محمد أوزجاي
فنون الأرابيسك
يمكن استخدام فنون الأرابيسك الخشبية في عمل كونصول يزين مدخل المنزل عبارة عن مرآة لها برواز خشبي مطعم بالعاج أو الصدف، ويتخذ شكلا إسلاميًا يوضع أسفله خزانة مصنوعة من نفس الطراز، وعلى الجانبين كرسيان من الأثاث الإسلامي.
أو ذلك البرافان الذي يحجب بعض الأماكن المكشوفة؛ فيحفظ حرمة البيت؛ والذي يمكن صنعه من تلك الوحدات المتناهية الدقة في تصميمها وشكلها وجمال نمنماتها المتداخلة، وهي وحدات المشربية التي تصنع من الخشب على شكل برامق مستديرة القطاع تعمل على توزيع الضوء والظل على بدن البرمق في تدرج لطيف يضفي على المكان روحا من الهدوء النفسي.
بوحدات المشربية نتغلب على هذه المشكلة كالتهوية أو الاطلاع على الخارج أو تخفيف حدة الضوء وحجب أشعة الشمس، وفي الوقت نفسه نستمتع بجمال تصميم الأرابيسك الذي يظهر من الداخل.
أو يمكن استخدام نفس الوحدات في عمل سقف ساقط في وسط التراث ليخفض من ضوء المكان ويمنحنا شاعريتها.
يتبع الموضوع بأجمل لقاء[/align]
[/COLOR]لقد وضح القرآن الكريم صورة الوجود، وفسر حقيقته بصورة كاملة، تلك الصورة تقابل عناصر الكينونة البشرية وتلبى كل جوانبها، وتتعامل مع كل مقوماتها، فهى تتعامل مع "الحس" و"الفكر" و"البديهة" و"البصيرة" ومع سائر عناصر الإدراك البشرى بوجه عام، كما تتعامل مع الواقع المادى للإنسان.
ولقد ربطت آيات القرآن الكريم بين النظر فى الكون والتدبير والتفكر والتأمل، حتى تكتمل عند الناس النظرة الإبداعية الجمالية.
والله تعالى يلفت النظر إلى الجمال فى الكون ويعرض له فى مواضع كثيرة من القرآن، ويبدو الجمال فى الكون على نظام معين له مظاهر متعددة، ومن تلك المظاهر :
* الدقة المذهلة التى بدت فى كل ذرة من ذرات الكون.
* التناسق البديع الذى ينشأ عن تعاقب الليل والنهار والضوء والظل والشتاء والصيف، ويبدو جانب من هذا التناسق فى شكل السماء بما تحويه من نجوم وأفلاك تسير وتتحرك فى تناسق وجمال.
* التوازن أيضاً صفة جمالية تبدو فى حركة الكواكب الكثيفة فى ذلك الفضاء الشاسع.
* الترابط كذلك صفة جمالية نراها فى العلاقات المختلفة فى الحياة وتعتبر منهجاً للفن الإسلامى.
والفن الإسلامى شأنه شأن الفنون الأخرى يتبع منهجاً فكرياً هو الفكر الإسلامى، وهو فكر يراعى التناسق والتكامل والشمول والجمال، وهناك عدة خصائص ومميزات لهذا المنهج الإسلامى فى الفن أهمها :
1. أن الفنان المسلم انطلق أساساً من التوجيه القرآنى، ومن العقيدة الإسلامية.
2. نزع الفن الإسلامى إلى الحد من المظاهر الحيوية وعمل على الإقلال من واقعية الأشكال حتى لا يقع فى المحظور من جهة، وحتى يتيسر له أن يعطى مضموناً لعمله الفنى يبتعد به عن مجرد تجسيد مظاهر الطبيعة، ليقترب من الواقع الأبدى، ويقترب من الجوهر، ولقد تجسد ذلك المعنى جيداً فى الرقش العربى الإسلامى.
3. تميز تصوير الأشخاص بالأسلوب الاصطلاحى نتيجة للبعد عن تمثيل الواقع وتجاوزه عن المفاهيم العضوية التشريحية.
فن الرقش الإسلامى :
كان الفنان العربى المسلم يسعى عن طريق الرقش إلى تجاوز عالم الشهادة أو المادة للوصول إلى عالم الغيب أو الجوهر، ولقد تمثلت تلك العقيدة فى الرقش العربى الإسلامى ذلك الفن الذى أخذ شكلين أحدهما صورة أفقية تبدو على هيئة تكرار أو تناسخ (وهو ما يسمى بالرقش اللين) والأخرى مركزية تبدو فى هيئة وميض متناوب، وتبدو خاصة فى الأشكال ذات التخطيطات الهندسية (والتى تسمى الخيط) . والمتأمل للرقش عامة يرى أن الفنان المسلم حاول تجسيد عقيدته فى تلك الخطوط التى بدت متجمعة فى مركز واحد أو منطلقة من هذا المركز وإلى ما لا نهاية.
ونحن نرى نفس الرؤية متجسدة فى شكل المدينة الإسلامية حيث المسجد فى الوسط محاط بالمنشآت والمنازل، كما نرى ذلك فى صفوف المصلين خلف الإمام، وفى طواف الناس حول الكعبة.
فالنقش العربى ليس مجرد زخرفة أو عمل آلى منقول، بل إن له وظيفة رمزية، وقد خضعت كل أشكال الرقش لمبادئ تجريدية هى فى قمة مراتب التعبير الجمالى الإسلامى. والفن العربى كان معتبراً حتى وقت قريب مجرد تزيين لا مضمون فيه، إلا أن ظهور الفن التجريدى حرك الإهتمام بالرقش العربى كفن تجريدى، بل إن كثيراً من النقاد يرون أن الفن الإسلامى أساس للتجريدية الحديثة، ولكنه يتميز بكونه لا ينزع إلى تأكيد العنصر الذاتى الشخصى، ذلك العنصر الذى يفقد أهميته مع الزمن، ويبقى فى النهاية عنصر الفن المحض والذى يمنحه الزمن طاقة جديدة متجددة.
ولقد اعتمد الفن الإسلامى عند قيامه على عدة مصادر هى :
1. الفن البيزنطى والساسانى.
2. الفنون المسيحية فى مصر وسوريا والعراق.
3. فنون الإيرانيين وصناعاتهم.
4. فنون قبائل الترك الرحل فى شرق إيران ووسط آسيا.
ولقد تمثل الفن الإسلامى فى ميادين كثيرة، ولكن تجسده كان أعظم ما كان فى العمارة وخاصة فى عمارة المساجد، ويرجع ذلك لأهمية المسجد وقدسيته عند المسلمين. ولقد تجسد الفن الإسلامى فى المسجد من زاويتين :
1. طبيعة المنشأ ذاته، بما يحتوى من تصميم وعناصر معمارية مختلفة.
2. احتواء المسجد كمنشأ معمارى على كمية ضخمة من فنون متعددة مثل زخرفة الجدران والمنحوتات الحجرية والخشبية والجصية وغيرها.
ولقد تعددت أشكال العناصر المعمارية من مآذن وقباب وعقود وأعمدة ومقرنصات؛ تعدداً لم يسبق له مثيل فى أى فن من الفنون السابقة، ولعل ذلك يرجع إلى تنوع مصادر الفن الإسلامى فى البلاد المختلفة، كما تعددت العناصر الزخرفية الإسلامية، وشملت أشكال النبات، والهندسة، والكتابة، والحيوان، وكانت كل هذه الأشياء مصدر إلهام للفنان المسلم يبتكر وينوع ويطور الأشكال إلى الحد الذى يجعلنا لا نستطيع أن نستدل على أصل هذه العناصر ومصادرها.
والفنان المسلم لا يهتم بقواعد المنظور الخطى المتبع فى الغرب بل كان يسعى لتحقيق بُعد روحانى يعتمد على مفهوم الوجود الأزلى ومفهوم فناء الأشياء وعلاقتها بهذا الوجود الأزلى.
لم يكن الفنان المسلم يهتم بالمنظور الخطى لأنه يُفقد رؤية تفاصيل الأشياء التى يجب أن يوضحها ويفصلها تماماً مثلما كان يفعل أسلافه القدماء فى مصر وسوريا والعراق، حين كانوا يرصون عناصر اللوحة رصاً فلا تحجب بعضها بعضاً.
وفى مصر وُجدتْ حركة فى إتجاه الإستفادة من التراث الإسلامى، ومن أهم الفنانين فى هذه الحركة أحمد مصطفى وأحمد ماهر رائف ومحمود حلمى، ولقد اهتم هؤلاء الفنانون بمحاولة استلهام التراث الإسلامى متمثلاً فى الخط العربى وأشكاله المتنوعة فى عمل لوحات تصويرية معاصرة.
1الخطاط التركي محمد أوزجاي
على أن الفرق بين هؤلاء الفنانين كان فى تناول الخط، فبينما حاول كل من الفنان أحمد ماهر رائف ومحمود حلمى عمل الصورة اعتماداً على الخط العربى كأساس لفن تشكيلى، حاول الفنان أحمد مصطفى عمل صورة مستفيداً من طواعية الخط العربى ومرونته فى عمل صورة واقعية، أى أن الخط هنا أساس لشكل فنى وليس أساساً لفن تشكيلى.
1الخطاط التركي محمد أوزجاي
فنون الأرابيسك
يمكن استخدام فنون الأرابيسك الخشبية في عمل كونصول يزين مدخل المنزل عبارة عن مرآة لها برواز خشبي مطعم بالعاج أو الصدف، ويتخذ شكلا إسلاميًا يوضع أسفله خزانة مصنوعة من نفس الطراز، وعلى الجانبين كرسيان من الأثاث الإسلامي.
أو ذلك البرافان الذي يحجب بعض الأماكن المكشوفة؛ فيحفظ حرمة البيت؛ والذي يمكن صنعه من تلك الوحدات المتناهية الدقة في تصميمها وشكلها وجمال نمنماتها المتداخلة، وهي وحدات المشربية التي تصنع من الخشب على شكل برامق مستديرة القطاع تعمل على توزيع الضوء والظل على بدن البرمق في تدرج لطيف يضفي على المكان روحا من الهدوء النفسي.
بوحدات المشربية نتغلب على هذه المشكلة كالتهوية أو الاطلاع على الخارج أو تخفيف حدة الضوء وحجب أشعة الشمس، وفي الوقت نفسه نستمتع بجمال تصميم الأرابيسك الذي يظهر من الداخل.
أو يمكن استخدام نفس الوحدات في عمل سقف ساقط في وسط التراث ليخفض من ضوء المكان ويمنحنا شاعريتها.
يتبع الموضوع بأجمل لقاء[/align]
تعليق